الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: إنْ كَاتَبْت عَبْدًا لَك وَلَهُ بَنُونَ يَوْمئِذٍ فَكَاتَبَك عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ فَمَاتَ أَبُوهُمْ, أَوْ مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ, فَقِيمَتُهُ يَوْمَ يَمُوتُ تُوضَعُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ أَعْتَقْته, أَوْ بَعْضَ بَنِيهِ فَكَذَلِكَ, وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَطَاءٌ إذَا كَانَ الْبَنُونَ كِبَارًا. فَكَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَبُوهُمْ بِأَمْرِهِمْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ فَأَيُّهُمْ مَاتَ أَوْ عَتَقَ وَضَعَ عَنْ الْبَاقِينَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَقَعُ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ لاَ يَوْمَ يَمُوتُ وَلاَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ الْكِتَابَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى فَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ ثَلاَثَةُ أَعْبُدَ فَكَاتَبَهُمْ عَلَى مِائَةٍ مُنَجَّمَةٍ فِي سِنِينَ عَلَى أَنَّهُمْ إذَا أَدُّوا عَتَقُوا, فَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ وَالْمِائَةُ مَقْسُومَةٌ عَلَى قِيمَةِ الثَّلاَثَةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَالْآخَرَانِ قِيمَةُ خَمْسِينَ خَمْسِينَ فَنِصْفُ الْمِائَةِ مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَنِصْفُهَا الْبَاقِي عَلَى الْعَبْدَيْنِ اللَّذَيْنِ قِيمَتُهُمَا خَمْسُونَ خَمْسُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ, فَأَيُّهُمْ أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَتَقَ وَأَيُّهُمْ عَجَزَ رَدَّ رَقِيقًا وَلَمْ تَنْتَقِضْ كِتَابَةُ الْبَاقِينَ, وَإِنْ قَالَ الْبَاقُونَ: نَحْنُ نَسْتَعْمِلُهُ وَنُؤَدِّي عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ, وَأَيُّهُمْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ حِصَّتَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ مَاتَ رَقِيقًا وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ دُونَ الَّذِينَ كَاتَبُوا مَعَهُ وَدُونَ وَرَثَتِهِ لَوْ كَانُوا أَحْرَارًا وَدُونَ وَلَدِهِ لَوْ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ; لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا وَإِذَا أَدُّوا إلَى السَّيِّدِ نَجْمَيْنِ فِيهِمَا سِتُّونَ دِينَارًا, فَقَالُوا: أَدَّيْنَا إلَيْكَ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ عِشْرِينَ فَهُوَ كَمَا قَالُوا وَيَبْقَى عَلَى اللَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا خَمْسُونَ عَشَرَةٌ دَنَانِيرَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ وَعَلَى الَّذِي عَلَيْهِ خَمْسُونَ ثَلاَثُونَ دِينَارًا, وَإِنْ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ خَمْسُونَ: أَدَّيْنَاهَا عَلَى قَدْرِ مَا يُصِيبُنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ: بَلْ عَلَى الْعَدَدِ دُونَ مَا يُصِيبُنَا, فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا الْخَمْسُونَ; لِأَنَّ الْأَدَاءَ مِنْ الثَّلاَثَةِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ, أَوْ يَتَصَادَقُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَهَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ, أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَ الْأَدَاءُ عَلَى الْعَدَدِ لاَ عَلَى مَا يُصِيبُهُمَا إذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمْ, وَإِذَا كَاتَبَهُمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يُصِيبُهُ. فَإِنْ أَدُّوا عَلَى الْعَدَدِ فَأَرَادَ اللَّذَانِ أَدَّيَا أَكْثَرَ مِمَّا يُصِيبُهُمَا الرُّجُوعَ فِيمَا أَدَّيَا وَقَالاَ: تَطَوَّعْنَا بِالْفَضْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا لاَ رُجُوعَ إذَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَهُمَا أَنْ يَحْبِسَا عَنْهُ مَا لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهِمَا وَإِنْ تَصَادَقَ الْعَبِيدُ وَالسَّيِّدُ عَلَى أَنَّهُمَا أَدَّيَا عَنْ صَاحِبِهِمَا كَانَ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا بِهِ عَلَى السَّيِّدِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئًا عَلَى غَيْرِ أَنْفُسِهِمَا, وَقَدْ أَخَذَ مِنْهُمَا شَيْئًا هَهُنَا عَنْ غَيْرِهِمَا, وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا إلَيْهِ فِي كُلِّ نَجْمٍ ثَلاَثِينَ دِينَارًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ كَانَ جَائِزًا وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوهَا كَذَلِكَ فَيُؤَدِّيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةً نَجْمَيْنِ, ثُمَّ يَبْقَى عَلَى اللَّذَيْنِ قِيمَتُهُمَا خَمْسُونَ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي شَرَطَهَا إلَيْهِ وَعَلَى الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَةٌ ثَلاَثُونَ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي شَرَطَهَا إلَيْهَا فَإِنْ جَعَلَ مَحَلَّ النُّجُومِ وَاحِدًا كَانَ مَحَلُّ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ مَحَلَّ الثَّلاَثِينَ التَّامَّةِ عَلَى الْآخَرِ كَأَنَّهُ جَعَلَ النُّجُومَ إلَى ثَلاَثِ سِنِينَ يُؤَدُّونَ إلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَمَا بَقِيَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَدَّاهُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ إذَا بَيَّنَ هَذَا فِي أَصْلِ الْكِتَابَةِ. وَلَوْ أَدُّوا إلَيْهِ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ اللَّذَانِ أَدَّيَا أَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَمُهُمَا: نَحْنُ نَرْجِعُ بِالْفَضْلِ عَنْ نَجْمِنَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَكَانَ لَهُمَا أَنْ يَحْسِبَ ذَلِكَ لَهُمَا مِنْ النَّجْمِ الَّذِي يَلِي النَّجْمَ الَّذِي أَدَّيَا فِيهِ إنْ شَاءَا وَكَانَ عَلَى الَّذِي أَدَّى أَقَلُّ مِمَّا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ عَاجِزٌ وَإِنْ عَجَزَ فَلِسَيِّدِهِ إبْطَالُ كِتَابَتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِ الْحَاكِمِ إذَا أَحْضَرَهُ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَنَّ نَجْمًا حَلَّ وَسَأَلَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَيْهِ فَقَالَ: لاَ أَجِدُهُ فَأَشْهَدَ أَنَّهُ أَبْطَلَ كِتَابَتَهُ, فَكِتَابَتُهُ مَفْسُوخَةٌ وَتُرْفَعُ عَنْ اللَّذَيْنِ مَعَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيَكُونُ عَلَيْهِمَا حِصَّتُهُمَا, فَإِنْ سَأَلاَ أَنْ يَحْسِبَ لَهُمَا أَدَاؤُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمَا; لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ لاَ عَنْهُمَا وَمَا أَخَذَ السَّيِّدُ مِنْهُ حَلاَلٌ لَهُ; لِأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ الْكِتَابَةِ فَلَمَّا عَجَزَ كَانَ مَالاً مِنْ مَالِ عَبْدِهِ وَمَالُ عَبْدِهِ مَالُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْجَزْ وَلَكِنَّهُ أَعْتَقَهُ رُفِعَتْ عَنْهُمَا حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَعْتِقَا بِعِتْقِهِ, وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ بِحِنْثٍ, أَوْ عَلَى شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُ يَصِحُّ لَهُ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ كِتَابَتَهُمَا وَلَمْ يَضَعْ عَنْهُمَا. مِنْ حِصَّتِهِمَا مِنْهَا شَيْئًا, وَسَوَاءٌ كَاتَبَ الْعَبِيدَ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَسَمُّوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ, أَوْ لَمْ يُسَمُّوا, كَمَا سَوَاءٌ أَنْ يُبَاعُوا صَفْقَةً فَيُسَمِّي كَمْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الثَّمَنِ, أَوْ لاَ يُسَمِّي فَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ يَوْمَ يُكَاتَبُونَ وَلاَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِمْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَلاَ بَعْدَهَا, وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كَانَ الْعَبِيدُ ذَوِي رَحِمٍ, أَوْ غَيْرَ ذِي رَحِمٍ, أَوْ رَجُلاً وَوَلَدَهُ, أَوْ رَجُلاً وَأَجْنَبِيَّيْنِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْكِتَابَةِ. فَإِنْ كَاتَبَ رَجُلٌ وَابْنَانِ لَهُ بَالِغَانِ فَمَاتَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ وَتَرَكَ مَالاً, أَوْ الْأَبُ وَبَقِيَ الِابْنَانِ وَتَرَكَ مَالاً قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَيَرْفَعُ عَنْ الْمُكَاتَبِينَ مَعَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ, وَأَيُّهُمْ عَجَزَ فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ وَأَيُّهُمْ شَاءَ أَنْ يَعْجَزَ فَذَلِكَ لَهُ, وَأَيُّهُمْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ, وَأَيُّهُمْ أَبْرَأهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ فَهُوَ حُرٌّ, وَتُرْفَعُ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَنْ شُرَكَائِهِ, وَأَيُّهُمْ أَدَّى عَنْ أَصْحَابِهِ مُتَطَوِّعًا فَيَعْتِقُوا مَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ بِمَا أَدَّى عَنْهُمْ, فَإِنْ أَدَّى عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِمَا أَدَّى عَنْهُمْ فَإِنْ أَدَّى عَنْ اثْنَيْنِ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِ أَمْرِ الْآخَرِ رَجَعَ عَلَى الَّذِي أَدَّى عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَجِمَاعُ الْكِتَابَةِ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ عَبِيدَهُ عَلَى نَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِمَالٍ صَحِيحٍ يَحِلُّ بَيْعُهُ وَمِلْكُهُ, كَمَا تَكُونُ الْبُيُوعُ الصَّحِيحَةُ بِالْحَلاَلِ إلَى الْآجَالِ الْمَعْلُومَةِ, فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَكَانَ مِمَّنْ تَجُوزُ كِتَابَتُهُ مِنْ الْمَالِكِينَ وَمِمَّنْ تَجُوزُ كِتَابَتُهُ مِنْ الْمَمْلُوكِينَ كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً وَلاَ يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَقُولَ فِي الْمُكَاتَبَةِ: فَإِذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ هَذَا وَيَصِفُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ, فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ, فَهُوَ حُرٌّ بِالْأَدَاءِ, وَكَذَلِكَ إذَا أَبْرَأهُ السَّيِّدُ مِمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عَجْزٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَهُوَ حُرٌّ; لِأَنَّ مَانِعَهُ مِنْ الْعِتْقِ أَنْ يَبْقَى لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ الْكِتَابَةِ, فَإِنْ قَالَ: قَدْ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: إذَا أَدَّيْتَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ إنْ أَدَّاهُ, فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} قِيلَ: هَذَا مِمَّا أَحْكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جُمْلَتَهُ إبَاحَةَ الْكِتَابَةِ بِالتَّنْزِيلِ فِيهِ وَأَبَانَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ عِتْقَ الْعَبْدِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهِ إيَّاهُ فَقَالَ: {فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ, أَوْ كِسْوَتُهُمْ, أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ تَحْرِيرَهَا إعْتَاقُهَا, وَأَنَّ عِتْقَهَا إنَّمَا هُوَ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمَمْلُوكِ: أَنْتَ حُرٌّ كَمَا كَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ, ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} أَنَّ الطَّلاَقَ إنَّمَا هُوَ بِإِيقَاعِهِ بِكَلاَمِ الطَّلاَقِ الْمُصَرِّحِ لاَ التَّعْرِيضِ وَلاَ مَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ هَكَذَا عَامَّةً مِنْ جُمَلِ الْفَرَائِضِ أُحْكِمَتْ جُمَلُهَا فِي آيَةٍ وَأُبِينَتْ أَحْكَامُهَا فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ, أَوْ إجْمَاعٍ, فَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَدَّى فَلاَ يَعْتِقُ, وَذَلِكَ خَرَاجٌ أَدَّاهُ إلَيْهِ, وَكُلُّ هَذَا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ, أَوْ خَرِسَ وَلَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَلاَ مَعَهَا قَوْلاً, إنَّ قَوْلِي قَدْ كَاتَبْتُكَ إنَّمَا كَانَ مَعْقُودًا عَلَى أَنَّك إذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ, فَإِذَا قَالَ: هَذَا فَأَدَّى فَهُوَ حُرٌّ; لِأَنَّهُ كَلاَمٌ يُشْبِهُ الْعِتْقَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ, أَوْ اعْتِقْ نَفْسَك يَعْنِي بِهِ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ, وَكَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اذْهَبِي أَوْ تَقَنَّعِي يُعْنَى بِهِ الطَّلاَقَ وَقَعَ الطَّلاَقُ, وَلاَ يَقَعُ فِي التَّعْرِيضِ طَلاَقٌ وَلاَ عَتَاقٌ إلَّا بِأَنْ يَقُولَ: قَدْ عَقَدْت الْقَوْلَ عَلَى نِيَّةِ الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: كَتَبْتُ عَلَى رَجُلَيْنِ فِي بَيْعِ إنَّ حَيَّكُمَا مِنْ مَيِّتِكُمَا وَمَلِيَّكُمَا عَنْ مُعْدِمِكُمَا قَالَ: يَجُوزُ, وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَقَالَ زَعَامَةٌ: يَعْنِي حَمَالَةً, (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: فَقُلْت لِعَطَاءٍ: كَاتَبْت عَبْدَيْنِ لِي وَكَتَبْت ذَلِكَ عَلَيْهِمَا قَالَ: لاَ يَجُوزُ فِي عَبِيدك وَقَالَهَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لِعَطَاءٍ لِمَ لاَ يَجُوزُ؟ قَالَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أَفْلَسَ رَجَعَ عَبْدًا لَمْ يَمْلِكْ مِنْك شَيْئًا فَهُوَ مَغْرَمٌ لَكَ, هَذَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سِلْعَةً يَخْرُجُ مِنْكَ فِيهَا مَالٌ قَالَ: قُلْت لَهُ: فَقَالَ لِي رَجُلٌ: كَاتِبْ غُلاَمَك هَذَا وَعَلَيَّ كِتَابَتُهُ فَفَعَلَتْ, ثُمَّ مَاتَ, أَوْ عَجَزَ قَالَ: لاَ يَغْرَمُ لَك عَنْهُ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْعَبْدَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَ عَطَاءٌ فِي كُلِّ مَا قَالَ مِنْ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبِيدَهُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ; لِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُكَاتِبِ أَنْ يُثْبِتَ عَلَى نَفْسِهِ دَيْنًا عَلَى غَيْرِهِ لِسَيِّدِهِ وَلاَ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَمَالَةِ شَيْءٌ يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ, وَلاَ شَيْءَ يَخْرُجُ مِنْ أَيْدِيهمَا بِإِذْنِهِمَا وَيَقْبِضُ, فَإِنْ كَاتَبُوا عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ فَأَدُّوا عَتَقُوا بِكِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ وَرَجَعَ السَّيِّدُ بِفَضْلٍ إنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِمْ, فَأَيُّهُمْ أَدَّى مُتَطَوِّعًا عَنْ أَصْحَابِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ, وَأَيُّهُمْ أَدَّى بِإِذْنِهِمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ رَجُلٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ حُرًّا كَانَ الرَّجُلُ, أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ, أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ; لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ بِالْكِتَابَةِ دَيْنٌ يَثْبُتُ كَثُبُوتِ دُيُونِ النَّاسِ, وَإِنَّ الْكِتَابَةَ شَيْءٌ إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَائِهِ بَطَلَ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذِمَّةٌ يَرْتَجِعُ بِهَا الْحَمِيلِ عَلَيْهِ. (قَالَ): وَإِنْ عَقَدَ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً عَلَى أَنَّ فُلاَنًا حَمِيلٌ بِهَا وَفُلاَنٌ حَاضِرٌ رَاضٍ, أَوْ غَائِبٌ, أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهِ حَمِيلاً يَرْضَاهُ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ, فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ فَالْمُكَاتَبُ حُرٌّ, كَمَا يَعْتِقُ بِالْحِنْثِ وَالْيَمِينِ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالْقِيمَةِ, وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ, وَإِنْ أَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَدَاءَهَا فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِهَا مِنْهُ; لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ, وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْحَمِيلُ أَدَاءَهَا فَلِلسَّيِّدِ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولِهَا, فَإِذَا قَبِلَهَا فَالْعَبْدُ حُرٌّ وَإِذَا أَدَّاهَا الْحَمِيلُ عَنْ الْحَمَّالَةِ لَهُ إلَى السَّيِّدِ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَى السَّيِّدِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا وَإِذَا رَجَعَ بِهَا, أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَعَلَى الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ; لِأَنَّهُ عَتَقَ بِكِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ وَيَجْعَلُ مَا أَخَذَ مِنْهُ قِصَاصًا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ, وَهَكَذَا كُلَّمَا أَعْتَقْت الْعَبْدَ بِكِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ جَعَلْت عَلَى الْعَبْدِ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَحَسَبْتَ لِلْعَبْدِ مِنْ يَوْمِ كَاتَبَ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ مَا أَخَذَ مِنْهُ سَيِّدُهُ وَلاَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ عَبْدٌ لَهُ عَنْهُ, وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ لَهُ عَبْدُهُ عَنْ عَبْدٍ لَهُ وَلاَ عَنْ عَبْدِهِ لِغَيْرِهِ وَلاَ عَنْ عَبْدٍ أَجْنَبِيٍّ; لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ثَابِتٌ بِكِتَابَةٍ وَلاَ غَيْرِهَا (قَالَ): وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ الْعَبِيدُ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ وَلاَ أَنْ يُكَاتِبَ ثَلاَثَةَ أَعْبُدٍ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يُؤَدُّوا الْمِائَةَ كُلَّهَا; لِأَنَّ هَذِهِ كَالْحَمَالَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ, فَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَيْهِ, أَوْ عَبِيدَهُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ, أَوْ كَاتَبَ اثْنَيْنِ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ السَّيِّدُ الْمِائَةَ كُلَّهَا فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ, فَإِنْ تَرَافَعَاهَا نُقِضَتْ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعَاهَا فَهِيَ مُنْتَقَضَةٌ, وَإِنْ جَاءَ الْعَبْدَانِ بِالْمَالِ فَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ إلَيْهِمَا وَالْإِشْهَادُ عَلَى نَقْضِ الْكِتَابَةِ وَتَرْكِ الرِّضَا بِهَا, فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ عَلَى غَيْرِ الْكِتَابَةِ; لِأَنَّهُ مَالُ عَبْدِهِ, أَوْ عَبْدَيْهِ وَأَصَحُّ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ. الْحَاكِمُ تِلْكَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ عَبِيدِهِ مَا كَاتَبُوهُ عَلَيْهِ عَلَى الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ عَتَقُوا وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ قِيمَتُهُمْ لَهُ يُحَاصُّهُمْ بِمَا أَخَذَ مِنْهُمْ فِي قِيمَتِهِمْ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ, أَوْ عَبِيدَهُ عَلَى أَرْطَالِ خَمْرٍ, أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ شَيْءٍ مُحَرَّمٍ فَأَدُّوهُ إلَيْهِ عَتَقُوا إذَا كَانَ قَالَ لَهُمْ: فَإِنْ أَدَّيْتُمْ إلَيَّ كَذَا وَكَذَا فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ, وَرَجَعَ عَلَيْهِمْ بِقِيمَتِهِمْ حَالَّةً, وَإِنَّمَا خَالَفْنَا بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: إنْ دَخَلْتُمْ الدَّارَ أَوْ فَعَلْتُمْ كَذَا فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ إنَّ هَذِهِ يَمِينٌ لاَ بَيْعَ فِيهَا بِحَالٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ, وَإِنْ كَاتَبَهُمْ عَلَى الْخَمْرِ وَمَا يَحْرُمُ, وَكُلُّ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِي بَيْعٍ يَقَعُ الْعِتْقُ بِشَرْطِهِ أَنَّ الْعِتْقَ وَاقِعٌ بِهِ وَإِذَا وَقَعَ بِهِ الْعِتْقُ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدُّهُ وَكَانَ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَقْبِضُهُ مُشْتَرِيه وَيَفُوتُ فِي يَدَيْهِ فَيَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِيه بِقِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ, وَيَكُونُ شَيْءٌ إنْ أَخَذَهُ مِنْ مُشْتَرِيه حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ لاَ يُقَاصُّ بِهِ, وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ شَيْئًا يَحِلُّ مِلْكُهُ قَاصَّ بِهِ مِنْ ثَمَنِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَكُلُّ كِتَابَةٍ قُلْت إنَّهَا فَاسِدَةٌ فَأَشْهَدَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ عَلَى إبْطَالِهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ, وَكَذَلِكَ إنْ رَفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ أَبْطَلَهَا وَإِنْ أَشْهَدَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ عَلَى إبْطَالِهَا, أَوْ أَبْطَلَهَا الْحَاكِمُ, ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ لَمْ يَعْتِقْ كَمَا يَعْتِقُ لَوْ لَمْ تَبْطُلْ, فَإِنْ قَالَ لَهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ, ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَبْطَلْت هَذَا لَمْ يَبْطُلْ وَالْكِتَابَةُ بَيْعٌ يَبْطُلُ, فَإِذَا بَطَل فَأَدَّى مَا جَعَلَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَدَّاهُ عَلَى غَيْرِ الْكِتَابَةِ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ إنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتَ لاَبِسٌ كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ, أَوْ دَخَلْت الدَّارَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِأَنْ يَدْخُلَهَا لاَبِسًا مَا قَالَ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَكَذَلِكَ لاَ يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَأَدَّ إذَا أَبْطَلَهَا مِنْهُ عَلَى مَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الْعِتْقِ إذَا أَبْطَلَهُ, وَمَنْ أَعْتَقَ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يُعْتِقْ إلَّا بِكَمَالِ الشَّرْطِ. وَإِنْ كَانَ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَلَمْ يُبْطِلْهَا حَتَّى أَدَّى مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ حُرٌّ; لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ عَلَى شَرْطٍ عَلَيْهِ أَدَّاهُ, فَإِنْ كَانَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمُكَاتَبُ حَرَامًا لاَ ثَمَنَ لَهُ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ عَبْدًا يَوْمَ عَتَقَ لاَ يَوْمَ كَاتَبَهُ; لِأَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ يَوْمَ عَتَقَ, وَإِنْ كَانَ مَا أَدَّى إلَيْهِ مِمَّا يَحِلُّ وَكَانَ مَعَهُ شَرْطٌ يُفْسِدُ الْكِتَابَةَ أُقِيمَ جَمِيعُ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَالْمُكَاتَبُ يَوْمَ يَقَعُ الْعِتْقُ عَلَيْهِ بِأَيِّ حَالٍ كَانَ الْمُكَاتَبُ لاَ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلاَ يَوْمَ الْكِتَابَةِ, ثُمَّ تَرَاجَعَا بِالْفَضْلِ كَأَنْ تَأَدَّى مِنْهُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ قِيمَتَهَا, وَهُوَ كَتَأَدِّي عِشْرِينَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ مِائَةُ دِينَارٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِثَمَانِينَ دِينَارًا يَكُونُ بِهَا غَرِيمًا مِنْ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ غُرَمَاءَهُ بِهَا لاَ يُقَدِّمُ عَلَيْهَا وَلاَ هُمْ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَى حُرٍّ لاَ كِتَابَةَ. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَدَّى إلَى السَّيِّدِ مِائَةً رَجَعَ الْمُكَاتَبُ عَلَى السَّيِّدِ بِثَمَانِينَ وَكَانَ بِهَا غَرِيمًا, وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً, فَمَاتَ السَّيِّدُ فَتَأَدَّى وَرَثَتُهُ الْكِتَابَةَ عَالِمِينَ بِفَسَادِ الْكِتَابَةِ, أَوْ جَاهِلِينَ لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ; لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا الَّذِينَ قَالُوا: أَنْتَ حُرٌّ بِأَدَاءِ كَذَا فَيَعْتِقُ بِقَوْلِهِمْ وَبِأَنَّ الْكِتَابَةَ فَاسِدَةٌ فَمَا أَدَّى إلَيْهِمْ عَبْدُهُمْ وَهُوَ غَيْرُ مُكَاتَبٍ فَهُوَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِلاَ شَرْطٍ يَعْتِقُ بِهِ عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَلَوْ تأداها السَّيِّدُ بَعْدَ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِقَوْلِ السَّيِّدِ أَدَّاهَا فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى كَذَا فَإِذَا كَانَ مَحْجُورًا لَمْ يَعْتِقْ بِهَذَا الْقَوْلِ; لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ فِي الْكِتَابَةِ فَاسِدٌ, وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَزِمَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَذَهَابِ الْعَقْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَهُوَ صَحِيحٌ, ثُمَّ خَبِلَ السَّيِّدُ. فَتَأَدَّاهَا مِنْهُ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ لَمْ يَعْتِقْ. وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مَخْبُولاً فَتَأَدَّاهَا السَّيِّدُ وَالسَّيِّدُ صَحِيحٌ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ وَوَكَّلَ لَهُ الْقَاضِي وَلِيًّا يَتَرَاجَعَانِ بِالْقِيمَةِ كَمَا كَانَ الْمُكَاتَبُ رَاجِعًا بِهَا لِأَنَّ كِتَابَةَ الْعَبْدِ الْمَخْبُولِ فَاسِدَةٌ فَمَا تَأَدَّى مِنْهُ السَّيِّدُ فَإِنَّمَا يَتَأَدَّى مِنْ عَبْدِهِ وَإِيقَاعُهُ الْعِتْقَ لَهُ وَاقِعٌ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا شَرَطَ الرَّجُلُ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ, أَوْ مُكَاتَبِهِ أَنَّهُ إذَا أَدَّى إلَيْهِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ عَتَقَ أَوْ أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ إلَّا بِمَا طَابَتْ بِهِ فِي نَفْسِ سَيِّدِهِ, فَالْكِتَابَةُ فِي هَذَا كُلِّهِ فَاسِدَةٌ وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى نُجُومٍ بِأَعْيَانِهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَأَدَّاهَا كَانَ مُدَبَّرًا, وَكَانَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ كِتَابَةً إنَّمَا هَذَا كَقَوْلِهِ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَلَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَدَائِهَا وَبَعْدَهُ, وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ يُؤَدِّيهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ فَإِنْ أَدَّى مِنْهَا خَمْسِينَ مُعَجَّلَةً فِي سَنَةٍ, فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ وَلَوْ أَدَّى الْخَمْسِينَ الْأُخْرَى لَمْ يَعْتِقْ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: فَإِنْ أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ, فَإِنْ شَاءَ السَّيِّدُ أَعْتَقَهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُعْتِقْهُ, وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا كِتَابَةً, فَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ عَلَى بَنِي سَيِّدِهِ, وَكَانَ هَذَا كَالْخَرَاجِ, وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ فِي هَذَا وَفِي كُلِّ كِتَابَةٍ قُلْت: إنَّهَا فَاسِدَةً, وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ يُؤَدِّيهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَلَمْ يَقُلْ فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ هَذَا خَرَاجًا, فَإِنْ أَدَّاهَا فَلَيْسَ بِحُرٍّ, وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَنْتَ مُكَاتَبٌ, وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ قَالَ: إذَا أَدَّيْت عَتَقْت, أَوْ لَمْ يَقُلْهُ, فَإِنْ أَدَّى الْمِائَةَ الدِّينَارِ فَلَيْسَ بِمُكَاتَبٍ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُكَاتَبًا بَعْدَ أَدَاءِ الْمِائَةِ وَلَمْ يُسَمِّ كِتَابَةً فَكَانَ هَذَا لَيْسَ بِكِتَابَةٍ مِنْ وَجْهَيْنِ, وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَنْتَ مُكَاتَبٌ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ تُؤَدِّيهَا فِي ثَلاَثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا فَأَدَّى إلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ, وَإِنْ أَدَّيْت إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَنْتَ حُرٌّ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِبَيْعِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ نَفْسَهُ أَشْبَهُ أَلاَ تَرَى أَنَّ رَجُلاً لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: إنْ أَعْطَيْتنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَقَدْ بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ, فَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لَمْ تَكُنْ دَارُهُ بَيْعًا لَهُ بِمِائَةٍ وَلاَ غَيْرِهَا وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ حَتَّى يُحْدِثَا بَيْعًا مُسْتَقْبَلاً يَتَرَاضَيَانِ بِهِ, فَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ لاَ يَكُونُ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا حَتَّى يُحْدِثَا كِتَابَةً يَتَرَاضَيَانِ بِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ الْكِتَابَةَ مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْعَبْدُ كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً وَلَوْ شَرَطَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ فَسْخَ الْكِتَابَةِ مَتَى شَاءَ كَانَتْ الْكِتَابَةُ جَائِزَةً; لِأَنَّ ذَلِكَ بِيَدِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْعَبْدُ أَلاَ تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْتِقُ بِالْكِتَابَةِ دُونَ الْأَدَاءِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِ السَّيِّدِ خُرُوجًا تَامًّا, فَمَتَى شَاءَ تَرَكَ الْكِتَابَةَ. أَوْ لاَ تَرَى أَنَّ الْكِتَابَةَ شَرْطٌ أَثْبَتَهُ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ لِعَبْدِهِ دُونَهُ فَلاَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا تَصَادَقَ السَّيِّدُ وَعَبْدُهُ عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَاخْتَلَفَا فِي الْكِتَابَةِ فَقَالَ السَّيِّدُ: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفَيْنِ, وَقَالَ الْعَبْدُ: عَلَى أَلْفٍ تَحَالَفَا كَمَا يَتَحَالَفُ الْمُتَبَايِعَانِ الْحُرَّانِ وَيَتَرَادَّانِ, وَكَذَلِكَ إنْ تَصَادَقَا عَلَى الْكِتَابَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فَقَالَ السَّيِّدُ: تُؤَدِّيهَا فِي شَهْرٍ, وَقَالَ الْعَبْدُ فِي ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ, وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُكَاتَبُ أَدَّى مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْئًا كَثِيرًا, أَوْ قَلِيلاً, أَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَتَدَاعَيَانِ, وَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَتَصَادَقَ الْمُكَاتَبُ وَالسَّيِّدُ أَنْ لَمْ تَكُنْ إلَّا كِتَابَةٌ وَاحِدَةٌ أَبْطَلْتُ الْبَيِّنَةَ وَأَحْلَفْتُهُمَا كَمَا ذَكَرْت, وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ فَأَدَّاهَا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فَأَدَّى أَلْفًا لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ, وَتَحَالَفَا وَتَرَادَّا الْكِتَابَةَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى, وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ مِنْ الْأُخْرَى, وَلَوْ شَهِدَا مَعًا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَاجْتَمَعَا عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ عَجَّلَ لَهُ الْعِتْقَ, وَقَالَتْ بَيِّنَةُ السَّيِّدِ: أَخِّرْ عَنْهُ أَلْفًا فَجَعَلَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ أَنْفَذْت لَهُ الْعِتْقَ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ وَأَحْلَفْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ, ثُمَّ جَعَلْت عَلَى الْمُكَاتَبِ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْنِ, أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ لِأَنِّي طَرَحْتُهُمَا حَيْثُ تَصَادَقَا وَأَنْفَذْتُهُمَا حَيْثُ اجْتَمَعَا. قَالَ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ أَلْفٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْهَا مِائَةٌ فَمَرَّتْ سُنُونَ فَقَالَ السَّيِّدُ: لَمْ تُؤَدِّ إلَيَّ شَيْئًا, وَقَالَ الْعَبْدُ: قَدْ أَدَّيْت إلَيْك جَمِيعَ النُّجُومِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُكَاتَبِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَ السَّيِّدُ قِيلَ لِلْمُكَاتَبِ: إنْ أَدَّيْت جَمِيعَ مَا مَضَى مِنْ نُجُومِكَ الْآنَ, وَإِلَّا فَلِسَيِّدِكَ تَعْجِيزُك, وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ قَدْ عَجَّزْته وَفَسَخْت كِتَابَتَهُ وَأَنْكَرَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَكُونَ فَسَخَ كِتَابَتَهُ وَأَقَرَّ بِمَالٍ, أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ مَعَ يَمِينِهِ, وَلاَ يُصَدَّقُ السَّيِّدُ عَلَى تَعْجِيزِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى حُلُولِ نَجْمٍ, أَوْ نُجُومٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَيَقُولُ: لَيْسَ عِنْدِي أَدَاءٌ, وَيُشْهِدُ السَّيِّدُ أَنَّهُ قَدْ فَسَخَ كِتَابَتَهُ فَتَكُونُ مَفْسُوخَةً وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا عِنْدَ حَاكِمٍ, أَوْ غَيْرِ حَاكِمٍ. وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ فَمَتَى قَالَ السَّيِّدُ قَدْ كُنْت قَبَضْت مِنْ عَبْدِي الْمُكَاتَبَةَ كُلَّهَا وَالسَّيِّدُ صَحِيحٌ, أَوْ مَرِيضٌ فَالْعَبْدُ حُرٌّ وَيَجُرُّ الْمُكَاتَبُ وَلاَءَ وَلَدِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَمَاتَ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ فَقَالَ السَّيِّدُ: قَدْ كُنْت قَبَضْت نُجُومَهُ كُلَّهَا لِيُثْبِتَ عِتْقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ, وَكَذَّبَهُ مَوَالِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَصَدَّقَهُ وَلَدُ الْمُكَاتِبِ الْأَحْرَارُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوَالِي فِي أَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ حَتَّى مَاتَ, وَيَثْبُتُ لَهُمْ الْوَلاَءُ عَلَى وَلَدِ مَوْلاَتِهِمْ, وَأَخْذُ مَالٍ إنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ يُدْفَعُ إلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ بِإِقْرَارِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ حُرًّا, وَهَكَذَا لَوْ قَذَفَ الْمُكَاتَبَ رَجُلٌ لَمْ يُصَدَّقْ مَوْلاَهُ عَلَى عِتْقِهِ وَلاَ يُحَدُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ, وَيُصَدَّقُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَا عَلَيْهِ وَلاَ يُصَدَّقُ عَلَى مَالِهِ. وَإِذَا أَقَرَّ السَّيِّدُ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ حَالًّا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ, أَوْ دَيْنًا صُدِّقَ وَلَيْسَ هَذَا بِوَصِيَّةٍ وَلاَ عِتْقٍ هَذَا إقْرَارٌ لَهُ بِبَرَاءَةٍ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ كَمَا يُصَدَّقُ عَلَى إقْرَارِهِ لِحُرٍّ بِبَرَاءَةٍ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ مُكَاتَبَانِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا عَلَى أَحَدِهِمَا, ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهُمَا الَّذِي قَبَضَ مَا عَلَيْهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا خَرَجَ سَهْمُهُ عَتَقَ وَكَانَتْ عَلَى الْآخَرِ نُجُومُهُ إلَّا مَا أَثْبَتَ أَنَّهُ أَدَّاهُ مِنْهَا. وَلَوْ كَاتَبَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَلَى نُجُومٍ يُؤَدِّي كُلَّ سَنَةٍ نَجْمًا فَمَرَّتْ بِهِ سُنُونَ فَقَالَ: قَدْ أَدَّيْت نُجُومَ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ, وَعَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ النُّجُومَ الْمَاضِيَةَ مَكَانَهُ وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ وَهَكَذَا لَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّ نُجُومَهُ بِحَالِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ كَمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ أَبِيهِمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ كَمَا تَكُونُ أَيْمَانُهُمْ عَلَى حَقٍّ لِأَبِيهِمْ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ أَبِيهِمْ لاَ يُبْطِلُهُ حُلُولُ أَجَلِ الْمُكَاتَبِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِاسْتِيفَائِهِ إيَّاهُ, وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِاسْتِيفَاءِ سَيِّدِهِ نَجْمًا فِي سَنَةٍ لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ نُجُومَهُ فِي السِّنِينَ قَبْلَهَا; لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَوْفِي نَجْمَ سَنَةٍ وَلاَ يَسْتَوْفِي مَا قَبْلَهَا وَيَحْلِفُ لَهُ وَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَهُ أُحْلِفَ الْعَبْدُ عَلَى مَا ادَّعَى وَلَزِمَ ذَلِكَ السَّيِّدَ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ سَيِّدَهُ كَاتَبَهُ وَقَدْ مَاتَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً حَلَفَ الْوَرَثَةُ مَا عَلِمُوا أَبَاهُمْ كَاتَبَهُ وَبَطَلَتْ دَعْوَاهُ, وَلَوْ كَانَ الْوَارِثَانِ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَاتَبَهُ, أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْمُكَاتَبُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ, وَحَلَفَ مَا عَلِمَ أَبَاهُ كَاتَبَهُ كَانَ نِصْفُهُ مُكَاتَبًا وَنِصْفُهُ مَمْلُوكًا, وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ أَفَادَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَخَذَ الْوَارِثُ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ بِالْكِتَابَةِ نِصْفَهُ, وَكَانَ نِصْفُهُ لِلْمُكَاتَبِ وَكَانَ لِلَّذِي لَمْ يُقِرَّ بِالْكِتَابَةِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيُؤَاجِرَهُ يَوْمًا, وَلِلَّذِي أَقَرَّ بِالْكِتَابَةِ أَنْ يَتَأَدَّى مِنْهُ نِصْفَ النَّجْمِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَلاَ يَرْجِعُ بِهِ أَخُوهُ عَلَيْهِ وَإِذَا عَتَقَ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ أَنَّهُ عَتَقَ بِشَيْءٍ فَعَلَهُ الْأَبُ كَمَا لَوْ وَرِثَا عَبْدًا فَادَّعَى عِتْقًا فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُ, وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِعِتْقِهِ مِنْ غَيْرِهِ, وَوَلاَءُ نِصْفِهِ إذَا عَتَقَ لِأَبِيهِ, وَلاَ يُقَوَّمُ فِي مَالِ أَبِيهِ وَلاَ مَالِ ابْنِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْعَبْدِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَبْتَدِئُ أَحَدُهُمَا كِتَابَتَهُ دُونَ صَاحِبِهِ; لِأَنَّ هَذَا يُقِرُّ أَنَّهُ لَمْ يَرِثْهُ قَطُّ إلَّا مُكَاتَبًا وَذَانِكَ مَالِكَا عَبْدٍ يَبْتَدِئُ أَحَدُهُمَا كِتَابَتَهُ فَلاَ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ دُونَ شَرِيكِهِ وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَحَدُهُمَا رَجَعَ رَقِيقًا بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ أَوَّلاً فَإِنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ كَانَ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ اقْتَسَمَاهُ فَإِنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ كَانَ بَعْدَ إثْبَاتِ نِصْفِ الْكِتَابَةِ وَإِبْطَالِ نِصْفِهَا كَانَ لِلَّذِي أَقَرَّ بِالْكِتَابَةِ دُونَ أَخِيهِ إذَا كَانَ أَخُوهُ يَسْتَخْدِمُهُ يَوْمَهُ قَالَ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي بِالْكِتَابَةِ; لِأَنَّا حَكَمْنَا أَنَّ مَالَهُ فِي يَدَيْهِ, وَلَوْ أَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّ نِصْفَهُ مُكَاتَبٌ, وَأَعْطَيْنَا الَّذِي جَحَدَهُ نِصْفَ الْكِتَابَةِ وَقُلْنَا لَهُ: اسْتَخْدِمْهُ يَوْمًا, وَدَعْهُ لِلْكَسْبِ فِي كِتَابَتِهِ يَوْمًا فَتَرَكَ سَيِّدُهُ اسْتِيفَاءَ يَوْمِهِ وَاكْتَسَبَ مَالاً فَطَلَبَهُ السَّيِّدُ, وَقَالَ: كَسَبْته فِي يَوْمِي وَقَالَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالْكِتَابَةِ بَلْ فِي يَوْمِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الَّذِي لَهُ فِيهِ الْكِتَابَةُ وَلِلَّذِي لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْكِتَابَةِ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْفِهَا مِنْهُ يُرْفَعُ مِنْهَا بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْعَبْدِ فِيهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا أَلْزَمْنَاهُ الْعَجْزَ مَكَانَهُ, وَتَبْطُلُ كِتَابَتُهُ كَمَا إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ عَجَّزْنَاهُ, وَأَبْطَلْنَا كِتَابَتَهُ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا ادَّعَى عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ, أَوْ عَلَى ابْنِ رَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ كَاتَبَهُ وَإِنَّمَا وَرِثَهُ عَنْهُ فَقَالَ السَّيِّدُ: كَاتَبْتُك وَأَنَا مَحْجُورٌ أَوْ كَاتَبَك أَبِي وَهُوَ مَحْجُورٌ, أَوْ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: مَا كَانَ وَلاَ كُنْت مَحْجُورًا وَلاَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِك حِينَ كَاتَبْتنِي فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي حَالٍ مَحْجُورًا, أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَمَا ادَّعَى مِنْ الْكِتَابَةِ بَاطِلٌ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُعْلَمُ كَانَ مُكَاتَبًا وَكَانَتْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ مَحْجُورٌ وَمَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ وَلاَ يَعْلَمُ ذَلِكَ بَاطِلاً, وَيَحْلِفُ الْمُكَاتَبُ لَقَدْ كَاتَبَهُ وَهُوَ جَائِزُ الْأَمْرِ. وَلَوْ ادَّعَى مُكَاتَبٌ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ فَأَدَّاهَا وَعَتَقَ وَقَالَ مَوْلاَهُ: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفَيْنِ وَأَدَّيْت أَلْفًا وَلاَ تَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَقَالَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ: كَاتَبَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ كَذَا, وَقَالَتْ بَيِّنَةُ السَّيِّدِ: كَاتَبَهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ كَذَا كَانَ هَذَا إكْذَابًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ لِلْأُخْرَى, وَتَحَالَفَا وَهُوَ مَمْلُوكٌ بِحَالِهِ إنْ زَعَمَا مَعًا إنْ لَمْ تَكُنْ كِتَابَةٌ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ السَّيِّدِ: كَاتَبَهُ فِي رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ كَذَا, وَقَالَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ: كَاتَبَهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ تِلْكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْعَبْدِ; لِأَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ صَادِقَيْنِ فَيَكُونُ كَاتَبَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, ثُمَّ اُنْتُقِضَتْ الْكِتَابَةُ وَأُحْدِثَتْ لَهُ كِتَابَةٌ أُخْرَى. (قَالَ): وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ كَاتَبَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى أَلْفٍ وَلَمْ تَقُلْ عَتَقَ وَلاَ أَدَّى, وَقَالَتْ بَيِّنَةُ السَّيِّدِ: كَاتَبَهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى أَلْفَيْنِ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ السَّيِّدِ وَجُعِلَتْ الْكِتَابَةُ الْأُولَى مُنْتَقَضَةً; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِمَا أَنْ يَكُونَا صَادِقَيْنِ, وَإِذَا قَالَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى: عَتَقَ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا بَعْدَ الْعِتْقِ, وَكَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ بَاطِلَتَيْنِ, وَلَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا بِحَالٍ. وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ, وَالسَّيِّدُ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَلَمْ تُوَقَّتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَحَلَفْتهمَا مَعًا وَنَقَضْت الْكِتَابَةَ, وَحَيْثُ قُلْت أُحَلِّفُهُمَا فَإِنْ نَكَلَ السَّيِّدُ وَحَلَفَ الْعَبْدُ فَهُوَ مُكَاتَبٌ عَلَى مَا ادَّعَى, وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ كَانَ عَبْدًا وَإِنْ نَكَلَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ كَانَ عَبْدًا لاَ يَكُونُ مُكَاتَبًا حَتَّى يَنْكُلَ السَّيِّدُ وَيَحْلِفَ الْعَبْدُ مَعَ نُكُولِ سَيِّدِهِ. وَلَوْ ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِكِتَابَتِهِ وَلَمْ تَقُلْ الْبَيِّنَةُ: عَلَى كَذَا وَإِلَى وَقْتِ كَذَا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ, وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ, وَلَمْ تُثْبِتْ فِي كَمْ يُؤَدِّيهَا, وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مُنَجَّمَةٍ فِي ثَلاَثِ سِنِينَ وَلَمْ تَقُلْ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا أَوْ أَقَلُّ, أَوْ أَكْثَرُ لاَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ حَتَّى تُوَقِّتَ الْمَالَ وَالسِّنِينَ وَمَا يُؤَدَّى فِي كُلِّ سَنَةٍ, فَإِذَا نَقَصَتْ الْبَيِّنَةُ مِنْ هَذَا شَيْئًا سَقَطَتْ وَحَلَفَ السَّيِّدُ, وَكَانَ الْعَبْدُ مَمْلُوكًا, وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ, وَكَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَاتَبَهُ فَأَدَّى إلَيْهِ فَعَتَقَ, فَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ سَيِّدَهُ أَقَرَّ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ وَأَنَّهُ أَدَّى إلَيْهِ وَجَحَدَ السَّيِّدُ, أَوْ ادَّعَى أَنَّ الْكِتَابَةَ فَاسِدَةٌ أَعْتَقْته عَلَيْهِ وَأَحْلَفْت الْعَبْدَ عَلَى فَسَادِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا حَلَفَ السَّيِّدُ وَتَرَادَّا الْقِيمَةَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى يُرْوَى أَنَّ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ مَنْ لَقِيت, وَهُوَ كَلاَمُ جُمْلَةٍ, وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -: عَبْدٌ فِي شَهَادَتِهِ وَمِيرَاثِهِ وَحُدُودِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجُمْلَةِ جِنَايَتِهِ بِأَنْ لاَ تَعْقِلَهَا عَاقِلَةُ مَوْلاَهُ, وَلاَ قَرَابَةُ الْعَبْدِ وَلاَ يَضْمَنَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فِي جِنَايَتِهِ مَا بَلَغَتْ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَهُوَ عَبْدٌ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ أَحْكَامِهِ وَلَيْسَ كَالْعَبْدِ فِي أَنَّ لِسَيِّدِهِ بَيْعَهُ, وَلاَ أَخْذَ مَالِهِ مَا كَانَ قَائِمًا بِالْكِتَابَةِ. وَلاَ يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِأَدَاءِ آخِرِ نُجُومِهِ فَلَوْ كَاتَبَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مُنَجَّمَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى أَنَّك مَتَى أَدَّيْت نَجْمًا عَتَقَ مِنْك بِقَدْرِهِ فَأَدَّى نَجْمًا عَتَقَ كُلُّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ, وَكَانَتْ هَذِهِ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً. وَمَنْ قَذَفَ مُكَاتَبًا كَانَ كَمَنْ قَذَفَ عَبْدًا, وَإِذَا قَذَفَ الْمُكَاتَبُ حُدَّ حَدَّ عَبْدٍ, وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَتَى الْمُكَاتَبُ مِمَّا عَلَيْهِ فِيهِ حَدٌّ فَحَدُّهُ حَدُّ عَبْدٍ. وَلاَ يَرِثُ الْمُكَاتَبُ, وَلاَ يُورَثُ بِالنَّسَبِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَرِثَ هُوَ بِالرِّقِّ وَمِثْلُ أَنْ يَرِثَ الْمُكَاتَبُ بِالرِّقِّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَبْدٌ فَيَمُوتَ فَيَأْخُذَ الْمُكَاتَبُ مَالَ عَبْدِهِ كَمَا كَانَ يَبِيعُ رَقَبَتَهُ; لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ. وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ قَلَّ, أَوْ كَثُرَ فَقَدْ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ, وَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ إذَا قَالَ فِي حَيَاتِهِ: قَدْ عَجَزْت بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ; لِأَنَّهُ اخْتَارَ تَرْكَهَا أَوْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ السَّيِّدُ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ كَانَ إذَا مَاتَ أَوْلَى أَنْ تَبْطُلَ الْكِتَابَةُ; لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ بِحَيٍّ فَيُؤَدِّيَ إلَى السَّيِّدِ دَيْنَهُ عَلَيْهِ وَمَوْتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَجْزِهِ وَلاَ مَزِيَّةَ لِلْمُكَاتَبِ تَفْضُلُ بَيْنَ الْمُقَامِ عَلَى كِتَابَتِهِ وَالْعِتْقِ. وَإِذَا مَاتَ فَخَرَجَ مِنْ الْكِتَابَةِ أَحَطْنَا أَنَّهُ عَبْدٌ وَصَارَ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ كُلُّهُ, وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ بَنُونَ وُلِدُوا مِنْ جَارِيَةٍ لَهُ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ, أَوْ بَنُونَ بَلَغُوا يَوْمَ كَاتَبَ وَكَاتَبُوا مَعَهُ وَقَرَابَةٌ لَهُ كَاتَبُوا مَعَهُ فَجَمِيعُ مَالِهِ لِسَيِّدِهِ. وَلَوْ قَالَ سَيِّدُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ قَدْ وَضَعْت الْكِتَابَةَ عَنْهُ, أَوْ وَهَبْتهَا لَهُ أَوْ أَعْتَقْته لَمْ يَكُنْ حُرًّا, وَكَانَ الْمَالُ مَالَهُ بِحَالِهِ; لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ لِمَيِّتٍ مَالَ نَفْسِهِ. وَلَوْ قَذَفَهُ رَجُلٌ وَقَدْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ لَمْ يُحَدَّ لَهُ; لِأَنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَعْتِقْ. فَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ فَعَلَى سَيِّدِهِ كَفَنُهُ وَقَبْرُهُ; لِأَنَّهُ عَبْدُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحْضَرَ الْمَالَ لِيَدْفَعَهُ, ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ سَيِّدُهُ, أَوْ دَفَعَ الْمَالَ إلَى رَسُولٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى سَيِّدِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ سَيِّدُهُ حَتَّى مَاتَ عَبْدًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَ الْمَالَ لِيَدْفَعَهُ فَمَرَّ بِهِ أَجْنَبِيٌّ, أَوْ ابْنٌ لِسَيِّدِهِ فَقَتَلَهُ كَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَبْدًا, وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ سَيِّدُهُ قَتَلَهُ كَانَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ, وَمَاتَ عَبْدًا فَلِسَيِّدِهِ مَالُهُ وَيُعَزَّرُ سَيِّدُهُ فِي قَتْلِهِ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ مَنْ يَدْفَعُ إلَى السَّيِّدِ آخِرَ نُجُومِهِ وَمَاتَ الْمُكَاتَبُ فَقَالَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ الْأَحْرَارُ قَدْ دَفَعَهَا إلَيْك الْوَكِيلُ وَأَبُونَا حَيٌّ وَقَالَ السَّيِّدُ مَا دَفَعَهَا إلَيَّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيكُمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ الْمُكَاتِبِ; لِأَنَّهُ مَالُهُ, وَلَوْ أَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَيْهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَمَاتَ أَبُوهُمْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ حَتَّى تَقْطَعَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ أَوْ تُوَقِّتَ فَتَقُولَ: دَفَعَهَا إلَيْك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ, وَيُقِرُّ السَّيِّدُ أَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ, أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ عَتَقَ وَلَوْ شَهِدَ وَكِيلُ الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ إلَى السَّيِّدِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ. وَلَكِنْ لَوْ وَكَّلَ السَّيِّدُ رَجُلاً بِأَنْ يَقْبِضَ مِنْ الْمُكَاتَبِ آخِرَ نُجُومِهِ فَشَهِدَ وَكِيلُ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْهُ قَبْلَ يَمُوتَ, وَقَالَ السَّيِّدُ: قَبَضَهَا بَعْدَ مَا مَاتَ جَازَتْ شَهَادَةُ وَكِيلِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ وَحَلَفَ وَرَثَةُ الْمُكَاتَبِ مَعَ شَهَادَتِهِ, وَكَانَ أَبُوهُمْ حُرًّا وَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ وَمَنْ يَعْتِقُ بِعِتْقِهِ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْت لِعَطَاءٍ رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَقَاطَعَهُ فَكَتَمَهُ مَالاً لَهُ وَعَبِيدًا وَمَالاً غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ هُوَ لِلسَّيِّدِ وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ سَأَلَهُ مَالَهُ فَكَتَمَهُ إيَّاهُ فَقَالَ هُوَ لِسَيِّدِهِ فَقُلْت لِعَطَاءٍ فَكَتَمَهُ وَلَدًا مِنْ أَمَةٍ وَلَمْ يُعْلِمْهُ قَالَ هُوَ لِسَيِّدِهِ, وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْت لَهُ أَرَأَيْت إنْ كَانَ سَيِّدُهُ قَدْ عَلِمَ بِوَلَدِ الْعَبْدِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ السَّيِّدُ وَلاَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْكِتَابَةِ؟ قَالَ فَلَيْسَ فِي كِتَابَتِهِ هُوَ مَالٌ لِسَيِّدِهِمَا وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى الْقَوْلُ مَا قَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فِي وَلَدِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ عَلِمَهُ السَّيِّدُ, أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ هُوَ مَالٌ لِلسَّيِّدِ, وَكَذَلِكَ مَالُ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ وَلاَ مَالَ لِلْعَبْدِ, وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ, وَلَهُ مَالٌ فَلِلسَّيِّدِ أَخْذُ كُلِّ مَالٍ كَانَ لِلْعَبْدِ قَبْلَ مُكَاتَبَتِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا, أَوْ غَيْرَ تَاجِرٍ فِي يَدَيْهِ مَالٌ فَكَاتَبَهُ سَيِّدُهُ فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ, وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْهُ وَمَا اكْتَسَبَ الْمُكَاتَبُ فِي كِتَابَتِهِ فَلاَ سَبِيلَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْجِزَ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ, وَقَدْ تَدَاعَيَا الْكِتَابَةَ, وَلَمْ يُكَاتِبَا أَوْ لَمْ يَتَدَاعَيَاهَا فِي مَالٍ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ وَلاَ مَوْضِعَ لِلْمَسْأَلَةِ فِي هَذَا, وَلَكِنْ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْعَبْدُ: أَفَدْته بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَالَ السَّيِّدُ: أَفَدْته قَبْلَهَا, أَوْ قَالَ: هُوَ مَالٌ لِي أَوْدَعْتُكَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ فَمَا أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ, أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ, أَوْ شَاهِدًا وَحَلَفَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ, وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ وَلَمْ يَحُدُّوا حَدًّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ حَتَّى يَحُدُّوا وَقْتًا يُعْلَمُ فِيهِ أَنَّ الْمَالَ كَانَ بِيَدَيْ الْعَبْدِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا: كَانَ فِي يَدَيْهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِغُرَّةِ شَهْرِ كَذَا, وَكَانَتْ الْكِتَابَةُ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ حَتَّى تَحُدَّ الْبَيِّنَةُ حَدًّا يُعْلِمُ أَنَّ الْمَالَ كَانَ فِي يَدَيْهِ قَبْلُ تَصِحُّ الْكِتَابَةِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدَيْهِ فِي رَجَبٍ وَشَهِدُوا لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ فِي شَعْبَانَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ الْعَبْدُ: قَدْ كَاتَبْتنِي بِلاَ بَيِّنَةٍ قَبْلَ رَجَبٍ, أَوْ فِي رَجَبٍ, أَوْ فِي وَقْتٍ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ, وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا أَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ إنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالُهُ مَالُ سَيِّدِهِ لاَ مَالٌ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ عَلِمَ الْمَالَ وَأَحْضَرَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ; لِأَنَّهُ كِتَابَةٌ وَبَيْعٌ; لِأَنَّهُ لاَ يُعْلَمُ حِصَّةُ الْكِتَابَةِ مِنْ حِصَّةِ الْبَيْعِ; لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّةً مِنْ الْكِتَابَةِ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ, وَأَنَّهُ يَعْجِزُ فَيَكُونُ رَقِيقًا وَيَفُوتُ الْمَالُ فَإِنْ أَدَّى فَعَتَقَ تَرَاجَعَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَتَكُونُ يَوْمَ كُوتِبَ وَرَجَعَ سَيِّدُهُ بِمَالِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَيْهِ, أَوْ مِثْلِهِ, أَوْ قِيمَتِهِ إنْ فَاتَ فِي يَدَيْهِ, وَيَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَهُ, ثُمَّ يَبِيعَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ مَا فِي يَدَيْهِ, أَوْ يَهَبَهُ, أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَأَمَّا أَنْ يَعْقِدَ الْكِتَابَةَ عَلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ بِحَالٍ (قَالَ الرَّبِيعُ): وَفِيهِ حُجَّةٌ أُخْرَى أَنَّهُ إذَا كَاتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ; لِأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ, وَالْمَالُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لِسَيِّدِهِ لَيْسَ لِلْعَبْدِ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: مَا أَفَادَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَهُوَ لَهُ مَالٌ عَلَى مَعْنًى, وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ, وَلاَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ, فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ لاَ يَأْخُذُ مَالَهُ وَهُوَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ؟ قِيلَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْكِتَابَةِ وَكَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ مَالاً يُؤَدِّيهِ الْعَبْدُ وَيَعْتِقُ بِهِ فَلَوْ سَلَّطَ لِلسَّيِّدِ عَلَى أَخْذِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبَةِ مَعْنًى إذَا كَانَ السَّيِّدُ يَأْخُذُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ بِهِ مُؤَدِّيًا كَانَ الْعَبْدُ لِلْأَدَاءِ مُطِيقًا وَمِنْهُ مَمْنُوعًا بِالسَّيِّدِ, أَوْ كَانَ لَهُ غَيْرَ مُطِيقٍ فَبَطَلَ مَعْنَى الْكِتَابَةِ بِالْمَعْنَيَيْنِ مَعًا, وَيَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ فِي مَالِهِ مَا كَانَ عَلَى النَّظَرِ وَغَيْرِ الِاسْتِهْلاَكِ لِمَالِهِ وَلاَ يَجُوزُ مَا كَانَ اسْتِهْلاَكًا لِمَالِهِ فَلَوْ وَهَبَ دِرْهَمًا مِنْ مَالِهِ كَانَ مَرْدُودًا, وَلَوْ اشْتَرَى بِمَا لاَ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ كَانَ مَرْدُودًا, أَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِمَا لاَ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ كَانَ مَرْدُودًا وَكَذَلِكَ لَوْ جُنِيَتْ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ فَعَفَا الْجِنَايَةَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ كَانَ عَفْوُهُ بَاطِلاً; لِأَنَّ ذَلِكَ إهْلاَكٌ مِنْهُ لِمَالِهِ, وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالنَّظَرِ, وَإِقْرَارُهُ فِي الْبَيْعِ, وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ نَكَحَ فَأَصَابَ الْمَرْأَةَ فُسِخَ النِّكَاحُ, وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا إذَا عَتَقَ وَلاَ يَكُونُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ بِهِ قَبْلَ يَعْتِقَ; لِأَنَّهَا نَكَحَتْهُ وَهِيَ طَائِعَةٌ, وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَمَاتَتْ فِي يَدَيْهِ كَانَ لِقِيمَتِهَا ضَامِنًا; لِأَنَّ شِرَاءَهُ وَبَيْعَهُ جَائِزٌ فَمَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ لَزِمَهُ فِي مَالِهِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَصَابَهَا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَخَذَهَا, وَأَخَذَ مِنْهُ مَهْرَ مِثْلِهَا; لِأَنَّ هَذَا بِسَبَبِ بَيْعٍ, وَأَصْلُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَهُ جَائِزٌ, وَأَصْلُ النِّكَاحِ لَهُ غَيْرُ جَائِزٍ فَلِذَلِكَ لَمْ أُلْزِمْهُ فِي مَالِهِ - مَا كَانَ مُكَاتَبًا - صَدَاقَ الْمَرْأَةِ وألزمهوه بَعْدَ عِتْقِهِ فَإِذَا تَحَمَّلَ عَنْهُ الرَّجُلِ بِحَمَالَةٍ, وَضَمِنَ عَنْ آخَرَ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلاً; لِأَنَّ هَذَا تَطَوُّعٌ بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ نَفْسَهُ فِي مَالِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْهِبَةِ يَهَبُهَا, وَلاَ يَلْزَمُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ, وَإِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ, أَوْ كَبِيرٌ زَمِنٌ مُحْتَاجٌ, أَوْ أَبٌ زَمِنٌ مُحْتَاجٌ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ, وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي نِكَاحِهَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَهَا. وَلَوْ نَكَحَ فِي الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ فَأَصَابَهَا أَوْ أَصَابَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ, ثُمَّ عَتَقَ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِأَنَّهُ حُرٌّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَمَاتَ كَانَ عَلَيْهِ كَفَنُهُ مَيِّتًا وَنَفَقَتُهُ مَرِيضًا. وَلَوْ بِيعَ مِنْ قَرَابَتِهِ مَنْ لاَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حُرًّا كَانَ لَهُ شِرَاؤُهُ عَلَى النَّظَرِ كَمَا أَنَّ لَهُ شِرَاءَ غَيْرِهِمْ عَلَى النَّظَرِ, وَإِذَا بَاعَ مِنْهُمْ عَبْدًا عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ, وَإِنْ أَعْتَقَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ, وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ بَعْدَ بَيْعِهِمْ الَّذِي وَصَفْته - مَرْدُودًا - وَعَتَقَ مَنْ مِلْكِهِمْ لَهُمْ فَعِتْقُهُمْ بَاطِلٌ حَتَّى يُجَدِّدَ فِيهِمْ بَيْعًا فَإِذَا جَدَّدَ فَهُمْ مَمَالِيكُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ أَنْ يُجَدِّدَ لَهُمْ عِتْقًا, وَلَوْ بَاعَ هَذَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَأَعْتَقَ الْعَبْدَ, ثُمَّ جَنَى فَقَضَى الْإِمَامُ عَلَى مَوَالِيهِ بِالْعَقْلِ, ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَ الْبَيْعِ رَدَّ وَرَدَّ الْعَاقِلَةَ بِالْعَقْلِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ, وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَقَضَى بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ جِنَايَةَ حُرٍّ فَقَبَضَهَا, أَوْ قُبِضَتْ لَهُ رُدَّتْ عَلَى مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ. وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدًا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَلَدًا وَلاَ وَالِدًا وَمَتَى اشْتَرَاهُمْ فَالشِّرَاءُ فِيهِمْ مَفْسُوخٌ فَإِنْ مَاتُوا فِي يَدَيْهِ قَبْلَ رَدِّهِمْ ضَمِنَ قِيمَتَهُمْ; لِأَنَّهُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُمْ حَتَّى يَعْتِقَ فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ وَلاَ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُهُمْ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ حَتَّى يُجَدِّدَ لَهُمْ شِرَاءً بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِذَا جَدَّدَهُ عَتَقُوا عَلَيْهِ قَالَ: وَإِنَّمَا أَبْطَلْت شِرَاءَهُمْ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُمْ. وَإِذَا اشْتَرَى مَا لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ فَلَيْسَ لَهُ بِشِرَاءِ نَظَرٍ إنَّمَا هُوَ إتْلاَفٌ لِأَثْمَانِهِمْ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَسَرَّى, وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَإِنْ تَسَرَّى فَوُلِدَ لَهُ فَلَهُ بَيْعُ سُرِّيَّتِهِ, وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا; لِأَنَّ وَطْأَهُ إيَّاهَا بِالْمِلْكِ لاَ يَجُوزُ, وَلَيْسَ وَطْؤُهُ إيَّاهَا فَتَلِدُ بِأَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ, وَهُوَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ تَعْتِقْ. وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً قَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ لَهُ بِنِكَاحٍ وَيَبِيعَهَا, وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ لاَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ وَغَيْرِهِمْ إذَا كَانَ شِرَاؤُهُ إيَّاهُمْ نَظَرًا. قَالَ: وَلَهُ إنْ أُوصِيَ لَهُ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَلَدِهِ أَوْ وُهِبُوا لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِمْ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَقْبَلَهُمْ وَإِذَا قَبِلَهُمْ أَمَرَهُمْ بِالِاكْتِسَابِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ, وَأَخَذَ فَضْلَ كَسْبِهِمْ وَمَا أَفَادُوا مِنْ الْمَالِ; لِأَنَّهُمْ مِلْكٌ لَهُ فَاسْتَعَانَ بِهِ فِي كِتَابَتِهِ فَمَنْ أَدَّى عَتَقَ, وَكَانُوا أَحْرَارًا بِعِتْقِهِ. وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ, أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِنَايَةٍ, أَوْ مَلَكُوهُ وَهُمْ فِي مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَهُوَ لِلْمُكَاتَبِ وَمَا مَلَكُوهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ لَهُمْ دُونَهُ, وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ عِتْقٍ فَهُوَ جِنَايَةٌ عَلَى مَمَالِيكَ, وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ, وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْكَسْبِ وَيَدَعَهُمْ مِنْ أَنْ يَكْتَسِبُوا كَمَا لاَ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي عَبِيدٍ غَيْرِهِمْ; لِأَنَّ هَذَا إتْلاَفُ مَالِهِ, وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ إنْ مَرِضُوا, أَوْ عَجَزُوا عَنْ الْكَسْبِ, وَلَوْ خَافَ الْعَجْزَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَعْتِقُ وَذَلِكَ الْوَالِدُونَ وَالْوَلَدُ (قَالَ) وَإِنْ عَجَزَ رُدَّ رَقِيقًا وَكَانُوا مَعًا مَمَالِيكَ لِلسَّيِّدِ; لِأَنَّ عَبْدَهُ كَانَ مَلَكَهُمْ عَلَى مَا وَصَفْت, وَإِنْ جَنَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ جِنَايَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِشَيْءٍ, وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ, وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْجِنَايَةِ; لِأَنَّ مَا قَدْ بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهِ إذَا عَتَقَ, وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدًا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ, أَوْ بَاعَ أَحَدًا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ كَانَ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ مُنْتَقَضًا فِيهِ لاَ يَجُوزُ; لِأَنَّ صَفْقَتَهُ كَانَتْ فَاسِدَةً.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ, وَلَهُ وَلَدٌ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهُ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ, وَإِنْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ صِغَارًا كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً; لِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ عَنْ غَيْرِهِ لِسَيِّدِهِ, وَلاَ غَيْرِ سَيِّدِهِ وَلاَ تَجُوزُ كِتَابَةُ الصِّغَارِ وَإِذَا وُلِدُوا بَعْدَ كِتَابَتِهِ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أُمِّهِمْ; لِأَنَّ حُكْمَ الْوَلَدِ فِي الرِّقِّ حُكْمُ أُمِّهِ فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً فَهُمْ أَحْرَارٌ, وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَهُمْ مَمَالِيكُ لِمَالِكِ أُمِّهِمْ كَانَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ, أَوْ غَيْرَهُ, وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لِغَيْرِ سَيِّدِهِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ فِيهِمْ سَبِيلٌ إمَّا أَنْ يَكُونُوا مَوْقُوفِينَ عَلَى مَا تَصِيرُ إلَيْهِ أُمُّهُمْ فَإِنْ عَتَقَتْ عَتَقُوا, وَإِنْ رَقَّتْ رَقُّوا, وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا رَقِيقًا, وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لِسَيِّدَةٍ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ, أَوْ غَيْرِ الْكِتَابَةِ فَسَوَاءٌ وَحُكْمُهُمْ بِأُمِّهِمْ دُونَهُ, وَكِتَابَةُ أُمِّهِمْ غَيْرُ كِتَابَتِهِ إنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ, وَإِنْ أَدَّى دُونَهَا عَتَقَ; لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ حَمِيلاً عَنْهَا وَلاَ هِيَ عَنْهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ, وَلاَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فِي كِتَابَتِهِ, ثُمَّ عَتَقَ لَمْ تَكُنْ أُمُّ وَلَدِهِ الَّتِي وَلَدَتْ بِوَطْءِ الْمُكَاتَبِ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلاَ تَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ بِوَطْءٍ بَعْدَ عِتْقِهِ; لِأَنَّهُ لاَ يَتِمُّ مِلْكُهُ لِمَالِهِ حَتَّى يَعْتِقَ فَإِذَا عَتَقَ فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا كَانَتْ بِهِ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ, وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ تَكُنْ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ. وَإِذَا وَلَدَتْ لِلْمُكَاتَبِ جَارِيَتُهُ فِي الْكِتَابَةِ, أَوْ امْرَأَتُهُ اشْتَرَاهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا; لِأَنَّ امْرَأَتَهُ الَّتِي وَلَدَتْ بِالنِّكَاحِ لاَ تَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ, وَاَلَّتِي بِوَطْءٍ فَاسِدٍ بِكُلِّ حَالٍ لاَ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْوَطْءِ الْفَاسِدِ كُلِّهِ, وَلاَ تَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ أَمَةٌ إلَّا أَمَةً وُطِئَتْ بِمِلْكٍ صَحِيحٍ لِلْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ وَلَوْ وَلَدَتْ بِوَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ, ثُمَّ وَلَدَتْ بِوَطْءِ الْحُرِّيَّةِ كَانَ بَعْدَ عِتْقِ سَيِّدِهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ لاَ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ, وَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ لَوْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهَا, وَلَمْ تَعْتِقْ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ إيَّاهَا, وَهُوَ مُكَاتَبٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ يُمْنَعُ بَيْعُهَا, وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ أَضْعَفُ مِنْ الْعِتْقِ, وَلَيْسَ كَالْحُرِّ يَطَأُ الْأَمَةَ يَمْلِكُ بَعْضَهَا مِلْكًا صَحِيحًا; لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ هَذِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ وَنَصِيبُ صَاحِبِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا, وَإِذَا جَنَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ فَهِيَ كَأَمَةٍ مِنْ إمَائِهِ يَبِيعُهَا إنْ شَاءَ, وَإِنْ شَاءَ فَدَاهَا كَمَا يَفْدِي رَقِيقَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَاذَا وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَلَدَهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَمَتَهُ مَتَى شَاءَ, فَإِذَا عَتَقَ عَتَقَ وَلَدُهُ مَعَهُ. وَإِذَا عَتَقَ لَمْ تَكُنْ أُمُّ وَلَدِهِ فِي حُكْمِ أُمِّ وَلَدٍ بِذَلِكَ كَمَا وَصَفْت فَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَمَا جُنِيَ عَلَى الْمَوْلُودِ, أَوْ كَسَبَ أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَاسْتَعَانَ بِهِ الْأَبُ فِي كِتَابَتِهِ إنْ شَاءَ. وَإِذَا اشْتَرَى وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ أَوْ وَالِدَتَهُ الَّذِينَ يَعْتِقُونَ عَلَى مَنْ يَمْلِكُهُمْ مِنْ الْأَحْرَارِ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُمْ; لِأَنَّ شِرَاءَهُمْ إتْلاَفٌ لِمَالِهِ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ مَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ, وَلَوْ وُهِبُوا لَهُ, أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِمْ, أَوْ تُصُدِّقَ بِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَوُقِفُوا مَعَهُ فَإِنْ عَتَقَ عَتَقُوا يَوْمَ يَعْتِقُ; لِأَنَّهُ يَوْمَئِذٍ يَصِحُّ لَهُ مِلْكُهُمْ, وَإِنْ رَقَّ فَهُمْ رَقِيقٌ لِسَيِّدِهِ وَلاَ يُبَاعُونَ, وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ عَجَزَ عَنْهُ, ثُمَّ مَاتَ رُدُّوا رَقِيقًا, وَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ نُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ, وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَأْخُذَ مَالاً إنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ فَيُؤَدِّيَهُ عَنْ نَفْسِهِ, وَإِنْ جُنِيَتْ عَلَيْهِمْ جِنَايَةٌ لَهَا أَرْشٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا, وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمْ, وَيَأْخُذَ أُجُورَ أَعْمَالِهِمْ; لِأَنَّهُمْ فِي مِثْلِ مَعْنَى مَالِهِ حَتَّى يَعْتِقَ, فَإِذَا عَتَقَ عَتَقُوا حِينَ يَتِمُّ عِتْقُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعْتِقَ مِنْ هَؤُلاَءِ أَحَدًا; لِأَنَّهُمْ مَوْقُوفُونَ عَلَى أَنْ يَعْجِزَ فَيَكُونُوا رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ, وَلاَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْتِقَ وَاحِدًا مِنْهُمْ; لِأَنَّهُمْ لَوْ جُنِيَ عَلَيْهِمْ أَوْ كَسَبُوا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ, فَإِنْ أَجْمَعَا مَعًا عَلَى عِتْقِهِمْ جَازَ عِتْقُهُمْ. وَإِذَا وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ فَقَالَ السَّيِّدُ: وُلِدَ لَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ, وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: وُلِدَ بَعْدَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ مَا أَمْكَنَ أَنْ يُصَدَّقَ, وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ, وَالْمَوْلُودُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ وُلِدَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ, فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ لِسَنَةٍ, وَالْمَوْلُودُ لاَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ سَنَةٍ, وَيُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ ابْنُ أَكْثَرَ مِنْهَا إحَاطَةً بَيِّنَةً فَلاَ يُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ عَلَى مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِيهِ كَاذِبٌ, وَإِنْ أَشْكَلَ فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ صَدَقَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ السَّيِّدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ, وَلَوْ أَقَامَ السَّيِّدُ, وَالْمُكَاتَبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَبْطَلْت الْبَيِّنَةَ وَجَعَلْتهمَا كَالْمُتَدَاعَيَيْنِ لاَ بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ أَقَامَ السَّيِّدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَلَدَيْنِ وُلِدَا لِلْمُكَاتَبِ فِي بَطْنٍ أَحَدُهُمَا وُلِدَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَالْآخَرُ بَعْدَهَا كَانَا مَمْلُوكِينَ لِلسَّيِّدِ; لِأَنَّهُ إذَا رَقَّ لَهُ أَحَدُهُمَا رَقَّ الْآخَرُ; لِأَنَّ حُكْمَ الْوَلَدَيْنِ فِي الْبَطْنِ حُكْمُ وَاحِدٍ, وَكُلُّ مَا قَبِلْت فِيهِ بَيِّنَةَ السَّيِّدِ فَجَعَلْت وَلَدَ الْمُكَاتَبِ لَهُ رَقِيقًا فَأَقَرَّ بِهِ الْمُكَاتَبُ لِلسَّيِّدِ قَبِلْت إقْرَارَهُ فِيهِ; لِأَنَّهُ لاَ يُقِرُّ عَلَى أَحَدٍ عَتَقَ, وَلَوْ أَقَامَ السَّيِّدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَلَدٍ وُلِدُوا فِي مِلْكِهِ لَمْ أَقْبَلْهَا حَتَّى يَقُولُوا وُلِدُوا قَبْلَ كِتَابَةِ الْعَبْدِ, أَوْ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ أَحْدَثَ كِتَابَةً بَعْدَهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدٍ لَهُ كِبَارٍ حَاضِرِينَ بِرِضَاهُمْ فَالْمُكَاتَبَةُ جَائِزَةٌ كَمَا يَجُوزُ إذَا كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَبْدَيْنِ مَعَهُ وَأَكْثَرَ فَإِنْ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَابْنَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ فَالْأَلْفُ مَقْسُومَةٌ عَلَى قِيمَةِ الْأَبِ وَالِابْنَيْنِ, فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبِ مِائَةً, وَقِيمَةُ الِابْنَيْنِ مِائَةً فَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ الْأَلْفِ, وَعَلَى الِابْنَيْنِ نِصْفُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ رُفِعَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ, وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ رُفِعَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ, وَهِيَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ, وَبَقِيَتْ عَلَى الْآخَرِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ, وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ, وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ, وَلاَ شَيْءَ لِابْنَيْهِ فِيهِ وَهُمَا مِنْ مَالٍ كَأَجْنَبِيَّيْنِ كَاتَبَا مَعًا, وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الِابْنَانِ, أَوْ أَحَدُهُمَا, وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ; لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ مَاتَ عَبْدًا فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمْ عَنْهُمْ فَعَتَقُوا بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ, وَإِنْ كَانَ أَدَّى عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ, وَأَيُّهُمْ عَجَزَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَكَانَ رَقِيقًا, وَالْقَوْلُ فِيهِمْ كَالْقَوْلِ فِي الْعَبِيدِ الثَّلاَثَةِ الْأَجْنَبِيِّينَ يُكَاتِبُونَ لاَ يُخْتَلَفُ وَلَوْ أَدَّى الْأَبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَتَقَ, وَكَانَ مَنْ مَعَهُ مِنْ وَلَدِهِ مُكَاتَبِينَ إذَا أَدَّيَا عَتَقَا, وَإِنْ عَجَزَا رَقَّا, وَلَيْسَ لِلْأَبِ مِنْ اسْتِعْمَالِ بَنِيهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ شَيْءٌ, وَلاَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ, وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْأَبِ مِنْ جِنَايَةٍ جُنِيَتْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ, وَلاَ عَلَيْهِ مِنْ جِنَايَةٍ جَنَاهَا وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْمُكَاتَبَةِ شَيْءٌ, وَجِنَايَتُهُ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ لَهُ وَعَلَيْهِ دُونَ أَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَلَوْ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ, وَجِمَاعُ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَاتَبَ هُوَ وَوَلَدُهُ وَإِخْوَتُهُ, أَوْ كَاتَبَ هُوَ وأجنبيون فَسَوَاءٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ دُونَ أَصْحَابِهِ وَلَهُ أَنْ يُعَجِّزَ وَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُعَجِّزَهُ إذَا عَجَزَ وَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ فِي هَذَا كُلِّهِ, وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْأَدَاءَ فَيَعْتِقَ إذَا كَانَ مِمَّا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ, وَإِذَا كَاتَبَ وَالِدًا وَوَلَدَهُ, أَوْ إخْوَةً فَمَاتَ الْأَبُ, أَوْ الْوَلَدُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَاتَ مَمْلُوكًا, وَأَخَذَ سَيِّدُهُ مَالَهُ وَرُفِعَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَنْ شُرَكَائِهِ فِيهَا, وَكَذَلِكَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْتِقَ أَيَّهُمْ شَاءَ, وَإِذَا أَعْتَقَهُ رُفِعَتْ عَنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ, وَلَوْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّةُ نَفْسِهِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَاتِبَ عَلَى نَفْسِهِ وَابْنٍ لَهُ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ وَلاَ صَبِيٍّ; لِأَنَّ هَذِهِ حَمَالَةُ مُكَاتَبٍ, وَحَمَالَتُهُ لاَ تَجُوزُ عَنْ غَيْرِهِ, فَإِنْ كَاتَبَ عَلَى هَذَا فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَتَجُوزُ كِتَابَةُ الْمَرْأَةِ فَإِذَا كَاتَبَهَا سَيِّدُهَا وَهِيَ ذَاتُ زَوْجٍ, أَوْ تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا فَوَلَدَتْ, أَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَوَلَدُهَا مَوْقُوفٌ, فَإِنْ أَدَّتْ فَعَتَقَتْ عَتَقَ, وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ, وَلَهَا مَالٌ تُؤَدِّي مِنْهُ مُكَاتَبَتَهَا أَوْ يَفْضُلُ أَوْ لاَ مَالَ لَهَا فَقَدْ مَاتَتْ رَقِيقًا, وَمَالُهَا إنْ كَانَ لَهَا لِسَيِّدِهَا, وَوَلَدُهَا رَقِيقٌ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَقْدُ مُكَاتَبَةٍ فَيَكُونُ عَلَيْهِمْ حِصَّةٌ يُؤَدُّونَهَا فَيَعْتِقُونَ لَوْ لَمْ تُؤَدِّ أُمُّهُمْ وَلَيْسُوا كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ الَّتِي لاَ تَرِقُّ بِحَالٍ فَالْمُكَاتَبَةُ قَدْ تَرِقُّ بِحَالٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: لاَ تَرِقُّ أُمُّ الْوَلَدِ, وَقَدْ قِيلَ: مَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَهُمْ رَقِيقٌ; لِأَنَّ أُمَّهُمْ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً, وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ. وَإِذَا جُنِيَ عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ جِنَايَةٌ تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ تُؤَدِّيَ أُمُّهُ فَفِيهَا قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ, وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: لَيْسَتْ تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا, فَلاَ يَكُونُ سَبَبَ مِلْكٍ لَهَا كَمَا يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ وَلَدَ أَمَتِهِ, وَإِنْ كَانَ وَلَدَهُ كَانَ سَبَبَ مِلْكٍ لَهُ, وَكَذَلِكَ مَا اكْتَسَبَ أَوْ صَارَ لَهُ, ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ يَعْتِقُ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ; لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا, وَلَيْسَ لِأُمِّهِ مِنْ مَالِهِ فِي حَيَاتِهِ شَيْءٌ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَقِيقٍ لَهَا, مَنْ قَالَ هَذَا أَخَذَ سَيِّدَهُ بِنَفَقَتِهِ صَغِيرًا, لاَ يَأْخُذُ بِهِ أُمَّهُ; لِأَنَّهَا لاَ تَمْلِكُهُ, وَإِنْ عَتَقَتْ عَتَقَ, وَإِذَا اكْتَسَبَ مَالاً, أَوْ صَارَ لَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ, وَوُقِفَ وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ, فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ قَبْلَ تَعْتِقَ فَهُوَ مَالٌ لِسَيِّدِهِ, وَإِنْ عَتَقَ الْمَوْلُودُ بِعِتْقِ أُمِّهِ فَهُوَ مَالٌ لِلْمَوْلُودِ, وَإِنَّمَا فَرَّقْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ; لِأَنَّ أُمَّهُ لاَ تَمْلِكُهُ وَلَكِنْ يَكُونُ حُكْمُهُ بِهَا, وَلَيْسَ مِلْكًا لَهَا, وَمِلْكُ الْمُكَاتَبِ إذَا وَلَدَتْ جَارِيَتُهُ فَمَا وَلَدَتْ جَارِيَتُهُ مَمْلُوكٌ لَهُ لَوْ كَانَ يَجْرِي عَلَى وَلَدِهِ رِقٌّ كَرِقِّ غَيْرِ وَلَدِهِ, وَلَوْ أَنَّ مُكَاتَبَتَهُ وَلَدَتْ وَلَدًا فَأَعْتَقَهُمْ السَّيِّدُ جَازَ الْعِتْقُ لِمَا وَصَفْت, وَلَوْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ وَلَدٌ فَأَعْتَقَ السَّيِّدُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ, وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَوَلَدَهُ فَأَعْتَقَهُمْ السَّيِّدُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ كَمَا لاَ يَجُوزُ لَهُ إتْلاَفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ وَمَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ كِتَابَتِهَا بِسَاعَةٍ, أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا وَصَفْت, وَمَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهِ خَارِجٌ مِمَّا وَصَفْت. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ أُمَّهُمْ أَحَقُّ بِمَا مَلَكُوا تَسْتَعِينُ بِهِ; لِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا, وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُهُمَا. وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ وَلَدٌ فَاخْتَلَفَتْ هِيَ وَالسَّيِّدُ فِيهِ فَقَالَ: وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ, وَقَالَتْ: هِيَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ فَإِنْ جَاءَتْ بِهَا قُبِلَتْ وَإِنْ جَاءَتْ هِيَ وَسَيِّدُهَا بِبَيِّنَةٍ طَرَحْت الْبَيِّنَتَيْنِ, وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ مَا لَمْ تَكُنْ الْكِتَابَةُ مُتَقَادِمَةً, وَالْمَوْلُودُ صَغِيرٌ لاَ يُولَدُ مِثْلُهُ قَبْلَ الْمُكَاتَبَةِ, وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ السَّيِّدُ عَلَى مَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ, وَأَمَّا مَا لاَ يُمْكِنُ مِثْلُهُ فَلاَ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ, وَمَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ مِنْ ذَكَرٍ, أَوْ أُنْثَى فَسَوَاءٌ فَإِنْ وُلِدَ لِوَلَدِهَا فِي الْكِتَابَةِ فَوَلَدُ بَنَاتِهَا بِمَنْزِلَةِ بَنَاتِهَا, وَوَلَدُ بَنِيهَا بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِمْ فَأُمُّهُمْ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَهُمْ لِسَيِّدِ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَهُمْ أَحْرَارٌ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِمْ وَهَكَذَا وَلَدُ وَلَدِهَا مَا تَنَاسَلُوا وَبَقِيَتْ الْمُكَاتَبَةُ. وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا فَإِنْ فَعَلَتْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا فَوَلَدَتْ, أَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا, وَسَوَاءٌ مَا كَانُوا حَلاَلاً بِنِكَاحٍ بِإِذْنِ السَّيِّدِ, أَوْ حَرَامًا بِفُجُورٍ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ; لِأَنَّ حُكْمَهَا فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَالسَّيِّدُ مَمْنُوعٌ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبَةِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ كَمَا وَصَفْت وَمَمْنُوعٌ مِنْ وَطْئِهَا كَمَا يُمْنَعُ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا; لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِوَطْئِهَا عَلَى غَيْرِ حَرَامٍ عِوَضًا كَمَا تَمْلِكُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا, وَمَا اُسْتُهْلِكَ مِنْ مَالِهَا قَالَ: فَإِنْ وَطِئَهَا الَّذِي كَاتَبَهَا طَائِعَةً أَوْ كَارِهَةً فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ وَلاَ عَلَيْهَا, وَيُعَزَّرُ وَهِيَ إنْ طَاوَعَتْ بِالْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا جَاهِلاً فَيُدْرَأَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ بِالْجَهَالَةِ أَوْ تَكُونَ مُسْتَكْرَهَةً فَلاَ يَكُونَ عَلَيْهَا هِيَ تَعْزِيرٌ, وَعَلَيْهِ فِي إصَابَتِهِ إيَّاهَا مَهْرُ مِثْلِهَا يُؤْخَذُ بِهِ يَدْفَعُهُ إلَيْهَا فَإِنْ حَلَّ عَلَيْهَا مِمَّا عَلَيْهَا نَجْمٌ جُعِلَ النَّجْمُ قِصَاصًا مِنْهُ, وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهَا نَجْمٌ, وَكَانَ مُفْلِسَا جُعِلَ قِصَاصًا مِمَّا عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُوسِرَ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ نَجْمٌ فَيَكُونَ لَهَا أَخْذُهُ بِهِ, وَسَوَاءٌ فِي أَنَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا طَائِعَةً وَطِئَهَا أَوْ كَارِهَةً; لِأَنَّهُ لاَ حَدَّ فِي الْوَطْءِ كَمَا تُوطَأُ طَائِعَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا, وَتُغْصَبُ فَيَكُونُ لَهَا مَهْرٌ; لِأَنَّهَا لاَ حَدَّ عَلَيْهَا. فَإِنْ حَمَلَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَوَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَالْمُكَاتَبَةُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ الْمَهْرِ, وَتَكُونُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَالْعَجْزِ فَإِنْ اخْتَارَتْ ذَلِكَ فَلَهَا الْمَهْرُ, وَكَانَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَتْ; لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ فِي قَوْلِ مَنْ يُعْتِقُ أُمَّ الْوَلَدِ, وَبَطَلَتْ عَنْهَا الْكِتَابَةُ وَمَالُهَا لَهَا; لِأَنَّ مَالَهَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ سَيِّدِهَا بِالْكِتَابَةِ, وَلَيْسَ مَالُهَا كَمَالِ أُمِّ الْوَلَدِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ; لِأَنَّ تِلْكَ مَمْلُوكَةٌ وَأَنَّ سَيِّدَهَا غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ مَالِهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ, وَكَانَ مَالُهَا لِسَيِّدِهَا, وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا كَانَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ, وَبَطَلَ عَنْ سَيِّدِهَا مَهْرُهَا; لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا مِنْ مَالِهَا مَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ بِتَعْجِيزِهَا نَفْسَهَا. وَإِنْ أَصَابَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَتَهُ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا صَدَاقٌ وَاحِدٌ حَتَّى تُخَيَّرَ فَتَخْتَارَ الصَّدَاقَ أَوْ الْعَجْزَ فَإِنْ خُيِّرَتْ فَعَادَ فَأَصَابَهَا السَّيِّدُ فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ, فَإِذَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ, ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ وَكُلَّمَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ, ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ كَنَاكِحِ الْمَرْأَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا فَإِصَابَةُ مَرَّةٍ أَوْ مِرَارٍ تُوجِبُ صَدَاقًا وَاحِدًا; فَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقُضِيَ بِالصَّدَاقِ, ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا آخَرَ فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ. وَإِنْ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةُ رَجُلٍ جَارِيَةً فَأَصَابَ الْجَارِيَةَ بِنْتَ الْمُكَاتَبَةِ فَلَهَا مَهْرُهَا عَلَيْهِ, وَإِنْ حَبِلَتْ فَلَيْسَتْ كَأُمِّهَا إذَا حَبِلَتْ; لِأَنَّهَا لاَ حِصَّةَ لَهَا فِي الْكِتَابَةِ إنَّمَا تَعْتِقُ أُمُّهَا فَتَعْتِقُ بِعِتْقِهَا, أَوْ يَمُوتُ السَّيِّدُ فَتَعْتِقُ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ تَعْجِزُ الْأُمُّ فَتَكُونُ رَقِيقًا وَتَكُونُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ وَلاَ تُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ. وَإِذَا وَطِئَ أَمَةً لِلْمُكَاتَبَةِ فَلِلْمُكَاتَبَةِ عَلَيْهِ مَهْرُ الْأَمَةِ كَمَا يَكُونُ لَهَا عَلَيْهِ جِنَايَةٌ لَوْ جَنَاهَا عَلَى الْأَمَةِ وَإِنْ حَمَلَتْ الْأَمَةُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا وَقِيمَتُهَا لِلْمُكَاتَبَةِ حَالًّا فِي مَالِهِ تَأْخُذُهُ بِهِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ أَنْ تَجْعَلَهُ قِصَاصًا مِنْ كِتَابَتِهَا. وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً لِوَلَدِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ فِي الْكِتَابَةِ لَزِمَهُ مَا وَصَفْت مِنْ الْمَهْرِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَالْمَهْرُ وَالْقِيمَةُ إنْ حَمَلَتْ; لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَالٌ مَمْنُوعٌ مِنْهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَلَمْ تَحْبَلْ فَعَلَى الْوَاطِئِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا, وَلَيْسَ لِلَّذِي لَمْ يَطَأْهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ مَا كَانَتْ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ عَجَزَتْ أَوْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَ الْمَهْرَ كَانَ لِلَّذِي لَمْ يَطَأْهَا أَخْذُ نِصْفِ الْمَهْرِ مِنْ شَرِيكِهِ الْوَاطِئِ وَإِنْ دَفَعَهُ شَرِيكُهُ الْوَاطِئُ إلَى الْمُكَاتَبَةِ, ثُمَّ عَجَزَتْ أَوْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ بَعْدَ دَفْعِهِ إيَّاهُ إلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ الشَّرِيكُ عَلَى الْوَاطِئِ بِشَيْءٍ; لِأَنَّهُ قَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ, وَهِيَ تَمْلِكُهُ, وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِ أَمْرِهِ, وَإِذَا عَجَزَتْ, وَقَدْ دَفَعَ إلَيْهَا الْمَهْرَ فَوَجَدَا فِي يَدِهَا مَالاً الْمَهْرَ وَغَيْرَهُ فَأَرَادَ الَّذِي لَمْ يَطَأْ أَنْ يَأْخُذَ الْمَهْرَ دُونَ شَرِيكِهِ الْوَاطِئِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ; لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لَهَا فِي كِتَابَتِهَا, وَكُلُّ مَا كَانَ مِلْكًا لَهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ, وَلَوْ حَبِلَتْ فَاخْتَارَتْ الْعَجْزَ كَانَ لِسَيِّدِهَا الَّذِي لَمْ يَطَأْ نِصْفُ الْمَهْرِ وَنِصْفُ قِيمَتِهَا عَلَى الْوَاطِئِ, وَلَوْ حَبِلَتْ فَاخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ مَضَتْ عَلَيْهَا, وَأَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ وَاطِئِهَا, وَكَانَ لَهَا فَإِذَا أَخَذَتْهُ, ثُمَّ عَجَزَتْ لَمْ يَرْجِعْ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا, وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ, وَهَكَذَا لَوْ حَبِلَتْ فَاخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ, وَأَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ وَاطِئِهَا, ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ فِي قَوْلِ مَنْ يُعْتِقُ أُمَّ الْوَلَدِ وَرَجَعَ الشَّرِيكُ عَلَى الْمَيِّتِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَمَةِ فِي مَالِهِ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بَطَلَتْ بِوَطْئِهِ. وَلَوْ أَنَّ مُكَاتَبَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَطِئَهَا الرَّجُلاَنِ مَعًا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ عَجَزَتْ أَوْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ, وَالْمَهْرَانِ سَوَاءٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِصَاصٌ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ, وَإِنْ كَانَ الْمَهْرَانِ مُخْتَلِفَيْنِ كَأَنْ أَحَدُهُمَا وَطِئَهَا فِي سَنَةٍ أَوْ بَلَدٍ مَهْرُ مِثْلِهَا فِيهِ مِائَةٌ, ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فِي سَنَةٍ أَوْ بَلَدٍ مَهْرُ مِثْلِهَا فِيهِ مِائَتَانِ فَمِائَةٌ بِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الَّذِي لَزِمَهُ مَهْرُ مِائَةٍ عَلَى الَّذِي لَزِمَهُ مَهْرُ مِائَتَيْنِ بِخَمْسِينَ; لِأَنَّهَا نِصْفُ الْمِائَةِ وَحَقُّهُ مِمَّا لِلْجَارِيَةِ النِّصْفُ, وَيَبْطُلُ نِصْفُ الْوَاطِئِ عَنْهُ بِعَجْزِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلَيْنِ مُكَاتَبَةٌ فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا, ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ كَانَ لَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ عَجَزَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ بِالْإِصَابَةِ, وَكَانَ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمَهْرِ كَرَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا جَارِيَةٌ فَوَطِئَاهَا مَعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ يَكُونُ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ قِصَاصًا مِنْ الْآخَرِ, وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَحْبَلْ, وَلَوْ أَصَابَهَا مِنْ إصَابَةِ أَحَدِهِمَا نَقْصٌ ضَمِنَ أَرْشَ نَقْصِهَا مَعَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَهْرِ, وَلَوْ أَفْضَاهَا أَحَدُهُمَا ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ مَهْرِهَا, وَلَوْ أُفْضِيَتْ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَفْضَاهَا تَحَالَفَا, وَلَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْإِفْضَاءِ شَيْءٌ, وَلَوْ تَنَاكَرَا الْوَطْءَ لَمْ يَلْزَمْ أَحَدَهُمَا بِالْوَطْءِ شَيْءٌ حَتَّى يُقِرَّ بِهِ أَوْ تَقُومَ بِهِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (قَالَ الرَّبِيعُ): أَفْضَاهَا يَعْنِي شَقَّ الْفَرْجَ إلَى الدُّبُرِ وَفِيهِ الدِّيَةُ إذَا كَانَتْ حُرَّةً, وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ, وَذَلِكَ عَمْدُ الْخَطَأِ, وَكَذَلِكَ السَّوْطُ وَالْعَصَا مُغَلَّظَةٌ مِنْهَا ثَلاَثُونَ حِقَّةً وَثَلاَثُونَ جَذَعَةً, وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا. وَإِذَا أَفْضَى الرَّجُلُ أَمَةً لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا فِي مَالِهِ وَالشَّافِعِيُّ يَجْعَلُ قِيمَتَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الْآخَرِ مِنْهُمَا فَتَدَاعَيَاهُ مَعًا أَوْ دَفَعَاهُ مَعًا, وَكِلاَهُمَا يُقِرُّ بِالْوَطْءِ, وَلاَ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ خُيِّرَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَ الْعَجْزِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَالْمُضِيِّ عَلَى الْكِتَابَةِ, فَإِنْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ أُرِيَ الْوَلَدَ الْقَافَةُ, فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِمَا لَمْ يَكُنْ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحِيلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وَطْءِ الْأَمَةِ, وَأَخَذَا بِنَفَقَتِهَا, وَكَانَ لَهُمَا أَنْ يُؤَجِّرَاهَا, وَالْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا فِيهَا, وَيُحْصَى ذَلِكَ كُلُّهُ فَإِذَا كَبِرَ الْمَوْلُودُ فَانْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا قُطِعَتْ أُبُوَّةُ الْآخَرِ عَنْهُ, وَكَانَ ابْنًا لِلَّذِي انْتَسَبَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فِي قَوْلِ مَنْ لاَ يَبِيعُ أُمَّ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنِصْفُهَا بِحَالِهِ لِشَرِيكِهِ وَلَيْسَ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَهَا, وَهُوَ مُعْسِرٌ, وَيَرْجِعُ الَّذِي لَهُ فِيهَا الرِّقُّ عَلَى الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ, وَيَكُونُ الصَّدَاقَانِ سَاقِطَيْنِ عَنْهُمَا إنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ, وَيَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِفَضْلٍ إنْ كَانَ فِي أَحَدِ الصَّدَاقَيْنِ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ كَمَا وَصَفْت (قَالَ الرَّبِيعُ) قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَيَرْجِعُ الَّذِي لَمْ يَنْتَسِبْ إلَيْهِ عَلَى الَّذِي انْتَسَبَ إلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَاخْتَارَتْ الْعَجْزَ فَكَانَتْ إصَابَةُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ قَبْلَ إصَابَةِ الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ, وَلَمْ تَأْخُذْ الصَّدَاقَ مِنْهُ كَانَ لِلَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ نِصْفُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ, وَكَانَ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ, وَنِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ, وَفِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَهُ يَوْمَ سَقَطَ. وَالثَّانِي: لاَ شَيْءَ لَهُ مِنْهُ; لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ الْعِتْقُ, وَلَوْ كَانَ وَطْءُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ بَعْدَ وَطْءِ الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ فَفِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ صَاحِبَهُ الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ يَضْمَنُ لَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ; لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ, وَيَضْمَنُ هُوَ لِصَاحِبِهِ الْمَهْرَ كُلَّهُ; لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةَ آخَرَ دُونَهُ, وَالثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ إلَّا نِصْفَ الْمَهْرِ كَمَا ضَمِنَ لَهُ الْآخَرُ; لِأَنَّهَا لاَ تَكُونُ أَمَةً لَهُ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ نِصْفِ قِيمَتِهَا إلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الْآخَرِ مِنْهُمَا فَتَدَاعَيَاهُ مَعًا أَوْ دَفَعَاهُ مَعًا, وَكِلاَهُمَا يُقِرُّ بِالْوَطْءِ, وَلاَ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ خُيِّرَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَ الْعَجْزِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَالْمُضِيِّ عَلَى الْكِتَابَةِ, فَإِنْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ أُرِيَ الْوَلَدَ الْقَافَةُ, فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِمَا لَمْ يَكُنْ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحِيلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وَطْءِ الْأَمَةِ, وَأَخَذَا بِنَفَقَتِهَا, وَكَانَ لَهُمَا أَنْ يُؤَجِّرَاهَا, وَالْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا فِيهَا, وَيُحْصَى ذَلِكَ كُلُّهُ فَإِذَا كَبِرَ الْمَوْلُودُ فَانْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا قُطِعَتْ أُبُوَّةُ الْآخَرِ عَنْهُ, وَكَانَ ابْنًا لِلَّذِي انْتَسَبَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فِي قَوْلِ مَنْ لاَ يَبِيعُ أُمَّ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنِصْفُهَا بِحَالِهِ لِشَرِيكِهِ وَلَيْسَ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَهَا, وَهُوَ مُعْسِرٌ, وَيَرْجِعُ الَّذِي لَهُ فِيهَا الرِّقُّ عَلَى الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ, وَيَكُونُ الصَّدَاقَانِ سَاقِطَيْنِ عَنْهُمَا إنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ, وَيَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِفَضْلٍ إنْ كَانَ فِي أَحَدِ الصَّدَاقَيْنِ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ كَمَا وَصَفْت (قَالَ الرَّبِيعُ) قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَيَرْجِعُ الَّذِي لَمْ يَنْتَسِبْ إلَيْهِ عَلَى الَّذِي انْتَسَبَ إلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَاخْتَارَتْ الْعَجْزَ فَكَانَتْ إصَابَةُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ قَبْلَ إصَابَةِ الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ, وَلَمْ تَأْخُذْ الصَّدَاقَ مِنْهُ كَانَ لِلَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ نِصْفُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ, وَكَانَ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ, وَنِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ, وَفِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَهُ يَوْمَ سَقَطَ. وَالثَّانِي: لاَ شَيْءَ لَهُ مِنْهُ; لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ الْعِتْقُ, وَلَوْ كَانَ وَطْءُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ بَعْدَ وَطْءِ الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ فَفِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ صَاحِبَهُ الَّذِي لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ يَضْمَنُ لَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ; لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ, وَيَضْمَنُ هُوَ لِصَاحِبِهِ الْمَهْرَ كُلَّهُ; لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةَ آخَرَ دُونَهُ, وَالثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ إلَّا نِصْفَ الْمَهْرِ كَمَا ضَمِنَ لَهُ الْآخَرُ; لِأَنَّهَا لاَ تَكُونُ أَمَةً لَهُ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ نِصْفِ قِيمَتِهَا إلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ, ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ بَعْدَهُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ وَكِلاَهُمَا ادَّعَى وَلَدَهُ, وَلَمْ يَذْكُرْ وَلَدَ صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُوسِرًا وَأَدَّى نِصْفَ قِيمَتِهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ, وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ, وَالْقَوْلُ فِي نِصْفِ قِيمَةِ وَلَدِهَا مِنْهُ مَا وَصَفْت, وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ الْآخَرِ, وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا كُلُّهُ, وَقِيمَةُ الْوَلَدِ كُلِّهِ يَوْمَ سَقَطَ تَكُونُ قِصَاصًا مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ; لِأَنَّهُ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ غَيْرِهِ, وَإِنَّمَا لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لِلشُّبْهَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ وَطِئَاهَا مَعًا أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ, وَجَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فَتَصَادَقَا فِي الْوَلَدَيْنِ, وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ وَلَدَهُ قَبْلَ وَلَدِ صَاحِبِهِ أُلْحِقَ بِهِمَا الْوَلَدَانِ وَأُوقِفَ أَمْرُ أُمِّ الْوَلَدِ, وَأَخَذَا بِنَفَقَتِهَا فَإِذَا مَاتَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ, وَأَخَذَ الْآخَرُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى نَصِيبِ نَفْسِهِ, فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ وَوَلاَؤُهَا مَوْقُوفٌ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ فِي قَوْلِ مَنْ يُعْتِقُ أُمَّ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُعْسِرٌ وَالْآخَرُ مُوسِرٌ فَوَلاَؤُهَا مَوْقُوفٌ بِكُلِّ حَالٍ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ –
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ كِتَابَةً مَعْلُومَةً إلَى سِنِينَ مَعْلُومَةٍ فَأَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يُعَجِّلَ لِلسَّيِّدِ الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَحِلِّ السِّنِينَ, وَامْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ قَبُولِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ جُبِرَ السَّيِّدُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ, وَهَكَذَا إنْ كَاتَبَهُ بِبَلَدٍ وَلَقِيَهُ بِبَلَدٍ غَيْرِهِ فَقَالَ لاَ أَقْبِضُ مِنْك فِي هَذَا الْبَلَدِ جُبِرَ عَلَى الْقَبْضِ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي طَرِيقٍ فِيهِ حِرَابَةٌ أَوْ فِي بَلَدٍ فِيهِ نَهْبٌ فَلاَ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ إذَا لَمْ يَكُونَا بِالْبَلَدِ الَّذِي كَاتَبَهُ فِيهِ فَإِذَا كَانَا بِالْبَلَدِ الَّذِي كَاتَبَهُ فِيهِ جُبِرَ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وَلاَ يُكَلَّفُ الْمُكَاتَبُ أَنْ يُعْطِيَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي كَاتَبَهُ فِيهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا وَرَثَةُ الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ فَيَمُوتُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِيمَا لَزِمَ الْمُكَاتَبَ لَهُ وَلَزِمَهُ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ الْأَدَاءِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَإِنْ كَانَ لاَ يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الْحَبْسِ كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْحِجَارَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لاَ يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الْحَبْسِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ بِالْبَلَدِ الَّذِي كَاتَبَهُ فِيهِ أَوْ شَرَطَ دَفْعَهُ بِهِ وَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَهُ بِبَلَدٍ غَيْرِهِ; لِأَنَّ لِحُمُولَتِهِ مُؤْنَةً وَلَيْسَ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الَّتِي لاَ مُؤْنَةَ لِحَمْلِهَا فِي هَذَا الْوَجْهِ, وَمَا كُنْت جَابِرًا عَلَيْهِ الرَّجُلَ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ أَنْ يَأْخُذَهُ جَبَرْت عَلَيْهِ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ, وَمَا لَمْ أُجْبِرْ عَلَيْهِ الرَّجُلَ لَمْ أُجْبِرْ عَلَيْهِ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ عَلَى قَبْضِهِ وَكُلُّ مَا شَكَكْت فِيهِ أَيَتَغَيَّرُ أَمْ لاَ يُسْأَلُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ كَانَ لاَ يَتَغَيَّرُ مِنْ طُولِ الْحَبْسِ فَهُوَ كَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَمَا وَصَفْت وَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ مَا يَحِلُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْأُرْزُ وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ مِمَّا يَتَغَيَّرُ فِي نَفْسِهِ بِالنَّقْصِ فَمَتَى حَلَّ مِنْ هَذَا شَيْءٌ فَتَأَخَّرَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُعَجِّزْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ, ثُمَّ قَالَ سَيِّدُهُ: لاَ أَقْبِضُهُ; لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ جُبِرَ عَلَى قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ; لِأَنَّهُ حَالٌّ, وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ قَضَاءً قَالَ: هَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إلَى الْآجَالِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ بَلَغَك فِي أَنْ يَلْزَمَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَعَجَّلَ مِنْهُ الْكِتَابَةَ إذَا تَطَوَّعَ بِهَا الْمُكَاتَبُ قَبْلَ مَحَلِّهَا؟ قِيلَ: نَعَمْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ مُكَاتَبًا لِأَنَسٍ جَاءَهُ فَقَالَ إنِّي أَتَيْت بِمُكَاتَبَتِي إلَى أَنَسٍ فَأَبَى يَقْبَلَهَا فَقَالَ: إنَّ أَنَسًا يُرِيدُ الْمِيرَاثَ, ثُمَّ أَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَقْبَلَهَا أَحْسِبُهُ قَالَ فَأَبَى فَقَالَ: آخُذُهَا فَأَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَبِلَهَا أَنَسٌ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ رَوَى شَبِيهًا بِهَذَا عَنْ بَعْضِ الْوُلاَةِ وَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ. وَالْمُكَاتَبُ الصَّحِيحُ وَالْمَعْتُوهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ, ثُمَّ عَتَقَ جُبِرَ وَلِيُّهُ عَلَى أَخْذِ مَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ نُجْبِرُ وَرَثَةَ السَّيِّدِ الْبَالِغِينَ عَلَى مَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ, وَأَوْلِيَاءُ الْمَحْجُورِينَ عَلَى ذَلِكَ. وَإِذَا تَدَاوَلَ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَلَمْ يُعَجِّزْهُ السَّيِّدُ, ثُمَّ قَالَ: أَنَا أُعَجِّزُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يُقَالَ لِلْمُكَاتَبِ: أَدِّ جَمِيعَ مَا حَلَّ عَلَيْك قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ, وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ فَهُوَ عَاجِزٌ
|