الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***
(قَالَ) إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ إلَى الْخَيَّاطِ ثَوْبًا فَخَاطَهُ قَبَاءً فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ أَمَرْتُك بِقَمِيصٍ وَقَالَ الْخَيَّاطُ أَمَرْتنِي بِقَبَاءٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الثَّوْبِ وَيَضْمَنُ الْخَيَّاطُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَبِهِ يَأْخُذُ يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ فِي ذَلِكَ ", وَلَوْ أَنَّ الثَّوْبَ ضَاعَ مِنْ عِنْدِ الْخَيَّاطِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ رَبُّ الثَّوْبِ, وَالْخَيَّاطُ فِي عَمَلِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلاَ عَلَى الْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُمَّالِ إلَّا فِيمَا جَنَتْ أَيْدِيهِمْ وَبَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُ قَالَ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِمْ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُمْ ضَامِنُونَ لِمَا هَلَكَ عِنْدَهُمْ وَإِنْ لَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ فِيهِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُمْ ضَامِنُونَ إلَّا أَنْ يَجِيءَ شَيْءٌ غَالِبٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى إذَا ضَاعَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْخَيَّاطِ, أَوْ الْغَسَّالِ, أَوْ الصَّبَّاغِ, أَوْ أَجِيرٍ أُمِرَ بِبَيْعِهِ, أَوْ حَمَّالٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى تَبْلِيغِهِ وَصَاحِبُهُ مَعَهُ, أَوْ تَبْلِيغِهِ وَلَيْسَ صَاحِبُهُ مَعَهُ مَنْ غَرَقٍ, أَوْ حَرْقٍ, أَوْ سُرِقَ وَلَمْ يَجْنِ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأُجَرَاءِ شَيْئًا, أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الضَّيْعَةِ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ مَنْ أَخَذَ أَجْرًا عَلَى شَيْءٍ ضَمِنَهُ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَاسَهُ عَلَى الْعَارِيَّةِ تُضْمَنُ وَقَالَ إنَّمَا ضُمِنَتْ الْعَارِيَّةُ لِمَنْفَعَةٍ فِيهَا لِلْمُسْتَعِيرِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا بِالسَّلاَمَةِ وَهِيَ كَالسَّلَفِ, وَقَدْ يَدْخُلُ عَلَى قَائِلِ هَذَا أَنْ يُقَالَ لَهُ إنَّ الْعَارِيَّةَ مَأْذُونٌ لَك فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا بِلاَ عِوَضٍ أَخَذَهُ مِنْك الْمُعِيرُ وَهِيَ كَالسَّلَفِ وَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَك فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنَّمَا مَنْفَعَتُك فِي شَيْءٍ تَعْمَلُهُ فِيهِ فَلاَ يُشْبِهُ هَذَا الْعَارِيَّةَ, وَقَدْ وَجَدْتُك تُعْطِي الدَّابَّةَ بِكِرَاءٍ فَتَنْتَفِعُ مِنْهَا بِعِوَضٍ يُؤْخَذُ مِنْك فَلاَ تَضْمَنُ إنْ عَطِبَتْ فِي يَدَيْك, وَقَدْ ذَهَبَ إلَى تَضْمِينِ الْقَصَّارِ شُرَيْحٌ فَضَمَّنَ قَصَّارًا احْتَرَقَ بَيْتُهُ فَقَالَ تُضَمِّنُنِي, وَقَدْ احْتَرَقَ بَيْتِي؟ فَقَالَ شُرَيْحٌ أَرَأَيْت لَوْ احْتَرَقَ بَيْتُهُ كُنْت تَتْرُكُ لَهُ أُجْرَتَك؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَلاَ يَجُوزُ إذَا ضَمِنَ الصُّنَّاعُ إلَّا هَذَا وَأَنْ يَضْمَنَ كُلُّ مَنْ أَخَذَ عَلَى شَيْءٍ أَجْرًا وَلاَ يَخْلُو مَا أَخَذَ عَلَيْهِ الْأَجْرَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا, وَالْمَضْمُونُ ضَامِنٌ بِكُلِّ حَالٍ, وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنْ لاَ يَكُونَ مَضْمُونًا فَلاَ يَضْمَنُ بِحَالٍ كَمَا لاَ تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ بِحَالٍ, وَقَدْ يُرْوَى مِنْ وَجْهٍ لاَ يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله تعالى عنه ضَمَّنَ الْغَسَّالَ وَالصَّبَّاغَ وَقَالَ لاَ يُصْلِحُ النَّاسُ إلَّا ذَلِكَ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله تعالى عنه قَالَ ذَلِكَ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ تَضْمِينُ بَعْضِ الصُّنَّاعِ مِنْ وَجْهٍ أَضْعَفَ مِنْ هَذَا وَلَمْ نَعْلَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا يَثْبُتُ, وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُضَمِّنُ أَحَدًا مِنْ الْأُجَرَاءِ مِنْ وَجْهٍ لاَ يَثْبُتُ مِثْلُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَثَابِتٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ لاَ ضَمَانَ عَلَى صَانِعٍ وَلاَ عَلَى أَجِيرٍ فَأَمَّا مَا جَنَتْ أَيْدِي الْأُجَرَاءِ وَالصُّنَّاعِ فَلاَ مَسْأَلَةَ فِيهِ وَهُمْ ضَامِنُونَ كَمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ مَا جَنَتْ يَدُهُ, وَالْجِنَايَةُ لاَ تَبْطُلُ عَنْ أَحَدٍ, وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَدَّوْا ضَمِنُوا (قَالَ الرَّبِيعُ) الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَأَيْته أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الصُّنَّاعِ إلَّا مَا جَنَتْ أَيْدِيهِمْ وَلَمْ يَكُنْ يَبُوحُ بِذَلِكَ خَوْفًا مِنْ الصُّنَّاعِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَبَاعَهَا وَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْبَيْعُ, وَالْعِتْقُ فِيهَا بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ; لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لاَ يَمْلِكُ وَأَعْتَقَ مَا لاَ يَمْلِكُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ عِتْقُهُ جَائِزٌ وَعَلَى الْغَاصِبِ الْقِيمَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَأَعْتَقَهَا, أَوْ بَاعَهَا مِمَّنْ أَعْتَقَهَا, أَوْ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا فَأَعْتَقَهَا, أَوْ بَاعَهَا مِمَّنْ أَعْتَقَهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ, وَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُ الْمُبْتَاعِ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ الْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا, وَلَوْ تَنَاسَخَهَا ثَلاَثُونَ مُشْتَرِيًا فَأَكْثَرُ وَأَعْتَقَهَا أَيُّهُمْ شَاءَ إذَا لَمْ يُعْتِقْهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ فَالْبَيْعُ كُلُّهُ بَاطِلٌ وَيَتَرَادُّونَ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْعُ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ الصَّحِيحِ الْمِلْكِ فَاسِدًا فَبَاعَهَا الَّذِي لاَ يَمْلِكُهَا فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ فِيهَا بِحَالٍ وَلاَ بَيْعُ مَنْ بَاعَ بِالْمِلْكِ عَنْهُ, وَالْبَيْعُ إذَا كَانَ فَاسِدًا لَمْ يَمْلِكْ بِهِ وَمَنْ أَعْتَقَ مَا لاَ يَمْلِكُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَوَطِئَهَا, ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ كَانَ بِهَا دَلَّسَهُ الْبَائِعُ لَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى وَلَكِنَّهُ يَقُولُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الصِّحَّةِ, وَالْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا, وَالْمَهْرُ فِيهِ قَوْلُهُ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ الْعُشْرِ فَيَجْعَلُ الْمَهْرَ نِصْفَ ذَلِكَ. وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَطَأْ الْجَارِيَةَ وَلَكِنَّهُ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْعَيْبِ وَالصِّحَّةِ وَبِهِ يَأْخُذُ صَاحِبُهُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ ثَيِّبًا فَأَصَابَهَا, ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ رَدُّهَا لِأَنَّ الْوَطْءَ لاَ يُنْقِصُهَا شَيْئًا وَإِنَّمَا رَدَّهَا بِمِثْلِ الْحَالِ الَّتِي أَخَذَهَا بِهَا, وَإِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ وَرَأَيْنَا الْخِدْمَةَ كَذَلِكَ كَانَ الْوَطْءُ أَقَلَّ ضَرَرًا عَلَيْهَا مِنْ خِدْمَةٍ, أَوْ خَرَاجٍ لَوْ أَدَّتْهُ بِالضَّمَانِ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَأَصَابَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَلَمْ يَفْتَضَّهَا فَكَذَلِكَ وَإِنْ افْتَضَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ نَقَصَهَا بِذَهَابِ الْعُذْرَةِ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا نَاقِصَةً كَمَا لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا نَاقِصَةً وَيَرْجِعَ بِمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ الَّذِي دَلَّسَ لَهُ مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَى فِيهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا نَاقِصَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا مَعِيبَةً وَلاَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَيْبِ وَلاَ نَعْلَمُهُ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ وَلاَ عَلِيٍّ وَلاَ خِلاَفِهِمَا أَنَّهُ قَالَ خِلاَفَ هَذَا الْقَوْلِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْجَارِيَةَ فَوَطِئَهَا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَقَضَى لَهُ بِهَا الْقَاضِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ عَلَى الْوَاطِئِ مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى مِثْلِ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الرَّجُلُ مِثْلَهَا يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الَّذِي بَاعَهُ وَلاَ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ عَلَى الْوَاطِئِ الْمَهْرُ عَلَى مَا ذَكَرْت لَك مِنْ قَوْلِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ, وَالْمَهْرِ; لِأَنَّهُ قَدْ غَرَّهُ مِنْهَا فَأَدْخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ وَكَيْفَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى بِمَا أَحْدَثَ وَهُوَ الَّذِي وَطِئَ؟ أَرَأَيْت لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا فَخَرَقَهُ, أَوْ أَهْلَكَهُ فَاسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ وَضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ أَلَيْسَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَوَطِئَهَا, ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ أَخَذَهَا وَمَهْرَ مِثْلِهَا مِنْ الْوَاطِئِ وَلاَ وَقْتَ لِمَهْرِ مِثْلِهَا إلَّا مَا يَنْكِحُ بِهِ مِثْلَهَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ وَلاَ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ الَّذِي أَخَذَهُ رَبُّ الْجَارِيَةِ مِنْهُ; لِأَنَّهُ كَشَيْءٍ اسْتَهْلَكَهُ هُوَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَيْنَ قُلْت هَذَا؟ قِيلَ لَهُ لِمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْأَةِ تُزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا أَنَّ نِكَاحَهَا بَاطِلٌ وَأَنَّ لَهَا إنْ أُصِيبَتْ الْمَهْرَ كَانَتْ الْإِصَابَةُ بِشُبْهَةٍ تُوجِبُ الْمَهْرَ وَلاَ يَكُونُ لِلْمُصِيبِ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ; لِأَنَّهُ هُوَ الْآخِذُ لِلْإِصَابَةِ, وَلَوْ كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ عَلَيْهِ مَهْرٌ; لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ غَارَّةً لَهُ فَلاَ يَجِبُ لَهَا مَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ قَدْ دُلِّسَ لَهُ فِيهَا بِعَيْبٍ عَلِمَهُ الْبَائِعُ, أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَسَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ, وَالْبَائِعُ أَثِمَ فِي التَّدْلِيسِ إنْ كَانَ عَالِمًا فَإِنْ حَدَثَ بِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ, ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ الَّذِي دُلِّسَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ أَقَلَّ عُيُوبِ الرَّقِيقِ, وَإِذَا كَانَ مُشْتَرِيًا فَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِأَقَلِّ الْعُيُوبِ; لِأَنَّ الْبَيْعَ لاَ يَلْزَمُهُ فِي مَعِيبٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فَكَذَلِكَ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ مِثْلُ مَا كَانَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي مِلْكِهِ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ الْبَيْعَ وَفِيهِ عَيْبٌ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَهَذَا مَعْنَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّهُ: {قَضَى أَنْ يُرَدَّ الْعَبْدُ بِالْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَهُ} أَنْ يَرْجِعَ بِمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ الَّذِي دَلَّسَ لَهُ الْبَائِعُ وَرُجُوعُهُ بِهِ كَمَا أَصِفُ لَك أَنْ تُقَوَّمَ الْجَارِيَةُ سَالِمَةً مِنْ الْعَيْبِ فَيُقَالَ قِيمَتُهَا مِائَةٌ, ثُمَّ تُقَوَّمَ وَبِهَا الْعَيْبُ فَيُقَالَ قِيمَتُهَا تِسْعُونَ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ; لِأَنَّهُ يَوْمئِذٍ تَمَّ الْبَيْعُ, ثُمَّ يُقَالُ لَهُ ارْجِعْ بِعُشْرِ ثَمَنِهَا عَلَى الْبَائِعِ كَائِنًا مَا كَانَ قَلَّ, أَوْ كَثُرَ فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِمِائَتَيْنِ رَجَعَ بِعِشْرِينَ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِينَ رَجَعَ بِخَمْسَةٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا مَعِيبَةً بِلاَ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي سَلِّمْهَا إنْ شِئْت وَإِنْ شِئْت فَأَمْسِكْهَا وَلاَ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلاَنِ جَارِيَةً فَوَجَدَا بِهَا عَيْبًا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْعَيْبِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الرَّدِّ جَمِيعًا, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ حِصَّتَهُ وَإِنْ رَضِيَ الْآخَرُ بِالْعَيْبِ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلاَنِ الْجَارِيَةَ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ رَجُلٍ فَوَجَدَا بِهَا عَيْبًا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ, وَالْآخَرُ التَّمَسُّكَ فَلِلَّذِي أَرَادَ الرَّدَّ الرَّدُّ وَلِلَّذِي أَرَادَ التَّمَسُّكَ التَّمَسُّكُ; لِأَنَّ مَوْجُودًا فِي بَيْعِ الِاثْنَيْنِ أَنَّهُ بَاعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ فَالنِّصْفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَالْكُلِّ لَوْ بَاعَهُ كَمَا لَوْ بَاعَ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَهَا وَلِلْآخَرِ نِصْفَهَا, ثُمَّ وَجَدَا بِهَا عَيْبًا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَدُّ النِّصْفِ وَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ, وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَمْسِكَ وَإِنْ رَدَّ صَاحِبُهُ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ وَفِيهِ ثَمَرٌ وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ الثَّمَرُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي. وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: {مَنْ اشْتَرَى نَخْلاً لَهُ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ فَثَمَرُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي} وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ مِنْ النَّخْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ النَّخْلَ قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُؤَبَّرْ فَثَمَرَتُهَا لِلْمُشْتَرِي; لِأَنَّ ثَمَرَهَا غَيْرُ مُنْكَشِفٍ إلَّا فِي وَقْتِ الْإِبَارِ, وَالْإِبَارُ حِينَ يَبْدُو الِانْكِشَافُ وَمَا لَمْ يَبْدُ الِانْكِشَافُ فِي الثَّمَرِ فَهُوَ كَالْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ يَمْلِكُهُ مَنْ مَلَكَ أُمَّهُ, وَإِذَا بَدَا مِنْهُ الِانْكِشَافُ كَانَ كَالْجَنِينِ قَدْ زَايَلَ أُمَّهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى السُّنَّةِ فَإِنْ اشْتَرَى عِنَبًا, أَوْ تِينًا, أَوْ ثَمَرًا أَيَّ ثَمَرٍ مَا كَانَ بَعْدَمَا طَلَعَ صَغِيرًا كَانَ, أَوْ كَبِيرًا فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ, وَذَلِكَ أَنَّهَا مُنْكَشِفَةٌ لاَ حَائِلَ دُونَهَا فِي مِثْلِ مَعْنَى النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ, وَهَكَذَا إذَا بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ, إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَهَذَا كُلُّهُ مِثْلُ السُّنَّةِ نَصًّا, أَوْ شَبِيهٌ بِمَعْنَاهَا لاَ يُخَالِفُهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ, أَوْ الدَّابَّةَ, أَوْ الثَّوْبَ, أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَقَالَ بِعْتنِي وَهَذَا الْعَيْبُ بِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْبَائِعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَعَلَى الْبَائِعِ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَمَا هَذَا الْعَيْبُ بِهِ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وَلاَ يُحَوِّلُهَا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى إلَّا أَنَّهُ إذَا اتَّهَمَ الْمُدَّعِيَ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَيُقَالُ احْلِفْ وَرَدَّهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ وَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الدَّابَّةَ, أَوْ الثَّوْبَ, أَوْ أَيَّ بَيْعٍ مَا كَانَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا فَاخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي, وَالْبَائِعُ فَقَالَ الْبَائِعُ حَدَثَ عِنْدَك وَقَالَ الْمُشْتَرِي, بَلْ عِنْدَك فَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِحَالٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَمَا هَذَا الْعَيْبُ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْمُشْتَرِي عَلَى دَعْوَاهُ بِبَيِّنَةٍ, فَتَكُونَ الْبَيِّنَةُ أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ وَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ رَدَدْنَا الْيَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي اتَّهَمْنَاهُ, أَوْ لَمْ نَتَّهِمْهُ فَإِنْ حَلَفَ رَدَدْنَا عَلَى السِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ نَرْدُدْهَا عَلَيْهِ وَلَمْ نُعْطِهِ بِنُكُولِ صَاحِبِهِ فَقَطْ إنَّمَا نُعْطِيهِ بِالنُّكُولِ إذَا كَانَ مَعَ النُّكُولِ يَمِينُهُ, فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْت؟ قِيلَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِيِّينَ بِالْأَيْمَانِ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا دَمَ صَاحِبِهِمْ فَنَكَلُوا وَرَدَّ الْأَيْمَانَ عَلَى يَهُودَ يَبْرَءُونَ بِهَا, ثُمَّ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الدَّمَ يَبْرَءُونَ بِهَا فَنَكَلُوا فَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِينَ وَلَمْ يُعْطِهِمْ بِالنُّكُولِ شَيْئًا حَتَّى رَدَّ الْأَيْمَانَ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّصُّ الْمُفَسِّرَةُ تَدُلُّ عَلَى سُنَّتِهِ الْجُمْلَةِ, وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي, وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ}, ثُمَّ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ذَلِكَ جُمْلَةٌ دَلَّ عَلَيْهَا نَصُّ حُكْمِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي قَالَ لاَ يَعْدُو بِالْيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يُخَالِفُ هَذَا فَيَكْثُرُ وَيُحَمِّلُ الْحَدِيثَ مَا لَيْسَ فِيهِ, وَقَدْ وَضَعْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ, وَالْيَمِينِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى الْبَتِّ فِيمَا تَبَايَعَا فِيهِ. , وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ بَيْعًا فَبَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ الْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ جَائِزَةٌ وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِعَيْبٍ كَائِنًا مَا كَانَ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الشِّجَاجِ بَرِئَ مِنْ كُلِّ شَجَّةٍ, وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْقُرُوحِ بَرِئَ مِنْ كُلِّ قُرْحَةٍ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُسَمِّيَ الْعُيُوبَ كُلَّهَا بِأَسْمَائِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه: وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ, أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَاَلَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - قَضَاءَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ عَيْبٍ عَلِمَهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ الْبَائِعُ وَيُقْفِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إلَى هَذَا تَقْلِيدًا وَأَنَّ فِيهِ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي يُفَارِقُ فِيهِ الْحَيَوَانُ مَا سِوَاهُ, وَذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَتْ فِيهِ الْحَيَاةَ فَكَانَ يَتَغَذَّى بِالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحُولُ طَبَائِعُهُ قَلَّمَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ يَخْفَى, أَوْ يَظْهَرُ فَإِذَا خَفَى عَلَى الْبَائِعِ أُبَرِّئُهُ بِبُرْئِهِ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ فَقَدْ وَقَعَ اسْمُ الْعُيُوبِ عَلَى مَا نَقَصَهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَصْغُرُ وَيَكْبُرُ وَتَقَعُ التَّسْمِيَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلاَ يُبَرِّئُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَقِفَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَصَحَّ فِي الْقِيَاسِ لَوْلاَ التَّقْلِيدُ وَمَا وَصَفْنَا مِنْ تَفْرِيقِ الْحَيَوَانِ غَيْرَهُ لاََنْ لاَ يَبْرَأَ مِنْ عَيْبٍ كَانَ بِهِ لَمْ يَرَهُ صَاحِبُهُ وَلَكِنَّ التَّقْلِيدَ وَمَا وَصَفْنَا أَوْلَى بِمَا وَصَفْنَاهُ. , وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَابَّةً, أَوْ خَادِمًا, أَوْ دَارًا, أَوْ ثَوْبًا, أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَادَّعَى فِيهِ رَجُلٌ دَعْوَى وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمُشْتَرِي الَّذِي فِي يَدَيْهِ ذَلِكَ الْمَتَاعُ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا فِيهِ حَقٌّ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ لِهَذَا فِيهِ حَقًّا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى الْيَمِينُ عَلَيْهِ بِالْبَتِّ مَا لِهَذَا فِيهِ حَقٌّ وَيَسَعُهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ لِهَذَا فِيهِ حَقًّا وَهَكَذَا عَامَّةُ الْأَيْمَانِ وَالشَّهَادَاتِ. , وَإِذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي بَيْعًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ شَهْرًا, أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ شَهْرًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلاَ يَكُونُ الْخِيَارُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: {مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ} فَجَعَلَ الْخِيَارَ كُلَّهُ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْخِيَارُ جَائِزٌ شَهْرًا كَانَ, أَوْ سَنَةً وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْعَبْدَ, أَوْ أَيَّ سِلْعَةٍ مَا اشْتَرَى عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ, أَوْ الْمُشْتَرِي, أَوْ هُمَا مَعًا إلَى مُدَّةٍ يَصِفَانِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ ثَلاَثًا, أَوْ أَقَلَّ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِطُرْفَةِ عَيْنٍ فَأَكْثَرَ فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ جَازَ الْخِيَارُ ثَلاَثًا وَلَمْ يَجُزْ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثٍ؟ قِيلَ لَوْلاَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ بَعْدَ تَفَرُّقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ سَاعَةً; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا جَعَلَ لَهُمَا الْخِيَارَ إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا, وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً لاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ إلَى الْبَائِعِ وَيَدْفَعَ الْبَائِعُ جَارِيَتَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلاَ يَكُونُ لِلْبَائِعِ الِانْتِفَاعُ بِثَمَنِ سِلْعَتِهِ وَلاَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَنْتَفِعَ بِجَارِيَتِهِ, وَلَوْ زَعَمْنَا أَنَّ لَهُمَا أَنْ يَنْتَفِعَا زَعَمْنَا أَنَّ عَلَيْهِمَا إنْ شَاءَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرُدَّ رَدَّ فَإِذَا كَانَ مِنْ أَصْلِ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ أَبِيعَ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنْ لاَ يَبِيعَهَا صَاحِبُهَا لِأَنِّي إذَا شَرَطْت عَلَيْهِ هَذَا فَقَدْ نَقَصْته مِنْ الْمِلْكِ شَيْئًا وَلاَ يَصْلُحُ أَنْ أَمْلِكَهُ بِعِوَضٍ آخُذُهُ مِنْهُ إلَّا مَا مِلْكُهُ عَلَيْهِ تَامٌّ فَقَدْ نَقَصْته بِشَرْطِ الْخِيَارِ كُلَّ الْمِلْكِ حَتَّى حَظَرْته عَلَيْهِ وَأَصْلُ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ لَوْلاَ الْخَبَرُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا; لِأَنَّا نُفْسِدُ الْبَيْعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ مِمَّا ذَكَرْت فَلَمَّا شَرَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فِي الْمُصْرَاةِ خِيَارَ ثَلاَثٍ بَعْدَ الْبَيْعِ} وَرُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام: {أَنَّهُ جَعَلَ لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ خِيَارَ ثَلاَثٍ فِيمَا ابْتَاعَ} انْتَهَيْنَا إلَى مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخِيَارِ وَلَمْ نُجَاوِزْهُ إذَا لَمْ يُجَاوِزْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَك أَنَّ أَمْرَهُ بِهِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَالْحَدِّ لِغَايَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُصَرَّاةَ قَدْ تُعْرَفُ تَصْرِيَتُهَا بَعْدَ أَوَّلِ حَلْبَةٍ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَفِي يَوْمَيْنِ حَتَّى لاَ يَشُكَّ فِيهَا فَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ إنَّمَا هُوَ لِيَعْلَمَ اسْتِبَانَةَ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ أَشْبَهَ أَنْ يُقَالَ لَهُ الْخِيَارُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ طَالَ ذَلِكَ, أَوْ قَصُرَ كَمَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْعَيْبِ إذَا عَلِمَهُ بِلاَ وَقْتٍ طَالَ ذَلِكَ, أَوْ قَصُرَ, وَلَوْ كَانَ خِيَارُ حِبَّانَ إنَّمَا كَانَ لِاسْتِشَارَةِ غَيْرِهِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَشِيرَهُ فِي مُقَامِهِ وَبَعْدَهُ بِسَاعَةٍ وَأَمْكَنَ فِيهِ أَنْ يَدَعَ الِاسْتِشَارَةَ دَهْرًا فَكَانَ الْخَبَرُ دَلَّ عَلَى أَنَّ خِيَارَ ثَلاَثٍ أَقْصَى غَايَةِ الْخِيَارِ فَلَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُجَاوِزَهُ وَمَنْ جَاوَزَهُ كَانَ عِنْدَنَا مُشْتَرِطًا بَيْعًا فَاسِدًا (قَالَ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ بَيْعًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ يَوْمًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْمُشْتَرِي ضَامِنٌ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى بَيْعٍ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ أَمِينٌ فِي ذَلِكَ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ, وَلَوْ أَنَّ الْخِيَارَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَهُوَ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ فِي قَوْلِهِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثًا, أَوْ أَقَلَّ وَقَبَضَهُ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا أَنْ نُضَمِّنَهُ ثَمَنَهُ أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهِ وَمَنَعْنَا أَنْ نَطْرَحَ الضَّمَانَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا عَلَى بَيْعٍ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِهِ عِوَضًا فَلاَ نَجْعَلُ الْبَيْعَ إلَّا مَضْمُونًا وَلاَ وَجْهَ لاََنْ يَكُونَ أَمِينًا فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ الرَّجُلُ أَمِينًا فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْفَعَةً عَاجِلَةً وَلاَ آجِلَةً وَإِنَّمَا يُمْسِكُهُ لِمَنْفَعَةِ رَبِّهِ لاَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ, أَوْ الْمُشْتَرِي; لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهِ حَتَّى مَاتَ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَبَاعَ نِصْفَهَا وَلَمْ يَبِعْ النِّصْفَ الْآخَرَ, ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدْ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَهُ لَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَلاَ يَرْجِعَ بِمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ, وَيَقُولَ رُدَّ الْجَارِيَةَ كُلَّهَا كَمَا أَخَذْتهَا وَإِلَّا فَلاَ حَقَّ لَك وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ يَرُدُّ مَا فِي يَدِهِ مِنْهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ثَمَنِهَا, وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمَا فِي الثِّيَابِ وَفِي كُلِّ بَيْعٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه, وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ, أَوْ الثَّوْبَ, أَوْ السِّلْعَةَ فَبَاعَ نِصْفَهَا مِنْ رَجُلٍ, ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ دَلَّسَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ النِّصْفَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَلاَ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ نَقْصِ الْعَيْبِ مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ وَيُقَالُ لَهُ رُدَّهَا كَمَا هِيَ, أَوْ احْبِسْ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنَقْصِ الْعَيْبِ إذَا مَاتَتْ الْجَارِيَةُ, أَوْ أُعْتِقَتْ فَصَارَتْ لاَ تُرَدُّ بِحَالٍ, أَوْ حَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ فَصَارَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بِحَالٍ فَأَمَّا إذَا بَاعَهَا, أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّهَا, وَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَرُدَّهَا فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْبَائِعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعَ بِنَقْصِ الْعَيْبِ كَمَا لاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا بِيَدِهِ وَيَرْجِعَ بِنَقْصِ الْعَيْبِ (قَالَ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ فِيهِ شَرْطًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلاَنٍ, أَوْ يَهَبَهُ لِفُلاَنٍ, أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ الْبَيْعُ فِي هَذَا فَاسِدٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه نَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ لاَ يَبِيعَهُ مِنْ فُلاَنٍ, أَوْ عَلَى أَنْ لاَ يَسْتَخْدِمَهُ, أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا, أَوْ عَلَى أَنْ يُخَارِجَهُ فَالْبَيْعُ فِيهِ كُلِّهِ فَاسِدٌ; لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ غَيْرُ تَمَامِ مِلْكٍ وَلاَ يَجُوزُ الشَّرْطُ فِي هَذَا إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعِتْقُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَلِفِرَاقِ الْعِتْقِ لِمَا سِوَاهُ فَنَقُولُ إنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهُ فَأَعْتَقَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ مَا فَرْقٌ بَيْنَ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ قِيلَ قَدْ يَكُونُ لِي نِصْفُ الْعَبْدِ فَأَهَبَهُ وَأَبِيعُهُ وَأَصْنَعُ فِيهِ مَا شِئْت غَيْرَ الْعِتْقِ فَلاَ يَلْزَمُنِي ضَمَانُ نَصِيبِ شَرِيكِي فِيهِ وَلاَ يَخْرُجُ نَصِيبُ شَرِيكِي مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ كُلًّا مَالِكٌ لِمَا مَلَكَ فَإِنْ أَعْتَقْته وَأَنَا مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِي الَّذِي لاَ أَمْلِكُ وَلَمْ أَعْتِقْ وَضَمِنْت قِيمَتَهُ وَخَرَجَ مِنْ يَدَيْ شَرِيكِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَأَعْتَقَ الْحَمْلَ فَتَلِدُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ, وَلَوْ بِعْته لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ مَعَ خِلاَفِهِ لِغَيْرِهِ فِي هَذَا وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ, وَالْمُكَاتَبِ وَمَا سِوَاهُمَا (قَالَ): وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ مِنْ بَيْعٍ فَحَلَّ الْمَالُ فَأَخَّرَهُ عَنْهُ إلَى أَجَلٍ آخَرَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ تَأْخِيرُهُ جَائِزٌ وَهُوَ إلَى الْأَجَلِ الْآخَرِ الَّذِي أَخَّرَهُ عَنْهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ مِنْهُمَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ مَالٌ حَالٌّ مِنْ سَلَفٍ, أَوْ مِنْ بَيْعٍ, أَوْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَأَنْظَرَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِالْمَالِ إلَى مُدَّةٍ مِنْ الْمُدَدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي النَّظِرَةِ مَتَى شَاءَ, وَذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِهِ إلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلاَ شَيْئًا أَخَذَ مِنْهُ بِهِ عِوَضًا فَنُلْزِمُهُ إيَّاهُ لِلْعِوَضِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْهُ, أَوْ نُفْسِدُهُ وَيَرُدُّ الْعِوَضَ وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ السَّلَفِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا فِي الْبَيْعِ, وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ فَيَجْعَلاَنِهِ بَيْعًا غَيْرَهُ بِنَظِرَةٍ, أَوْ يَتَدَاعَيَانِ فِيهِ دَعْوَى فَيُصَيَّرَانِهِ بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا إلَى أَجَلٍ فَيَلْزَمُهُمَا الْبَيْعُ الَّذِي أَحْدَثَاهُ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَتَغَيَّبَ عَنْهُ الْمَطْلُوبُ حَتَّى حَطَّ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْضَهُ, ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بَعْدُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ مَا حَطَّ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا حَطَّ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَلَوْ أَنَّ الطَّالِبَ قَالَ إنْ ظَهَرَ لِي فَلَهُ مِمَّا عَلَيْهِ كَذَا, وَكَذَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ هَذَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا تَغَيَّبَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ الرَّجُلِ فَحَطَّ عَنْهُ وَهُوَ مُتَغَيِّبٌ شَيْئًا وَأَخَذَ مِنْهُ الْبَقِيَّةَ, ثُمَّ قَالَ إنَّمَا حَطَطْت عَنْهُ لِلتَّغَيُّبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا حَطَّ عَنْهُ وَلاَ يَكُونُ هَذَا مِنْ مَعَانِي الْإِكْرَاهِ الَّتِي نَطْرَحُهَا عَمَّنْ أُكْرِهَ عَلَيْهَا; لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ مَوْضُوعٌ عَنْ الْعَبْدِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَفِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ هَذَا إكْرَاهًا قَدْ كَانَ يَظْهَرُ لَهُ بَعْدَ التَّغَيُّبِ وَيُعَدَّى عَلَيْهِ فِي التَّغَيُّبِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ غَابَ عَنْهُ وَلَمْ يَغِبْ. وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ إنْ ظَهَرَ لِي فَلَهُ وَضْعُ كَذَا فَظَهَرَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَضْعٌ; لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ مُخَاطَرَةٍ. وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بَيْعًا إلَى الْعَطَاءِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ فَاسِدٌ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْبَيْعُ جَائِزٌ, وَالْمَالُ حَالٌّ, وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمَا فِي كُلِّ مَبِيعٍ إلَى أَجَلٍ لاَ يُعْرَفُ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ رَدَّهُ وَرَدَّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لاَ أُرِيدُ الْأَجَلَ وَأَنَا أَنْقُدُ لَك الْمَالَ جَازَ ذَلِكَ لَهُ فِي هَذَا كُلِّهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بَيْعًا إلَى الْعَطَاءِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَذِنَ بِالدَّيْنِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى, وَالْمُسَمَّى الْمُوَقَّتُ بِالْأَهِلَّةِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ يَقُولُ: {يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ, وَالْحَجِّ}, وَالْأَهِلَّةُ مَعْرُوفَةٌ الْمَوَاقِيتُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} وَالسِّنِينَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} وَكُلُّ هَذَا الَّذِي لاَ يَتَقَدَّمُ وَلاَ يَتَأَخَّرُ, وَالْعَطَاءُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ فِيمَا عَلِمْت وَلاَ نَرَى أَنْ يَكُونَ أَبَدًا إلَّا يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ, وَلَوْ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ غَايَةَ جَهْدِهِ لَدَخَلَهُ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لاَ تُبَايِعُوا إلَى الْعَطَاءِ وَلاَ إلَى الْأَنْدَرِ وَلاَ إلَى الْعَصِيرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا قَالَ; لِأَنَّ هَذَا يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ وَكُلُّ بَيْعٍ إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ فَالْبَيْعُ فِيهِ فَاسِدٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: فَإِنْ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ الَّتِي اُبْتِيعَتْ إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْقِيمَةَ وَإِنْ نَقَصَتْ فِي يَدَيْهِ بِعَيْبٍ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَرْضَى السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ بِالْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُصْلِحَهُ دُونَ الْآخَرِ وَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَرَأَيْت إذَا زَعَمْت أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ فَمَتَى صَلَحَ فَإِنْ قَالَ صَلَحَ بِإِبْطَالِ هَذَا شَرْطَهُ قِيلَ لَهُ: فَلِهَذَا أَنْ يَكُونَ بَائِعًا مُشْتَرٍ, أَوْ إنَّمَا هَذَا مُشْتَرٍ وَرَبُّ السِّلْعَةِ بَائِعٌ. فَإِنْ قَالَ, بَلْ رَبُّ السِّلْعَةِ بَائِعٌ قِيلَ لَهُ: فَهَلْ أَحْدَثَ رَبُّ السِّلْعَةِ بَيْعًا غَيْرَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ؟ فَإِنْ قَالَ: لاَ, قِيلَ فَقَوْلُك مُتَنَاقِضٌ تَزْعُمُ أَنَّ بَيْعًا فَاسِدًا حُكْمُهُ كَمَا لَمْ يَصِرْ فِيهِ بَيْعٌ يَصِيرُ بَيْعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِيعَهُ مَالِكُهُ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مِنْ أَصْنَافِ الْغَلَّةِ كُلِّهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى قَالَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَرْكَ ذَلِكَ الثَّمَرِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ فَإِنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى قَصِيلاً يَقْصِلُهُ عَلَى دَوَابِّهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا؟ قَالَ, وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الطَّلْعِ حِينَ يَخْرُجُ فَقَطَعَهُ كَانَ جَائِزًا, وَإِذَا اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَرْكَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَهُ فَإِذَا اسْتَأْذَنَ صَاحِبَهُ فِي تَرْكِهِ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ خَيْرَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ وَلاَ بَأْسَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَدْ بَلَغَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْبَائِعِ تَرْكَهُ إلَى أَجَلٍ, وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه يَقُولُ لاَ خَيْرَ فِي هَذَا الشَّرْطِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَصْنَافًا مِنْ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّ: {النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا}, وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يُسَمِّ قَطْعَهُ وَلاَ تَرْكَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ كَانَ الْبَيْعُ فِيهِ فَاسِدًا; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي, ثُمَّ يَتْرُكُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ إبَّانَهُ وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا يَرَاهُ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مَكَانَهُ فَلاَ يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ كَمَا لاَ يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ إذَا كَانَ مَوْضُوعًا بِالْأَرْضِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ إنَّمَا: {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّمَرَةِ أَنْ تُبَاعَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا وَقَالَ أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟}, وَقَدْ: {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ} وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَا يَتْرُكُ إلَى مُدَّةٍ يَكُونُ الْمَنْعُ دُونَهَا, وَكَذَلِكَ إنَّمَا تَأْتِي الْعَاهَةُ عَلَى مَا يُتْرَكُ إلَى مُدَّةٍ تَكُونُ الْعَاهَةُ دُونَهَا فَأَمَّا مَا يُقْطَعُ مَكَانَهُ فَهُوَ كَالْمَوْضُوعِ بِالْأَرْضِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ فِيهَا حَمْلٌ فَلَمْ يَذْكُرْ النَّخْلَ وَلاَ الْحَمْلَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ النَّخْلُ لِلْمُشْتَرِي تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي. بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ اشْتَرَى نَخْلاً مُؤَبَّرًا فَثَمَرَتُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ الْمُشْتَرِي} وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرَةٌ فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ قَدْ أَبَّرَ وَإِنْ لَمْ يُؤَبِّرْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي, وَالْأَرْضُ بِالنَّخْلِ لِلْمُشْتَرِي (قَالَ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِائَةَ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةً مِنْ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ, أَوْ عَشْرَةَ أَجْرِيَةٍ مِنْ أَرْضٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلاَ يَجُوزُ; لِأَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا اشْتَرَى كَمْ هُوَ مِنْ الدَّارِ وَكَمْ هُوَ مِنْ الْأَرْضِ وَأَيْنَ مَوْضِعُهُ مِنْ الدَّارِ, وَالْأَرْضِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ فِي الْبَيْعِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لاَ تَكُونُ مِائَةَ ذِرَاعٍ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِمَا نَقَصَتْ الدَّارُ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الدَّارِ ثُلُثًا, أَوْ رُبُعًا, أَوْ عَشْرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ جَمِيعِهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَهُوَ شَرِيكٌ فِيهَا بِقَدْرِ مَا اشْتَرَى قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا لَوْ اشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ, أَوْ نِصْفَ ثَوْبٍ, أَوْ نِصْفَ خَشَبَةٍ, وَلَوْ اشْتَرَى مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ دَارٍ مَحْدُودَةٍ وَلَمْ يُسَمِّ أَذْرُعَ الدَّارِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمِائَةَ قَدْ تَكُونُ نِصْفًا, أَوْ ثُلُثًا, أَوْ رُبُعًا, أَوْ أَقَلَّ فَيَكُونُ قَدْ اشْتَرَى شَيْئًا غَيْرَ مَحْدُودٍ وَلاَ مَحْسُوبٍ مَعْرُوفٍ كَمْ قَدْرُهُ مِنْ الدَّارِ فَنُجِيزُهُ, وَلَوْ سَمَّى ذَرْعَ جَمِيعِ الدَّارِ, ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهَا مِائَةَ ذِرَاعٍ كَانَ جَائِزًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا مِنْهَا سَهْمٌ مَعْلُومٌ مِنْ جَمِيعِهَا وَهَذَا مِثْلُ شِرَائِهِ سَهْمًا مِنْ أَسْهُمٍ مِنْهَا, وَلَوْ قَالَ أَشْتَرِي مِنْك مِائَةَ ذِرَاعٍ آخُذُهَا مِنْ أَيِّ الدَّارِ شِئْت كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَإِنْ كَانَتْ الْآجَامُ مَحْظُورَةً, وَقَدْ حُظِرَ فِيهَا سَمَكٌ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ. بَلَغَنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُ قَالَ: {لاَ تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ غَرَرٌ}, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ فِي هَذَا شِرَاؤُهُ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ السَّمَكُ فِي بِئْرٍ, أَوْ مَاجِلٍ, أَوْ أَجَمَةٍ مَحْظُورَةٍ, وَكَانَ الْبَائِعُ, وَالْمُشْتَرِي يَرَيَانِهِ فَبَاعَهُ مَالِكُهُ, أَوْ شَيْئًا مِنْهُ يَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ لاَ يُؤْخَذُ حَتَّى يُصَادَ فَالْبَيْعُ فِيهِ بَاطِلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعِ صِفَةٍ مَضْمُونَةٍ وَلاَ بَيْعِ عَيْنٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا حِينَ تُبَاعُ فَيُدْفَعُ, وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتَ فَيَنْتُنَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ فَيَكُونُ عَلَى مُشْتَرِيهِ فِي مَوْتِهِ الْمُخَاطَرَةُ فِي قَبْضِهِ وَلَكِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي عَيْنِ مَاءٍ لاَ يَمْتَنِعُ فِيهِ وَيُؤْخَذُ بِالْيَدِ مَكَانَهُ جَازَ بَيْعُهُ كَمَا يَجُوزُ إذَا أُخْرِجَ فَوُضِعَ عَلَى الْأَرْضِ. وَإِذَا حُبِسَ الرَّجُلُ فِي الدَّيْنِ وَفَلَّسَهُ الْقَاضِي فَبَاعَ فِي السِّجْنِ وَاشْتَرَى وَأَعْتَقَ, أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ, أَوْ وَهَبَ هِبَةً فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ هَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ فِي الدَّيْنِ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ شَيْءٌ, أَلاَ تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُفْلِسُ الْيَوْمَ وَيُصِيبُ غَدًا مَالاً, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلاَ شِرَاؤُهُ وَلاَ عِتْقُهُ وَلاَ هِبَتُهُ وَلاَ صَدَقَتُهُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ فَيَبِيعُ مَالَهُ وَيَقْضِيهِ الْغُرَمَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا خَلاَ الْعَتَاقَةَ فِي الْحَجْرِ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ التَّفْلِيسِ وَلاَ نُجِيزُ شَيْئًا سِوَى الْعَتَاقَةَ مِنْ ذَلِكَ أَبَدًا حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَيَجُوزُ بَيْعُ الرَّجُلِ وَجَمِيعُ مَا أَحْدَثَ فِي مَالِهِ كَانَ ذَا دَيْنٍ, أَوْ غَيْرَ ذِي دَيْنٍ وَذَا وَفَاءٍ, أَوْ غَيْرَ ذِي وَفَاءٍ حَتَّى يُسْتَعْدَى عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ فَإِذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ فَثَبَتَ عَلَيْهِ شَيْءٌ, أَوْ أَقَرَّ مِنْهُ بِشَيْءٍ انْبَغَى لِلْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ مَكَانَهُ وَيَقُولَ قَدْ حَجَرْت عَلَيْهِ حَتَّى أَقْضِيَ دَيْنَهُ وَفَلَّسْته, ثُمَّ يُحْصِيَ مَالَهُ وَيَأْمُرَهُ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِي التَّسَوُّمِ وَيَأْمُرَ مَنْ يَتَسَوَّمَ بِهِ, ثُمَّ يُنْفِذُ الْقَاضِي فِيهِ الْبَيْعَ بِأَغْلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيَقْضِي دَيْنَهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَحْضَرَهُ فَأَطْلَقَ الْحَجْرَ عَنْهُ وَعَادَ إلَى أَنْ يَجُوزَ لَهُ فِي مَالِهِ كُلُّ مَا صَنَعَ إلَى أَنْ يُسْتَعْدَى عَلَيْهِ فِي دَيْنِ غَيْرِهِ وَمَا اسْتَهْلَكَ مِنْ مَالِهِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي حَجَرَ فِيهَا عَلَيْهِ بِبَيْعٍ, أَوْ هِبَةٍ, أَوْ صَدَقَةٍ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ , وَإِذَا أَعْطَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ مَتَاعًا يَبِيعُهُ وَلَمْ يُسَمِّ بِالنَّقْدِ وَلاَ بِالنَّسِيئَةِ فَبَاعَهُ بِالنَّسِيئَةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْبَيْعُ جَائِزٌ, وَالْمَأْمُورُ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْمَتَاعِ حَتَّى يَدْفَعَهُ لِرَبِّ الْمَتَاعِ فَإِذَا خَرَجَ الثَّمَنُ مِنْ عِنْدِ الْمُشْتَرِي وَفِيهِ فَضْلٌ عَنْ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ الْفَضْلَ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ لَمْ يَضْمَنْ غَيْرَ الْقِيمَةِ الْمَاضِيَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ بِشَيْءٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ سِلْعَةً فَقَالَ بِعْهَا وَلَمْ يَقُلْ بِنَقْدٍ وَلاَ بِنَسِيئَةٍ وَلاَ بِمَا رَأَيْت مِنْ نَقْدٍ, أَوْ نَسِيئَةٍ فَالْبَيْعُ عَلَى النَّقْدِ فَإِنْ بَاعَهَا بِنَسِيئَةٍ كَانَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلَ أَنْ يَبِيعَ إلَّا بِنَقْدٍ فَإِنْ فَاتَتْ فَالْبَائِعُ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي ضَمَّنَهُ فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالْفَضْلِ مِمَّا أَخَذَ رَبُّ السِّلْعَةِ عَمَّا ابْتَاعَهَا بِهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ إلَّا مَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ الَّتِي أَتْلَفَهَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ فِيهَا لَمْ يَتِمَّ (قَالَ): وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك وَأَنَا بِالْخِيَارِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِي وَلَمْ يَكُنْ لَك خِيَارٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ عَبْدًا وَتَفَرَّقَا بَعْدَ الْبَيْعِ, ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلاَثًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِي وَلَمْ تَشْتَرِطْ خِيَارًا تَحَالَفَا, وَكَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ, أَوْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَهَذَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - كَاخْتِلاَفِهِمَا فِي الثَّمَنِ نَحْنُ نَنْقُضُ الْبَيْعَ بِاخْتِلاَفِهِمَا فِي الثَّمَنِ وَنَنْقُضُهُ بِادِّعَاءِ هَذَا أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ وَأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالْبَيْعِ إلَّا بِخِيَارٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ هَكَذَا (قَالَ): وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ جَارِيَةً بِجَارِيَةٍ وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا, ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِالْجَارِيَةِ الَّتِي قَبَضَ عَيْبًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى: كَانَ يَقُولُ يَرُدُّهَا وَيَأْخُذُ جَارِيَتَهُ; لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ انْتَقَضَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يَرُدُّهَا وَيَأْخُذُ قِيمَتَهَا صَحِيحَةً, وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمَا فِي جَمِيعِ الرَّقِيقِ, وَالْحَيَوَانِ, وَالْعُرُوضِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا بَايَعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ جَارِيَةً بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا, ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِالْجَارِيَةِ الَّتِي قَبَضَ عَيْبًا رَدَّهَا وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ الَّتِي بَاعَ بِهَا وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَهَكَذَا جَمِيعُ الْحَيَوَانِ, وَالْعُرُوضِ وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ مَعَ إحْدَاهُمَا دَرَاهِمُ, أَوْ عَرَضٌ مِنْ الْعُرُوضِ وَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِي أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ فَوَجَدَ الْآخَرُ عَيْبًا بِالْجَارِيَةِ الْحَيَّةِ رَدَّهَا وَأَخَذَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ; لِأَنَّهَا هِيَ الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَ كَمَا يَرُدُّهَا وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ بَيْعًا لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ يُخَاصِمُ الْمُشْتَرِي وَلاَ نُبَالِي أَحَضَرَ الْآمِرُ أَمْ لاَ وَلاَ نُكَلِّفُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُحْضِرَ الْآمِرَ وَلاَ نَرَى عَلَى الْمُشْتَرِي يَمِينًا إنْ قَالَ الْبَائِعُ الْآمِرُ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ حَتَّى يَحْضُرَ الْآمِرُ فَيَحْلِفَ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ, وَلَوْ كَانَ غَائِبًا بِغَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ. وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَهُ مَالُ مُضَارَبَةٍ أَتَى بِلاَدًا يَتَّجِرُ فِيهَا بِذَلِكَ الْمَالِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ مَا اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلاَ يَسْتَحْلِفَ عَلَى رِضَا الْآمِرِ بِالْعَيْبِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي الْمُضَارِبُ أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ رَبُّ الْمَالِ فَيَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْمَتَاعَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَرَأَيْت رَجُلاً أَمَرَ رَجُلاً فَبَاعَ لَهُ مَتَاعًا, أَوْ سِلْعَةً فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا أَيُخَاصِمُ الْبَائِعَ فِي ذَلِكَ, أَوْ نُكَلِّفُهُ أَنْ يُحْضِرَ الْآمِرُ رَبَّ الْمَتَاعِ, أَلاَ تَرَى أَنَّ خَصْمَهُ فِي هَذَا الْبَائِعُ وَلاَ نُكَلِّفُهُ أَنْ يُحْضِرَ الْآمِرَ وَلاَ خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُ فَاشْتَرَى لَهُ فَهُوَ مِثْلُ أَمْرِهِ بِالْبَيْعِ أَرَأَيْت لَوْ اشْتَرَى مَتَاعًا وَلَمْ يَرَهُ أَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا رَآهُ أَمْ لاَ يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ حَتَّى يَحْضُرَ الْآمِرُ؟ أَرَأَيْت لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ أَعْمَى قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَقَالَ لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ أَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِهَذَا حَتَّى يُحْضِرَ الْآمِرَ؟ بَلَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلاَ يُحْضِرَ الْآمِرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه, وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِعَيْنِهَا, أَوْ مَوْصُوفَةً, أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالاً قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ تِجَارَةً فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ دُونَ رَبِّ الْمَالِ; لِأَنَّهُ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ, وَذَلِكَ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْمَالِكِ فِيمَا اشْتَرَى لِرَبِّ الْمَالِ, أَلاَ تَرَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَوْ قَالَ لاَ أَرْضَى بِمَا اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فِيمَا ابْتَاعَ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ, وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَحَابَى فِيهِ لَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ, وَكَانَتْ التَّبَاعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْوَكِيلِ لاَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ. وَكَذَلِكَ تَكُونُ التَّبَاعَةُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ دُونَ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رِضَا رَبِّ الْمَالِ حَلَفَ عَلَى عِلْمِهِ لاَ عَلَى الْبَتِّ. , وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ ثَوْبًا مُرَابَحَةً عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى فَبَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ, ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعَ قَدْ خَانَهُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْمُرَابَحَةِ. فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْبَيْعُ جَائِزٌ; لِأَنَّهُ قَدْ بَاعَ الثَّوْبَ, وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ الثَّوْبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ مَا نَقَدَ إنْ شَاءَ وَلاَ يَحُطَّهُ شَيْئًا, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ تُحَطُّ عَنْهُ تِلْكَ الْخِيَانَةُ وَحِصَّتُهَا مِنْ الرِّبْحِ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه: وَإِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ ثَوْبًا مُرَابَحَةً فَبَاعَهُ, ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ الَّذِي بَاعَهُ مُرَابَحَةً قَدْ خَانَهُ فِي الثَّمَنِ فَقَدْ قِيلَ تُحَطُّ عَنْهُ الْخِيَانَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ, وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ إفْسَادِ الْبَيْعِ وَأَنْ يَرُدَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا وَيَجْعَلَهُ بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ فَائِتًا أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى مُحَرَّمٍ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا انْعَقَدَ عَلَى مُحَرَّمٍ عَلَى الْخَائِنِ مِنْهُمَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا يُشْبِهُ هَذَا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ بِحَالٍ, وَالْبَائِعُ فِيهِ غَارٌّ؟ قِيلَ يُدَلِّسُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ الْعَيْبَ فَيَكُونُ التَّدْلِيسُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَمَا أَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ مُحَرَّمًا كَمَا كَانَ مَا أَخَذَ مِنْ الْخِيَانَةِ مُحَرَّمًا وَلاَ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا فِيهِ وَلاَ يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي رَدِّهِ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى لَهُ, أَوْ فَسْخُ الْبَيْعِ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَإِذَا وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ; لِأَنَّهُ يَرُدُّ إلَى ثَمَنٍ مَجْهُولٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ سِلْعَةً فَظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَيْبِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ: لاَ أَقْبَلُ شُهُودًا عَلَى الْعَيْبِ حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ السِّلْعَةَ وَقَبَضَهَا وَنَقَدَ ثَمَنَهَا, أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ حَتَّى ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ يُقِرُّ بِهِ الْبَائِعُ, أَوْ يَرَى, أَوْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَلَهُ الرَّدُّ قَبْلَ النَّقْدِ كَمَا لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ النَّقْدِ. وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ كَبِيرٌ دَارًا, أَوْ مَتَاعًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى ابْنِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ بَيْعُهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَلِي مَالَهُ نَفْسَهُ فَبَاعَ أَبُوهُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْوَى أَضْعَافًا, أَوْ بِغَيْرِ مَا يَسْوَى فِي غَيْرِ حَاجَةٍ, أَوْ حَاجَةٍ نَزَلَتْ بِأَبِيهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الْبَيْعِ عَلَيْهِ وَلاَ حَقَّ لَهُ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ فَيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ, وَكَذَلِكَ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ مَالِهِ. وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ مَتَاعًا لِرَجُلٍ وَالرَّجُلُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ سُكُوتُهُ إقْرَارًا بِالْبَيْعِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ سُكُوتُهُ إقْرَارٌ بِالْبَيْعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ ثَوْبًا لِرَجُلٍ, أَوْ خَادِمًا وَالرَّجُلُ الْمَبِيعُ ثَوْبُهُ, أَوْ خَادِمُهُ حَاضِرُ الْبَيْعِ لَمْ يُوَكِّلْ الْبَائِعَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْبَيْعِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَلاَ يَكُونُ صَمْتُهُ رِضًا بِالْبَيْعِ إنَّمَا يَكُونُ الصَّمْتُ رِضَا الْبِكْرِ وَأَمَّا الرَّجُلُ فَلاَ (قَالَ): وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ نَصِيبًا مِنْ دَارِهِ وَلَمْ يُسَمِّ ثُلُثًا, أَوْ رُبُعًا, أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ, أَوْ كَذَا, وَكَذَا سَهْمًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى لَهُ الْخِيَارُ إذَا عَلِمَ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ اثْنَيْنِ, أَوْ ثَلاَثَةٍ أَجَزْت بَيْعَ النَّصِيبِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَإِنْ كَانَتْ أَسْهُمًا كَثِيرَةً لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمِّيَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ ثَلاَثَةٍ فَقَالَ أَحَدُهُمْ لِرَجُلٍ بِعْتُك نَصِيبًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يَقُلْ نَصِيبِي فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ النَّصِيبَ مِنْهَا قَدْ يَكُونُ سَهْمًا مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ وَأَقَلَّ وَيَكُونُ أَكْثَرَ الدَّارِ فَلاَ يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْبَائِعِ, وَالْمُشْتَرِي, وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نَصِيبِي لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَصَادَقَا بِأَنَّهُمَا قَدْ عَرَفَا نَصِيبَهُ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ. وَإِذَا خَتَمَ الرَّجُلُ عَلَى شِرَاءٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ بِتَسْلِيمٍ لِلْبَيْعِ حَتَّى يَقُولَ سَلَّمْت وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ ذَلِكَ تَسْلِيمٌ لِلْبَيْعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه, وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ بِكِتَابٍ فِيهِ شِرَاءٌ بِاسْمِهِ وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُشْهِدْ وَلَمْ يَكْتُبْ فَالْخَتْمُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ إنَّمَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْكَلاَمِ, وَإِذَا بِيعَ الرَّقِيقُ, وَالْمَتَاعُ فِي عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ وَهُوَ مَتَاعٌ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ, أَوْ رَقِيقٌ مِنْ رَقِيقِهِمْ قَدْ غَلَبُوهُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ وَيُرَدُّ عَلَى أَهْلِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَالرَّقِيقُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَقَتَلَ الْخَوَارِجَ قَبْلَ أَنْ يَبِيعُوهُ رُدَّ عَلَى أَهْلِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا ظَهَرَ الْخَوَارِجُ عَلَى قَوْمٍ فَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مُسْتَحِلِّينَ فَبَاعُوهَا, ثُمَّ ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدَيْهِ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدَيْهِ وَفَسَخَ الْبَيْعَ وَرَدَّهُ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ, وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الدَّابَّةَ مِنْ النَّصْرَانِيِّ فَادَّعَاهَا نَصْرَانِيٌّ آخَرُ وَأَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ شَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ عَلَى النَّصْرَانِيِّ وَلاَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِشَيْءٍ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدٍ خَالَفَ الْإِسْلاَمَ وَلاَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ حَتَّى يَجْمَعَ الشَّاهِدَانِ أَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بَالِغَيْنِ عَدْلَيْنِ غَيْرَ ظَنِينَيْنِ فِيمَا يَشْهَدَانِ فِيهِ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَلاَ الْمُسْلِمِينَ وَلاَ لِأَحَدٍ وَلاَ عَلَى أَحَدٍ, وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ بَيْعًا مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ ذَلِكَ إذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ بَيْعُهُ جَائِزٌ بِالْقِيمَةِ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الْمَرِيضُ بَيْعًا مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ, أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ, ثُمَّ مَاتَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ, وَالْبَيْعُ لاَ هِبَةَ وَلاَ وَصِيَّةَ فَيُرَدُّ. وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الرَّجُلُ مَالاً لِوَلَدِهِ وَوَلَدُهُ كَبِيرٌ وَالرَّجُلُ غَنِيٌّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ هُوَ دَيْنٌ عَلَى الْأَبِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ يَكُونُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى أَبِيهِ وَمَا اسْتَهْلَكَ أَبُوهُ مِنْ شَيْءٍ لِابْنِهِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ مَالاً مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْ الْأَبِ رَجَعَ عَلَيْهِ الِابْنُ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ, وَلَوْ أَعْتَقَ لَهُ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ, وَالْعِتْقُ غَيْرُ اسْتِهْلاَكٍ فَلاَ يَجُوزُ بِحَالٍ عِتْقُ غَيْرِ الْمَالِكِ , وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَزَادَ مَعَهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ, ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا, وَقَدْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ يَرُدُّ الْعَبْدَ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ صَحِيحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ هِيَ الَّتِي وَجَدَ بِهَا الْعَيْبَ, وَقَدْ مَاتَ الْعَبْدُ رَدَّ الْجَارِيَةَ وَقَسَمَ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَلَى الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ وَعَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَيَكُونُ لَهُ مَا أَصَابَ الْمِائَةُ الدِّرْهَمُ وَيَرُدُّ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ فِي هَذَا إنْ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا رَدَّهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا, وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي هِيَ فِي يَدَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَزَادَ مَعَ الْجَارِيَةِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَتَقَابَضَا, ثُمَّ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ فَوَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّ الْعَبْدِ وَقَبْضُ الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ الَّتِي دَفَعَ وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ الَّتِي دَفَعَ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا قِيمَتَهَا عَلَى الْقَابِضِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَدْنَاهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ هِيَ, وَالْمِائَةُ الدِّرْهَمُ, وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَوَجَدَ بِالْجَارِيَةِ الْعَيْبَ رَدَّهَا, وَالْمِائَةَ الدِّرْهَمَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَائِمًا لاََخَذَهُ فَإِذَا فَاتَ فَقِيمَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ وَكُلُّ مَنْ ابْتَاعَ بَيْعًا فَأَصَابَ عَيْبًا رَدَّهُ وَرَجَعَ بِمَا أَعْطَى فِي ثَمَنِهِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَوْبَيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُمَا فَهَلَكَ وَاحِدٌ وَوَجَدَ بِالثَّوْبِ الْآخَرِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ فَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَوْبَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَوَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ الثَّوْبِ فَقَالَ الْبَائِعُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَدْ لَزِمَ الْمُشْتَرِي, وَالْمُشْتَرِي إنْ أَرَادَ رَدَّ الثَّوْبِ رَدَّهُ بِأَكْثَرِ الثَّمَنِ, أَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِهِ بِأَكْثَرِ الثَّمَنِ فَلاَ نُعْطِيهِ بِقَوْلِ الزِّيَادَةِ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ, أَوْ شَيْئَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَوَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فَلَيْسَ إلَى الرَّدِّ سَبِيلٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ; لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا أَعْطَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ ثَوْبًا يَبِيعُهُ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ رِبْحٍ فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ, أَوْ أَعْطَاهُ دَارًا يَبْنِيهَا وَيُؤَاجِرُهَا عَلَى أَنَّ أُجْرَتَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَاسِدٌ وَلِلَّذِي بَاعَ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَلِبَانِي الدَّارِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ, وَالْأَجْرُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَجْعَلُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ لِلْمُزَارَعَةِ وَالنَّخْلِ لِلْمُعَامَلَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ ثَوْبًا, أَوْ سِلْعَةً يَبِيعُهَا بِكَذَا فَمَا زَادَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ, أَوْ بُقْعَةً يَبْنِيهَا عَلَى أَنْ يُكْرِيَهَا, وَالْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْبِنَاءِ نَقَضَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ حَتَّى يَكُونَ الْبَيْعُ وَالْبِنَاءُ كَانَ لِلْبَائِعِ وَالْبَانِي أَجْرُ مِثْلِهِ, وَكَانَ ثَمَنُ الثَّوْبِ كُلِّهِ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَالدَّارُ لِرَبِّ الدَّارِ, وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ مَالُ مُضَارَبَةٍ فَأَدَانَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ وَلَمْ يَنْهَهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ فَأَدَانَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ وَبَاعَ بِنَسِيئَةٍ وَلَمْ يُقْرِضْهُ, وَلَوْ أَقْرَضَهُ ضَمِنَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَمَا أَدَانَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْمُضَارِبُ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي النَّسِيئَةِ, وَلَوْ أَقْرَضَهُ قَرْضًا ضَمِنَ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا; لِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه أَعْطَى مَالَ يَتِيمٍ مُضَارَبَةً فَكَانَ يَعْمَلُ بِهِ فِي الْعِرَاقِ وَلاَ يَدْرِي كَيْفَ قَاطَعَهُ عَلَى الرِّبْحِ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله تعالى عنه أَعْطَى مَالاً مُقَارَضَةً يَعْنِي مُضَارَبَةً أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه أَعْطَى زَيْدَ بْنَ خُلَيْدَةَ مَالاً مُقَارَضَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ مَالاً مُضَارَبَةً وَلَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الدَّيْنِ فَأَدَانَ فِي بَيْعٍ, أَوْ شِرَاءٍ, أَوْ سَلَفٍ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ هُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ, أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَأَخَذَ بَعْضَ طَعَامِهِ وَبَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا أَخَذَ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ فَقَدْ فَسَدَ السَّلَمُ وَيَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا أَسْلَفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي مَكِيلَةِ طَعَامٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَتَرَاضَيَا أَنْ يَتَفَاسَخَا الْبَيْعَ كُلَّهُ كَانَ جَائِزًا, وَإِذَا كَانَ هَذَا جَائِزًا جَازَ أَنْ يَتَفَاسَخَا نِصْفَ الْبَيْعِ وَيُثْبِتَا نِصْفَهُ, وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا وَقَالَ هَذَا الْمَعْرُوفُ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقِيَاسُ وَخَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ (قَالَ): وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي اللَّحْمِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ بَأْسَ بِهِ, ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى إلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ إذَا بَيَّنَ مَوَاضِعَ اللَّحْمِ فَقَالَ أَفْخَاذٌ وَجَنُوبٌ وَنَحْوَ هَذَا فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَسْلَفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي لَحْمٍ بِوَزْنٍ وَصِفَةٍ وَمَوْضِعٍ وَمِنْ سِنٍّ مَعْلُومٍ وَسَمَّى ذَلِكَ الشَّيْءَ فَالسَّلَفُ جَائِزٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى إذَا تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ عَلَى شِقْصٍ مِنْ دَارٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِالْقِيمَةِ وَتَأْخُذُ الْمَرْأَةُ قِيمَةَ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا شِرَاءً يَكُونُ فِيهِ شُفْعَةٌ إنَّمَا هَذَا نِكَاحٌ أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَمْ لِلشَّفِيعِ مِنْهَا وَبِمَ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ, أَوْ بِالْمَهْرِ, وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَعَتْ بِشِقْصٍ مِنْ دَارٍ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِنَصِيبٍ مِنْ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ فَأَرَادَ شَرِيكُ الْمُتَزَوِّجِ الشُّفْعَةَ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ مَهْرِ مِثْلِهَا, وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَانَتْ الشُّفْعَةُ تَامَّةً كَانَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ ثَمَنِ الشُّفْعَةِ, وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَعَتْ بِشِقْصٍ مِنْ دَارٍ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشِقْصٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَحْسُوبًا فَيَتَزَوَّجَهَا بِمَا قَدْ عَلِمَتْ مِنْ الصَّدَاقِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شِقْصٍ غَيْرِ مَحْسُوبٍ وَلاَ مَعْلُومٍ كَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شُفْعَةٌ; لِأَنَّهُ مَهْرٌ مَجْهُولٌ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَيَنْفَسِخُ الْمَهْرُ وَيُرَدُّ إلَى رَبِّهِ وَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً, ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ يَطْلُبُهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ النَّقْضَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَجْعَلُ الدَّارَ وَلاَ بِنَاءَ لِلشَّفِيعِ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَثَمَنَ الدَّارِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ صَاحِبُ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ, ثُمَّ قَاسَمَ فِيهِ وَبَنَى, ثُمَّ طَلَبَهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ قِيلَ لَهُ: إنْ شِئْت فَأَدِّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ الْيَوْمَ وَإِنْ شِئْت فَدَعْ الشُّفْعَةَ لاَ يَكُونُ لَهُ إلَّا هَذَا; لِأَنَّهُ بَنَى غَيْرَ مُتَعَدٍّ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ هَدْمُ مَا بَنَى, وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا, أَوْ دَارًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لِصَاحِبِ الشُّفْعَةِ الشُّفْعَةُ حِينَ عَلِمَ فَإِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَإِلَّا فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ عِلْمِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا بِيعَ شِقْصٌ مِنْ الدَّارِ وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ عَالِمٌ فَطَلَبَ مَكَانَهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ فَذَكَرَ عُذْرًا مِنْ مَرَضٍ, أَوْ امْتِنَاعٍ مِنْ وُصُولٍ إلَى السُّلْطَانِ, أَوْ حَبْسَ سُلْطَانٍ, أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْعُذْرِ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلاَ وَقْتَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُمَكِّنَهُ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ مَا تَرَكَ ذَلِكَ رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ لِلشُّفْعَةِ وَلاَ تَرْكًا لِحَقِّهِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْقَوْلُ فِيهِ كَهُوَ فِي مَعْنَى الْحَاضِرِ إذَا أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ, أَوْ التَّوْكِيلُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَابِسٌ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ انْقَطَعَتْ شُفْعَتُهُ, وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ; لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَقَعَتْ يَوْمَ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه فَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ إنَّمَا تَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى مَنْ قَبَضَ الْمَالَ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبِيعَ, أَلاَ تَرَى أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمَالِكٍ, وَلَوْ أَبْرَأَ الْآخِذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَبْرَأْ, وَلَوْ كَانَ تَبَرَّأَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَشْفِعُ فَإِنْ عَلِمَ الْمُسْتَشْفِعُ بَعْدَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَإِذَا كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْيَتِيمِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا أَدْرَكَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَصِيُّ الشُّفْعَةَ بَعْدَ عِلْمِهِ فَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ شُفْعَةٌ إذَا أَدْرَكَ, وَكَذَلِكَ الْغُلاَمُ إذَا كَانَ أَبُوهُ حَيًّا وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ شُفْعَةَ لِلصَّغِيرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ وَهِيَ بَعْدَهُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي قَاسَمَ وَالطَّرِيقُ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُمَا وَهِيَ بَعْدَهُ لِلْجَارِ الْمُلاَصِقِ, وَإِذَا اجْتَمَعَ الْجِيرَان, وَكَانَ الْتِصَاقُهُمْ سَوَاءً فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى كَتَبَ إلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُهُ أَنْ لاَ يَقْضِيَ بِالشُّفْعَةِ إلَّا لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ فَأَخَذَ بِذَلِكَ, وَكَانَ لاَ يَقْضِي إلَّا لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ, وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه وَإِذَا بِيعَ الشِّقْصُ مِنْ الدَّارِ وَلِلْيَتِيمِ فِيهِ شُفْعَةٌ, أَوْ الْغُلاَمُ فِي حِجْرِ أَبِيهِ فَلِوَلِيِّ الْيَتِيمِ, وَالْأَبِ أَنْ يَأْخُذَا لِلَّذِي يَلِيَانِ بِالشُّفْعَةِ إنْ كَانَتْ غِبْطَةً فَإِنْ لَمْ يَفْعَلاَ فَإِذَا بَلَغَا أَنْ يَلِيَا أَمْوَالَهُمَا كَانَ لَهُمَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَإِذَا عَلِمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَتَرَكَا التَّرْكَ الَّذِي لَوْ أَحْدَثَ الْبَيْعَ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَتَرَكَاهُ انْقَطَعَتْ شُفْعَتُهُمَا فَقَدْ انْقَطَعَتْ شُفْعَتُهُمَا وَلاَ شُفْعَةَ إلَّا فِيمَا لَمْ يَقْسِمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلاَ شُفْعَةَ , وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمُوا الدَّارَ, وَالْأَرْضَ وَتَرَكُوا بَيْنَهُمْ طَرِيقًا, أَوْ تَرَكُوا بَيْنَهُمْ مَشْرَبًا لَمْ تَكُنْ شُفْعَةٌ وَلاَ نُوجِبُ الشُّفْعَةَ فِيمَا قُسِمَ بِشِرْكٍ فِي طَرِيقٍ وَلاَ مَاءٍ, وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إلَى جُمْلَةِ قَوْلِنَا فَقَالُوا لاَ شُفْعَةَ إلَّا فِيمَا بَيْنَ الْقَوْمِ الشُّرَكَاءِ فَإِذَا بَقِيَتْ بَيْنَ الْقَوْمِ طَرِيقٌ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ, أَوْ مَشْرَبٌ مَمْلُوكٌ لَهُمْ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ, وَالْأَرْضُ مَقْسُومَةً فَفِيهَا شُفْعَةٌ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمِلْكِ وَرَوَوْا حَدِيثًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبِيهًا بِهَذَا الْمَعْنَى أَحْسِبُهُ يَحْتَمِلُ شَبِيهًا بِهَذَا الْمَعْنَى وَيَحْتَمِلُ خِلاَفَهُ قَالَ: {الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ وَاحِدَةً} وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ الْقَوْلِ بِهَذَا أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ وَأَبَا الزُّبَيْرِ سَمِعَا جَابِرًا وَأَنَّ بَعْضَ حِجَازِيِّينَا يَرْوِي عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشُّفْعَةِ شَيْئًا لَيْسَ فِيهِ هَذَا وَفِيهِ خِلاَفُهُ, وَكَانَ اثْنَانِ إذَا اجْتَمَعَا عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ جَابِرٍ, وَكَانَ الثَّالِثُ يُوَافِقُهُمَا أَوْلَى بِالتَّثَبُّتِ فِي الْحَدِيثِ إذَا اخْتَلَفَ عَنْ الثَّالِثِ, وَكَانَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ مَنَعْنَا الشُّفْعَةَ فِيمَا قُسِمَ قَائِمًا فِي هَذَا الْمَقْسُومِ أَلاَ تَرَى أَنَّ الْخَبَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّ الشُّفْعَةَ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلاَ شُفْعَةَ} وَلاَ يَجِدُ أَحَدٌ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَخْرَجًا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَ الشُّفْعَةَ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْحُدُودُ فَإِنْ قَالَ فَإِنِّي إنَّمَا جَعَلْتهَا فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْحُدُودُ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْمِلْكِ شَيْءٌ لَمْ تَقَعْ فِيهِ الْحُدُودُ قِيلَ فَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْبَاقِي أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ الشُّفْعَةَ فَإِنْ احْتَمَلَ فَاجْعَلْهَا فِيهِ وَلاَ تَجْعَلْهَا فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْحُدُودُ فَتَكُونُ قَدْ اتَّبَعَتْ الْخَبَرَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ فَلاَ تَجْعَلْ الشُّفْعَةَ فِي غَيْرِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ وَلِلشَّرِيكِ إذَا كَانَ الْجَارُ مُلاَصِقًا, أَوْ كَانَتْ بَيْنَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَالدَّارِ الَّتِي لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ رَحْبَةٌ مَا كَانَتْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا طَرِيقٌ نَافِذَةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهَا طَرِيقٌ نَافِذَةٌ وَإِنْ ضَاقَتْ فَلاَ شُفْعَةَ لِلْجَارِ قُلْنَا لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ اعْتَمَدْتُمْ؟ قَالَ عَلَى الْأَثَرِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ} فَقِيلَ لَهُ فَهَذَا لاَ يُخَالِفُ حَدِيثَنَا وَلَكِنَّ هَذَا جُمْلَةٌ وَحَدِيثُنَا مُفَسِّرٌ قَالَ وَكَيْفَ لاَ يُخَالِفُ حَدِيثَكُمْ؟ قُلْنَا الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ يُسَمَّى جَارًا وَيُسَمَّى الْمُقَاسِمَ وَيُسَمَّى مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ أَرْبَعُونَ دَارًا فَلَمْ يَجُزْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ عَلَى بَعْضِ الْجِيرَانِ دُونَ بَعْضٍ فَإِذَا قُلْنَاهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَنَا عَلَى غَيْرِنَا إلَّا بِدَلاَلَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلاَ شُفْعَةَ} دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْجُمْلَةِ: {الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ} عَلَى بَعْضِ الْجِيرَانِ دُونَ بَعْضٍ وَأَنَّهُ الْجَارُ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ, فَإِنْ قَالَ وَتُسَمِّي الْعَرَبُ الشَّرِيكَ جَارًا قِيلَ نَعَمْ كُلُّ مَنْ قَارَبَ بَدَنُهُ بَدَنَ صَاحِبِهِ قِيلَ لَهُ: جَارٌ قَالَ فَادْلُلْنِي عَلَى هَذَا قِيلَ لَهُ قَالَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ: {كُنْت بَيْنَ جَارَتَيْنِ لِي فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمُسَطَّحٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ} وَقَالَ الْأَعْشَى لِامْرَأَتِهِ: أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَهْ فَقِيلَ لَهُ فَأَنْتَ إذَا قُلْت هُوَ خَاصٌّ عَلَى بَعْضِ الْجِيرَانِ دُونَ بَعْضٍ لَمْ تَأْتِ فِيهِ بِدَلاَلَةٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَجْعَلْهُ عَلَى مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْجِوَارِ وَحَدِيثُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ لاَ يَحْتَمِلُ إلَّا أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ, وَقَدْ خَالَفْتهمَا مَعًا, ثُمَّ زَعَمْت أَنَّ الدَّارَ تُبَاعُ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارِ الرَّجُلِ رَحْبَةٌ فِيهَا أَلْفُ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا طَرِيقٌ نَافِذَةٌ فَيَكُونُ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ نَافِذَةٌ عَرْضُهَا ذِرَاعٌ لَمْ تَجْعَلْ فِيهَا الشُّفْعَةَ فَجَعَلْت الشُّفْعَةَ لِأَبْعَدِ الْجَارَيْنِ وَمَنَعْتهَا أَقْرَبَهُمَا وَزَعَمْت أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ قُسِمَتْ وَصِيَّتُهُ عَلَى مَنْ كَانَ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِهِ أَرْبَعُونَ دَارًا فَكَيْفَ لَمْ تَجْعَلْ الشُّفْعَةَ عَلَى مَا قُسِمَتْ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ إذَا خَالَفْت حَدِيثَنَا وَحَدِيثَ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ الَّذِي احْتَجَجْت بِهِ؟ قَالَ فَهَلْ قَالَ بِقَوْلِكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْنَا نَعَمْ وَلاَ يَضُرُّنَا بَعْدُ إذْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ يَقُولَ بِهِ أَحَدٌ قَالَ, فَمَنْ قَالَ بِهِ؟ قِيلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه وَعُثْمَانُ رضي الله تعالى عنه وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله تعالى عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الدَّارَ وَسَمَّى أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَهَا بِهِ فَسَلَّمَ ذَلِكَ الشَّفِيعُ, ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ; لِأَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ لاَ شُفْعَةَ لَهُ; لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ وَرَضِيَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَعَنْ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالاَ لاَ شُفْعَةَ إلَّا لِشَرِيكٍ لَمْ يُقَاسِمْ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا كَانَ} أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ, أَوْ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ} قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَاذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ النَّصِيبَ مِنْ الدَّارِ فَقَالَ أَخَذْته بِمِائَةٍ فَسَلَّمَ ذَلِكَ الشَّفِيعُ, ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ بَعْدُ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْمِائَةِ فَلَهُ حِينَئِذٍ الشُّفْعَةُ وَلَيْسَ تَسْلِيمُهُ بِقَاطِعٍ شُفْعَتَهُ إنَّمَا سَلَّمَهُ عَلَى ثَمَنٍ فَلَمَّا عَلِمَ مَا هُوَ دُونَهُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ, وَلَوْ عَلِمَ بَعْدُ أَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِنْ الَّذِي سَلَّمَهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَهُ بِالْأَقَلِّ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوْلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ بِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَعْطَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَرْضًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ, أَوْ الثُّلُثِ, أَوْ الرُّبُعِ, أَوْ أَعْطَى نَخْلاً, أَوْ شَجَرًا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ, أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ, أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ هَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ يَقُولُ أَرَأَيْت لَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ أَلَيْسَ كَانَ عَمَلُهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَجْرٍ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ ذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ بَلَغَنَا: {عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَعْطَى خَيْبَرَ بِالنِّصْفِ} فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى قُبِضَ وَخِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله تعالى عنه وَعَامَّةِ خِلاَفَةِ عُمَرَ وَبِهِ يَأْخُذُ وَإِنَّمَا قِيَاسُ هَذَا عِنْدَنَا مَعَ الْأَثَرِ, أَلاَ تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يُعْطِي الرَّجُلَ مَالاً مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ, وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه, وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ, وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُمْ أَعْطُوا مَالاً مُضَارَبَةً وَبَلَغَنَا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ, وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنهما أَنَّهُمَا كَانَا يُعْطِيَانِ أَرْضَهُمَا بِالرُّبُعِ وَالثُّلُثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ النَّخْلَ, أَوْ الْعِنَبَ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ, أَوْ ثُلُثَهَا, أَوْ مَا تَشَارَطَا عَلَيْهِ مِنْ جُزْءٍ مِنْهَا فَهَذِهِ الْمُسَاقَاةُ الْحَلاَلُ الَّتِي عَامَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ , وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ أَرْضًا بَيْضَاءَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا الْمَدْفُوعَةُ إلَيْهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَلَهُ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَهَذِهِ الْمُحَاقَلَةُ, وَالْمُخَابَرَةُ, وَالْمُزَارَعَةُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْلَلْنَا الْمُعَامَلَةَ فِي النَّخْلِ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَرَّمْنَا الْمُعَامَلَةَ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُ مَا حَرَّمْنَا بِأَوْجَبَ عَلَيْنَا مِنْ إحْلاَلِ مَا أَحْلَلْنَا وَلَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَطْرَحَ بِإِحْدَى سَنَتَيْهِ الْأُخْرَى وَلاَ نُحَرِّمَ بِمَا حَرَّمَ مَا أَحَلَّ كَمَا لاَ نُحِلُّ بِمَا أَحَلَّ مَا حَرَّمَ وَلَمْ أَرَ بَعْضَ النَّاسِ سَلِمَ مِنْ خِلاَفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لاَ الَّذِي أَحَلَّهُمَا جَمِيعًا وَلاَ الَّذِي حَرَّمَهُمَا جَمِيعًا فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا دَفَعَا أَرْضَهُمَا مُزَارَعَةً فَمَا لاَ يَثْبُتُ هُوَ مِثْلُهُ وَلاَ أَهْلَ الْحَدِيثِ, وَلَوْ ثَبَتَ مَا كَانَ فِي أُحُدٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ وَأَمَّا قِيَاسُهُ وَمَا أَجَازَ مِنْ النَّخْلِ, وَالْأَرْضِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَعَهِدَنَا بِأَهْلِ الْفِقْهِ يَقِيسُونَ مَا جَاءَ عَمَّنْ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا أَنْ يُقَاسَ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَبَرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَأَنَّهُ يَلْتَمِسُ أَنْ يُثْبِتَهَا بِأَنْ تُوَافِقَ الْخَبَرَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَهَذَا جَهْلٌ إنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ الْحَاجَةَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَيْضًا يَغْلَطُ فِي الْقِيَاسِ, إنَّمَا أَجَزْنَا نَحْنُ الْمُضَارَبَةَ, وَقَدْ جَاءَتْ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهَا كَانَتْ قِيَاسًا عَلَى الْمُعَامَلَةِ فِي النَّخْلِ فَكَانَتْ تَبَعًا قِيَاسًا لاَ مَتْبُوعَةً مَقِيسًا عَلَيْهَا, فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ تُشْبِهُ الْمُضَارَبَةُ الْمُسَاقَاةَ؟ قِيلَ النَّخْلُ قَائِمَةٌ لِرَبِّ الْمَالِ دَفَعَهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا الْمُسَاقِي عَمَلاً يُرْجَى بِهِ صَلاَحُ ثَمَرِهَا عَلَى أَنَّ لَهُ بَعْضَهَا فَلَمَّا كَانَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ قَائِمًا لِرَبِّ الْمَالِ فِي يَدَيْ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ يَعْمَلُ فِيهِ عَمَلاً يَرْجُو بِهِ الْفَضْلَ جَازَ لَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَعْضُ ذَلِكَ الْفَضْلِ عَلَى مَا تَشَارَطَا عَلَيْهِ, وَكَانَ فِي مِثْلِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لاَ يَكُونُ هَذَا فِي الْأَرْضِ؟ قِيلَ الْأَرْضُ لَيْسَتْ بِاَلَّتِي تَصْلُحُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَضْلُ إنَّمَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَائِمٍ يُبَاعُ وَيُؤْخَذُ فَضْلُهُ كَالْمُضَارَبَةِ وَلاَ شَيْءَ مُثْمِرٌ بَالِغٌ فَيُؤْخَذُ ثَمَرُهُ كَالنَّخْلِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَحْدُثُ فِيهَا, ثُمَّ بِتَصَرُّفٍ لاَ فِي مَعْنَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَهُوَ مُفَارِقٌ لَهَا فِي الْمُبْتَدَإِ, وَالْمُتَعَقَّبِ, وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا مَا جَازَ أَنْ يُقَاسَ شَيْءٌ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَحِلُّ بِهِ شَيْءٌ حَرَّمَهُ كَمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُفْسِدِ لِلصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ رَقَبَةً فَلَمْ يَقِسْ عَلَيْهَا الْمُفْسِدَ لِلصَّلاَةِ بِالْجِمَاعِ وَكُلٌّ أَفْسَدَ فَرْضًا بِالْجِمَاعِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ الدَّعْوَى قِبَلَ رَجُلٍ فِي دَارٍ, أَوْ دَيْنٍ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى, ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ الدَّعْوَى وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لاَ يُجِيزُ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ, وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ كَيْفَ لاَ يَجُوزُ هَذَا وَأَجْوَزُ مَا يَكُونُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ, وَإِذَا وَقَعَ الْإِقْرَارُ لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ دَعْوَى فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ, ثُمَّ صَالَحَ الْمُدَّعِيَ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ أَنَّا لاَ نُجِيزُ الصُّلْحَ إلَّا بِمَا تَجُوزُ بِهِ الْبُيُوعُ مِنْ الْأَثْمَانِ الْحَلاَلِ الْمَعْرُوفَةِ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَنْ أَجَازَ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ كَانَ هَذَا عِوَضًا, وَالْعِوَضُ كُلُّهُ ثَمَنٌ وَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ إلَّا بِمَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ الْمُعَوَّضُ, وَالْمُعَوِّضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا أَثَرٌ يَلْزَمُ فَيَكُونُ الْأَثَرُ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ وَلَسْت أَعْلَمُ فِيهِ أَثَرًا يَلْزَمُ مِثْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَبِهِ أَقُولُ, وَإِذَا صَالَحَ الرَّجُلُ الطَّالِبَ عَنْ الْمَطْلُوبِ, وَالْمَطْلُوبُ مُتَغَيِّبٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الصُّلْحُ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الصُّلْحُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مُتَغَيِّبٌ عَنْ الطَّالِبِ, وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَ عَنْهُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَغَيِّبٌ كَانَ قَوْلُهُمَا جَمِيعًا عَلَى مَا وَصَفْت لَك. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه, وَإِذَا صَالَحَ الرَّجُلُ عَنْ الرَّجُلِ, وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ غَائِبٌ, أَوْ أَنْظَرَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَهُوَ غَائِبٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَلاَ أُبْطِلُ بِالتَّغَيُّبِ شَيْئًا أُجِيزُهُ فِي الْحُضُورِ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَعَانِي الْإِكْرَاهِ الَّذِي أَرُدُّهُ وَإِذَا صَالَحَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ, أَوْ بَاعَ بَيْعًا, أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الطَّالِبَ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَلاَ أَقْبَلُ مِنْهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَكْرَهَهُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَأَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تعالى إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ فِي مَوْضِعٍ أُبْطِلَ فِيهِ الدَّمُ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً لَوْ شَهَرَ عَلَى رَجُلٍ سَيْفًا فَقَالَ لَتَقْرُنَ, أَوْ لاََقْتُلَنك فَقَالَ أَقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَأُبْطِلُ عَنْهُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَكْرَهَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى بَيْعٍ, أَوْ إقْرَارٍ, أَوْ صَدَقَةٍ, ثُمَّ أَقَامَ الْمُكْرَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ أَبْطَلْت هَذَا كُلَّهُ عَنْهُ, وَالْإِكْرَاهُ مِمَّنْ كَانَ أَقْوَى مِنْ الْمُكْرَهِ فِي الْحَالِ الَّتِي يَكْرَهُهُ فِيهَا الَّتِي لاَ مَانِعَ لَهُ فِيهَا مِنْ إكْرَاهِهِ وَلاَ يَمْتَنِعُ هُوَ بِنَفْسِهِ سُلْطَانًا كَانَ, أَوْ لِصًّا, أَوْ خَارِجِيًّا, أَوْ رَجُلاً فِي صَحْرَاءَ, أَوْ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَى مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ, وَإِذَا اخْتَصَمَ الرَّجُلاَنِ إلَى الْقَاضِي فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِحَقِّ صَاحِبٍ بَعْدَمَا قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي وَقَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَهُوَ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ إقْرَارَ لِمَنْ خَاصَمَ إلَّا عِنْدِي وَلاَ صُلْحَ لَهُمَا إلَّا عِنْدِي قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اخْتَصَمَ الرَّجُلاَنِ إلَى الْقَاضِي فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ, أَوْ غَيْرِ مَجْلِسِهِ, أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي فَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَقٌّ قَبْلَ الْحُكْمِ, أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ مَنْ قَالَ يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي بِشَاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ عَالِمٌ فِي الظَّاهِرِ أَنَّ مَا شَهِدَا بِهِ كَمَا شَهِدَا قَضَى بِهَذَا, وَكَانَ عِلْمُهُ أَوْلَى مِنْ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَشُهُودٍ كَثِيرَةٍ; لِأَنَّهُ لاَ يَشُكُّ فِي عِلْمِهِ وَيَشُكُّ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَمَنْ قَالَ الْقَاضِي كَرَجُلٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ إنْ حَكَمَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا وَكَلَّفَ الْخَصْمَ شَاهِدَيْنِ غَيْرَهُ, وَكَانَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ قَدْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَعْلَمُ لَهُ حَقًّا فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِهِ فَقَالَ ائْتِنِي بِشَاهِدَيْنِ إنْ كُنْت تُرِيدُ أَنْ أَقْضِيَ لَك قَالَ أَنْتَ تَعْلَمُ حَقِّي قَالَ فَاذْهَبْ إلَى الْأَمِيرِ فَاشْهَدْ لَك وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَعَبَّدَ الْخَلْقَ بِأَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمْ الْحُقُوقُ إذَا تَجَاحَدُوا بِعَدَدِ بَيِّنَةٍ فَلاَ تُؤْخَذُ بِأَقَلَّ مِنْهَا وَلاَ تَبْطُلُ إذَا جَاءُوا بِهَا وَلَيْسَ الْحَاكِمُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ كَمَا شَهِدَتْ, وَقَدْ يَكُونُ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا عَدَدًا أَزْكَى فَلاَ يُقْبَلُ وَمَا تَمَّ الْعَدَدُ أَنْقَصُ مِنْ الزَّكَاةِ فَيَقْبَلُونَ إذَا وَقَعَ عَلَيْهِمْ أَدْنَى اسْمِ الْعَدْلِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْخُذَ بِعِلْمِهِ كَمَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِعِلْمِ وَاحِدٍ غَيْرِهِ وَلاَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا حَاكِمًا فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ كَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ لَوْ عَلِمَ أَنَّ حَقَّهُ حَقٌّ (قَالَ الرَّبِيعُ) الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ; لِأَنَّ عِلْمَهُ أَكْبَرُ مِنْ تَأْدِيَةِ الشَّاهِدَيْنِ الشَّهَادَةَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا كَرِهَ إظْهَارَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَكُونَ الْقَاضِي غَيْرَ عَدْلٍ فَيَذْهَبَ بِأَمْوَالِ النَّاسِ. وَإِذَا اصْطَلَحَ الرَّجُلاَنِ عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِقَضَاءٍ مُخَالِفٍ لِرَأْيِ الْقَاضِي فَارْتَفَعَا إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ يَنْبَغِي لِذَلِكَ الْقَاضِي أَنْ يُبْطِلَ حُكْمَهُ وَيَسْتَقْبِلَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ حُكْمُهُ عَلَيْهِمَا جَائِزٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اصْطَلَحَ الرَّجُلاَنِ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ الرَّجُلُ بَيْنَهُمَا فِي شَيْءٍ يَتَنَازَعَانِ فِيهِ فَحَكَمَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَارْتَفَعْنَا إلَى الْقَاضِي فَرَأَى خِلاَفَ مَا يَرَى الْحَكَمُ بَيْنَهُمَا فَلاَ يَجُوزُ فِي هَذَا إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ إذَا اصْطَلَحَا جَمِيعًا عَلَى حُكْمِهِ ثَبَتَ الْقَضَاءُ وَافَقَ ذَلِكَ قَضَاءَ الْقَاضِي, أَوْ خَالَفَهُ فَلاَ يَكُونُ لِلْقَاضِي أَنْ يَرُدَّ مِنْ حُكْمِهِ إلَّا مَا يَرُدَّ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي غَيْرَهُ مِنْ خِلاَفِ كِتَابٍ, أَوْ سُنَّةٍ, أَوْ إجْمَاعٍ, أَوْ شَيْءٍ دَاخِلٍ فِي مَعْنَاهُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ بَيْنَهُمَا كَالْفُتْيَا فَلاَ يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْءٌ فَيَبْتَدِئُ الْقَاضِي النَّظَرَ بَيْنَهُمَا كَمَا يَبْتَدِئُهُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يُحَاكَمْ إلَى أَحَدٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا هِبَةً, أَوْ تَصَدَّقَتْ, أَوْ تَرَكَتْ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا, ثُمَّ قَالَتْ أَكْرَهَنِي وَجَاءَتْ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ أَقْبَلُ بَيِّنَتَهَا وَأَمْضِي عَلَيْهَا مَا فَعَلْت مِنْ ذَلِكَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى يَقُولُ أَقْبَلُ بَيِّنَتَهَا عَلَى ذَلِكَ وَأُبْطِلُ مَا صَنَعْت قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِشَيْءٍ, أَوْ وَضَعَتْ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا, أَوْ مِنْ دَيْنٍ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ وَالزَّوْجُ فِي مَوْضِعِ الْقَهْرِ لِلْمَرْأَةِ أَبْطَلْت ذَلِكَ عَنْهَا كُلَّهُ, وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ هِبَةً وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَهِيَ دَارٌ فَبَنَاهَا بِنَاءً وَأَعْظَمَ النَّفَقَةَ, أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً صَغِيرَةً فَأَصْلَحَهَا, أَوْ صَنَعَهَا حَتَّى شَبَّتْ وَأَدْرَكَتْ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ لاَ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ فِي كُلِّ هِبَةٍ زَادَتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا خَيْرًا, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهَا فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْوَاهِبِ؟ أَرَأَيْت إنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ وَلَدًا كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَلَمْ يَهَبْهُ لَهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ قَطُّ؟ وَبِهَذَا يَأْخُذُ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِي الْوَلَدِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ جَارِيَةً, أَوْ دَارًا فَزَادَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدَيْهِ, أَوْ بَنَى الدَّارَ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ وَهَبَ لِلثَّوَابِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْجَارِيَةِ أَيَّ حَالٍ مَا كَانَتْ زَادَتْ خَيْرًا, أَوْ نَقَصَتْ كَمَا لاَ يَكُونُ لَهُ إذَا أَصْدَقَ الْمَرْأَةَ جَارِيَةً فَزَادَتْ فِي يَدَيْهَا, ثُمَّ طَلَّقَهَا أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِهَا زَائِدَةً فَأَمَّا الدَّارُ فَإِنَّ الْبَانِيَ إنَّمَا بَنَى مَا يَمْلِكُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ بِنَاءَهُ وَلاَ يَهْدِمَهُ وَيُقَالُ لَهُ إنْ أَعْطَيْته قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَخَذْت نِصْفَ الدَّارِ, وَالْبِنَاءِ كَمَا يَكُونُ لَك وَعَلَيْك فِي الشُّفْعَةِ يَبْنِي فِيهَا صَاحِبُهَا وَلاَ يَرْجِعُ بِنِصْفِهَا كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا فَبَنَتْهَا لَمْ يَرْجِعْ بِنِصْفِهَا; لِأَنَّهُ مَبْنِيًّا أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْهُ غَيْرَ مَبْنِيٍّ, وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَلَدَتْ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمَوْهُوبَةِ لَهُ; لِأَنَّهُ حَادِثٌ فِي مِلْكِهِ بَائِنٌ مِنْهَا كَمُبَايَنَةِ الْخَرَاجِ, وَالْخِدْمَةِ لَهَا كَمَا لَوْ وَلَدَتْ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ الْمُصَدَّقَةِ, ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمَرْأَةِ وَرَجَعَ بِنِصْفِ الْجَارِيَةِ إنْ أَرَادَ ذَلِكَ. وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ جَارِيَةً لِابْنِهِ وَابْنُهُ كَبِيرٌ وَهُوَ فِي عِيَالِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي عِيَالِ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدْرَكَ فَهَذِهِ الْهِبَةُ جَائِزَةٌ, وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ جَارِيَةً وَابْنُهُ فِي عِيَالِهِ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ تَامَّةً حَتَّى يَقْبِضَهَا الِابْنُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِهِ, أَوْ لَمْ يَكُنْ, وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَائِشَةَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنهم فِي الْبَالِغِينَ, وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْأَبَ يَحُوزُ لِوَلَدِهِ مَا كَانُوا صِغَارًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحُوزُ لَهُمْ إلَّا فِي حَالِ الصِّغَرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَهَكَذَا كُلُّ هِبَةٍ وَنِحْلَةٍ وَصَدَقَةٍ غَيْرِ مُحَرَّمَةٍ فَهِيَ كُلُّهَا مِنْ الْعَطَايَا الَّتِي لاَ يُؤْخَذُ عَلَيْهَا عِوَضٌ وَلاَ تَتِمُّ إلَّا بِقَبْضِ الْمُعْطَى. وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ دَارًا لِرَجُلَيْنِ, أَوْ مَتَاعًا, وَذَلِكَ الْمَتَاعُ مِمَّا يُقْسَمُ فَقَبَضَاهُ جَمِيعًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ تِلْكَ الْهِبَةُ إلَّا أَنْ يَقْسِمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهَا حِصَّتَهُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَإِذَا وَهَبَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ وَقَبَضَ فَهُوَ جَائِزٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُمَا سَوَاءٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ بَعْضَ دَارٍ لاَ تُقْسَمُ, أَوْ طَعَامًا, أَوْ ثِيَابًا, أَوْ عَبْدًا لاَ يَنْقَسِمُ فَقَبَضَا جَمِيعًا الْهِبَةَ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ كَمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ, وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ اثْنَانِ دَارًا بَيْنَهُمَا تَنْقَسِمُ, أَوْ لاَ تَنْقَسِمُ, أَوْ عَبْدًا لِرَجُلٍ وَقَبَضَ جَازَتْ الْهِبَةُ, وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ لِرَجُلَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَمْ يَقْسِمْهُ لَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْهِبَةُ فِي هَذَا بَاطِلَةٌ وَلاَ تَجُوزُ وَبِهِ يَأْخُذُ وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لاَ تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا مَقْسُومَةٌ مَعْلُومَةٌ مَقْبُوضَةٌ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُ نَحَلَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله تعالى عنها جُذَاذَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ نَخْلٍ لَهُ بِالْعَالِيَةِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِعَائِشَةَ إنَّك لَمْ تَكُونِي قَبَضْتِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْوَارِثِ فَصَارَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ, وَكَانَ إبْرَاهِيمُ يَقُولُ لاَ تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا مَقْبُوضَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ نَصِيبَهُ فَهَذَا قَبْضٌ مِنْهُ لِلْهِبَةِ وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ, وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلاَنِ دَارًا لِرَجُلٍ فَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى وَلاَ يُفْسِدُ الْهِبَةَ أَنَّهَا كَانَتْ لِاثْنَيْنِ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ نَصِيبَهُ فَقَبَضَ الْهِبَةَ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ, وَالْقَبْضُ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ فِي يَدَيْ الْوَاهِبِ فَصَارَتْ فِي يَدَيْ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ لاَ وَكِيلَ مَعَهُ فِيهَا, أَوْ يُسَلِّمَهَا رَبَّهَا وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى يَكُونَ لاَ حَائِلَ دُونَهَا هُوَ وَلاَ وَكِيلَ لَهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا كَانَ قَبْضًا, وَالْقَبْضُ فِي الْهِبَاتِ كَالْقَبْضِ فِي الْبُيُوعِ مَا كَانَ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ كَانَ قَبْضًا فِي الْهِبَةِ وَمَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا فِي الْهِبَةِ. وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ الْهِبَةَ وَقَبَضَهَا دَارًا, أَوْ أَرْضًا, ثُمَّ عَوَّضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهَا عِوَضًا وَقَبَضَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلاَ يَكُونُ فِيهِ شُفْعَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْعِوَضِ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَقَبَضَهُ, ثُمَّ عَوَّضَهُ الْمَوْهُوبَةَ لَهُ شَيْئًا فَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ سُئِلَ الْوَاهِبُ فَإِنْ قَالَ وَهَبْتهَا لِثَوَابٍ كَانَ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ قَالَ وَهَبْتهَا لِغَيْرِ ثَوَابٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شُفْعَةٌ, وَكَانَتْ الْمُكَافَأَةُ كَابْتِدَاءِ الْهِبَةِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ لِلْوَاهِبِ الثَّوَابُ إذَا قَالَ أَرَدْته فَأَمَّا مَنْ قَالَ لاَ ثَوَابَ لِلْوَاهِبِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْهِبَةِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ وَهَبَهُ وَلاَ الثَّوَابُ مِنْهُ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: إذَا وَهَبَ وَاشْتَرَطَ الثَّوَابَ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عِوَضًا مَجْهُولاً, وَإِذَا وَهَبَ لِغَيْرِ الثَّوَابِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ وَهَبَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ هِبَةً فِي مَرَضِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبَةُ لَهُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ: الْهِبَةُ فِي هَذَا بَاطِلَةٌ لاَ تَجُوزُ وَبِهِ يَأْخُذُ (قَالَ): وَلاَ تَكُونُ لَهُ وَصِيَّةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ وَصِيَّتِهِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ الْهِبَةَ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبَةُ لَهُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْهُوبَةِ لَهُ شَيْءٌ, وَكَانَتْ لِلْوَرَثَةِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: لاَ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ إلَّا مَقْبُوضَةٌ الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: الصَّدَقَةُ إذَا عُلِمَتْ جَازَتْ, وَالْهِبَةُ لاَ تَجُوزُ إلَّا مَقْبُوضَةٌ, وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى يَأْخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّدَقَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله تعالى قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ إلَّا قَبَضَ مِنْهَا عِوَضًا قَلَّ, أَوْ كَثُرَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ رَجُلاً وَدِيعَةً فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ أَمَرْتَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إلَى فُلاَنٍ فَدَفَعْتهَا إلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْوَدِيعَةِ, وَالْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنٌ وَبِهَذَا يَأْخُذُ يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْوَدِيعَةَ فَتَصَادَقَا عَلَيْهَا, ثُمَّ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ أَمَرْتنِي أَنْ أَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى رَجُلٍ فَدَفَعْتهَا إلَيْهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْوَدِيعَةِ وَعَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْبَيِّنَةُ بِمَا ادَّعَى, وَإِذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَدِيعَةً فَجَاءَ آخَرُ يَدَّعِيهَا مَعَهُ فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لاَ أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي هَذِهِ الْوَدِيعَةَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَهُمَا وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ يُعْطِيهِمَا تِلْكَ الْوَدِيعَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ لَهُمَا أُخْرَى مِثْلَهَا بَيْنَهُمَا; لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا اسْتَوْدَعَ بِجَهَالَتِهِ. أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا اسْتَوْدَعَنِيهَا, ثُمَّ قَالَ أَخْطَأْت, بَلْ هُوَ هَذَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهَا أَوَّلاً وَيَضْمَنُ لِلْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ; لِأَنَّ قَوْلَهُ أَتْلَفَهُ, وَكَذَلِكَ الْأَوَّلُ إنَّمَا أَتْلَفَهُ هُوَ بِجَهْلِهِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ فِي الْأَوَّلِ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ, الْوَدِيعَةُ, وَالْمُضَارَبَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ فِي يَدَيْ الرَّجُلِ وَدِيعَةٌ فَادَّعَاهَا رَجُلاَنِ كِلاَهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا لَهُ وَهِيَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِثْلَ الْعَبْدِ, وَالْبَعِيرِ وَالدَّارِ فَقَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَلاَ أَدْرِي أَيُّكُمَا هُوَ قِيلَ لَهُمَا هَلْ تَدَّعِيَانِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا بِعَيْنِهِ؟ فَإِنْ قَالاَ لاَ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُوَ لِي أَحْلِفَ بِاَللَّهِ لاَ يَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ وَوُقِفَ ذَلِكَ لَهُمَا جَمِيعًا حَتَّى يَصْطَلِحَا فِيهِ, أَوْ يُقِيمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ لَهُ دُونَهُ, أَوْ يَحْلِفَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ الْآخَرُ كَانَ لَهُ وَإِنْ نَكَلاَ مَعًا فَهُوَ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا. وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ يُحْتَمَلُ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْوَدِيعَةُ, ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ يَدَيْهِ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ فَتُوقَفُ لَهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَالَ هَذَا شَيْءٌ لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا فَأَقْسِمُهُ بَيْنَهُمَا وَاَلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا لاَ لَهُمَا. وَإِذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ وَدِيعَةً فَاسْتَوْدَعَهَا الْمُسْتَوْدَعُ غَيْرَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ هُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ خَالَفَ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا, أَوْدَعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْوَدِيعَةَ فَاسْتَوْدَعَهَا غَيْرَهُ ضَمِنَ إنْ تَلِفَتْ; لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِ لاَ أَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى أَنْ يُودِعَهَا غَيْرَهُ, وَكَانَ مُتَعَدِّيًا ضَامِنًا إنْ تَلِفَتْ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَعْرُوفٌ وَقِبَلَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ جَمِيعُ مَا تَرَكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بِالْحِصَصِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هِيَ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ; لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ شَيْءٌ مَجْهُولٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بِعَيْنِهَا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ, وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ الْغُرَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْوَدِيعَةِ. الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَعَطَاءٍ مِثْلُ ذَلِكَ. الْحَجَّاجُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ مِثْلُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه: وَإِذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْوَدِيعَةَ فَمَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ وَأَقَرَّ الْوَدِيعَةِ بِعَيْنِهَا, أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ لِصَاحِبِهَا فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ الْوَدِيعَةُ بِعَيْنِهَا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ وَلاَ إقْرَارَ مِنْ الْمَيِّتِ وَعُرِفَ لَهَا عَدَدٌ, أَوْ قِيمَةٌ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ كَغَرِيمٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ ارْتَهَنَ الرَّجُلُ رَهْنًا فَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ بِرِضَا صَاحِبِهِ فَهَلَكَ مِنْ عِنْدِ الْعَدْلِ وَقِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ, وَقَدْ بَطَلَ الدَّيْنُ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا هُوَ وَالرَّهْنُ مِنْ مَالِهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ إنَّمَا كَانَ مَوْضُوعًا عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ فَقَبَضَهُ مِنْهُ, أَوْ قَبَضَهُ عَدْلٌ رَضِيَا بِهِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدَيْهِ, أَوْ فِي يَدَيْ الْعَدْلِ فَسَوَاءٌ الرَّهْنُ أَمَانَةٌ وَالدَّيْنُ كَمَا هُوَ لاَ يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ, وَقَدْ كَتَبْنَا فِي هَذَا كِتَابًا طَوِيلاً. وَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَالرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهَذَا الرَّهْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الرَّهْنُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ, وَالْمُرْتَهِنِ بِالْحِصَصِ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ, وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُهُمَا جَمِيعًا فِيهِ وَاحِدٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه: وَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ, وَقَدْ رَهَنَ رَهْنًا عَلَى يَدَيْ صَاحِبِ الدَّيْنِ, أَوْ يَدَيْ غَيْرِهِ فَسَوَاءٌ, وَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِثَمَنِ هَذَا الرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ فَإِنْ فَضَلَ فِيهِ فَضْلٌ كَانَ الْغُرَمَاءُ شَرْعًا فِيهِ وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الدَّيْنِ حَاصَّ أَهْلَ الدَّيْنِ بِمَا يَبْقَى لَهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دَارًا, ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهَا شِقْصٌ, وَقَدْ قَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ الرَّهْنُ بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ حِفْظِي عَنْهُ فِي كُلِّ رَهْنٍ فَاسِدٍ وَقَعَ فَاسِدًا فَصَاحِبُ الْمَالِ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَهُ يُبَاعُ لِدَيْنِهِ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ فَهُوَ رَهْنٌ بِالْحَقِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ رَهْنُهُ نَصِيبًا غَيْرَ مَقْسُومٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دَارًا فَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ, ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ شَيْءٌ كَانَ مَا يَبْقَى مِنْ الدَّارِ رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَتْ الدَّارُ بِهِ رَهْنًا, وَلَوْ ابْتَدَأَ نَصِيبَ شِقْصٍ مَعْلُومٍ مُشَاعٍ جَازَ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا جَازَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا, وَالْقَبْضُ فِي الرَّهْنِ مِثْلُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ لاَ يَخْتَلِفَانِ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. وَإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ, ثُمَّ مَاتَ الرَّاهِنُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى كَانَ يَقُولُ لِلْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ, وَلَوْ كَانَ مَوْتُ الرَّاهِنِ يُبْطِلُ بَيْعَهُ لاََبْطَلَ الرَّهْنَ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ, وَقَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ وَصَارَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَلِلْمُسَلَّطِ أَنْ يَبِيعَهُ فِي مَرَضِ الرَّاهِنِ وَيَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ خَاصَّةً فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا وَضَعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ فَهُوَ فِيهِ وَكِيلٌ فَإِذَا حَلَّ الْحَقُّ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مَا كَانَ الرَّاهِنُ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْبَيْعُ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ, أَوْ بِرِضَا الْوَارِثِ; لِأَنَّ الْمَيِّتَ وَإِنْ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَقَدْ تَحَوَّلَ مِلْكُ الرَّهْنِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَمْ يَرْضَوْا أَمَانَتَهُ وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ لاَ يَنْفَسِخُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَرَثَةَ إنَّمَا مَلَكُوا مِنْ الرَّهْنِ مَا كَانَ لَهُ الرَّاهِنُ مَالِكًا فَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ كَانَ كَذَلِكَ الْوَارِثُ, وَالْوَكَالَةُ بِبَيْعِهِ غَيْرُ الرَّهْنِ الْوَكَالَةُ لَوْ بَطَلَتْ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ دَارًا, ثُمَّ أَجَّرَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يَقُولُ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ حِينَ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ وَبِهِ يَأْخُذُ, وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هِيَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهَا, وَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رضي الله تعالى عنه: وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دَارًا وَدَفَعَهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ, أَوْ عَدْلٍ وَأَذِنَ بِكِرَائِهَا فَأُكْرِيَتْ كَانَ الْكِرَاءُ لِلرَّاهِنِ; لِأَنَّهُ مَالِكُ الدَّارِ وَلاَ تَخْرُجُ بِهَذَا مِنْ الرَّهْنِ وَإِنَّمَا مَنَعَنَا أَنْ نَجْعَلَ الْكِرَاءَ رَهْنًا, أَوْ قِصَاصًا مِنْ الدَّيْنِ أَنَّ الْكِرَاءَ سَكَنٌ وَالسَّكَنُ لَيْسَ هُوَ الْمَرْهُونُ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ دَارًا فَسَكَنَهَا, أَوْ اسْتَغَلَّهَا, ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ كَانَ السَّكَنُ, وَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي, وَلَوْ أَخَذَ مِنْ أَصْلِ الدَّارِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّ مَا أَخَذَ مِنْ الدَّارِ مِنْ أَصْلِ الْبَيْعِ, وَالْكِرَاءُ, وَالْغَلَّةُ لَيْسَ أَصْلَ الْبَيْعِ فَلَمَّا كَانَ الرَّاهِنُ إنَّمَا رَهَنَ رَقَبَةَ الدَّارِ, وَكَانَتْ رَقَبَةُ الدَّارِ لِلرَّاهِنِ إلَّا أَنَّهُ شَرَطَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهَا حَقًّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ النَّمَاءُ مِنْ الْكِرَاءِ وَالسَّكَنِ إلَّا لِلرَّاهِنِ الْمَالِكِ الرَّقَبَةَ كَمَا كَانَ الْكِرَاءُ وَالسَّكَنُ لِلْمُشْتَرِي الْمَالِكِ الرَّقَبَةَ فِي حِينِهِ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ ثُلُثَ دَارٍ, أَوْ رُبُعَهَا وَقَبَضَ الرَّهْنَ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ. مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا وَقَبْضًا فِي الْبَيْعِ جَازَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَقَبْضًا فِي الرَّهْنِ, وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دَارًا, أَوْ دَابَّةً فَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ فَأَذِنَ لَهُ رَبُّ الدَّابَّةِ, أَوْ الدَّارِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالدَّارِ, أَوْ الدَّابَّةِ فَانْتَفَعَ بِهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا إخْرَاجًا لَهُ مِنْ الرَّهْنِ وَمَا لِهَذَا وَإِخْرَاجِهِ مِنْ الرَّهْنِ وَإِنَّمَا هَذَا مَنْفَعَةٌ لِلرَّاهِنِ لَيْسَتْ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ; لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ, وَإِذَا كَانَ شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي الرَّهْنِ فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الْأَصْلَ, ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ بِمَا لَمْ يَرْهَنْ لَمْ يَنْفَسِخْ الرَّهْنُ, أَلاَ تَرَى أَنَّ كِرَاءَ الدَّارِ وَخَرَاجَ الْعَبْدِ لِلرَّاهِنِ.
|