الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَكَفَلَ لَهُ بِهِ عَنْهُ رَجُلٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ كَانَتْ حَوَالَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الَّذِي أَحَالَهُ; لِأَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَهُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِيهِمَا جَمِيعًا; لِأَنَّهُ حَيْثُ قَبِلَ مِنْهُ الْكَفِيلَ فَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْ تَوَى قِبَلَ الْكَفِيلِ فَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلاً عَنْ صَاحِبِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَالُ وَكَفَلَ بِهِ آخَرُ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهُمَا وَكُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلاَ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالاً إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُطْلَقَةً فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِشَرْطٍ كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ عَلَى مَا شَرَطَ لَهُ دُونَ مَا لَمْ يَشْرِطْ لَهُ, وَلَوْ كَانَتْ حَوَالَةً فَالْحَوَالَةُ مَعْقُولٌ فِيهَا أَنَّهَا تَحَوُّلُ حَقٍّ عَلَى رَجُلٍ إلَى غَيْرِهِ فَإِذَا تَحَوَّلَتْ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ مَا تَحَوَّلَ عَنْهُ إلَّا بِتَجْدِيدِ عَوْدَتِهِ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُحِيلِ بِكُلِّ حَالٍ. وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ كَفِيلاً بِنَفْسِهِ, ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ هُمَا كَفِيلاَنِ جَمِيعًا وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ قَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ حِينَ أَخَذَ الْكَفِيلَ الْآخَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ كَفِيلاً بِنَفْسِهِ, ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلاً آخَرَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُبَرِّئْ الْأَوَّلَ فَكِلاَهُمَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ, وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِدَيْنٍ غَيْرِ مُسَمًّى فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ هُوَ لَهُ ضَامِنٌ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ; لِأَنَّهُ ضَمِنَ شَيْئًا مَجْهُولاً غَيْرَ مُسَمًّى وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَضْمَنُ مَا قَضَى لَك بِهِ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ لَك عَلَيْهِ مِنْ حَقٍّ وَمَا شَهِدَ لَكَ بِهِ الشُّهُودُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مَا قَضَى لَك بِهِ الْقَاضِي عَلَى فُلاَنٍ, أَوْ شَهِدَ لَك بِهِ عَلَيْهِ شُهُودٌ, أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِشَيْءٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُقْضَى لَهُ وَلاَ يُقْضَى لَهُ وَيَشْهَدُ لَهُ وَلاَ يَشْهَدُ لَهُ فَلاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا شَهِدَ لَهُ بِوُجُوهٍ فَلَمَّا كَانَ هَذَا هَكَذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا ضَمَانًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الضَّمَانَ بِمَا عَرَفَهُ الضَّامِنُ فَأَمَّا مَا لَمْ يَعْرِفْهُ فَهُوَ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ. وَإِذَا ضَمِنَ الرَّجُلُ دَيْنَ مَيِّتٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَسَمَّاهُ وَلَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ وَفَاءً وَلاَ شَيْئًا وَلاَ قَلِيلاً وَلاَ كَثِيرًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْكَفِيلِ; لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ تَوَى, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْكَفِيلُ ضَامِنٌ وَبِهِ يَأْخُذُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى: إنْ تَرَكَ شَيْئًا ضَمِنَ الْكَفِيلُ بِقَدْرِ مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَ تَرَكَ وَفَاءً فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا تَكَفَّلَ بِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا ضَمِنَ الرَّجُلُ دَيْنَ الْمَيِّتِ بَعْدَمَا يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ لِمَنْ هُوَ فَالضَّمَانُ لَهُ لاَزِمٌ تَرَكَ الْمَيِّتُ شَيْئًا, أَوْ لَمْ يَتْرُكْ. وَإِذَا كَفَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ كَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ; لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ وَلَيْسَ يَجُوزُ لَهُ الْمَعْرُوفُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ كَفَالَتُهُ جَائِزَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ التِّجَارَةِ. وَإِذَا أَفْلَسَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي أَحَالَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَلاَ يَتْرُكَ مَالاً, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَهُ: أَنْ يَرْجِعَ إذَا أَفْلَسَ وَبِهَذَا يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى الْحَوَالَةُ تَحْوِيلُ حَقٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَفَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِكَفَالَةٍ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ; لِأَنَّ الْكَفَالَةَ اسْتِهْلاَكُ مَالٍ لاَ كَسْبُ مَالٍ, وَإِذَا كُنَّا نَمْنَعُهُ أَنْ يَسْتَهْلِكَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا قَلَّ, أَوْ كَثُرَ فَكَذَلِكَ نَمْنَعُهُ أَنْ يَتَكَفَّلَ فَيَغْرَمَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا قَلَّ, أَوْ كَثُرَ. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلاً فِي شَيْءٍ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُوَكِّلَ بِذَلِكَ غَيْرَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ أَمَرَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِذَلِكَ غَيْرَهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَغِيبَ, أَوْ مَرِضَ فَأَمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا حَاضِرًا فَلاَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى وَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ بِخُصُومَةِ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا رَضِيَ بِخُصُومَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِوَكَالَةٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ مَرِضَ الْوَكِيلُ, أَوْ أَرَادَ الْغَيْبَةَ, أَوْ لَمْ يُرِدْهَا; لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَهُ رَضِيَ بِوَكَالَتِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِوَكَالَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ رَأَى كَانَ ذَلِكَ لَهُ بِرِضَا الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلاً بِخُصُومَةٍ وَأَثْبَتَ الْوَكَالَةَ عِنْدَ الْقَاضِي, ثُمَّ أَقَرَّ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ أَنَّ تِلْكَ الْخُصُومَةَ حَقٌّ لِصَاحِبِهِ الَّذِي يُخَاصِمُهُ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ إقْرَارُهُ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي وَشَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ وَيَخْرُجُ مِنْ الْخُصُومَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إقْرَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ غَيْرِهِ جَائِزٌ عَلَيْهِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إقْرَارُهُ بَاطِلٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِوَكَالَةٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُقِرَّ عَلَيْهِ وَلاَ يُصَالِحَ وَلاَ يُبَرِّئَ وَلاَ يَهَبَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِرَّ وَلاَ يُبَرِّئَ وَلاَ يَهَبَ وَلاَ يُصَالِحَ فَإِنْ فَعَلَ فَمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَاطِلٌ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِهِ فَلاَ يَكُونُ وَكِيلاً فِيمَا لَمْ يُوَكِّلْهُ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلاً فِي قِصَاصٍ, أَوْ حَدٍّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَكَالَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ أَقْبَلُ مِنْ الْوَكِيلِ الْبَيِّنَةَ فِي الدَّعْوَى فِي الْحَدِّ, وَالْقِصَاصِ وَلاَ أُقِيمُ الْحَدَّ وَلاَ الْقِصَاصَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُدَّعِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لاَ أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ إلَّا مِنْ الْمُدَّعِي وَلاَ أَقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَكِيلاً, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ الْوَكَالَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِطَلَبِ حَدٍّ لَهُ, أَوْ قِصَاصٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ قُبِلَتْ الْوَكَالَةُ عَلَى تَثْبِيتِ الْبَيِّنَةِ, وَإِذَا حَضَرَ الْحَدَّ, وَالْقِصَاصَ لَمْ أَحُدَّهُ وَلَمْ أَقْتَصَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَحْدُودُ لَهُ, وَالْمُقْتَصُّ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ لَهُ فَيُبْطِلُ الْحَقَّ وَيُكَذِّبُ الْبَيِّنَةَ فَيُبْطِلُ الْقِصَاصَ وَيَعْفُو. وَإِذَا كَانَتْ فِي يَدَيْ رَجُلٍ دَارٌ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَكَّلَنِي بِهَا فُلاَنٌ لِرَجُلٍ غَائِبٍ أَقُومُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ: لاَ أُصَدِّقُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ وَأَجْعَلُهُ خَصْمًا وَبِهِ يَأْخُذُ, وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّهَمًا أَيْضًا لَمْ أَقْبَلْ مِنْهُ بَيِّنَةً وَجَعَلْته خَصْمًا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشُهُودٍ أَعْرِفُهُمْ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَقْبَلُ مِنْهُ وَأُصَدِّقُهُ وَلاَ نَجْعَلُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةً, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ إذَا اتَّهَمْته سَأَلْته الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ جَعَلْته خَصْمًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ لَيْسَتْ لِي هِيَ فِي يَدِي وَدِيعَةٌ, أَوْ هِيَ عَلَيَّ بِكِرَاءٍ, أَوْ أَنَا فِيهَا وَكِيلٌ, فَمَنْ قَضَى عَلَى الْغَائِبِ سَمِعَ مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَأَحْضَرَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ فَإِنْ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ قَضَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهَا قَضَى بِهَا لِلَّذِي أَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَكَتَبَ فِي الْقَضَاءِ إنِّي قَضَيْت بِهَا وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهَا خَصْمٌ وَزَعَمَ فُلاَنٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْغَائِبِ سَأَلَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَقُولُ فَإِنْ جَاءَ بِهَا عَلَى أَنَّهَا فِي يَدَيْهِ بِكِرَاءٍ, أَوْ وَدِيعَةٍ لَمْ يَجْعَلْهُ خَصْمًا فَإِنْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ جَعَلْته خَصْمًا. (قَالَ الرَّبِيعُ) وَحِفْظِي عَنْ الشَّافِعِيِّ رحمه الله تعالى أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ. قَالَ, وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُل مَالٌ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ قَدْ وَكَّلَنِي بِقَبْضِهِ مِنْك فُلاَنٌ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ صَدَقْت, فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ أُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ أُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ وَأَقُولُ أَنْتَ أَعْلَمُ فَإِنْ شِئْت فَأَعْطِهِ وَإِنْ شِئْت فَاتْرُكْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ مَالٌ وَهُوَ عِنْدَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَكَّلَهُ بِهِ وَصَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ دَفَعَهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ رَبُّ الْمَالِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ, أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ, وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى هَذَا الَّذِي ادَّعَى الْوَكَالَةَ دَيْنًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَمْ يُجْبَرْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ, وَذَلِكَ أَنَّ إقْرَارَهُ إيَّاهُ بِهِ إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ فَلاَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلاً فِي شَيْءٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ تَثْبُتُ وَكَالَتُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مَعَهُ بِخَصْمٍ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ نَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَنُثْبِتُهَا لَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ, وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى إذَا جَاءَهُ رَجُلٌ قَدْ عَرَفَهُ يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ فَقَالَ هَذَا وَكِيلِي فِي كُلِّ حَقٍّ لِي يُخَاصِمُ فِيهِ قَبِلَ ذَلِكَ وَأَثْبَتَ وَكَالَتَهُ, وَإِذَا تَغَيَّبَ الْخَصْمُ وَكَّلَ لَهُ وَكِيلاً وَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ أَثْبَتَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَجَعَلَهُ وَكِيلاً حَضَرَ مَعَهُ خَصْمٌ, أَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَلَيْسَ الْخَصْمُ مِنْ هَذَا بِسَبِيلٍ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ لَهُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْمُوَكِّلِ, وَقَدْ تَثْبُتُ لَهُ الْوَكَالَةُ وَلاَ يَلْزَمُ الْخَصْمَ شَيْءٌ, وَقَدْ يَقْضِي لِلْخَصْمِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَتَكُونُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ إنَّمَا هِيَ شَهَادَةٌ لِلْخَصْمِ تُثْبِتُ لَهُ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلاً بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِالْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَقُولَ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا وَكَّلَهُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَبَاعَ دَارًا, أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ لِرَجُلٍ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَالْوَكَالَةُ عَلَى هَذَا غَيْرُ جَائِزَةٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ بِبَيْعِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَيُوَكِّلُهُ بِحِفْظِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لاَ غَيْرَهُ وَيُوَكِّلُهُ بِدَفْعِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لاَ غَيْرَهُ فَلَمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ وَغَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً حَتَّى يُبَيِّنَ الْوَكَالاَتِ مِنْ بَيْعٍ, أَوْ شِرَاءٍ, أَوْ وَدِيعَةٍ, أَوْ خُصُومَةٍ, أَوْ عِمَارَةٍ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَإِذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ وَكِيلاً بِالْخُصُومَةِ وَهِيَ حَاضِرَةٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ لاَ أَقْبَلُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْخَصْمُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ نَقْبَلُ ذَلِكَ وَنُجِيزُهُ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَأَقْبَلُ الْوَكَالَةَ مِنْ الْحَاضِرِ مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ, وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَكَّلَ عِنْدَ عُثْمَانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَاضِرٌ فَقَبِلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَكَانَ يُوَكِّلُ قَبْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عُقَيْلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَلاَ أَحْسِبُهُ أَنَّهُ كَانَ يُوَكِّلُهُ إلَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَلَعَلَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَقُولُ إنَّ لِلْخُصُومَةِ قَحْمًا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ, وَكَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ بِعَيْنِهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ مَا تَرَكَ الرَّجُلُ فَهُوَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْوَدِيعَةِ بِالْحِصَصِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ شَيْءٌ لاَ أَنْ يَعْرِفَ وَدِيعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَتَكُونَ لَهُ خَاصَّةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى هِيَ دَيْنٌ فِي مَالِهِ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَ الْمَوْتِ قَدْ هَلَكَتْ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا سَبِيلٌ ذَهَبَتْ فِيهِ, وَكَذَلِكَ كُلُّ مَالٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ وَدِيعَةٌ بِعَيْنِهَا, وَكَانَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَالْوَدِيعَةُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فِيهَا, وَلَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا مِثْلَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَمَا لاَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ حَاصَّ رَبُّ الْوَدِيعَةِ الْغُرَمَاءَ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمَيِّتُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ قَدْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَك; لِأَنَّهُ أَمِينٌ, وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِدَيْنٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِشُهُودٍ فِي صِحَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَفَاءٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي فِي صِحَّتِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ كَانَ لِلَّذِينَ أَقَرَّ لَهُمْ فِي الْمَرَضِ بِالْحِصَصِ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ حِينَ مَرِضَ أَنَّهُ لَيْسَ يَمْلِكُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا وَلاَ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فِيهِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ لَهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ وَاَلَّذِي أَقَرَّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ, وَالْمَرَضِ سَوَاءٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ عَلَى الرَّجُلِ دُيُونٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ بُيُوعٍ, أَوْ جِنَايَاتٍ, أَوْ شَيْءٍ اسْتَهْلَكَهُ, أَوْ شَيْءٍ أَقَرَّ بِهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصِّحَّةِ, ثُمَّ مَرِضَ فَأَقَرَّ بِحَقٍّ لِإِنْسَانٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ ويتحاصون مَعًا لاَ يُقَدَّمُ وَاحِدٌ عَلَى الْآخَرِ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إلَّا هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ, أَوْ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ إذَا مَرِضَ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ كَإِقْرَارِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَأَمَّا أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ إقْرَارَهُ يَلْزَمُهُ, ثُمَّ لاَ يُحَاصَّ بِهِ غُرَمَاؤُهُ فَهَذَا تَحَكُّمٌ, وَذَلِكَ أَنْ يَبْدَأَ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ وَإِقْرَارِ الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الْمَرَضِ بِبَيِّنَةٍ حَاصَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يُحَاصَّ, وَإِذَا فَرَّعَ الرَّجُلُ أَهْلَ دَيْنِ الصِّحَّةِ وَدَيْنِ الْمَرَضِ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ تَجُزْ لَهُ وَصِيَّةٌ وَلَمْ يُورَثْ حَتَّى يَأْخُذَ هَذَا حَقَّهُ فَهَذَا دَيْنٌ مَرَّةً يَبْدَأُ عَلَى الْمَوَارِيثِ, وَالْوَصَايَا وَغَيْرُ دَيْنٍ إذَا صَارَ لاَ يُحَاصَّ بِهِ. وَإِذَا اسْتَدَانَتْ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ أَفْرِضُ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَةَ مِثْلِهَا فِي غَيْبَتِهِ, ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لاَ شَيْءَ لَهَا وَهِيَ مُتَطَوِّعَةٌ فِيمَا أَنْفَقَتْ وَالدَّيْنُ عَلَيْهَا خَاصَّةً, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لاَ يَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةً إلَّا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ شُرَيْحٍ وَبِهَذَا يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ فَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِمَا مَضَى مُنْذُ تَرَكَ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا إلَى أَنْ أَنْفَقَ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا أَلْزَمْنَاهُ نَفَقَتَهَا وَبِعْنَا لَهَا فِي مَالِهِ, ثُمَّ يَغِيبُ عَنْهَا, أَوْ يَمْنَعُهَا النَّفَقَةَ وَلاَ نَجْعَلُ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنًا; لِأَنَّ الظُّلْمَ إذًا يَقْطَعُ الْحَقَّ الثَّابِتَ وَالظُّلْمُ لاَ يَقْطَعُ حَقًّا وَاَلَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَفْرِضُ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا فِي الْغَيْبَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ لاَ يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ إلَّا زَوْجَهَا فَإِنَّهُ يَفْرِضُ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا وَهُوَ غَائِبٌ فَيُخْرِجُهَا مِنْ مَالِهِ فَيَدْفَعُهَا إلَيْهَا فَيَجْعَلُهَا, أَوْكَدَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ مَرَّةً فِي هَذَا, ثُمَّ يَطْرَحُهَا بِغَيْبَتِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ لاَ يَطْرَحُ حَقًّا بِتَرْكِ صَاحِبِهِ الْقِيَامَ عَلَيْهِ وَيَعْجَبُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي الْحِيَازَةِ وَيَقُولُ الْحَقُّ جَدِيدٌ وَالتَّرْكُ غَيْرُ خُرُوجٍ مِنْ الْحَقِّ, ثُمَّ يَجْعَلُ الْحِيَازَةَ فِي النَّفَقَةِ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ فَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا, أَوْ يُطَلِّقُوا فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لاَ يُخَالِفُونَ الْوَاحِدَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ خَالَفُوا حُكْمَ عُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ مِنْ أَحَدٍ تَرْكَ الْقِيَاسِ, وَقَدْ تَرَكُوهُ وَقَالُوا فِيهِ قَوْلاً مُتَنَاقِضًا. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَلَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ هُوَ قِصَاصٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَكُونُ قِصَاصًا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا بِهِ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَالٌ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قِصَاصًا فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَلَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ لاَ يَخْتَلِفَانِ فِي وَزْنٍ وَلاَ عَدَدٍ, وَكَانَا حَالَّيْنِ مَعًا فَهُوَ قِصَاصٌ فَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يَكُنْ قِصَاصٌ إلَّا بِتَرَاضٍ وَلَمْ يَكُنْ التَّرَاضِي جَائِزًا إلَّا بِمَا تَحِلُّ بِهِ الْبُيُوعُ وَإِذَا أَقَرَّ وَارِثٌ بِدَيْنٍ وَفِي نَصِيبِهِ وَفَاءٌ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ يَسْتَوْفِي الْغَرِيمُ مِنْ ذَلِكَ الْوَارِثِ الْمُقِرِّ جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ نَصِيبِهِ; لِأَنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لَهُ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْن أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ فَإِنْ كَانَ هُوَ وَأَخٌ لَهُ دَخَلَ عَلَيْهِ النِّصْفُ وَإِنْ كَانُوا ثَلاَثَةً دَخَلَ عَلَيْهِ الثُّلُثُ وَالشَّاهِدُ عِنْدَهُ مِنْهُمْ وَحْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُقِرِّ وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي جَمِيعِ الْمِيرَاثِ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ كَانَ ذَلِكَ فِي أَنْصِبَائِهِمَا عَلَى مَا فَسَّرْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِلْغَرِيمِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ مِثْلَ الَّذِي كَانَ يُصِيبُهُ مِمَّا فِي يَدَيْهِ لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْآخَرُ, وَذَلِكَ النِّصْفُ مِنْ دَيْنِهِ مِمَّا فِي يَدَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ يَأْخُذُ جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ هَذَا فَمَتَى أَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ رَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْ يَدَيْهِ عَلَى الْوَارِثِ مَعَهُ فَيُقَاسِمُهُ حَتَّى يَكُونَا فِي الْمِيرَاثِ سَوَاءٌ. وَإِذَا كَتَبَ الرَّجُلُ بِقَرْضٍ فِي ذِكْرِ حَقٍّ, ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ أَصْلَهُ كَانَ مُضَارَبَةً فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ آخُذُهُ بِهِ وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَرْضِ أَصْدَقُ مِنْ دَعْوَاهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أُبْطِلُهُ عَنْهُ وَأَجْعَلُهُ عَلَيْهِ مُضَارَبَةً وَهُوَ فِيهِ أَمِينٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ لِلرَّجُلِ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ سَلَفًا, ثُمَّ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا مُقَارَضَةٌ سُئِلَ الَّذِي لَهُ السَّلَفُ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ هِيَ مُقَارَضَةٌ أَرَدْت أَنْ يَكُونَ لَهُ ضَامِنًا أَبْطَلْنَا عَنْهُ السَّلَفَ وَجَعَلْنَاهَا مُقَارَضَةً وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَذَا رَبُّ الْمَالِ وَادَّعَاهُ الْمَشْهُودُ لَهُ أَحَلَفْنَاهُ فَإِنْ حَلَفَ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا, وَكَانَ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى مِنْ شُهُودٍ شَهِدُوا لَهُ بِأَمْرٍ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا صَدَقُوا فِيهِ وَيَكُونُ أَصْلُهَا مُقَارَضَةً تَعَدَّى فِيهَا فَضَمِنَ, أَوْ يَكُونُوا كَذَبُوا. وَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ الْبَيِّنَةَ بِمَالٍ فِي ذِكْرِ حَقٍّ مِنْ شَيْءٍ جَائِزٍ فَأَقَامَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مِنْ رِبًا وَأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ كَتَبَ ذِكْرَ حَقٍّ مِنْ شَيْءٍ جَائِزٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ أَقْبَلُ مِنْهُ الْمُخْرَجَ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ثَمَنُ شَيْءٍ جَائِزٍ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَيَرُدُّهُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ الْبَيِّنَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَلْفُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مِنْ رِبًا فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَصْلِ بَيْعِ رِبَا سُئِلَ الَّذِي لَهُ الْأَلْفُ هَلْ كَانَ مَا قَالُوا مِنْ الْبَيْعِ فَإِنْ قَالُوا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بَيْعُ رِبًا قَطُّ وَلاَ لَهُ حَقٌّ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا هَذِهِ الْأَلْفُ وَهِيَ مِنْ بَيْعٍ صَحِيحٍ قَبِلْتُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَأَبْطَلْتُ الرِّبَا كَائِنًا مَا كَانَ وَرَدَدْته إلَّا رَأْسَ مَالِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ أَنْ يُقِرَّ بِهَا أَحَلَفْتَهُ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَتْ الْغَرِيمَ الْأَلْفُ وَهِيَ فِي مِثْلِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا; لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَرْبَى عَلَيْهِ فِي الْأَلْفِ وَيَكُونَ لَهُ أَلْفٌ غَيْرُهَا. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِمَالٍ فِي ذِكْرِ حَقٍّ مِنْ بَيْعٍ, ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَتَشْهَدُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِقَبْضِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ الْمَالُ لَهُ لاَزِمٌ وَلاَ أَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ حَتَّى يَأْتِيَ الطَّالِبُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْمَتَاعَ الَّذِي بِهِ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْحَقِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله أَسْأَلُ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ أَبِعْت هَذَا؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَأَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّك قَدْ وَفَّيْته مَتَاعَهُ فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ لَمْ أَبِعْهُ شَيْئًا لَزِمَهُ الْمَالُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذَا جَاءَ بِذِكْرِ حَقٍّ وَبَيِّنَةٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ, أَوْ مَا كَانَ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إنَّهُ بَاعَنِي هَذَا الْمَتَاعَ وَلَمْ أَقْبِضْهُ كَلَّفْت الَّذِي لَهُ الْحَقُّ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ, أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَحَلَفْت الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ مَا قَبَضْت الْمَتَاعَ الَّذِي هَذِهِ الْأَلْفُ ثَمَنُهُ, ثُمَّ أَبْرَأْته مِنْ هَذِهِ الْأَلْفِ, وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَشْتَرِي مِنْ الرَّجُلِ الشَّيْءَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ بِتَسْلِيمِ الْبَائِعِ مَا اشْتَرَى مِنْهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ بِهَلاَكِ الشَّيْءِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ دَافِعًا لِلثَّمَنِ إلَّا بِأَنْ يَدْفَعَ السِّلْعَةَ إلَيْهِ, وَلَوْ كَانَ الَّذِي لَهُ الْأَلْفُ أَتَى بِذِكْرِ حَقٍّ وَبِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ اشْتَرَاهُ مِنْهُ, ثُمَّ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لَمْ أَقْبِضْهُ سُئِلَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنْ قَالَ هَذِهِ الْأَلْفُ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بِعْته إيَّاهُ وَقَبَضَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهُ, وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَإِنْ قَالَ قَدْ أَقَرَّ لِي بِالْأَلْفِ فَخُذْهُ لِي بِإِقْرَارِهِ أَخَذْته لَهُ بِهِ وَأَحْلَفْتُهُ عَلَى دَعْوَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَجَاءَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْهِ بِالْأَلْفِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ شَهَادَةَ لَهُمَا; لِأَنَّهُمَا قَدْ اخْتَلَفَا, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُجِيزُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَقْضِي بِهَا لِلطَّالِبِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ كَانَتْ الْأَلْفُ جَائِزَةً فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا وَإِنَّمَا أَجَازَ هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ; لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَدْ سَمَّى الشَّاهِدَانِ جَمِيعًا أَلْفًا وَقَالَ الْآخَرُ خَمْسَمِائَةٍ فَصَارَتْ هَذِهِ مَفْصُولَةً مِنْ الْأَلْفِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَجَاءَ عَلَيْهِ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ لَهُ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ, وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ سَأَلْتهمَا فَإِنْ زَعَمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا بِهَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ, أَوْ زَعَمَ الَّذِي شَهِدَ بِأَلْفٍ أَنَّهُ شَكَّ فِي الْأَلْفَيْنِ وَأَثْبَتَ الْأَلْفَ فَقَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْأَلْفُ بِشَاهِدَيْنِ إنْ أَرَادَ أَخَذَهَا بِلاَ يَمِينٍ وَإِنْ أَرَادَ الْأَلْفَ الْأُخْرَى الَّتِي لَهُ عَلَيْهَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ أَخَذَهَا بِيَمِينٍ مَعَ شَاهِدٍ وَإِنْ كَانَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الَّذِي شَهِدَ بِالْأَلْفَيْنِ شَهِدْت بِهِمَا عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ قَبَضَهُ وَقَالَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ شَهِدْت بِهَا عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ ثِيَابٍ قَبَضَهَا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَصْلَ الْحَقَّيْنِ مُخْتَلِفٌ فَلاَ يَأْخُذُ إلَّا بِيَمِينٍ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَهُمَا وَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ إذَا ادَّعَى مَا قَالاَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَسَوَاءٌ أَلْفَيْنِ, أَوْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ. وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ فِي دَيْنٍ, أَوْ شِرَاءٍ, أَوْ بَيْعٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ شَاهِدٍ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ وَلاَ يُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا شَاهِدَانِ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله تعالى عنه وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَقْبَلُ شَهَادَةَ شَاهِدٍ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ شُرَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ لَمْ أَقْبَلْ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ إلَّا شَهَادَةَ شَاهِدَيْنِ مَعًا (قَالَ الرَّبِيعُ) مِنْ قِبَلِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا الْحَاكِمُ إلَّا بِشَاهِدٍ آخَرَ فَلَمَّا شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ كَانَا إنَّمَا جَرَّا إلَى أَنْفُسِهِمَا إجَازَةَ شَهَادَتِهِمَا الْأُولَى الَّتِي أَبْطَلَهَا الْحَاكِمُ فَلَمْ نُجِزْ إلَّا شَهَادَةَ شَاهِدَيْنِ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى دَارٍ أَنَّهَا لِفُلاَنٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلاَءِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إذَا قَالُوا لاَ نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلاَءِ حَتَّى يُثْبِتُوا ذَلِكَ فَيَقُولُوا لاَ وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُمْ. وَإِذَا وَارِثٌ غَيْرُهُمْ بِبَيِّنَةٍ أَدْخَلَهُ مَعَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ وَلَمْ تَبْطُلْ شَهَادَةُ الْأَوَّلَيْنِ فِي قَوْلِهِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله عنه وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارُ فُلاَنٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لاَ يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا إلَّا فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ بِهِ قُضِيَ لَهُمَا بِالْمِيرَاثِ وَإِنْ جَاءَ وَرَثَةٌ غَيْرُهُمْ أَدْخَلْتهمْ عَلَيْهِمْ, وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ أَهْلُ وَصِيَّةٍ, أَوْ دَيْنٍ فَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ بِالْمَيِّتِ احْتَاطَ الْقَاضِي فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ قَدْ بَلَغَنَا فَإِنَّا لاَ نَقْسِمُ الْمِيرَاثَ حَتَّى نَعْلَمَ كَمْ هُمْ فَنَقْسِمَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ تَطَاوَلَ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ دَعَا الْقَاضِي الْوَارِثَ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَمْ يُجْبِرْهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِكَفِيلٍ, وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ لاَ وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُمْ قَبِلْته عَلَى مَعْنَى لاَ نَعْلَمُ, وَلَوْ قَالُوا ذَلِكَ عَلَى الْإِحَاطَةِ لَمْ يَكُنْ هَذَا صَوَابًا مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا رَدَّ شَهَادَتَهُمْ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْبَتِّ تُؤَوَّلُ إلَى الْعِلْمِ. , وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى زِنًا قَدِيمٍ, أَوْ سَرِقَةٍ قَدِيمَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ يَدْرَأُ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ وَيَقْضِي بِالْمَالِ وَيَنْظُرُ فِي الْمَهْرِ لِأَنَّهُ قَدْ وَطِئَ فَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْحَدَّ بِالْوَطْءِ فَلاَ بُدَّ مِنْ مَهْرٍ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ أَيُّمَا قَوْمٍ شَهِدُوا عَلَى حَدٍّ لَمْ يَشْهَدُوا عِنْدَ حَضْرَةِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا شَهِدُوا عَلَى ضِغْنٍ فَلاَ شَهَادَةَ لَهُمْ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ وَأُمْضِي الْحَدَّ فَأَمَّا السَّكْرَانُ فَإِنْ أَتَى بِهِ وَهُوَ غَيْرُ سَكْرَانَ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أُخِذَ وَهُوَ سَكْرَانُ فَلَمْ يَرْتَفِعْ إلَى الْوَالِي حَتَّى ذَهَبَ السُّكْرُ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ فِي يَدَيْ الشَّرْطِ, أَوْ عَامِلِ الْوَالِي فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى حَدٍّ لِلَّهِ, أَوْ لِلنَّاسِ, أَوْ حَدٍّ فِيهِ شَيْءٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِلنَّاسِ مِثْلُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَثْبَتُوا الشَّهَادَةَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنَّهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي حَالٍ يَعْقِلُ فِيهَا أُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدُّ ذَلِكَ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يُحْدِثَ بَعْدَهُ تَوْبَةً فَيَلْزَمُهُ مَا لِلنَّاسِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا لِلَّهِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُحَارَبِينَ: {إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} الآيَةَ. فَمَا كَانَ مِنْ حَدٍّ لِلَّهِ تَابَ صَاحِبه مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ وَالتَّوْبَةُ مِمَّا كَانَ ذَنْبًا بِالْكَلاَمِ مِثْلُ الْقَذْفِ وَمَا أَشْبَهَهُ الْكَلاَمُ بِالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ وَالنُّزُوعِ عَنْهُ وَالتَّوْبَةُ مِمَّا كَانَ ذَنْبًا بِالْفِعْلِ مِثْلَ الزِّنَا وَمَا أَشْبَهَهُ فَبِتَرْكِ الْفِعْلِ مُدَّةً يُخْتَبَرُ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّيْءِ بِتَرْكِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ فِيهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ تَابَ; لِأَنَّ الَّذِي جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَرَّ بِالْحَدِّ لَمْ يَأْتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا تَائِبًا, وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِ وَلَيْسَ طَرْحُ الْحُدُودِ الَّتِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا فِي الْمُحَارَبِينَ خَاصَّةً فَأَمَّا مَا كَانَ لِلْآدَمِيِّينَ فَإِنَّهُمْ إنْ كَانُوا قَتَلُوا فَأَوْلِيَاءُ الدَّمِ مُخَيَّرُونَ فِي قَتْلِهِمْ, أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ, أَوْ أَنْ يَعْفُوَا وَإِنْ كَانُوا أَخَذُوا الْمَالَ أُخِذَ مِنْهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ فَادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ وَقَالَ أَنَا أَجْرَحُهُمْ وَأُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ اُسْتُؤْجِرُوا وَأَنَّهُمْ قَوْمٌ فُسَّاقٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ أَقْبَلُ الْجَرْحَ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقْبَلُهُ فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ, أَوْ شَرِيكٍ, أَوْ عَبْدٍ فَهُمَا يَقْبَلاَنِ فِي هَذَا الْجَرْحِ جَمِيعًا وَحِفْظِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدُ يُقْبَلُ الْجُرْحُ إذَا شَهِدَ مَنْ أَعْرِفُهُ وَأَثِقُ بِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله عنه وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الرَّجُلِ بِشَهَادَةٍ فَعَدَلُوا انْبَغَى لِلْقَاضِي أَنْ يُسَمِّيَهُمْ وَمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيُمَكِّنَهُ مِنْ جَرْحِهِمْ فَإِنْ جَاءَ بِجَرْحَتِهِمْ قَبِلَهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَمْضَى عَلَيْهِ الْحَقَّ وَيَقْبَلُ فِي جَرْحَتِهِمْ أَنْ يَكُونُوا لَهُ مُهَاجِرِينَ فِي الْحَالِ الَّتِي شَهِدُوا فِيهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانُوا عُدُولاً وَيَقْبَلُ جَرْحَتَهُمْ بِمَا تُجْرَحُ بِهِ الشُّهُودُ مِنْ الْفِسْقِ وَغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ الشُّهُودُ عَلَى جَرْحَتِهِمْ وَلاَ يَقْبَلُ مِنْهُمْ الْجَرْحَةَ إلَّا بِأَنْ يُبَيِّنُوا مَا يُجْرَحُونَ بِهِ مِمَّا يَرَاهُ هُوَ جَرْحًا فَإِنَّ مِنْ الشُّهُودِ مَنْ يُجْرَحُ بِالتَّأْوِيلِ وَبِالْأَمْرِ الَّذِي لاَ جَرْحَ فِي مِثْلِهِ فَلاَ يُقْبَلُ حَتَّى يُثْبِتُوا مَا يَرَاهُ هُوَ جَرْحًا كَانَ الْجَارِحُ مَنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ فِي فِقْهٍ, أَوْ فَضْلٍ وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيُّ لِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ, أَوْ صَدَقَةٍ فِي دَارٍ, أَوْ هِبَةٍ, أَوْ شِرَاءٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَشَهِدَ الْوَصِيُّ لِمَنْ لاَ يَلِي أَمْرَهُ مِنْ وَارِثٍ كَبِيرٍ رَشِيدٍ, أَوْ أَجْنَبِيٍّ, أَوْ وَارِثٍ يَلِيهِ غَيْرُ الْوَصِيِّ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ تُرَدُّ لَهُ, وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ لِمَنْ لاَ يَلِي أَمْرَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ, وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيُّ عَلَى غَيْرِ الْمَيِّتِ لِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ بِشَيْءٍ لَهُ خَاصَّةً فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ لِمَنْ لاَ يَلِي أَمْرَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ عَلَى حَقِّهِ وَشَهِدَ هُوَ وَآخَرُ عَلَى وَصِيَّةٍ وَدَيْنٍ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ شَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْغَرِيمَ يَضُرُّ نَفْسَهُ بِشَهَادَتِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ, وَإِذَا شَهِدَ أَصْحَابُ الْوَصَايَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَمْ تَجُزْ; لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَصْحَابُ الْوَصَايَا, وَالْغُرَمَاءُ سَوَاءٌ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَيِّتٍ, ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ مَعَهُ لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ وَلاَ شَيْءَ فِيهَا مِمَّا تُرَدُّ لَهُ إنَّمَا تُرَدُّ بِأَنْ يَجُرَّا إلَى أَنْفُسِهِمَا بِهَا وَهَذَانِ لَمْ يَجُرَّا إلَى أَنْفُسِهِمَا بِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا شَهِدَ أَصْحَابُ الْوَصَايَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَمْ يَجُزْ; لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ. وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهَا, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ شُرَيْحٍ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ شَهَادَتُهُ لَهَا جَائِزَةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه تُرَدُّ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِوَالِدَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَإِنْ يُعَدُّوا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَلاَ تُرَدُّ لِأَحَدٍ سِوَاهُمْ زَوْجَةٌ وَلاَ أَخٌ وَلاَ عَمٌّ وَلاَ خَالٌ. وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى شَهَادَةٍ وَهُوَ صَحِيحُ الْبَصَرِ, ثُمَّ عَمِيَ فَذَهَبَ بَصَرُهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ تِلْكَ إذَا شَهِدَ بِهَا بَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه رَدُّ شَهَادَةَ أَعْمَى شَهِدَ عِنْدَهُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ إذَا كَانَ شَيْءٌ لاَ يَحْتَاجُ أَنْ يَقِفَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ وَهُوَ بَصِيرٌ, ثُمَّ أَدَّى الشَّهَادَةَ وَهُوَ أَعْمَى جَازَتْ شَهَادَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الشَّهَادَةِ السَّمْعُ, وَالْبَصَرُ وَكِلاَهُمَا كَانَ فِيهِ يَوْمَ شَهِدَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لَيْسَا فِيهِ يَوْمَ يَشْهَدُ قِيلَ إنَّمَا احْتَجْنَا إلَى الشَّهَادَةِ يَوْمَ كَانَتْ فَأَمَّا يَوْمَ تُقَامُ فَإِنَّمَا هِيَ تُعَادُ بِحُكْمِ شَيْءٍ قَدْ أَثْبَتَهُ بَصِيرًا, وَلَوْ رَدَدْنَاهَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَصِيرًا لِأَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ حِينَ يَشْهَدُ لَزَمَنَا أَنْ لاَ نُجِيزَ شَهَادَةَ بَصِيرٍ عَلَى مَيِّتٍ وَلاَ عَلَى غَائِبٍ; لِأَنَّ الشَّاهِدَ لاَ يَرَى الْمَيِّتَ وَلاَ الْغَائِبَ وَاَلَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ لاَ يُجِيزُ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الْعَمَى, وَقَدْ أَثْبَتَهَا بَصِيرًا يُجِيزُ شَهَادَةَ الْبَصِيرِ عَلَى الْمَيِّتِ, وَالْغَائِبِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مُقَامٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ فِي هَذَا وَبِهِ يَأْخُذُ بَلَغَنَا: {عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ أَتَاهُ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا فَرَدَّهُ, ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ فَرَدَّهُ, ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ فَرَدَّهُ, ثُمَّ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ فَسَأَلَ قَوْمَهُ هَلْ تُنْكِرُونَ مِنْ عَقْلِهِ شَيْئًا قَالُوا لاَ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ} وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ إذَا أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مُقَامٍ وَاحِدٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالزِّنَا وَوَصَفَهُ الصِّفَةَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَدَّ فِي مَجْلِسٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَسَوَاءٌ هُوَ وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ إنْ كُنَّا إنَّمَا احْتَجْنَا إلَى أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قِيَاسًا عَلَى أَرْبَعَةِ شُهُودٍ فَاَلَّذِي لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ فِي أَرْبَعِ مَرَّاتٍ فِي مُقَامٍ وَاحِدٍ وَأَقَامَهَا عَلَيْهِ فِي أَرْبَعِ مَرَّاتٍ فِي مَقَامَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ تَرَكَ أَصْلَ قَوْلِهِ; لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الشُّهُودَ الْأَرْبَعَةَ لاَ يُقْبَلُونَ إلَّا فِي مُقَامٍ وَاحِدٍ (قَالَ): وَلَوْ تَفَرَّقُوا حَدَّهُمْ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ الْإِقْرَارَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مُقَامٍ أَثْبَتَ مِنْهُ فِي أَرْبَعَةِ مَقَامَاتٍ فَإِنْ قَالَ إنَّمَا أَخَذْت بِحَدِيثِ مَاعِزٍ فَلَيْسَ حَدِيثُ مَاعِزٍ كَمَا وَصَفَ, وَلَوْ كَانَ كَمَا وَصَفَ أَنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ فِي أَرْبَعَةِ أَمْكِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَا كَانَ قَبُولُ إقْرَارِهِ فِي مَجْلِسٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ خِلاَفًا لِهَذَا; لِأَنَّا لَمْ نَنْظُرْ إلَى الْمَجَالِسِ إنَّمَا نَظَرْنَا إلَى اللَّفْظِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالاَ جَمِيعًا وَإِقْرَارُهُ مَرَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ يُوجِبُ الْحَدَّ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ حَتَّى يُرْجَمَ, أَلاَ تَرَى إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا} وَحَدِيثُ مَاعِزٍ يَدُلُّ حِينَ سَأَلَ أَبِهِ جُنَّةٌ أَنَّهُ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِإِنْكَارِ عَقْلِهِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالزِّنَا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ لاَ يَرَى ذَلِكَ شَيْئًا وَلاَ يَحُدُّهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِذَلِكَ أَحُدُّهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله عنه وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ بِالزِّنَا فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لاَ يَرْجُمَهُ حَتَّى يُقِرَّ عِنْدَهُ, وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقِرَّ عِنْدَهُ وَيَقْضِي بِرَجْمِهِ فَيَرْجِعُ فَيَقْبَلُ رُجُوعَهُ فَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْقَوْلِ فِي الْإِقْرَارِ هَكَذَا لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَرْجُمَهُ حَتَّى يُقِرَّ عِنْدَهُ وَيَنْبَغِي إذَا بَعَثَ بِهِ لِيُرْجَمَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ مَتَى رَجَعَ فَاتْرُكُوهُ بَعْدَ وُقُوعِ الْحِجَارَةِ وَقَبْلَهَا وَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَاعِزٍ: {فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ} إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الْحِجَارَةِ. وَإِذَا رَجَعَ الرَّجُلُ عَنْ شَهَادَتِهِ بِالزِّنَا, وَقَدْ رُجِمَ صَاحِبُهُ بِهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ يُضْرَبُ الْحَدُّ وَيَغْرَمُ رُبُعَ الدِّيَةِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَقْتُلُهُ فَإِنْ رَجَعُوا أَرْبَعَتُهُمْ قَتَلْتهمْ وَلاَ نُغَرِّمُهُمْ الدِّيَةَ فَإِنْ رَجَعَ ثَلاَثَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى: ضُرِبُوا الْحَدَّ وَغَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبُعَ الدِّيَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَرُجِمَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رُجُوعِهِ فَإِنْ قَالَ عَمَدْت أَنْ أَشْهَدَ بِزُورٍ قَالَ لَهُ الْقَاضِي عَلِمْت أَنَّك إذَا شَهِدْت مَعَ غَيْرِك قُتِلَ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ دَفَعَهُ إلَى, أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا فَإِنْ قَالُوا نَتْرُكُ الْقَتْلَ وَنَأْخُذُ الدِّيَةَ كَانَ لَهُمْ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ فِي هَذَا كُلِّهِ وَإِنْ قَالَ شَهِدْت وَلاَ أَعْلَمُ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ, أَوْ غَيْرُهُ أُحْلِفَ مَا عَمَدَ الْقَتْلَ, وَكَانَ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ, وَالْحَدُّ وَهَكَذَا الشُّهُودُ مَعَهُ كُلُّهُمْ إذَا رَجَعُوا. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى عَبْدٍ وَحَلُّوهُ وَوَصَفُوهُ وَهُوَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَكَتَبَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ أَقْبَلُ ذَلِكَ وَلاَ أَدْفَعُ إلَيْهِ الْعَبْدَ; لِأَنَّ الْحِلْيَةَ قَدْ تُوَافِقُ الْحِلْيَةَ وَهُوَ يَنْتَفِعُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ إلَى الْقَاضِي الَّذِي كَتَبَ لَهُ أَرَأَيْت لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً جَمِيلَةً وَالرَّجُلُ غَيْرُ أَمِينٍ أَكُنْت أَبْعَثُ بِهَا مَعَهُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَخْتِمُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ وَيَأْخُذُ مِنْ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ كَفِيلاً, ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا جَاءَهُ الْعَبْدُ, وَالْكِتَابُ الثَّانِي دَعَا الشُّهُودَ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ عَبْدُهُ أَبْرَأَ كَفِيلَهُ وَقَضَى بِالْعَبْدِ أَنَّهُ لَهُ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا إلَى الْقَاضِي الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْكَفِيلَ حَتَّى يُبَرِّئَ كَفِيلَهُ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِرَجُلٍ عَلَى دَابَّةٍ غَائِبَةٍ فَوَصَفُوهَا وَحَلُّوهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يُكَلِّفَ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَنْ يَدْفَعَهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحِلْيَةَ قَدْ تُشْبِهُ الْحِلْيَةَ, وَإِذَا خَتَمَ الْقَاضِي الَّذِي هُوَ بِبَلَدِهِ فِي عُنُقِهَا وَبَعَثَ بِهَا إلَى الْقَاضِي الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ فَقَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدَيْهِ وَلَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْ ضَمَانِهَا وَيَقْطَعْ عَنْهُ مَنْفَعَتَهَا إلَى الْبَلَدِ الَّذِي تَصِيرُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ عَلَيْهِ الشُّهُودَ, أَوْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ فَرُدَّتْ إلَيْهِ كَانَ قَدْ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا عَنْهُ وَلَمْ يُعْطِ لَهَا إجَارَةً عَوَّضَتْ تَلَفًا غَيْرَ مَضْمُونٍ لَهُ, وَلَوْ جَعَلَ ضَمَانَهَا مِنْ الْمَدْفُوعَةِ لَهُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ كِرَاءَهَا فِي مَغِيبِهَا إنْ رُدَّتْ كَانَ قَدْ أُلْزِمَ ضَمَانَهَا وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمُتَعَدِّي وَهَذَا لَمْ يَتَعَدَّ وَإِنَّمَا ذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرُهُ مِمَّنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ إلَى أَنْ قَالَ لاَ سَبِيلَ إلَى أَخْذِ هَذِهِ الدَّابَّةِ إلَّا بِأَنْ يُؤْتَى بِهَا إلَى الشُّهُودِ, أَوْ يَذْهَبَ بِالشُّهُودِ إلَيْهَا وَلَيْسَ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يُكَلَّفُوا الذَّهَابَ مِنْ بُلْدَانِهِمْ, وَالْإِتْيَانُ بِالدَّابَّةِ أَخَفُّ وَلِرَبِّ الدَّابَّةِ فِي الدَّابَّةِ مِثْلُ مَا لِلشُّهُودِ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ أَنْ لاَ يُكَلَّفَ الْخُرُوجَ بِشَيْءٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ وَهَكَذَا الْعَبْدُ مِثْلُ الدَّابَّةِ وَجَمِيعُ الْحَيَوَانِ. وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ شَهَادَةً بِعَدْلٍ بِمَكَّةَ وَكَتَبَ بِهَا قَاضِي مَكَّةَ إلَى قَاضِي مِصْرٍ فِي مِصْرٍ غَيْرِ مِصْرِهِ بِالشَّهَادَةِ وَزَكَّى هُنَاكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى قَاضِي الْكُوفَةِ فَشَهِدَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ فَاسِقٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ شَهَادَتُهُمْ لاَ تُقْبَلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَاسِقٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه لاَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ غَابَ عَنْ الْكُوفَةِ سِنِينَ فَلاَ يَدْرِي مَا أَحْدَثَ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَابَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله عنه: وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلاَنِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ بِشَهَادَةٍ فَعَدَلاَ بِمَكَّةَ وَكَتَبَ قَاضِي مَكَّةَ إلَى قَاضِي مِصْرَ فَسَأَلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَاضِي مِصْرَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِشُهُودٍ عَلَى جَرْحِهِمَا فَإِنْ كَانَ جَرَحَهُمَا بِعَدَاوَةٍ, أَوْ ظِنَّةٍ, أَوْ مَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَةُ الْعَدْلِ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَرَدَّهُمَا عَنْهُ وَإِنْ جَرَحَهُمَا بِسُوءِ حَالٍ فِي أَنْفُسِهِمَا نَظَرَ إلَى الْمُدَّةِ الَّتِي قَدْ زَايَلاَ فِيهَا مِصْرَ وَصَارَا بِهَا إلَى مَكَّةَ فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةٌ تَتَغَيَّرُ الْحَالُ فِي مِثْلِهَا التَّغَيُّرُ الَّذِي لَوْ كَانَا بِمِصْرِهِمَا مَجْرُوحَيْنِ فَتَغَيَّرَا إلَيْهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى الْجُرْحِ; لِأَنَّ الْجُرْحَ مُتَقَدِّمٌ, وَقَدْ حَدَثَتْ لَهُمَا حَالٌ بَعْدَ الْجُرْحِ صَارَا بِهَا غَيْرَ مَجْرُوحَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَتَتْ عَلَيْهِمَا مُدَّةٌ تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَتُهُمَا إذَا تَغَيَّرَا قَبِلَ عَلَيْهِمَا الْجَرْحَ, وَكَانَ أَهْلُ بَلَدِهِمَا أَعْلَمَ بِهِمَا مِمَّنْ عَدَلَهُمَا غَرِيبًا, أَوْ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِمَا; لِأَنَّ الْجُرْحَ أَوْلَى مِنْ التَّعْدِيلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ} (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ عَدْلاَنِ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ, ثُمَّ لَمْ أَعْلَمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُخَالِفًا فِي أَنَّ هَذَا مَعْنَى الآيَةِ, وَإِذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الشَّهَادَةَ لاَ تَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعٍ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ بَالِغَيْنِ وَأَنَّ عَبْدًا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عَدْلاً لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهُ نَاقِصُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ فَإِذَا زَعَمُوا هَذَا فَنَقْصُ الْإِسْلاَمِ أَوْلَى أَنْ لاَ تَجُوزَ مَعَهُ الشَّهَادَةُ مِنْ نَقْصِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي جَمَعَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَ الْخِصَالَ حَتْمٌ أَنْ لاَ يَجُوزَ مِنْ الشُّهُودِ إلَّا مَنْ كَانَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمُجْتَمِعَةُ فَقَدْ خَالَفُوا مَا زَعَمُوا مِنْ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ حِينَ أَجَازُوا شَهَادَةَ كَافِرٍ بِحَالٍ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا دَلاَلَةٌ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَانِعَةٍ أَنْ يَجُوزَ غَيْرُ مَنْ جَمَعَ هَذِهِ الشُّرُوطَ الْأَرْبَعَةَ فَقَدْ ظَلَمُوا مَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ, وَقَدْ سَأَلْتهمْ فَكَانَ أَعْلَى مَنْ زَعَمُوا أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ. شُرَيْحٍ, وَقَدْ أَجَازَ شُرَيْحٌ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ فَقَالَ لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَتُجِيزُ عَلَيَّ شَهَادَةَ عَبْدٍ؟ فَقَالَ قُمْ فَكُلُّكُمْ سَوَاءٌ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخَالِفُ شُرَيْحًا لِقَوْلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ فِي الآيَةِ شَرْطَ الْحُرِّيَّةِ فَلَيْسَ فِي الآيَةِ بِعَيْنِهَا بَيَانُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا وَفِي الآيَةِ بَيَانُ شَرْطِ الْإِسْلاَمِ فَلِمَ وَافَقَ شُرَيْحًا مَرَّةً وَخَالَفَهُ أُخْرَى, وَقَدْ كَتَبْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ ذَكَرٍ وَلاَ أُنْثَى فِي شَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا لِأَحَدٍ وَلاَ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلاً حُرًّا مُسْلِمًا عَدْلاً وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِمِّيٍّ وَلاَ مَنْ خَالَفَ مَا وَصَفْنَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ النَّصَارَى وَشَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ النَّصَارَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ جَائِزٌ; لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لاَ يُجِيزُ ذَلِكَ وَيَقُولُ; لِأَنَّهُمَا مِلَّتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ, وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُوَرِّثُ الْيَهُودِيَّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيَّ مِنْ الْيَهُودِيِّ وَيَقُولُ أَهْلُ الْكُفْرِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لاَ يُوَرِّثُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا تَحَاكَمَ أَهْلُ الْمِلَلِ إلَيْنَا فَحَكَمْنَا بَيْنَهُمْ لَمْ يُوَرِّثْ مُسْلِمًا مِنْ كَافِرٍ وَلاَ كَافِرًا مِنْ مُسْلِمٍ وَوَرَّثْنَا الْكُفَّارَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَنُوَرِّثُ الْيَهُودِيَّ النَّصْرَانِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ الْيَهُودِيَّ وَنَجْعَلُ الْكُفْرَ مِلَّةً وَاحِدَةً كَمَا جَعَلْنَا الْإِسْلاَمَ مِلَّةً; لِأَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا هُوَ إيمَانٌ, أَوْ كُفْرٌ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ قَاضِي الْكُوفَةِ عَلَى عَبْدٍ وَحَلُّوهُ وَوَصَفُوهُ أَنَّهُ لِرَجُلٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى قَالَ لاَ أَكْتُبُ لَهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى أَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْعَبْدُ فَيَجْمَعُ الْقَاضِي الَّذِي الْعَبْدُ فِي بَلَدِهِ بَيْنَ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ وَبَيْنَ الَّذِي عِنْدَهُ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَبْدُ حُجَّةٌ وَإِلَّا بَعَثَ بِالْعَبْدِ مَعَ الرَّجُلِ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا فِي عُنُقِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلاً بِقِيمَتِهِ وَيَكْتُبُ إلَى الْقَاضِي بِجَوَابِ كِتَابِهِ بِذَلِكَ فَيَجْمَعُ قَاضِي الْكُوفَةِ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ, ثُمَّ يَرُدَّهُ مَعَ الَّذِي جَاءَ بِهِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ, ثُمَّ يُمْضِيَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَيَبْرَأَ كَفِيلُهُ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى مَا لَمْ تَجِئْ تُهْمَةٌ, أَوْ أَمْرٌ يَسْتَرِيبُهُ مِنْ الْغُلاَمِ. وَإِذَا سَافَرَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ فَحَضَرَهُ الْمَوْتُ فَأَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا وَبِهِ يَأْخُذُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُول ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا سَافَرَ الْمُسْلِمُ فَأَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ ذِمِّيَّيْنِ لَمْ نَقْبَلْهُمَا لِمَا وَصَفْنَا مِنْ شَرْطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الشُّهُودِ, وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى لاَ يَرَى عَلَى شَاهِدٍ الزُّورَ تَعْزِيرًا غَيْرَ أَنَّهُ يَبْعَثُ بِهِ إلَى سُوقِهِ إنْ كَانَ سُوقِيًّا وَإِلَى مَسْجِدِ قَوْمِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ فَيَقُولُ الْقَاضِي يُقْرِئُكُمْ السَّلاَمَ وَيَقُولُ إنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ وَحَذَّرُوهُ النَّاسَ وَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ شُرَيْحٍ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَلاَ يَبْعَثُ بِهِ وَيَضْرِبُهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله أُعَزِّرُهُ وَلاَ أَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَيُطَافُ بِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبْلُغُ بِهِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِأَنْ قَدْ شَهِدَ بِزُورٍ, أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي يَقِينًا أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ بِزُورٍ عَزَّرَهُ وَلاَ يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعِينَ وَيُشَهِّرُ بِأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَقَّفَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَبِيلَةِ وَقَّفَهُ فِي قَبِيلَتِهِ وَإِنْ كَانَ سُوقِيًّا وَقَّفَهُ فِي سُوقِهِ وَقَالَ إنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاعْرِفُوهُ وَاحْذَرُوهُ, وَإِذَا أَمْكَنَ بِحَالٍ أَنْ لاَ يَكُونَ شَاهِدَ زُورٍ, أَوْ شُبِّهَ عَلَيْهِ بِمَا يَغْلَطُ بِهِ مِثْلُهُ قِيلَ لَهُ لاَ تُقْدِمْنَ عَلَى شَهَادَةٍ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتٍ وَلَمْ يُعَزِّرْهُ, وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَأَكْذَبَهُمَا الْمَشْهُودُ لَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا; لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ فِي شَهَادَتِهِمَا وَلَمْ يُعَزَّرَا وَلاَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّا لاَ نَدْرِي أَيُّهُمَا الْكَاذِبُ فَأَمَّا الْأَوَّلاَنِ فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا صَادِقَيْنِ وَاَلَّذِي أَكْذَبَهُمَا كَاذِبٌ فَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَصْدُقَ أَحَدُهُمَا وَيَكْذِبَ الْآخَرُ لَمْ يُعَزَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لاَ نَدْرِي أَيُّهُمَا الْكَاذِبُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ رَجُلاَنِ لِرَجُلٍ بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى لَمْ يُعَزَّرَا; لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَادِقَيْنِ, وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الْمَوْطِنِ الَّذِي شَهِدَا فِيهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ نُعَزِّرُهُمَا وَيَقُولُ لِأَنِّي لاَ أَدْرِي أَيُّهُمَا الصَّادِقُ مِنْ الْكَاذِبِ إذَا كَانَا شَهِدَا عَلَى فِعْلٍ فَإِنْ كَانَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ لاَ أَدْرِي لَعَلَّهُمَا صَادِقَانِ جَمِيعًا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِقْرَارِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَرُدُّ الشَّاهِدَيْنِ وَرُبَّمَا ضَرَبَهُمَا وَعَاقَبَهُمَا, وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَفَ الْمُدَّعِي الشَّاهِدَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فَشَهِدَا بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ لاَ نَضْرِبُهُمَا وَنَتَّهِمُ الْمُدَّعِي عَلَيْهِمَا, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رُبَّمَا عَزَّرَهُمَا وَضَرَبَهُمَا وَرُبَّمَا لَمْ يَفْعَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله عنه لاَ نُعَزِّرُهُمَا إذَا أَمْكَنَ صِدْقُهُمَا, وَإِذَا لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ فِي الشَّاهِدِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ يُسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يُسْأَلُ عَنْهُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله لاَ يُجِيزُ شَهَادَةَ الصِّبْيَان بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُجِيزُ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَلاَ يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَةَ شَاهِدٍ حَتَّى يَعْرِفَ عَدْلَهُ طَعَنَ فِيهِ الْخَصْمُ, أَوْ لَمْ يَطْعَنْ وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ وَلاَ غَيْرِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا وَلاَ بَعْدَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا; لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ شَرْطِ اللَّهِ الَّذِي شَرَطَهُ فِي قَوْلِهِ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ} وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَخَالَفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَقَالَ نُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ إذَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَشْبَهَ بِالْقُرْآنِ, وَالْقِيَاسِ لاَ أَعْرِفُ شَاهِدًا يَكُونُ مَقْبُولاً عَلَى صَبِيٍّ وَلاَ يَكُونُ مَقْبُولاً عَلَى بَالِغٍ, وَيَكُونُ مَقْبُولاً فِي مُقَامِهِ وَمَرْدُودًا بَعْدَ مُقَامِهِ, وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ دَعْوَى وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ نَرَى عَلَيْهِ يَمِينًا مَعَ شُهُودِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ, وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي} فَلاَ نَجْعَلُ عَلَى الْمُدَّعِي مَا لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ تُحَوَّلُ الْيَمِينُ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ عَلَى الْمُدَّعِي الْيَمِينُ مَعَ شُهُودِهِ, وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شُهُودٌ لَمْ يَسْتَحْلِفْهُ وَجَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَا أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لاَ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَّهِمَهُ فَيَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَهَذَا فِي الدَّيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا جَاءَ الرَّجُلُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَلاَ يَمِينَ عَلَيْهِ مَعَ شَاهِدَيْهِ, وَلَوْ جَعَلْنَا عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَعَ شَاهِدَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِإِحْلاَفِنَا مَعَ الشَّاهِدِ مَعْنًى, وَكَانَ خِلاَفًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي, وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ}, وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ دَعْوَى وَلاَ بَيِّنَةَ لَهُ أَحْلَفْنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ قُلْنَا لِصَاحِبِ الدَّعْوَى لَسْنَا نُعْطِيك بِنُكُولِهِ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَحْلِفَ مَعَ نُكُولِهِ فَإِنْ حَلَفْت أَعْطَيْنَاك وَإِنْ امْتَنَعَتْ لَمْ نُعْطِك وَلِهَذَا كِتَابٌ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ. وَإِذَا وَرِثَ الرَّجُلُ مِيرَاثًا دَارًا, أَوْ أَرْضًا, أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا دَعْوَى وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الَّذِي ذَلِكَ فِي يَدَيْهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ الْيَمِينُ عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ لِهَذَا فِيهِ حَقًّا, وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَيْضًا وَإِنَّمَا جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه عَلَى هَذَا الْيَمِينَ عَلَى عِلْمِهِ; لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَزِمَهُ إنْ شَاءَ وَإِنْ أَبَى, وَالْبَيْعُ لاَ يَلْزَمُهُ إلَّا بِقَبُولٍ, وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ لاَ يَلْزَمُهُ إلَّا بِفِعْلِهِ وَقَبُولٍ مِنْهُ مِثْلَ الْبَيْعِ, وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَالْيَمِينُ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ, وَالْمِيرَاثُ لَوْ قَالَ لاَ أَقْبَلُهُ كَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ بَاطِلاً, وَكَانَ الْمِيرَاثُ لَهُ لاَزِمًا فَلِذَلِكَ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى عِلْمِهِ فِي الْمِيرَاثِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمِهِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْت لَك مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا وَرِثَ الرَّجُلُ دَارًا, أَوْ غَيْرَهَا فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا دَعْوَى سَأَلْنَاهُ عَنْ دَعْوَاهُ فَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا كَانَ فِي يَدَيْ الْمَيِّتِ أَحْلَفْنَا الْوَارِثَ عَلَى عِلْمِهِ مَا يَعْلَمُ لَهُ فِيهَا حَقًّا, ثُمَّ أَبْرَأْنَاهُ وَإِنْ ادَّعَى فِيهَا شَيْئًا كَانَ فِي يَدَيْ الْوَارِثِ أَحَلَفْنَاهُ عَلَى الْبَتِّ نُحَلِّفُهُ فِي كُلِّ مَا كَانَ فِي يَدَيْهِ عَلَى الْبَتِّ وَمَا كَانَ فِي يَدَيْ غَيْرِهِ فَوَرِثَهُ عَلَى الْعِلْمِ, وَإِذَا اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَاهُ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ, ثُمَّ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ; لِأَنَّهُ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَشُرَيْحٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولاَنِ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ أَقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَبَعْدَ فَصْلِ الْقَضَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ الدَّعْوَى وَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ وَأَحْلَفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ, ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ قَبِلْتُهَا وَقَضَيْت لَهُ بِهَا وَلَمْ أَمْنَعْ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ الَّتِي حَكَمَ الْمُسْلِمُونَ بِالْإِعْطَاءِ بِهَا بِالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ.
وَإِذَا, أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِسُكْنَى دَارٍ, أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ, أَوْ بِغَلَّةِ بُسْتَانٍ, أَوْ أَرْضٍ, وَذَلِكَ ثُلُثُهُ, أَوْ أَقَلُّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ, وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرُ الْوَقْتِ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى سَوَاءٌ وَإِذَا, أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِسُكْنَى دَارٍ, أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ, أَوْ بِغَلَّةِ بُسْتَانٍ, أَوْ أَرْضٍ, وَذَلِكَ ثُلُثُهُ, أَوْ أَقَلُّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ, وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرُ الْوَقْتِ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى سَوَاءٌ وَإِذَا, أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ فِي حَيَاتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ, ثُمَّ رَدُّوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْوَصِيَّةُ وَلَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهَا لِأَنَّهُمْ أَجَازُوا وَهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ الْإِجَازَةَ وَلاَ يَمْلِكُونَ الْمَالَ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَشُرَيْحٍ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إجَازَتُهُمْ جَائِزَةٌ عَلَيْهِمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى شَيْءٍ مِنْهَا, وَلَوْ أَجَازُوهَا بَعْدَ مَوْتِهِ, ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَرْجِعُوا فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَنْفُذَ الْوَصِيَّةُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ, وَكَانَتْ إجَازَتُهُمْ جَائِزَةً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا, أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ وَهُوَ حَيٌّ, ثُمَّ أَرَادُوا الرُّجُوعَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ مَاتَ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمْ; لِأَنَّهُمْ أَجَازُوا مَا لَمْ يَمْلِكُوا, وَلَوْ مَاتَ فَأَجَازُوهَا بَعْدَ مَوْتِهِ, ثُمَّ أَرَادُوا الرُّجُوعَ قَبْلَ الْقَسَمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ أَجَازُوا مَا مَلَكُوا فَإِذَا أَجَازُوا ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ وَصَاحِبُهُمْ مَرِيضٌ, أَوْ صَحِيحٌ كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ; لِأَنَّهُمْ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا غَيْرُ مَالِكَيْنِ أَجَازُوا مَا لَمْ يَمْلِكُوا (قَالَ): وَإِذَا, أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَبِمَالِهِ كُلِّهِ لِآخَرَ فَرَدَّ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ كُلَّهُ إلَى الثُّلُثِ, فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لاَ يَضْرِبُ صَاحِبُ الْجَمِيعِ بِحِصَّةِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْمَالِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ يَضْرِبُ صَاحِبُ الْمَالِ بِثَلاَثَةِ أَسْهُمٍ وَيَضْرِبُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا, أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ, وَلِآخَرَ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أُقْسِمُ الْوَصِيَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثَلاَثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ قِيَاسًا عَلَى عَوْلِ الْفَرَائِضِ وَمَعْقُولٌ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ أَرَادَ هَذَا بِثَلاَثَةٍ وَهَذَا بِوَاحِدٍ. (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَجَدِّهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي كُلِّ مِيرَاثٍ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ, وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ, وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ, وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله تعالى عنهم أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ فِي الْجَدِّ بِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه لِلْأَخِ النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ النِّصْفُ, وَكَذَلِكَ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ جَدَّهُ وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَهَكَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَان رضي الله عنهم وَخَالَفَهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فَجَعَلَ الْمَالَ لِلْجَدِّ وَقَالَتْهُ مَعَهُ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ رضي الله عنهم وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْكَلاَمِ فِي الْفَرَائِضِ, وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْلَيْنِ بِقِيَاسٍ غَيْرَ أَنَّ طَرْحَ الْأَخِ بِالْجَدِّ أَبْعَدُ مِنْ الْقِيَاسِ مِنْ إثْبَاتِ الْأَخِ مَعَهُ, وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ إنَّمَا طَرَحْنَا الْأَخَ بِالْجَدِّ لِثَلاَثِ خِصَالٍ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ مَعَنَا عَلَيْهَا إنَّكُمْ تَحْجُبُونَ بِهِ بَنِي الْأُمِّ, وَكَذَلِكَ مَنْزِلَةُ الْأَبِ وَلاَ تُنْقِصُونَهُ مِنْ السُّدُسِ, وَكَذَلِكَ مَنْزِلَةُ الْأَبِ وَأَنَّكُمْ تُسَمُّونَهُ أَبًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: قُلْت إنَّمَا حَجَبْنَا بِهِ بَنِي الْأُمِّ خَبَرًا لاَ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ قَالَ وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قُلْت نَحْنُ نَحْجُبُ بَنِي الْأُمِّ بِبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ مُتَسَفِّلَةٍ وَهَذِهِ وَإِنْ وَافَقَتْ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَمْ نَحْكُمْ لَهَا نَحْنُ وَأَنْتَ بِأَنْ تَكُونَ تَقُومَ مَقَامَ الْأَبِ فِي غَيْرِهِ, وَإِذَا وَافَقَهُ فِي مَعْنَى وَإِنْ خَالَفَهُ فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا أَنْ لاَ نُنْقِصَهُ مِنْ السُّدُسِ فَإِنَّا لَمْ نُنْقِصْهُ خَبَرًا وَنَحْنُ لاَ نُنْقِصُ الْجَدَّةَ مِنْ السُّدُسِ أَفَرَأَيْتنَا وَإِيَّاكَ أَقَمْنَاهَا مَقَامَ الْأَبِ إنْ وَافَقَتْهُ فِي مَعْنَى وَأَمَّا اسْمُ الْأُبُوَّةِ فَنَحْنُ وَأَنْتَ نُلْزِمُ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ آدَمَ اسْمَ الْأُبُوَّةِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَدُونَ أَحَدِهِمْ أَبٌ أَقْرَبُ مِنْهُ لَمْ يَرِثْ, وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ كَافِرًا, وَالْمَوْرُوثُ مُسْلِمًا, أَوْ قَاتِلاً, وَالْمَوْرُوثُ مَقْتُولاً, أَوْ كَانَ الْمَوْرُوثُ حُرًّا, وَالْأَبُ مَمْلُوكًا فَلَوْ كَانَ إنَّمَا وَرَّثْنَا بِاسْمِ الْأُبُوَّةِ فَقَطْ وَرَّثْنَا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ حَرَمْنَاهُمْ كُلَّهُمْ وَلَكِنَّا إنَّمَا وَرَّثْنَاهُمْ خَبَرًا لاَ بِالِاسْمِ قَالَ فَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ أَشْبَهُ بِالْقِيَاسِ؟ قُلْت مَا فِيهِمَا قِيَاسٌ, وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَرْتَ أَبْعَدُ مِنْ الْقِيَاسِ, وَالْعَقْلِ قَالَ فَأَيْنَ ذَلِكَ؟ قُلْت أَرَأَيْتَ الْجَدَّ, وَالْأَخَ إذَا طَلَبَا مِيرَاثَ الْمَيِّتِ أَيُدْلِيَانِ بِقَرَابَةِ أَنْفُسِهِمَا أَمْ بِقَرَابَةِ غَيْرِهِمَا؟ قَالَ وَمَا ذَلِكَ قُلْت أَلَيْسَ إنَّمَا يَقُولُ الْجَدُّ أَنَا أَبُو أَبِي الْمَيِّتِ وَيَقُولُ الْأَخُ أَنَا ابْنُ أَبِي الْمَيِّتِ؟ قَالَ بَلَى قُلْت فَبِقَرَابَةِ أَبِي الْمَيِّتِ يُدْلِيَانِ مَعًا إلَى الْمَيِّتِ قُلْت فَاجْعَلْ أَبَا الْمَيِّتِ هُوَ الْمَيِّتُ أَيُّهُمَا أَوْلَى بِكَثْرَةِ مِيرَاثِهِ ابْنُهُ, أَوْ أَبُوهُ؟ قَالَ, بَلْ ابْنُهُ; لِأَنَّ لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسٍ وَلِأَبِيهِ السُّدُسَ قُلْت: فَكَيْفَ حَجَبْت الْأَخَ بِالْجَدِّ, وَالْأَخُ إذَا مَاتَ الْأَبُ أَوْلَى بِكَثْرَةِ مِيرَاثِهِ مِنْ الْجَدِّ لَوْ كُنْتَ حَاجِبًا أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ انْبَغَى أَنْ تَحْجُبَ الْجَدَّ بِالْأَخِ قَالَ وَكَيْفَ يَكُونُ الْقِيَاسُ فِيهِ؟ قُلْت لاَ مَعْنَى لِلْقِيَاسِ فِيهِمَا مَعًا يَجُوزُ, وَلَوْ كَانَ لَهُ مَعْنَى انْبَغَى أَنْ نَجْعَلَ لِلْأَخِ أَبَدًا حَيْثُ كَانَ مَعَ الْجَدِّ خَمْسَةَ أَسْدَاسٍ وَلِلْجَدِّ السُّدُسَ وَقُلْت أَرَأَيْت الْإِخْوَةَ أَمُثْبِتِي الْفَرْضَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَهَلْ لِلْجَدِّ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَرْضٌ؟ قَالَ لاَ قُلْت, وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ هُمْ مُثْبَتُونَ فِيهَا وَلاَ أَعْلَمُ لِلْجَدِّ فِي السُّنَّةِ فَرْضًا إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ لاَ يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ كُلَّ التَّثْبِيتِ فَلاَ أَعْلَمُك إلَّا طَرَحْت الْأَقْوَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِالْأَضْعَفِ. وَإِذَا أَقَرَّتْ الْأُخْتُ وَهِيَ لِأَبٍ وَأُمٍّ, وَقَدْ وَرِثَ مَعَهَا الْعَصَبَةُ بِأَخٍ لِأَبٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ نُعْطِيهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهَا; لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَمَا كَانَ فِي يَدِهَا مِنْهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ نُعْطِيهِ مِمَّا فِي يَدِهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِمَا فِي يَدَيْ الْعَصَبَةِ وَهُوَ سَوَاءٌ فِي الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ مَا قَالاَ جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أُخْتَهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَصَبَتِهِ فَأَقَرَّتْ الْأُخْتُ بِأَخٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لاَ يَأْخُذُ شَيْئًا وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ وَارِثٌ فَكَانَ إقْرَارُهُ لاَ يَثْبُتُ نِسْبَةً فَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ مِثْلَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَارِثًا بِالنَّسَبِ كَانَ مَوْرُوثًا بِهِ, وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ حَتَّى يَكُونَ مَوْرُوثًا بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا بِهِ, وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُقِرُّ أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ فَجَحَدَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيْعِ لَمْ نُعْطِهِ الدَّارَ وَإِنْ كَانَ بَائِعُهَا قَدْ كَانَ أَقَرَّ بِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لَهُ, وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ إلَّا وَهُوَ مَمْلُوكٌ عَلَيْهِ بِهَا شَيْءٌ فَلَمَّا سَقَطَ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً عَلَيْهِ سَقَطَ الْإِقْرَارُ لَهُ, وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلَيْنِ يَتَبَايَعَانِ الْعَبْدَ فَيَخْتَلِفَانِ فِي ثَمَنِهِ, وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمَالِكِ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَمَّا لَمْ يُسَلِّمْ لِلْمُشْتَرِي مَا زَعَمَ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِهِ سَقَطَ الْإِقْرَارُ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالنَّسَبِ حَقٌّ, وَقَدْ أَحَطْنَا أَنَّهُ لَمْ يُقَرَّ لَهُ بِهِ مِنْ دَيْنٍ وَلاَ وَصِيَّةٍ وَلاَ حَقٍّ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ إلَّا الْمِيرَاثُ الَّذِي إذَا ثَبَتَ لَهُ ثَبَتَ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا بِهِ, وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا بِالنَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا بِهِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَوَلَدَهَا وَلَمْ يُقِرَّ بِحَبَلِ امْرَأَتِهِ, ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَاءَتْ بِامْرَأَةٍ تَشْهَدُ عَلَى الْوِلاَدَةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ أَقْبَلُ هَذَا وَلاَ أُثْبِتُ نَسَبَهُ وَلاَ أُوَرِّثُهُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أُثْبِتُ نَسَبَهُ وَأُوَرِّثُهُ بِشَهَادَتِهَا وَحْدَهَا وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَلَدًا وَزَوْجَةً فَوَلَدَتْ فَأَنْكَرَ ابْنُهُ وَلَدَهَا فَجَاءَتْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ كَانَ نَسَبُهُ ثَابِتًا, وَكَانَ وَارِثًا وَلاَ أَقْبَلُ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ شَاهِدَيْنِ وَشَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ فَأَقَامَ امْرَأَتَيْنِ حَيْثُ أَجَازَهُمَا مَقَامَ رَجُلٍ فَلَمَّا أَجَزْنَا النِّسَاءَ فِيمَا يَغِيبُ عَنْهُ الرِّجَالُ لَمْ يَجُزْ أَنْ نُجِيزَ مِنْهُنَّ إلَّا أَرْبَعًا قِيَاسًا عَلَى مَا وَصَفْت وَجُمْلَةُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبْدَانِ وُلِدَا فِي مِلْكِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أُمَّةٍ فَأَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا ابْنُهُ, ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ يَثْبُتُ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ, وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُهُمَا وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُثْبِتُ نَسَبَ أَحَدِهِمَا وَيَرِثَانِ مِيرَاثَ ابْنٍ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ, وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُهُمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَمَتَانِ لاَ زَوْجَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَوَلَدَتَا وَلَدَيْنِ فَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا ابْنُهُ وَمَاتَ وَلاَ يُعْرَفُ أَيُّهُمَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنَّا نُرِيهِمَا الْقَافَةَ فَإِنْ أَلْحَقُوا بِهِ أَحَدَهُمَا جَعَلْنَاهُ ابْنَهُ وَوَرَّثْنَاهُ مِنْهُ وَجَعَلْنَا أُمَّهُ أُمَّ وَلَدٍ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ وَأَرْقَقْنَا الْآخَرَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَافَةً, أَوْ كَانَتْ فَأَشْكَلَ عَلَيْهِمْ لَمْ نَجْعَلْ ابْنَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا خَرَجَ سَهْمُهُ أَعْتَقْنَاهُ وَأُمَّهُ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَأَرْقَقْنَا الْآخَرَ وَأُمَّهُ وَأَصْلُ هَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُ جَدِّهِمَا وَاَلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لاَ أَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّ الْجَدَّ تَرَكَهَا مِيرَاثًا لِأَبِيهِ وَلِأَبِي صَاحِبِهِ لاَ يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمَا, ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو هَذَا وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِنْهَا مِيرَاثًا لِهَذَا لاَ يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَقْضِي لَهُ بِشَهَادَتِهِمْ وَأُسَكِّنُهُ فِي الدَّارِ مَعَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَلاَ يَقْتَسِمَانِ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَوَارِيثِ كَمَا وَصَفْت لَك فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلاَ يَقُولاَنِ لاَ نَعْلَمُ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَكِنْ يَقُولاَنِ لاَ وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أُسَكِّنُهُ وَلاَ يَقْتَسِمَانِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ الرَّجُلِ فَأَقَامَ ابْنُ عَمِّهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُ جَدِّهِمَا أَبِي أَبِيهِمَا وَلَمْ تَقُلْ الْبَيِّنَةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ يُنْكِرُ قَضَيْت بِهَا دَارًا لِجَدِّهِمَا وَلَمْ أَقْسِمْهَا بَيْنَهُمَا حَتَّى تُثْبِتَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ وَرِثَ جَدَّهُمَا وَمَنْ وَرِثَ أَبَاهُمَا لِأَنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلَّ مَعَهُمَا وَرَثَةً, أَوْ أَصْحَابَ دَيْنٍ, أَوْ وَصَايَا وَأَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ إذَا قَالُوا مَاتَ جَدُّهُمَا وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لاَ وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَلاَ يَكُونُونَ بِهَذَا شُهُودًا عَلَى مَا لاَ يَعْلَمُونَ; لِأَنَّهُمْ فِي هَذَا كُلِّهِ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى الظَّاهِرِ كَشَهَادَتِهِمْ عَلَى النَّسَبِ وَكَشَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمِلْكِ وَكَشَهَادَتِهِمْ عَلَى الْعَدْلِ وَلاَ أَقْبَلُهُمْ إذَا قَالُوا لاَ نَعْلَمُ وَارِثًا غَيْرَ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الَّذِينَ يَكُونُ الْأَغْلَبُ مِنْهُمْ أَنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِمْ وَارِثٌ لَوْ كَانَ لَهُ, وَذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا ذَوِي قَرَابَةٍ, أَوْ مَوَدَّةٍ, أَوْ خُلْطَةٍ, أَوْ خِبْرَةٍ بِجِوَارٍ, أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا كَانُوا هَكَذَا قَبِلْتهمْ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ مَعْنَى الْبَتِّ مَعْنَى الْعِلْمِ وَمَعْنَى الْعِلْمِ مَعْنَى الْبَتِّ. وَإِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ وَتَرَكَ فِي بَيْتِهِ مَتَاعًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَ لِلرِّجَالِ مِنْ الْمَتَاعِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وَمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَمَا كَانَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا الْمَرْأَةُ كَانَتْ, أَوْ الرَّجُلُ, وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا طَلَّقَ, وَالْبَاقِي الزَّوْجُ فِي الطَّلاَقِ وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ, ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ إلَّا مَا يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ; لِأَنَّهُ يَكُونُ رَجُلٌ تَاجِرٌ عِنْدَهُ مَتَاعُ النِّسَاءِ مِنْ تِجَارَتِهِ, أَوْ صَانِعٌ, أَوْ تَكُونُ رُهُونًا عِنْدَ رَجُلٍ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ, أَوْ طَلَّقَ فَمَتَاعُ الْبَيْتِ كُلِّهِ مَتَاعُ الرَّجُلِ إلَّا الدِّرْعَ, وَالْخِمَارَ وَشِبْهَهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ, وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي دَارِهَا كَانَ أَمْرُهُمَا عَلَى مَا وَصَفْت فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يَسْكُنَانِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا, أَوْ بَعْدَ مَا تَفَرَّقَا كَانَ الْبَيْتُ لِلْمَرْأَةِ, أَوْ الرَّجُلِ, أَوْ بَعْدَمَا يَمُوتَانِ وَاخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ وَرَثَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا, أَوْ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا, وَالْبَاقِي كَانَ الْبَاقِي الزَّوْجَ, أَوْ الزَّوْجَةَ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ, فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لاَ يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ عَلَى الْإِجْمَاعِ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَمَا يَخْتَلِفُ الرَّجُلاَنِ فِي الْمَتَاعِ بِأَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ النُّضُوحُ, وَالْخَلُوقُ وَالدُّرُوعُ, وَالْخُمُرُ وَيَكُونُ لِلْمَرْأَةِ السَّيْفُ وَالرُّمْحُ وَالدِّرْعُ؟ قِيلَ قَدْ يَمْلِكُ الرِّجَالُ مَتَاعَ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ مَتَاعَ الرِّجَالِ أَرَأَيْت لَوْ أَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَتَاعِ النِّسَاءِ, وَالْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَتَاعِ الرِّجَالِ أَلَيْسَ يُقْضَى لِكُلٍّ بِمَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ؟ فَإِذَا قَالَ بَلَى قِيلَ أَفَلَيْسَ قَدْ زَعَمْت وَزَعَمَ النَّاسُ أَنَّ كَيْنُونَةَ الشَّيْءِ فِي يَدَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ تُثْبِتُ لِكُلٍّ النِّصْفَ؟ فَإِنْ قَالَ بَلَى قِيلَ كَمَا تَثْبُتُ لَهُ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ قَالَ بَلَى قِيلَ فَلِمَ لَمْ تَجْعَلْ الزَّوْجَيْنِ هَكَذَا وَهِيَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَيْهِمْ الظُّنُونَ وَتَرَكْت الظَّاهِرَ قِيلَ لَكَ فَمَا تَقُولُ فِي عَطَّارٍ وَدَبَّاغٍ فِي أَيْدِيهِمَا عِطْرٌ وَمَتَاعُ الدَّبَّاغِ تَدَاعَيَاهُ مَعًا فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّك تُعْطِي الدَّبَّاغَ مَتَاعَ الدَّبَّاغِينَ, وَالْعَطَّارَ مَتَاعَ الْعَطَّارِينَ قِيلَ فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَيْرِ مُوسِرٍ وَرَجُلٍ مُوسِرٍ تَدَاعَيَا يَاقُوتًا وَلُؤْلُؤًا فَإِنْ زَعَمْت أَنَّك تَجْعَلُهُ لِلْمُوسِرِ وَهُوَ بِأَيْدِيهِمَا مَعًا خَالَفْت مَذْهَبَ الْعَامَّةِ وَإِنْ زَعَمْت أَنَّك تَقْسِمُهُ بَيْنَهُمَا وَلاَ تَسْتَعْمِلُ عَلَيْهِمَا الظَّنَّ فَهَكَذَا يَنْبَغِي لَك أَنْ تَقُولَ فِي مَتَاعِ الرَّجُلِ, وَالْمَرْأَةِ (قَالَ): وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ وَوَالاَهُ وَعَاقَدَهُ, ثُمَّ مَاتَ وَلاَ وَارِثَ لَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ مِيرَاثُهُ لَهُ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لاَ يُوَرِّثُهُ شَيْئًا مُطَرِّفٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ لاَ وَلاَءَ إلَّا لِذِي نِعْمَةٍ اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَمَّنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ فَيَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَالاً فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَبَى فَلِبَيْتِ الْمَالِ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالَى ابْنَ عَمٍّ لَهُ فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَسَأَلُوا ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَالُهُ لَهُ. (قَالَ فَالشَّافِعِيُّ) رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالاَهُ, ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ قِبَلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ} وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْوَلاَءَ لاَ يَكُونُ إلَّا لِمَنْ أَعْتَقَ, وَالْآخَرِ أَنَّهُ لاَ يَتَحَوَّلُ الْوَلاَءُ عَمَّنْ أَعْتَقَ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْوَلاَءِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً, أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الْمُوصَى إلَيْهِ فَأَوْصَى إلَى آخَرَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ هَذَا الْآخَرُ وَصِيُّ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ إبْرَاهِيمَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ هَذَا الْآخَرُ وَصِيُّ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ وَلاَ يَكُونُ وَصِيًّا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَوْصَى إلَيْهِ بِوَصِيَّةِ الْأَوَّلِ فَيَكُونَ وَصِيُّهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى بَعْدُ لاَ يَكُونُ وَصِيًّا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الثَّانِي قَدْ أَوْصَيْتُ إلَيْكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ, أَوْ يَذْكُرُ وَصِيَّةَ الْآخَرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذَا, أَوْصَى الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ, ثُمَّ حَضَرَتْ الْوَصِيَّ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى بِمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَوَصِيَّةِ الَّذِي, أَوْصَى إلَيْهِ إلَى رَجُلٍ آخَرَ فَلاَ يَكُونُ الْآخَرُ بِوَصِيَّةِ الْأَوْسَطِ وَصِيًّا لِلْأَوَّلِ وَيَكُونُ وَصِيًّا لِلْأَوْسَطِ الْمُوصَى إلَيْهِ, وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوَّلَ رَضِيَ بِأَمَانَةِ الْأَوْسَطِ وَلَمْ يَرْضَ أَمَانَةَ الَّذِي بَعْدَهُ, وَالْوَصِيُّ أَضْعَفُ حَالاً فِي أَكْثَرِ أَمْرِهِ مِنْ الْوَكِيلِ, وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً وَكَّلَ رَجُلاً بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِاَلَّذِي وَكَّلَهُ بِهِ لِيَسْتَوْجِبَ الْحَقَّ, وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ, أَوْصَى إلَى الْوَصِيِّ أَنَّ لَك أَنْ تُوصِيَ بِمَا, أَوْصَيْتُ بِهِ إلَيْك إلَى مَنْ رَأَيْتَ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِتَرِكَةِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا لِلْأَوَّلِ وَلاَ يَكُونُ وَصِيًّا لِلْأَوَّلِ حَتَّى يَقُولَ قَدْ أَوْصَيْتُ إلَيْك بِتَرِكَةِ فُلاَنٍ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ وَصِيًّا لَهُ, وَلَوْ أَنَّ وَصِيًّا لِأَيْتَامٍ تَجَرَ لَهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ, أَوْ دَفَعَهَا مُضَارَبَةً. فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ, وَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى أَيْضًا عَلَى الْيَتَامَى الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ أَدَّاهَا الْوَصِيُّ عَنْهُمْ فَهُوَ ضَامِنٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه لَيْسَ عَلَى يَتِيمٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَبْلُغَ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ صَلاَةَ عَلَيْهِ وَلاَ فَرِيضَةَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله عنه وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ وَصِيًّا بِتَرِكَةِ مَيِّتٍ يَلِي أَمْوَالَهُمْ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُمْ بِهَا لَمْ تَكُنْ التِّجَارَةُ بِهَا عِنْدِي تَعَدِّيًا, وَإِذَا لَمْ تَكُنْ تَعَدِّيًا لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا إنْ تَلِفَتْ, وَقَدْ اتَّجَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِمَالِ يَتِيمٍ كَانَ يَلِيهِ, وَكَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تُبْضِعُ بِأَمْوَالِ بَنِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْبَحْرِ وَهُمْ أَيْتَامٌ وَتَلِيهِمْ وَتُؤَدِّي مِنْهَا الزَّكَاةَ وَعَلَى وَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ عَنْهُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ كَمَا يُؤَدِّيَهَا عَنْ نَفْسِهِ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَبِيرِ الْبَالِغِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا عَلَى وَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَا لَزِمَهُ مِنْ جِنَايَةٍ لَوْ جَنَاهَا, أَوْ نَفَقَةٍ لَهُ مِنْ صَلاَحِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِرَجُلٍ إنَّ عِنْدَنَا مَالاً لِيَتِيمٍ قَدْ أَسْرَعَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَذَكَرَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ يَتَّجِرُ فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى إمَّا قَالَ مُضَارَبَةً وَإِمَّا قَالَ بِضَاعَةً وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ زَكَاةَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ النَّاضِّ وَفِي زَرْعِهِ الزَّكَاةُ وَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ تُؤَدَّى عَنْهُ وَجِنَايَاتُهُ الَّتِي تَلْزَمُ مِنْ مَالِهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لاَ صَلاَةَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ سُقُوطُ الصَّلاَةِ عَنْهُ يُسْقِطُ عَنْهُ الزَّكَاةَ كَانَ قَدْ فَارَقَ قَوْلَهُ إذْ زَعَمَ أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَزَكَاةَ الزَّرْعِ, وَقَدْ كَتَبَ هَذَا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ (قَالَ): وَلَوْ أَنَّ وَصِيَّ مَيِّتٍ وَرَثَتُهُ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَلاَ دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ بَاعَ عَقَارًا مِنْ عَقَارِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بَيْعُهُ جَائِزٌ عَلَى الصِّغَارِ, وَالْكِبَارِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ, وَالْكِبَارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى بَيْعُهُ عَلَى الصِّغَارِ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ مِنْهُ بَدَأَ وَلَمْ يَكُنْ وَلاَ يَجُوزُ عَلَى الْكِبَارِ فِي شَيْءٍ مِنْ بَيْعِ الْعَقَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ, أَوْصَى بِشَيْءٍ يُبَاعُ فِيهِ, أَوْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَتَرَكَ وَرَثَةً بَالِغِينَ أَهْلَ رُشْدٍ وَصِغَارًا وَلَمْ يُوصِ بِوَصِيَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَ الْوَصِيُّ عَقَارًا مِمَّا تَرَكَ الْمَيِّتُ كَانَ بَيْعُهُ عَلَى الْكِبَارِ بَاطِلاً وَنُظِرَ فِي بَيْعِهِ عَلَى الصِّغَارِ فَإِنْ كَانَ بَاعَ عَلَيْهِمْ فِيمَا لاَ صَلاَحَ لِمَعَاشِهِمْ إلَّا بِهِ, أَوْ بَاعَ عَلَيْهِمْ نَظَرًا لَهُمْ بَيْعَ غِبْطَةٍ كَانَ بَيْعًا جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلاَ أَمْرٍ لَزِمَهُمْ كَانَ بَيْعُهُ مَرْدُودًا, وَإِذَا أَمَرْنَاهُ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ النَّاضُّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ بِهِ الْعَقَارَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ النَّاضِّ لَمْ نُجِزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ إلَّا بِبَعْضِ مَا وَصَفْت مِنْ الْعُذْرِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَكَ الرَّجُلاَنِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَلِأَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى: كَانَ يَقُولُ لَيْسَتْ هَذِهِ بِمُفَاوَضَةٍ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هَذِهِ مُفَاوَضَةٌ جَائِزَةٌ, وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَشَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةٌ وَلاَ أَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا يَكُونُ بَاطِلاً إنْ لَمْ تَكُنْ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةً إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ يَعُدَّانِ الْمُفَاوَضَةَ خَلْطَ الْمَالِ بِالْمَالِ, وَالْعَمَلَ فِيهِ وَاقْتِسَامَ الرِّبْحِ فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ الَّتِي يَقُولُ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ لَهَا شَرِكَةَ عِنَانً فَإِذَا اشْتَرَكَا مُفَاوَضَةً وَتَشَارَطَا أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ عِنْدَهُمَا هَذَا الْمَعْنَى فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَمَا رُزِقَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ مَعًا مِنْ تِجَارَةٍ, أَوْ إجَارَةٍ, أَوْ كَنْزٍ, أَوْ هِبَةٍ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ, وَإِنْ زَعَمَا بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ عِنْدَهُمَا بِأَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي كُلِّ مَا أَفَادَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بِسَبَبِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ فَالشَّرِكَةُ فِيهِ فَاسِدَةٌ وَلاَ أَعْرِفُ الْقِمَارَ إلَّا فِي هَذَا, أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلاَنِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيَجِدَ أَحَدُهُمَا كَنْزًا فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرَأَيْت لَوْ تَشَارَطَا عَلَى هَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَالَطَا بِمَالٍ كَانَ يَجُوزُ فَإِنْ قَالَ لاَ يَجُوزُ; لِأَنَّهُ عَطِيَّةُ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْطَى وَلاَ لِلْمُعْطِي وَمَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَفَتُجِيزُهُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ اشْتَرَكَا بِهَا؟ فَإِنْ عَدُّوهُ بَيْعًا فَبَيْعٌ مَا لَمْ يَكُنْ لاَ يَجُوزُ أَرَأَيْت رَجُلاً وَهَبَ لَهُ هِبَةً, أَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ فَأَفَادَ مَالاً مِنْ عَمَلٍ, أَوْ هِبَةٍ أَيَكُونُ الْآخَرُ فِيهَا شَرِيكًا؟ لَقَدْ أَنْكَرُوا أَقَلّ مِنْ هَذَا (قَالَ): وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ كَمَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ فَيَكُونُ الْوَلاَءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِلشَّرِيكِ كُلُّهُ وَهُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ شَيْءٌ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ الْأَوَّلُ, وَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ لِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلاَ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَهُ الْوَلاَءُ وَلاَ يُخَيَّرُ صَاحِبُهُ فِي أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ, أَوْ يَسْتَسْعِيَهُ, وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ مُعْسِرًا كَانَ الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَبْدَ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَسْعَى فِيهَا, وَالْوَلاَءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ كَمَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ, وَالْوَلاَءُ بَيْنَهُمَا, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ الْعَبْدُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ, وَالْوَلاَءُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُعْتِقَ مِنْهُ شَيْئًا, وَكَانَ يَقُولُ إذَا أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ فَقَدْ أَعْتَقَهُ كُلَّهُ وَلاَ يَتَبَعَّضُ الْعَبْدُ فَيَكُونُ بَعْضُهُ رَقِيقًا وَبَعْضُهُ حُرًّا وَبِهِ يَأْخُذُ أَرَأَيْت مَا أَعْتَقَ مِنْهُ أَيَكُونُ رَقِيقًا؟ فَإِنْ كَانَ مَا أَعْتَقَ مِنْهُ يَكُونُ رَقِيقًا فَقَدْ عَتَقَ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ فِي مُعْتَقٍ وَاحِدٍ عِتْقٌ وَرِقٌّ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يَجْتَمِعُ فِي امْرَأَةٍ بَعْضُهَا طَالِقٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ طَالِقٍ وَبَعْضُهَا امْرَأَةٌ لِلزَّوْجِ عَلَى حَالِهَا. وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ إلَّا خَصْلَةً لاَ يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِمَا سَعَى فِيهِ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى لاَ يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ وَهَذَا كُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ مَا دَامَ مِنْهُ شَيْءٌ رَقِيقٌ, أَوْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ قَالَ نَصِيبُ شَرِيكِي مِنْهُ حُرٌّ وَأَمَّا نَصِيبِي فَلاَ, هَلْ كَانَ يَعْتِقُ مِنْهُ مَا لاَ يَمْلِكُ, وَإِذَا أَعْتَقَ مِنْهُ مَا يَمْلِكُ, فَكَيْفَ يَعْتِقُ مِنْهُ مَا لاَ يَمْلِكُ؟ وَهَلْ يَقَعُ عِتْقٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ الرَّجُلُ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِأَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَالْعَبْدُ حُرٌّ كُلُّهُ, وَالْوَلاَءُ لِلْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ وَلاَ خِيَارَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْآخَرِ, وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالنِّصْفُ الْأَوَّلُ حُرٌّ وَالنِّصْفُ الثَّانِي لِمَالِكِهِ وَلاَ سِعَايَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ بِحُجَجِهِ إلَّا أَنَّا وَجَدْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ زِيَادَةَ حَرْفٍ لَمْ نَسْمَعْ بِهِ فِي حُجَجِهِمْ كَانَ مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْ قَالَ قَائِلُهُمْ كَيْفَ تَكُونُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ بَعْضُهَا حُرٌّ وَبَعْضُهَا مَمْلُوكٌ لاَ يَكُونُ كَمَا لاَ تَكُونُ الْمَرْأَةُ بَعْضُهَا طَالِقٍ وَبَعْضُهَا غَيْرُ طَالِقٍ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ فِيهِ الرِّقُّ, وَالْحُرِّيَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْمَرْأَةِ قِيلَ لَهُ: أَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْكِحَ بَعْضَ امْرَأَةٍ؟ فَإِنْ قَالَ لاَ, لاَ تَكُونُ إلَّا مَنْكُوحَةً كُلَّهَا, أَوْ غَيْرَ مَنْكُوحَةٍ قِيلَ لَهُ: أَفَيَجُوز أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضَ عَبْدٍ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ: فَأَيْنَ الْعَبْدُ مِنْ الْمَرْأَةِ؟ وَقِيلَ لَهُ: أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ الْمَرْأَةَ عَلَى الطَّلاَقِ وَيَكُونَ مَمْنُوعًا حَتَّى تُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ, أَوْ تَعْجِزَ؟ فَإِنْ قَالَ: لاَ قِيلَ: أَفَيَجُوز هَذَا لَهُ فِي الْعَبْدِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ: فَلِمَ تَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ فَإِنْ قَالَ لاَ يَجْتَمِعَانِ قِيلَ, وَكَذَلِكَ لاَ يَجْتَمِعَانِ حَيْثُ جَمَعْت بَيْنَهُمَا, وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا أَتَكُونُ الْمَرْأَةُ لِاثْنَيْنِ كَمَا يَكُونُ الْعَبْدُ مَمْلُوكًا لِاثْنَيْنِ وَيَكُونُ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَهَبَهَا لِلرَّجُلِ فَتَكُونَ زَوْجَةً لَهُ كَمَا يَكُونُ الْعَبْدُ إذَا وَهَبَهُ صَارَ عَبْدًا لِمَنْ وَهَبَهُ لَهُ؟ فَإِنْ قَالَ: لاَ قِيلَ فَمَا بَالُ الْمَرْأَةِ تُقَاسُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْت الْعَبْدَ إذَا عَتَقَ مَرَّةً أَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ إذَا طَلَّقَ الْمَرْأَةَ مَرَّةً أَنْ يَكُونَ لَهُ رَجْعَتُهَا؟ فَإِنْ قَالَ: لاَ قِيلَ فَمَا نَعْلَمُ شَيْئًا أَبْعَدَ مِمَّا قَاسَهُ بِهِ مِنْهُ (قَالَ): وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلاَ رِضَاهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْمُكَاتَبَةُ بَاطِلَةٌ وَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ تَصِلُ إلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْمُكَاتَبَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَرُدَّهَا, وَلَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ كَانَ الْعِتْقُ بَاطِلاً فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ أَدَّاهَا إلَى صَاحِبِهَا عَتَقَ, وَكَانَ الَّذِي كَاتَبَ ضَامِنًا لِنِصْفِ الْقِيمَةِ, وَالْوَلاَءُ كُلُّهُ لَهُ, وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى يَقُولُ: عِتْقُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيُخَيَّرُ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ شَاءَ أَلْغَى الْكِتَابَةَ وَعَجَزَ عَنْهَا وَإِنْ شَاءَ سَعَى فِيهَا, فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا كَانَ الشَّرِيكُ الَّذِي كَاتَبَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الَّذِي أَعْتَقَ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَإِنْ ضَمَّنَ الَّذِي أَعْتَقَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَكَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَالْكِتَابَةُ مَفْسُوخَةٌ وَمَا أُخِذَ مِنْهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ نِصْفُ الْمُكَاتَبِ, وَكَانَ كَمَنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ فِي عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ كُلِّهِ وَإِنْ مُعْسِرًا عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ, وَلَوْ رُدَّتْ الْكِتَابَةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ كَانَ مَمْلُوكًا بَيْنَهُمَا, وَلَوْ أَعْتَقَهُ مَالُك النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ كَانَ نِصْفُهُ مِنْهُ حُرًّا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَهُ الْبَاقِي; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَانَتْ فِيهِ بَاطِلَةٌ وَلاَ أُخَيِّرُ الْعَبْدَ; لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ كَانَ فَاسِدًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ, وَكَانَتْ الْكِتَابَةُ بَيْنَهُمَا بَاطِلَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ مَالُك الْعَبْدِ أَنْ يُجَدِّدَهَا (قَالَ): وَلَوْ أَنَّ مَمْلُوكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَبِيعَهُ لِمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ الْعِتْقِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ, وَإِذَا وَرِثَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِيرَاثًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ هُوَ لَهُ خَاصَّةً وَبِهَذَا يَأْخُذُ, قَالَ وَتُنْتَقَضُ الْمُفَاوَضَةُ إذَا قَبَضَ ذَلِكَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ بَيْعُ نَصِيبِهِ; لِأَنَّ التَّدْبِيرَ عِنْدِي وَصِيَّةٌ, وَكَذَلِكَ لِلَّذِي دَبَّرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَبِّرِ أَنْ يَبِيعَ الْمُدَبَّرَ لَزِمَهُ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ الْمُدَبِّرِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَكُونُ مُدَبَّرًا كُلَّهُ كَمَا يَلْزَمُهُ هَذَا فِي الْعِتْقِ إذَا جَعَلَ هَذَا عِتْقًا يَكُونُ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ قَالَ فَالْعِتْقُ الَّذِي أَلْزَمْتُهُ فِيهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ عِتْقٌ وَاقِعٌ مَكَانَهُ قِيلَ فَأَنْتَ تَزْعُمُ فِي الْجَارِيَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا فَتَلِدُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَهَذَا عِتْقٌ لَيْسَ بِوَاقِعٍ مَكَانَهُ إنَّمَا هُوَ وَاقِعٌ بَعْدَ مُدَّةٍ كَعِتْقِ الْمُدَبَّرِ يَقَعُ بَعْدَ مُدَّةٍ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا, ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ: الَّذِي دَبَّرَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ نِصْفَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ, وَالْوَلاَءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ التَّدْبِيرُ بَاطِلٌ, وَالْعِتْقُ جَائِزٌ, وَالْمُعْتِقُ ضَامِنٌ لِنِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى فِيهِ الْعَبْدُ, ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ, وَالْوَلاَءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مُدَبَّرٌ كُلُّهُ وَهُوَ ضَامِنٌ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَعِتْقُ الْآخَرِ بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَدَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ بَتَاتًا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالْعَبْدُ حُرٌّ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَلَهُ وَلاَؤُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنَصِيبُهُ مِنْهُ حُرٌّ وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ مُدَبَّرٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لاَ يَبِيعُ الْمُدَبَّرَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبْطِلَ الْعِتْقَ الْآخَرَ وَيَجْعَلَهُ مُدَبَّرًا كُلَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَبِّرُ الْأَوَّلُ مُوسِرًا; لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْأَوَّلِ عِتْقٌ, وَالْعِتْقُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ قَالَ وَهَكَذَا قَالَ أَهْلُ الْقِيَاسِ الَّذِينَ لَمْ يَبِيعُوا الْمُدَبَّرَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ الْمُكَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ مَالُهُ لِمَوْلاَهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُكَاتَبُ ذَلِكَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْمُكَاتَبُ لَهُ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَبِيَدِ الْعَبْدِ مَالٌ فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ; لِأَنَّهُ لاَ مَالَ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُكَاتَبُ عَلَى السَّيِّدِ مَالَهُ فَيَكُونُ لَهُ بِالشَّرْطِ وَهَذَا مَعْنَى السُّنَّةِ نَصًّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَلاَ يَعْدُو الْمُكَاتَبُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَرَبُّ الْمُكَاتَبِ بَائِعٌ}, وَقَدْ جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَالَ, أَوْ يَكُونُ غَيْرَ خَارِجٍ مِنْ مِلْكِ مَوْلاَهُ فَيَكُونُ مَعَهُ كَالْمُعَلَّقِ فَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ لاَ يَمْلِكَ عَلَى مَوْلاَهُ مَالاً كَانَ لِمَوْلاَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ, وَالْمُشْتَرِي الَّذِي أَعْطَى مَالَهُ فِي الْعَبْدِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَالِ الْعَبْدِ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ; لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مَكَانَهُ مَاتَ مِنْ مَالِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَوْ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ قَدْ عَجَزْت وَكَسَرَ مُكَاتَبَتَهُ وَرَدَّهُ مَوْلاَهُ فِي الرِّقِّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَدَّ مُكَاتَبًا لَهُ حِينَ عَجَزَ وَكَسَرَ مُكَاتَبَتَهُ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ قَاضٍ, وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى الْقَاضِيَ فَقَالَ قَدْ عَجَزْت فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَرُدُّهُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ أَرُدُّهُ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ نَجْمَانِ قَدْ حَلَّا عَلَيْهِ فِي يَوْمٍ خَاصَمَ إلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ بَعْدُ لاَ أَرُدُّهُ حَتَّى أَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ نَجْمُهُ قَرِيبًا, وَكَانَ يُرْجَى لَمْ يُعَجِّلْ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ قَدْ عَجَزْت عِنْدَ مَحَلِّ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يُكَاتِبْ يَبِيعُهُ سَيِّدُهُ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ قَاضٍ, أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما أَنَّهُ رَدَّ مُكَاتَبًا لَهُ عَجَزَ فِي الرِّقِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ أَنَّهُ شَهِدَ شُرَيْحًا رَدَّ مُكَاتَبًا عَجَزَ فِي الرِّقِّ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ, أَوْ وَهَبَ هِبَةً, أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا, أَوْ كَفَلَ بِكَفَالَةٍ, أَوْ كَفَلَ عَنْهُ رَجُلٌ لِمَوْلاَهُ بِاَلَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ هَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ نِكَاحُهُ وَكَفَالَتُهُ بَاطِلٌ وَمَا تَكَفَّلَ بِهِ رَجُلٌ عَنْهُ لِمَوْلاَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَأَمَّا عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَتَقَ أَمْضَى ذَلِكَ وَإِنْ رَجَعَ مَمْلُوكًا فَذَلِكَ كُلُّهُ مَرْدُودٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَيْفَ يَجُوزُ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ وَكَيْفَ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ عَنْهُ لِمَوْلاَهُ أَرَأَيْت رَجُلاً كَفَلَ لِرَجُلٍ عَنْ عَبْدِهِ كَفَالَةً أَلَيْسَتْ بَاطِلاً فَكَذَلِكَ مُكَاتَبَةٌ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَبَلَغَنَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكْفُلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِمُكَاتَبَةِ عَبْدِهِ; لِأَنَّهُ عَبْدُهُ وَإِنَّمَا كَفَلَ لَهُ بِمَالِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَقَالَ, أُؤَدِّيهِ الْيَوْمَ, أَوْ غَدًا فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ يُؤَجِّلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ, أَوْ وَهَبَ, أَوْ أَعْتَقَ, أَوْ كَفَلَ عَنْ أَحَدٍ بِكَفَالَةٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ فِي هَذَا إتْلاَفًا لِمَالِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّطِ الْمَالِ أَمَّا التَّزَوُّجُ فَأَبْطَلْنَاهُ بِالْعُبُودِيَّةِ الَّتِي فِيهِ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ, وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ لِرَبِّ الْمُكَاتَبِ بِالْكِتَابَةِ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بَاطِلَةً مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا تَكَفَّلَ لَهُ بِمَالِهِ عَنْ مَالِهِ
|