الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ سُئِلَ الشَّافِعِيُّ فَقِيلَ إنَّا نَقُولُ إنَّ الْكَفَّارَاتِ مِنْ أَمْرَيْنِ وَهُمَا قَوْلُك وَاَللَّهِ لاََفْعَلَنَّ كَذَا, وَكَذَا فَتَكُونَ مُخَيَّرًا فِي فِعْلِ ذَلِكَ إنْ كَانَ جَائِزًا فِعْلُهُ وَفِي أَنْ تُكَفِّرَ وَتَدَعَهُ, وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ فِعْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْكَفَّارَةِ وَيُنْهَى عَنْ الْبِرِّ وَإِنْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ بَرَّ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَالثَّانِي قَوْلُك وَاَللَّهِ لاَ أَفْعَلُ كَذَا, وَكَذَا فَتَكُونَ مُخَيَّرًا فِي فِعْلِ ذَلِكَ وَعَلَيْك الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَك فِعْلُهُ وَمُخَيَّرًا فِي الْإِقَامَةِ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْك إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ وَنَقُولُ أَنَّ قَوْلَهُ بِاَللَّهِ وَتَاللَّهِ وَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ وَأُقْسِمُ بِاَللَّهِ وَأَعْزِمُ بِاَللَّهِ, أَوْ قَالَ وَعِزَّةِ اللَّهِ, أَوْ وَقُدْرَةِ اللَّهِ أَوْ وَكِبْرِيَاءِ اللَّهِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَفَّارَةً مِثْلَ مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ وَنَقُولُ إنَّهُ إنْ قَالَ أَشْهَدُ وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ أَوْ أُقْسِمُ وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ, أَوْ أَعْزِمُ وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ, أَوْ قَالَ اللَّهِ إنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِهِ يَمِينًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ لاَ حِنْثَ عَلَيْهِ, وَإِنْ أَرَادَ بِهِ يَمِينًا فَمِثْلُ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ, أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ, وَالْكَعْبَةِ وَأَبِي, وَكَذَا, وَكَذَا مَا كَانَ فَحَنِثَ فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَعَمْرِي لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَكُلُّ يَمِينٍ بِغَيْرِ اللَّهِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا مِنْ قِبَلِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَسْكُتْ} أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: {سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ أَلاَ إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ قَالَ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه وَاَللَّهِ مَا حَلَفْت بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ذَاكِرًا وَلاَ آثِرًا}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى فَكُلُّ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ كَرِهْت لَهُ وَخَشِيت أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ مَعْصِيَةً وَأَكْرَهُ الْأَيْمَانَ بِاَللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا فِيمَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً مِثْلَ الْبَيْعَةِ عَلَى الْجِهَادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَوَاسِعٌ لَهُ وَأَخْتَارُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ} وَمَنْ حَلَفَ عَامِدًا لِلْكَذِبِ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا, وَكَذَا وَلَمْ يَكُنْ, أَوْ وَاَللَّهِ مَا كَانَ كَذَا, وَقَدْ كَانَ كَفَّرَ, وَقَدْ أَثِمَ وَأَسَاءَ حَيْثُ عَمَدَ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ بَاطِلاً فَإِنْ قَالَ وَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنْ يُكَفِّرَ, وَقَدْ عَمَدَ الْبَاطِلَ؟ قِيلَ أَقَرَّ بِهَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ} فَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمِدَ الْحِنْثَ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ حَلَفَ أَنْ لاَ يَنْفَعَ رَجُلاً, فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَنْفَعَهُ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا}, ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ وَمَنْ حَلَفَ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ, ثُمَّ وَجَدَهُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَقَوْلُ الرَّجُلِ أُقْسِمُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ فَإِنْ قَالَ أَقْسَمْت بِاَللَّهِ فَإِنْ كَانَ يَعْنِي حَلَفْت قَدِيمًا يَمِينًا بِاَللَّهِ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ حَادِثَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ يَمِينٍ مَاضِيَةٍ, وَإِنْ أَرَادَ بِهَا يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ, وَإِنْ قَالَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا إيقَاعَ يَمِينٍ فَهِيَ يَمِينٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَوْعِدًا أَنَّهُ سَيُقْسِمُ بِاَللَّهِ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ سَأَحْلِفُ, أَوْ سَوْفَ أَحْلِفُ وَإِنْ قَالَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ فَهِيَ يَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْيَمِينَ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ; لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ الْيَمِينِ; لِأَنَّ قَوْلَهُ لَعَمْرِي إنَّمَا هُوَ لَحَقِّي فَإِنْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلاَلِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ اللَّهِ يُرِيدُ بِهَذَا كُلِّهِ الْيَمِينَ, أَوْ لاَ نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ يَمِينٌ, وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا الْيَمِينَ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وَحَقُّ اللَّهِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَقُدْرَةُ اللَّهِ مَاضِيَةٌ عَلَيْهِ لاَ أَنَّهُ يَمِينٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ يَمِينًا بِأَنْ لاَ يَنْوِيَ شَيْئًا, أَوْ بِأَنْ يَنْوِيَ يَمِينًا, وَإِذَا قَالَ بِاَللَّهِ, أَوْ تَاللَّهِ فِي يَمِينٍ فَهُوَ كَمَا وَصَفْت إنْ نَوَى يَمِينًا, أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاََفْعَلَنَّ كَذَا, وَكَذَا لَمْ يَكُنْ يَمِينًا إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَ يَمِينًا; لِأَنَّ هَذَا ابْتِدَاءُ كَلاَمٍ لاَ يَمِينٌ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهُ, وَإِذَا قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَهِيَ يَمِينٌ, وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يَمِينًا فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ; لِأَنَّ قَوْلَهُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ يَحْتَمِلُ أَشْهَدُ بِأَمْرِ اللَّهِ, وَإِذَا قَالَ أَشْهَدُ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ, وَلَوْ قَالَ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ وَلاَ نِيَّةَ لَهُ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ; لِأَنَّ قَوْلَهُ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ إنَّمَا هِيَ أَعْزِمُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ, أَوْ أَعْزِمُ بِعَوْنِ اللَّهِ عَلَى كَذَا, وَكَذَا وَاسْتِحْلاَفُهُ لِصَاحِبِهِ لاَ يَمِينُهُ هُوَ مِثْلُ قَوْلِك لِلرَّجُلِ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ, أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ, أَوْ أَعْزِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ, فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَحْلِفُ بِهَذَا يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ, وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ يَمِينًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ, فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ, أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ, وَكَذَلِكَ إنْ تَكَلَّمَ بِهَا, وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ, وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَكَفَالَتُهُ, ثُمَّ حَنِثَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا يَمِينًا, وَكَذَلِكَ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا لاَ يَنْوِي يَمِينًا فَلَيْسَ بِيَمِينٍ بِشَيْءٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ يُؤَدِّيَ فَرَائِضَهُ, وَكَذَلِكَ لِلَّهِ عَلَيْهِ مِيثَاقٌ بِذَلِكَ وَأَمَانَةٌ بِذَلِكَ, وَكَذَلِكَ الذِّمَّةُ, وَالْكَفَالَةُ.
(قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ) رحمه الله تعالى فَإِنَّا نَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ وَاَللَّهِ لاَ أَفْعَلُ كَذَا, وَكَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ إنَّهُ إنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ الثُّنْيَا فَلاَ يَمِينَ عَلَيْهِ وَلاَ كَفَّارَةَ إنْ فَعَلَ, وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الثُّنْيَا وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أَوْ قَالَ ذَلِكَ سَهْوًا, أَوْ اسْتِهْتَارًا فَإِنَّهُ لاَ ثُنْيَا وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إنْ حَنِثَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رحمه الله تعالى وَإِنَّهُ إنْ حَلَفَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ يَمِينِهِ نَسَقَ الثُّنْيَا بِهَا, أَوْ تَدَارَكَ الْيَمِينَ بِالِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ يَمِينِهِ وَلَمْ يَصِلْ الِاسْتِثْنَاءَ بِالْيَمِينِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ نَسَقًا بِهَا تِبَاعًا فَذَلِكَ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ صُمَاتٌ فَلاَ اسْتِثْنَاءَ لَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ, أَوْ حَلَفَ بِيَمِينٍ مَا كَانَتْ بِطَلاَقٍ, أَوْ عَتَاقٍ, أَوْ غَيْرِهِ, أَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا, ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْصُولاً بِكَلاَمِهِ فَقَدْ اسْتَثْنَى وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْيَمِينِ, وَإِنْ حَنِثَ, وَالْوَصْلُ أَنْ يَكُونَ كَلاَمُهُ نَسَقًا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ سَكْتَةٌ كَسَكْتَةِ الرَّجُلِ بَيْنَ الْكَلاَمِ لِلتَّذَكُّرِ, أَوْ الْعِيِّ, أَوْ النَّفَسِ أَوْ انْقِطَاعِ الصَّوْتِ, ثُمَّ وَصَلَ الِاسْتِثْنَاءَ فَهُوَ مَوْصُولٌ وَإِنَّمَا الْقَطْعُ أَنْ يَحْلِفَ, ثُمَّ يَأْخُذَ فِي كَلاَمٍ لَيْسَ مِنْ الْيَمِينِ مِنْ أَمْرٍ, أَوْ نَهْيٍ, أَوْ غَيْرِهِ, أَوْ يَسْكُتَ السُّكَاتَ الَّذِي يَبِينُ أَنَّهُ يَكُونُ قَطْعًا فَإِذَا قَطَعَ, ثُمَّ اسْتَثْنَى لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فَإِنْ حَلَفَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لاََفْعَلَنَّ كَذَا, وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلاَنٌ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ حَتَّى يَشَاءَ فُلاَنٌ فَإِنْ مَاتَ, أَوْ خَرِسَ, أَوْ غَابَ لَمْ يَفْعَلْ وَإِنْ قَالَ لاَ أَفْعَلُ كَذَا, وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلاَنٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلاَنٌ فَإِنْ مَاتَ فُلاَنٌ, أَوْ خَرِسَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ فُلاَنًا شَاءَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِنْ حَلَفَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لاََفْعَلَنَّ كَذَا, وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلاَنٌ لَمْ يَحْنَثْ إنْ شَاءَ فُلاَنٌ, وَإِنْ مَاتَ فُلاَنٌ, أَوْ خَرِسَ أَوْ غَابَ عَنَّا مَعْنَى فُلاَنٍ حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ يَمِينِهِ حَنِثَ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ مَشِيئَةُ فُلاَنٍ, وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَفْعَلُ كَذَا, وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلاَنٌ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى يَشَاءَ فُلاَنٌ, وَإِنْ غَابَ عَنَّا مَعْنَى فُلاَنٍ فَلَمْ نَعْرِفْ شَاءَ, أَوْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنْ فَعَلَهُ لَمْ أُحْنِثْهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فُلاَنٌ شَاءَ.
قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله تعالى فَإِنَّا نَقُولُ إنَّ الْيَمِينَ الَّتِي لاَ كَفَّارَةَ فِيهَا, وَإِنْ حَنِثَ فِيهَا صَاحِبُهَا إنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنَّ لَهَا وَجْهَيْنِ وَجْهٌ يُعْذَرُ فِيهِ صَاحِبُهُ وَيُرْجَى لَهُ أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهَا إثْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ فِيهَا عَلَى إثْمٍ وَلاَ كَذِبٍ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ عَلَى الْأَمْرِ لَقَدْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جُهْدَهُ وَمَبْلَغَ عِلْمِهِ فَذَلِكَ اللَّغْوُ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْمُؤْنَةَ عَنْ الْعِبَادِ وَقَالَ: {لاَ يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ}, وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ حَلَفَ عَامِدًا لِلْكَذِبِ اسْتِخْفَافًا بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ كَاذِبًا فَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ; لِأَنَّ الَّذِي يَعْرِضُ مِنْ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَإِنَّهُ لَيُقَالُ لَهُ تَقَرَّبْ إلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْت مِنْ خَيْرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ ذَهَبْت أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ إلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فِي ثَبِيرَ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لاَ يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قَالَتْ هُوَ: لاَ وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَغْوُ الْيَمِينِ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله تعالى عنها وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُ الرَّجُلِ لاَ وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى اللَّجَاجِ, وَالْغَضَبِ, وَالْعَجَلَةِ لاَ يَعْقِدُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَعَقْدُ الْيَمِينِ أَنْ يُثْبِتَهَا عَلَى الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ أَنْ لاَ يَفْعَلَ الشَّيْءَ فَيَفْعَلَهُ, أَوْ لَيَفْعَلَنَّهُ فَلاَ يَفْعَلْهُ, أَوْ لَقَدْ كَانَ وَمَا كَانَ فَهَذَا آثِمٌ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ الْكَفَّارَاتِ فِي عَمْدِ الْمَأْثَمِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} وَقَالَ: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلَى: {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِي الظِّهَارِ: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا}, ثُمَّ أَمَرَ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ وَمِثْلُ مَا وَصَفْت مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ}.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: فَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَأَرَادَ أَنْ يَحْنَثَ, فَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى يَحْنَثَ وَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ بِإِطْعَامٍ رَجَوْت أَنْ يَجْزِيَ عَنْهُ وَإِنْ كَفَّرَ بِصَوْمٍ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ, وَذَلِكَ أَنَّا نَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَقًّا عَلَى الْعِبَادِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَالْحَقُّ الَّذِي فِي أَمْوَالِهِمْ إذَا قَدَّمُوهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ أَجْزَأَهُمْ وَأَصْلُ ذَلِكَ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَلَّفَ مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ} وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ قَدَّمُوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْفِطْرُ فَجَعَلْنَا الْحُقُوقَ الَّتِي فِي الْأَمْوَالِ قِيَاسًا عَلَى هَذَا, فَأَمَّا الْأَعْمَالُ الَّتِي عَلَى الْأَبْدَانِ فَلاَ تَجْزِي إلَّا بَعْدَ مَوَاقِيتِهَا كَالصَّلاَةِ الَّتِي لاَ تَجْزِي إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ وَالصَّوْمُ لاَ يَجْزِي إلَّا فِي الْوَقْتِ أَوْ قَضَاءً بَعْدَ الْوَقْتِ الْحَجُّ الَّذِي لاَ يَجْزِي الْعَبْدَ وَلاَ الصَّغِيرَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ; لِأَنَّهُمَا حَجَّا قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ, ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ طَلُقَتْ بِالْحِنْثِ وَالطَّلاَقِ الَّذِي أَوْقَعَ, وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَسَمَّى وَقْتًا فَإِنْ جَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا, وَلَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً, أَوْ اثْنَتَيْنِ, ثُمَّ جَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا التَّطْلِيقَةُ الثَّالِثَةُ, وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ, وَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَهَذَا عَلَى الْأَبَدِ لاَ يَحْنَثُ حَتَّى يَمُوتَ, أَوْ تَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَمَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا مِنْ امْرَأَةٍ تُشْبِهُهَا, أَوْ لاَ تُشْبِهُهَا خَرَجَ بِهَا مِنْ الْحِنْثِ دَخَلَ بِهَا, أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلاَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ إلَّا تَزْوِيجٌ صَحِيحٌ يَثْبُتُ, فَأَمَّا تَزْوِيجٌ فَاسِدٌ فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ, وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا وَإِنْ مَاتَ هُوَ وَرِثَتْهُ, وَلَمْ تَرِثْهُ فِي قَوْلِ مَنْ يُوَرِّثُ الْمَبْتُوتَةَ إذَا وَقَعَ الطَّلاَقُ فِي الْمَرَضِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: بَعْدُ لاَ تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ (قَالَ الرَّبِيعُ) صَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى قَوْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ, وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا وَرَّثَ الزَّوْجَاتِ مِنْ الْأَزْوَاجِ وَأَنَّهُ إنْ آلَى مِنْ الْمَبْتُوتَةِ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ إيلاَءٌ وَإِنَّ ظَاهَرَ فَلاَ ظِهَارَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَذَفَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلاَعِنَ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْحَدِّ وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا فَلَمَّا زَعَمُوا أَنَّهَا خَارِجَةٌ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ مَعَانِي الْأَزْوَاجِ وَإِنَّمَا وَرَّثَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّوْجَاتِ لَمْ نُوَرِّثْهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَيُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِنْطَةٍ وَلاَ يُجْزِئُ أَنْ يَكُونَ دَقِيقًا وَلاَ سَوِيقًا, وَإِنْ كَانَ أَهْلُ بَلَدٍ يَقْتَاتُونَ الذُّرَةَ, أَوْ الْأُرْزَ, أَوْ التَّمْرَ أَوْ الزَّبِيبَ أَجْزَأَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا قُلْنَا يُجْزِئُ هَذَا: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِعَرَقِ تَمْرٍ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} وَالْعَرَقُ فِيمَا يُقَدَّرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَذَلِكَ سِتُّونَ مُدًّا فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: {أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا, أَوْ عِشْرُونَ صَاعًا} قِيلَ فَأَكْثَرُ مَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ مُدٌّ وَرُبُعٌ, أَوْ ثُلُثٌ وَإِنَّمَا هَذَا شَكٌّ أَدْخَلَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ, وَالْعَرَقُ كَمَا وَصَفْت كَانَ يُقَدَّرُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا, وَالْكَفَّارَاتُ بِالْمَدِينَةِ وَبِنَجْدٍ وَمِصْرَ, وَالْقَيْرَوَانِ, وَالْبُلْدَانِ كُلِّهَا سَوَاءٌ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ فَرْضَيْنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ قَطُّ وَلاَ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ إلَّا مَكِيلَةُ الطَّعَامِ وَمَا أَرَى أَنْ يَجْزِيَهُمْ دَرَاهِمُ, وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَمَا يَقْتَاتُ أَهْلُ الْبُلْدَانِ مِنْ شَيْءٍ أَجْزَأَهُمْ مِنْهُ مُدٌّ وَيُجْزِئُ أَهْلَ الْبَادِيَةِ مُدُّ أَقِطٍ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ بَلَدٍ قُوتٌ مِنْ طَعَامٍ سِوَى اللَّحْمِ أَدَّوْا مُدًّا مِمَّا يَقْتَاتُ أَقْرَبُ الْبُلْدَانِ إلَيْهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَيُعْطِي الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةَ كُلَّ مَنْ لاَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَهُمْ مَنْ عَدَا الْوَالِدِ, وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ إذَا كَانُوا أَهْلَ حَاجَةٍ فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مُتَطَوِّعًا أَعْطَاهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَيْسَ لَهُ إذَا كَفَّرَ بِإِطْعَامٍ أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ, وَإِنْ أَطْعَمَ تِسْعَةً وَكَسَا وَاحِدًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ عَاشِرًا, أَوْ يَكْسُوَ تِسْعَةً; لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَشَرَةً, أَوْ يَكْسُوَهُمْ وَهُوَ لاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يَكْسُوَ تِسْعَةً وَيُطْعِمَ وَاحِدًا; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لاَ أَطْعَمَ عَشَرَةً وَلاَ كَسَاهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَيْمَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَحَنِثَ فِيهَا فَأَعْتَقَ وَأَطْعَمَ وَكَسَا يَنْوِي الْكَفَّارَةَ وَلاَ يَنْوِي عَنْ أَيُّهَا الْعِتْقَ وَلاَ عَنْ أَيُّهَا الْإِطْعَامَ وَلاَ عَنْ أَيُّهَا الْكِسْوَةَ أَجْزَأَهُ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَأَيَّهَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ عِتْقًا, أَوْ إطْعَامًا, أَوْ كِسْوَةً كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ فَالنِّيَّةُ الْأُولَى تَجْزِيهِ فَإِنْ أَعْتَقَ وَكَسَا وَأَطْعَمَ وَلَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِطْعَامَ أَكْمَلَهُ وَنَوَاهُ عَنْ أَيِّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ, وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَكَسَا وَأَعْتَقَ وَأَطْعَمَ وَلَمْ يَنْوِ الْكَفَّارَةَ, ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَةً لَمْ تَكُنْ كَفَّارَةً لاَ تُجْزِئُهُ حَتَّى يُقَدِّمَ النِّيَّةَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ, أَوْ تَكُونَ مَعَهَا وَأَمَّا مَا كَانَ عَمِلَهُ قَبْلَ النِّيَّةِ فَهُوَ تَطَوُّعٌ لاَ يَجْزِيهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَمَرَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمَأْمُورِ, أَوْ اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ فَأَذِنَ لَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَهَذِهِ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ; لِأَنَّ دَفْعَهُ إيَّاهَا إلَى الْمَسَاكِينِ بِأَمْرِهِ كَقَبْضِ وَكِيلِهِ لِهِبَةٍ وَهَبَهَا لَهُ, وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي فَهِيَ هِبَةٌ فَإِعْتَاقُهُ عَنْهُ كَقَبْضِهِ مَا وَهَبَ لَهُ وَوَلاَؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ; لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ, وَكَانَ الْعِتْقُ مِثْلَ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ كَانَ الْعِتْقُ مِثْلَ الْقَبْضِ, وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً تَطَوَّعَ فَكَفَّرَ عَنْ رَجُلٍ بِإِطْعَامٍ, أَوْ كِسْوَةٍ, أَوْ عِتْقٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْ الْحَالِفِ لَمْ يَجْزِ عَنْهُ, وَكَانَ الْعِتْقُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتِقُ لِمَا يَمْلِكُ مَا لَمْ يَهَبْ لِغَيْرِهِ فَيَقْبَلَهُ, وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَعْتِقُ عَنْ أَبَوَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْوَلاَءُ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُمَا وَلاَ شَيْءَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا, وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً صَامَ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عَنْهُ, وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَعْمَلُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ عَمَلَ الْأَبْدَانِ; لِأَنَّ الْأَبْدَانَ تَعَبَّدَتْ بِعَمَلٍ فَلاَ يَجْزِي عَنْهَا أَنْ يَعْمَلَ غَيْرُهَا لَيْسَ الْحَجُّ, وَالْعُمْرَةُ بِالْخَبَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَنَّ فِيهِمَا نَفَقَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ فَرَضَهُمَا عَلَى مَنْ وَجَدَ إلَيْهِمَا السَّبِيلَ وَالسَّبِيلُ بِالْمَالِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: لاَ يُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ إلَّا حُرًّا مُسْلِمًا مُحْتَاجًا فَإِنْ أَطْعَمَ مِنْهَا ذِمِّيًّا مُحْتَاجًا, أَوْ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ أَوْ عَبْدَ رَجُلٍ مُحْتَاجٍ لَمْ يَجْزِهِ ذَلِكَ, وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ وَهَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ غَنِيًّا وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ, ثُمَّ عَلِمَ غِنَاهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ, وَهَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ, ثُمَّ عَلِمَ أَعَادَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ لاَ يَسْتَغْنِي عَنْهُ هُوَ وَأَهْلُهُ وَخَادِمٌ أُعْطِيَ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ, وَلَوْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ أَهْلِهِ الْفَضْلَ الَّذِي يَكُونُ بِمِثْلِهِ غَنِيًّا لَمْ يُعْطَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي مِنْ الْكِسْوَةِ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ سَرَاوِيلَ, أَوْ إزَارٍ أَوْ مِقْنَعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ, وَالْمَرْأَةِ; لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ, وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِمَا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ مِنْ الْكِسْوَةِ عَلَى كِسْوَةِ الْمَسَاكِينِ جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِمَا يَكْفِيهِ فِي الشِّتَاءِ,, أَوْ فِي الصَّيْفِ, أَوْ فِي السَّفَرِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَلَكِنْ لاَ يَجُوزُ الِاسْتِدْلاَل عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا, وَإِذَا أَطْلَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مُطْلَقٌ وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَكْسُوَ رِجَالاً وَنِسَاءً, وَكَذَلِكَ يَكْسُوَ الصِّبْيَانَ, وَإِنْ كَسَا غَنِيًّا وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ رَأَيْت عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْكِسْوَةَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ أَعْتَقَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ, أَوْ فِي شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ لَمْ يَجْزِهِ إلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ وَيَعْتِقُ فِيهَا الْأَسْوَدَ, وَالْأَحْمَرَ وَالسَّوْدَاءَ, وَالْحَمْرَاءَ وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ بِهِ اسْمُ الْإِيمَانِ عَلَى الْعَجَمِيِّ أَنْ يَصِفَ الْإِيمَانَ إذَا أُمِرَ بِصِفَتِهِ, ثُمَّ يَكُونَ بِهِ مُؤْمِنًا وَيَجْزِي فِيهِ الصَّغِيرُ إذَا كَانَ أَبَوَاهُ, أَوْ أَحَدُهُمَا مُؤْمِنًا; لِأَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْإِيمَانِ وَيَجْزِي فِي الْكَفَّارَاتِ وَلَدُ الزِّنَا, وَكَذَلِكَ كُلُّ ذِي نَقْصٍ بِعَيْبٍ لاَ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا مِثْلِ الْعَرَجِ الْخَفِيفِ, وَالْعَوَرِ وَشَلَلِ الْخِنْصَرِ, وَالْعُيُوبِ الَّتِي لاَ تَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَيَجْزِي فِيهِ الْعَرَجُ الْخَفِيفُ وَلاَ يَجْزِي الْمُقْعَدُ وَلاَ الْأَعْمَى وَلاَ أَشَلُّ الرِّجْلِ يَابِسُهَا وَلاَ الْيَدَيْنِ يَابِسُهُمَا وَيَجْزِي الْأَصَمُّ, وَالْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ وَغَيْرُ الْمَجْبُوبِ وَيَجْزِي الْمَرِيضُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ مَرَضُ زَمَانَةٍ مِثْلُ الْفَالِجِ وَالسِّلِّ وَمَا أَشْبَهَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ حَامِلاً مِنْ زَوْجِهَا, ثُمَّ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا, فَأَعْتَقَهَا فِي كَفَّارَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَإِنَّمَا لاَ تَجْزِي فِي قَوْلِ مَنْ لاَ يَبِيعُ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ شِرَائِهِ إيَّاهَا وَوَضْعِهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا; لِأَنَّهَا تَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ, فَأَمَّا مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلاَ تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ (قَالَ): وَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ وَاجِبَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ رَقَبَةً تُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهَا بِغَيْرِ عِتْقٍ فَلاَ تَجْزِي عَنْهُ, وَمَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهُ بِحَالِ أَجْزَأَ عَنْهُ وَلاَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا الْآبَاءُ, وَإِنْ بَعُدُوا, وَالْبَنُونَ وَإِنْ سَفَلُوا وَالِدُونَ كُلُّهُمْ, أَوْ مَوْلُودُونَ وَسَوَاءٌ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْبَنَاتِ, وَالْبَنِينَ; لِأَنَّ كُلَّهُمْ وَلَدٌ وَوَالِدٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ اشْتَرَى رَقَبَةً بِشَرْطِ عِتْقِهَا لَمْ تَجْزِ عَنْهُ مِنْ رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ (قَالَ): وَيَجْزِي الْمُدَبَّرُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ وَلاَ يَجْزِي عَنْهُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَعْجِزَ فَيَعُودَ رَقِيقًا فَيَعْتِقَهُ بَعْدَ الْعَجْزِ وَيَجْزِي الْمُعْتَقُ إلَى سِنِينَ وَهُوَ فِي أَضْعَفَ مِنْ حَالِ الْمُدَبَّرِ, وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَهُوَ مِمَّنْ لاَ يَجْزِي فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ فَالْعِتْقُ مَاضٍ وَيَعُودُ لِرَقَبَةٍ تَامَّةٍ فَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ دَلَّسَ لَهُ بِعَيْبٍ عَادَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا بَيَّنَهُ صَحِيحًا وَمَعِيبًا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا عَيْبًا يَجْزِي مِثْلُهُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ أَجْزَأَ عَنْهُ وَعَادَ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي بَاعَهُ بِقِيمَةِ مَا بَيْنَ الْعَيْبِ وَالصِّحَّةِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَكُونَ مُتَفَرِّقًا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}, وَالْعِدَّةُ أَنْ يَأْتِيَ بِعَدَدِ صَوْمٍ لاَ وِلاَءٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى:, وَإِذَا كَانَ الصَّوْمُ مُتَتَابِعًا فَأَفْطَرَ فِيهِ الصَّائِمُ وَالصَّائِمَةُ مِنْ عُذْرٍ وَغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَا الصِّيَامَ إلَّا الْحَائِضَ فَإِنَّهَا لاَ تَسْتَأْنِفُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ الْإِطْعَامُ, أَوْ الْكِسْوَةُ, أَوْ الْعِتْقُ مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّدَقَةِ شَيْئًا, فَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَلاَ يَعْتِقَ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَ عَنْهُ, وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا, وَكَانَ مَالُهُ غَائِبًا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِصَوْمٍ حَتَّى يَحْضُرَهُ مَالُهُ, أَوْ يَذْهَبَ الْمَالُ إلَّا بِإِطْعَامٍ, أَوْ كِسْوَةٍ, أَوْ عِتْقٍ. مَنْ حَنِثَ مُعْسِرًا, ثُمَّ أَيْسَرَ, أَوْ حَنِثَ مُوسِرًا, ثُمَّ أَعْسَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَنِثَ الرَّجُلُ مُوسِرًا, ثُمَّ أَعْسَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصُومَ وَلاَ أَرَى الصَّوْمَ يَجْزِي عَنْهُ وَأَمَرْته احْتِيَاطًا أَنْ يَصُومَ فَإِذَا أَيْسَرَ كَفَّرَ وَإِنَّمَا أَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَحْنَثُ فِيهِ, وَلَوْ أَنَّهُ حَنِثَ مُعْسِرًا, ثُمَّ لَمْ يَصُمْ حَتَّى أَيْسَرَ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلاَ يَصُومَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أَيْسَرَ وَإِنْ صَامَ وَلَمْ يُكَفِّرْ أَجْزَأَ عَنْهُ; لِأَنَّ حُكْمَهُ حِينَ حَنِثَ الصِّيَامُ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى الْكَفَّارَةِ يَوْمَ يُكَفِّرُ فَإِذَا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ لَهُ أَنْ يَصُومَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ (قَالَ): وَلاَ يُصَامُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَلاَ فِي شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ بِإِيجَابِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلاَ يَوْمٍ لاَ يَصْلُحُ صَوْمُهُ مُتَطَوِّعًا مِثْلِ يَوْمِ الْفِطْرِ, وَالْأَضْحَى وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَصِيَامِ مَا سِوَاهَا مِنْ الْأَيَّامِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَيُفْسِدُ صَوْمَ التَّطَوُّعِ وَصَوْمَ رَمَضَانَ وَصَوْمَ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ مَا أَفْسَدَ الصَّوْمَ وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ ذَلِكَ, فَمَنْ أَكَلَ فِيهَا, أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَكَلَ, أَوْ شَرِبَ عَامِدًا أُفْسِدَ الصَّوْمُ عَلَيْهِ لاَ يُخْتَلَفُ إلَّا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي رَمَضَانَ وَسُقُوطِهَا عَمَّنْ جَامَعَ فِي صَوْمٍ غَيْرِهِ تَطَوُّعًا, أَوْ وَاجِبًا فَإِذَا كَانَ الصَّوْمُ مُتَتَابِعًا فَأَفْطَرَ فِيهِ الصَّائِمُ مِنْ عُذْرٍ وَغَيْرِ عُذْرٍ وَالصَّائِمَةُ اسْتَأْنَفَا الصِّيَامَ إلَّا الْحَائِضَ فَإِنَّهَا لاَ تَسْتَأْنِفُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ فِي زَكَاةِ مَالٍ, أَوْ لَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ يُحَاصُّ بِهِ دُيُونُ النَّاسِ وَيُخْرَجُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يَكْفِي فِي مِثْلِهِ فَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقٍ فِي كَفَّارَةٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِ الْمَالِ إلَّا الطَّعَامَ فَإِنْ حَمَلَ ثُلُثُهُ الْعِتْقَ أُعْتِقَ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ أُطْعِمَ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ, وَإِذَا أُعْتِقَ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يُطْعَمْ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ بِالطَّعَامِ, أَوْ بِالْكِسْوَةِ, ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ فَدَفَعَهُ إلَى أَهْلِهِ, ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ, وَلَوْ تَنَزَّهَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى:, وَإِذَا حَنِثَ الْعَبْدُ فَلاَ يَجْزِيهِ إلَّا الصَّوْمُ; لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ شَيْئًا, وَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ عَبْدًا وَنِصْفُهُ حُرًّا, وَكَانَ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجْزِهِ الصِّيَامُ, وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْمَالِ مِمَّا يُصِيبُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِنَفْسِهِ صَامَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى:, وَإِذَا حَنِثَ الْعَبْدُ, ثُمَّ عَتَقَ وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ حُرٍّ أَجْزَأَتْ عَنْهُ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَالِكٌ, وَلَوْ صَامَ أَجْزَأَ عَنْهُ; لِأَنَّهُ يَوْمَ حَنِثَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الصِّيَامِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ نَذَرَ تَبَرُّرًا أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ أَنْ يَمْشِيَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ, وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ رَكِبَ وَأَهْرَاقَ دَمًا احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا نَذَرَ كَمَا نَذَرَ, وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَيْهِ دَمٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطِقْ شَيْئًا سَقَطَ عَنْهُ كَمَنْ لاَ يُطِيقُ الْقِيَامَ فِي الصَّلاَةِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا وَلاَ يُطِيقُ الْقُعُودَ فَيُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الْحَجِّ, وَالْعُمْرَةِ وَالصَّلاَةِ أَنَّ النَّاسَ أَصْلَحُوا أَمْرَ الْحَجِّ بِالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالنُّسُكِ وَلَمْ يُصْلِحُوا أَمْرَ الصَّلاَةِ إلَّا بِالصَّلاَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلاَ يَمْشِي أَحَدٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إلَّا حَاجًّا, أَوْ مُعْتَمِرًا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَلِلشَّافِعِيِّ رحمه الله تعالى: قَوْلٌ آخَرُ إنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَحَنِثَ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ تَجْزِيهِ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْيَمِينَ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَسَمِعْت الشَّافِعِيَّ أَفْتَى بِذَلِكَ رَجُلاً فَقَالَ هَذَا قَوْلُك يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ هَذَا هُوَ قَوْلُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي قَالَ وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَفِيهَا قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا مَعْقُولُ مَعْنَى قَوْلِ عَطَاءٍ إنَّ كُلَّ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ النُّسُكِ صَوْمٍ, أَوْ حَجٍّ, أَوْ عُمْرَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا حَنِثَ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ حَجٌّ وَلاَ عُمْرَةٌ وَلاَ صَوْمٌ وَمَذْهَبُهُ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ لِلَّهِ لاَ تَكُونُ إلَّا بِفَرْضٍ يُؤَدِّيهِ مِنْ فَرْضِ اللَّهِ عَلَيْهِ, أَوْ تَبَرُّرًا يُرِيدُ اللَّهَ بِهِ. فَأَمَّا عَلَى غَلْقِ الْأَيْمَانِ فَلاَ يَكُونُ تَبَرُّرًا وَإِنَّمَا يَعْمَلُ التَّبَرُّرَ لِغَيْرِ الْغَلْقِ, وَقَدْ قَالَ غَيْرُ عَطَاءٍ: عَلَيْهِ الْمَشْيُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ إذَا نَذَرَهُ مُتَبَرِّرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَالتَّبَرُّرُ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ شَفَى اللَّهُ فُلاَنًا, أَوْ قَدِمَ فُلاَنٌ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ قَضَى عَنِّي دَيْنًا, أَوْ كَانَ كَذَا أَنْ أَحُجَّ لَهُ نَذْرًا فَهُوَ التَّبَرُّرُ, فَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَقْضِك حَقَّك فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَهَذَا مِنْ مَعَانِي الْأَيْمَانِ لاَ مِنْ مَعَانِي النُّذُورِ وَأَصْلُ مَعْقُولِ قَوْلِ عَطَاءٍ فِي مَعَانِي النُّذُورِ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلاَ كَفَّارَةٌ فَهَذَا يُوَافِقُ السُّنَّةَ, وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ شَفَانِي, أَوْ شَفَى فُلاَنًا أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي, أَوْ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ, فَمَنْ قَالَ هَذَا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي السَّائِبَةِ وَإِنَّمَا أَبْطَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّذْرَ فِي الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ; لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةً. وَكَانَ فِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يَفِيَ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ جَاءَتْ السُّنَّةُ. (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ} أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: {كَانَتْ بَنُو عَقِيلٍ حُلَفَاءَ لِثَقِيفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ, ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ أَسَرُوا رَجُلاً مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وَمَعَهُ نَاقَةٌ لَهُ, وَكَانَتْ نَاقَتُهُ قَدْ سَبَقَتْ الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَذَا, وَكَذَا مَرَّةً, وَكَانَتْ النَّاقَةُ إذَا سَبَقَتْ الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تُمْنَعْ مِنْ كَلاٍَ تَرْتَعُ فِيهِ وَلَمْ تُمْنَعْ مِنْ حَوْضٍ تَشْرَعُ فِيهِ قَالَ فَأَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ أَخَذْتنِي وَأَخَذْت سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك ثَقِيفٍ قَالَ وَحُبِسَ حَيْثُ يَمُرُّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنِّي مُسْلِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قُلْتهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك كُنْت قَدْ أَفْلَحْت كُلَّ الْفَلاَحِ قَالَ, ثُمَّ مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنِّي جَائِعٌ, فَأَطْعِمْنِي وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ حَاجَتُك, ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَا لَهُ فَفَادَى بِهِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْ ثَقِيفٌ وَأَمْسَكَ النَّاقَةَ, ثُمَّ إنَّهُ أَغَارَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَدُوٌّ فَأَخَذُوا سَرْحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدُوا النَّاقَةَ فِيهَا, قَالَ, وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَسَرُوهَا وَكَانُوا يُرِيحُونَ النَّعَمَ عِشَاءً فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ لَيْلَةٍ إلَى النَّعَمِ فَجَعَلَتْ لاَ تَجِيءُ إلَى بَعِيرٍ إلَّا رَغَا حَتَّى انْتَهَتْ إلَيْهَا فَلَمْ تَرْغُ فَاسْتَوَتْ عَلَيْهَا فَنَجَتْ فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ قَالَ النَّاسُ الْعَضْبَاءُ الْعَضْبَاءُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنِّي نَذَرْت إنْ اللَّهُ أَنْجَانِي عَلَيْهَا أَنْ أَنْحَرَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَمَا جَزَيْتِيهَا وَلاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ} أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهَا أَنْ تَنْحَرَ مِثْلَهَا, أَوْ تَنْحَرَهَا وَلاَ تُكَفِّرَ. (قَالَ): وَكَذَلِكَ نَقُولُ إنَّ مَنْ نَذَرَ تَبَرُّرًا أَنْ يَنْحَرَ مَالَ غَيْرِهِ فَهَذَا نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ فَالنَّذْرُ سَاقِطٌ عَنْهُ وَبِذَلِكَ نَقُولُ قِيَاسًا عَلَى مَنْ نَذَرَ مَا لاَ يُطِيقُ أَنْ يَعْمَلَهُ بِحَالِ سَقَطَ النَّذْرُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ أَنْ يَعْمَلَهُ فَهُوَ كَمَا لاَ يَمْلِكُ مِمَّا سِوَاهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا مَشَى حَتَّى يَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ, ثُمَّ رَكِبَ بَعْدُ, وَذَلِكَ كَمَالُ حَجِّ هَذَا, وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا مَشَى حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا, وَالْمَرْوَةِ وَيَحْلِقَ, أَوْ يُقَصِّرَ, وَذَلِكَ كَمَالُ عُمْرَةِ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَمَشَى فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا, وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ مَاشِيًا كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ إذَا فَاتَهُ هَذَا الْحَجُّ, أَلاَ تَرَى أَنَّ حُكْمَهُ لَوْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالْحَجِّ, أَوْ نَاذِرًا لَهُ أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ حِجَّةُ الْإِسْلاَمِ, أَوْ عُمْرَتُهُ أَنْ لاَ يُجْزِئَ هَذَا الْحَجُّ مَنْ حَجَّ وَلاَ عُمْرَةَ فَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ أَنْ يَسْقُطَ وَلاَ يُجْزِئَ مِنْ حَجٍّ وَلاَ عُمْرَةٍ فَكَيْفَ لاَ يَسْقُطُ الْمَشْيُ الَّذِي إنَّمَا هُوَ هَيْئَةٌ فِي الْحَجِّ, وَالْعُمْرَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ, أَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ وَلَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ فَإِنْ كَانَ نَذَرَ ذَلِكَ مَاشِيًا فَلاَ يَمْشِي; لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حِجَّةُ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتُهُ فَإِنْ مَشَى فَإِنَّمَا مَشَى حِجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ مَاشِيًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ إذَا لَمْ يَعْتَمِرْ وَيَحُجَّ فَإِنَّمَا هُوَ حِجَّةُ الْإِسْلاَمِ, وَإِنْ لَمْ يَنْوِ حِجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَنَوَى بِهِ نَذْرًا, أَوْ حَجًّا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ تَطَوُّعًا فَهُوَ كُلُّهُ حِجَّةُ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِنَذْرِهِ فَيُوفِيَهُ كَمَا نَذَرَ مَاشِيًا, أَوْ غَيْرَ مَاشٍ " قَالَ الرَّبِيعُ " هَذَا إذَا كَانَ الْمَشْيُ لاَ يَضُرُّ بِمَنْ يَمْشِي فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا بِهِ فَيَرْكَبُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِ مَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا إسْرَائِيلَ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَهُ وَيَتَنَحَّى عَنْ الشَّمْسِ, فَأَمَرَهُ بِاَلَّذِي فِيهِ الْبِرُّ وَلاَ يَضُرُّ بِهِ وَنَهَاهُ عَنْ تَعْذِيبِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لاَ حَاجَةَ لِلَّهِ فِي تَعْذِيبِهِ, وَكَذَلِكَ الَّذِي يَمْشِي إذَا كَانَ الْمَشْيُ تَعْذِيبًا لَهُ يَضُرُّ بِهِ تَرَكَهُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ فُلاَنًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَشْيٌ حَتَّى يَكُونَ نَوَى شَيْئًا يَكُونُ مِثْلُهُ بِرًّا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَشْيِ إلَى غَيْرِ مَوَاضِعِ الْبِرِّبِرٌّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ نَذَرَ فَقَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى إفْرِيقِيَّةَ, أَوْ الْعِرَاقِ, أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْبُلْدَانِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ طَاعَةٌ فِي الْمَشْيِ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْبُلْدَانِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَشْيُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرْتَجَى فِيهِ الْبِرُّ, وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَمْشِيَ وَإِلَى مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَنْ يَمْشِيَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ} وَلاَ يَبِينُ لِي أَنْ أُوجِبَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَمَا يَبِينُ لِي أَنْ أُوجِبَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ, وَذَلِكَ أَنَّ الْبِرَّ بِإِتْيَانِ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فَرْضٌ, وَالْبِرَّ بِإِتْيَانِ هَذَيْنِ نَافِلَةٌ, وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلاَ نِيَّةَ لَهُ فَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَلاَ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهُ; لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ اللَّهِ وَهُوَ إذَا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى مَسْجِدِ مِصْرَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ إلَيْهِ, وَلَوْ نَذَرَ بِرًّا أَمَرْنَاهُ بِالْوَفَاءِ بِهِ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا يُؤْخَذُ لِلْآدَمِيِّينَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ هَذَا عَمَلٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَلْزَمُهُ إلَّا بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِهِ, وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَنْحَرَ بِمَكَّةَ لَمْ يَجْزِهِ إلَّا أَنْ يَنْحَرَ بِمَكَّةَ, وَذَلِكَ أَنَّ النَّحْرَ بِمَكَّةَ بِرٌّ, وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ بِغَيْرِهَا لِيَتَصَدَّقَ لَمْ يَجْزِهِ أَنْ يَنْحَرَ إلَّا حَيْثُ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَإِنَّمَا أَوْجَبْته وَلَيْسَ فِي النَّحْرِ فِي غَيْرِهَا بِرٌّ; لِأَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى مَسَاكِينِ بَلَدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ غُلاَمِي حُرٌّ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي سَاعَتِي هَذِهِ, أَوْ فِي يَوْمِي هَذَا, أَوْ أَشَاءَ, أَوْ يَشَاءَ فُلاَنٌ أَنْ لاَ يَكُونَ حُرًّا, أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَنْ لاَ تَكُونَ طَالِقًا فِي يَوْمِي هَذَا أَوْ يَشَاءَ فُلاَنٌ فَشَاءَ, أَوْ شَاءَ الَّذِي اسْتَثْنَى مَشِيئَتَهُ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ حُرًّا وَلاَ الْمَرْأَةُ طَالِقًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا أُهْدِي هَذِهِ الشَّاةَ نَذْرًا, أَوْ أَمْشِي نَذْرًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنِّي سَأُحْدِثُ نَذْرًا, أَوْ أَنِّي سَأُهْدِيهَا فَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ كَمَا قَالَهُ لِغَيْرِ إيجَابٍ فَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْتِيَ مَوْضِعًا مِنْ الْحَرَمِ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَرَمَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا, وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَةَ, أَوْ مَرًّا, أَوْ مَوْضِعًا قَرِيبًا مِنْ الْحَرَمِ لَيْسَ بِالْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ; لِأَنَّ هَذَا نَذْرٌ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ, وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ حَجًّا وَلَمْ يُسَمِّ وَقْتًا فَعَلَيْهِ حَجٌّ يُحْرِمُ بِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مَتَى شَاءَ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرُ حَجٍّ إنْ شَاءَ فُلاَنٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ, وَلَوْ شَاءَ فُلاَنٌ إنَّمَا النَّذْرُ مَا أُرِيدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ لَيْسَ عَلَى مَعَانِي الْغَلْقِ وَلاَ مَشِيئَةِ غَيْرِ النَّاذِرِ, وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يُهْدِيَهُ, وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ مَتَاعًا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يُهْدِيَهُ, أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ فِي هَذِهِ أَنْ يُعَلِّقَهُ سِتْرًا عَلَى الْبَيْتِ, أَوْ يَجْعَلَهُ فِي طِيبِ الْبَيْتِ جَعَلَهُ حَيْثُ نَوَى, وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ مَا لاَ يُحْمَلُ مِثْلَ الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ بَاعَ ذَلِكَ فَأَهْدَى ثَمَنَهُ وَيَلِي الَّذِي نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِذَلِكَ تَعْلِيقَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَتَطْيِيبَهُ بِهِ, أَوْ يُوَكِّلُ بِهِ ثِقَةً يَلِي ذَلِكَ لَهُ, وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ بَدَنَةً لَمْ يَجْزِهِ فِيهَا إلَّا ثَنِيٌّ مِنْ الْإِبِلِ, أَوْ ثَنِيَّةٌ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ, وَالْأُنْثَى, وَالْخَصِيُّ وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا أَحَبُّ إلَيَّ, وَإِذَا لَمْ يَجِدْ بَدَنَةً أَهْدَى بَقَرَةً ثَنِيَّةً فَصَاعِدًا, وَإِذَا لَمْ يَجِدْ بَقَرَةً أَهْدَى سَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ ثَنِيًّا فَصَاعِدًا إنْ كُنَّ مِعْزًى, أَوْ جَذَعًا فَصَاعِدًا إنْ كُنَّ ضَأْنًا, وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى بَدَنَةٍ مِنْ الْإِبِلِ دُونَ الْبَقَرِ فَلاَ يَجْزِيهِ أَنْ يُهْدِيَ مَكَانَهَا مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إلَّا بِقِيمَتِهَا, وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ هَدْيًا وَلَمْ يُسَمِّ الْهَدْيَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا, فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً وَمَا أَهْدَى مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ, أَوْ مَا فَوْقَهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ كُلَّ هَذَا هَدْيٌ, وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ هَدْيًا وَنَوَى بِهِ بَهِيمَةً جَدْيًا رَضِيعًا أَهْدَاهُ إنَّمَا مَعْنَى الْهَدْيِ هَدِيَّةٌ وَكُلُّ هَذَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ هَدْيٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً عَوْرَاءَ, أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ, أَوْ مَا لاَ يَجُوزُ أُضْحِيَّةً أَهْدَاهُ, وَلَوْ أَهْدَى تَامًّا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ; لِأَنَّ كُلَّ هَذَا هَدْيٌ, أَلاَ تَرَى إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا} فَقَدْ يَقْتُلُ الصَّيْدَ وَهُوَ صَغِيرٌ وَأَعْرَجُ وَأَعْمَى وَإِنَّمَا يَجْزِيهِ بِمِثْلِهِ, أَوَلاَ تَرَى أَنَّهُ يَقْتُلُ الْجَرَادَ, وَالْعُصْفُورَ وَهُمَا مِنْ الصَّيْدِ فَيَجْزِي الْجَرَادَةَ بِتَمْرَةٍ, وَالْعُصْفُورَ بِقِيمَتِهِ وَلَعَلَّهُ قَبَضَهُ, وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى هَذَا كُلَّهُ هَدْيًا, وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ شَاتِي هَذِهِ هَدْيٌ إلَى الْحَرَمِ, أَوْ بُقْعَةٍ مِنْ الْحَرَمِ أَهْدَى, وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ بَدَنَةً لَمْ تُجْزِئْهُ إلَّا بِمَكَّةَ فَإِذَا سَمَّى مَوْضِعًا مِنْ الْأَرْضِ يَنْحَرُهَا فِيهِ أَجْزَأَتْهُ, وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ عَدَدَ صَوْمٍ صَامَهُ إنْ شَاءَ مُتَفَرِّقًا, وَإِنْ شَاءَ مُتَتَابِعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا نَذَرَ صِيَامَ أَشْهُرٍ فَمَا صَامَ مِنْهَا بِالْأَهِلَّةِ صَامَهُ عَدَدًا مَا بَيْنَ الْهِلاَلَيْنِ إنْ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَثَلاَثِينَ فَإِنْ صَامَهُ بِالْعَدَدِ صَامَ عَنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثِينَ يَوْمًا, وَإِذَا نَذَرَ صِيَامَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا صَامَهَا كُلَّهَا إلَّا رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ لِرَمَضَانَ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَصَدَ فَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَذْرٌ وَلاَ قَضَاءٌ فَإِنْ نَذَرَ سَنَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا قَضَى هَذِهِ الْأَيَّامَ كُلَّهَا حَتَّى يُوفِيَ صَوْمَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ, وَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ عَامِي هَذَا فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدُوٌّ, أَوْ سُلْطَانٌ حَابِسٌ فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَرَضٌ, أَوْ خَطَأُ عَدَدٍ, أَوْ نِسْيَانٌ أَوْ تَوَانٍ قَضَاهُ إذَا زَعَمْت أَنَّهُ يُهِلُّ بِالْحَجِّ فَيُحْصَرُ بِعَدُوٍّ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ قَضَاءٌ كَانَ مَنْ نَذَرَ حَجًّا بِعَيْنِهِ مِثْلَهُ وَمَا زَعَمْت أَنَّهُ إذَا أُحْصِرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَمَرْته أَنْ يَقْضِيَهُ إنْ نَذَرَهُ فَأُحْصِرَ وَهَكَذَا إنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً بِعَيْنِهَا فَمَرِضَ قَضَاهَا إلَّا الْأَيَّامَ الَّتِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ تَأْمُرُ الْمُحْصَرَ إذَا أُحْصِرَ بِالْهَدْيِ وَلاَ تَأْمُرُ بِهِ هَذَا؟ قُلْت: آمُرُهُ بِهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَهَذَا لَمْ يُحْرِمْ فَآمُرُهُ بِالْهَدْيِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ, أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ, أَوْ نَذْرٍ أَوْ صَوْمِ كَفَّارَةٍ, أَوْ وَاجِبٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ تَطَوُّعٍ نَاسِيًا فَصَوْمُهُ تَامٌّ وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ, وَإِذَا تَسَحَّرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ, أَوْ أَفْطَرَ قَبْلَ اللَّيْلِ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ فَلَيْسَ بِصَائِمٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ فَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ مُتَتَابِعًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَهُ, وَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلاَنٌ فَقَدِمَ لَيْلاً فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَوْمُ صَبِيحَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ; لِأَنَّهُ قَدِمَ فِي اللَّيْلِ وَلَمْ يَقْدَمْ فِي النَّهَارِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ صَامَهُ, وَلَوْ قَدِمَ الرَّجُلُ نَهَارًا, وَقَدْ أَفْطَرَ الَّذِي نَذَرَ الصَّوْمَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهَكَذَا لَوْ قَدِمَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ صَائِمٌ ذَلِكَ الْيَوْمِ مُتَطَوِّعًا, أَوْ لَمْ يَأْكُلْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهُ لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَالنَّذْرُ لاَ يَجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ صِيَامَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَهَذَا احْتِيَاطٌ, وَقَدْ يَحْتَمِلُ الْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ صَائِمًا عَنْ نَذْرِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالِاحْتِيَاطِ إنَّ جَائِزًا أَنْ يُصَامَ وَلَيْسَ هُوَ كَيَوْمِ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُهُ بَعْدَ مَقْدَمِ فُلاَنٍ فَقُلْنَا عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَهَذَا أَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ مِنْ الْأَوَّلِ, وَلَوْ أَصْبَحَ فِيهِ صَائِمًا مِنْ نَذْرٍ غَيْرِ هَذَا, أَوْ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَحْبَبْت أَنْ يَعُودَ لِصَوْمِهِ كَنَذْرِهِ وَقَضَائِهِ وَيَعُودَ لِصَوْمِهِ لِمَقْدَمِ فُلاَنٍ, وَلَوْ أَنَّ فُلاَنًا قَدِمَ يَوْمَ الْفِطْرِ, أَوْ يَوْمَ النَّحْرِ, أَوْ التَّشْرِيقِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلاَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ طَاعَةٌ وَلاَ يَقْضِي مَا لاَ طَاعَةَ فِيهِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلاَنٌ أَبَدًا فَقَدِمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ فُلاَنٌ وَصَوْمُ الِاثْنَيْنِ كُلَّمَا اسْتَقْبَلَهُ فَإِنْ تَرَكَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ قَضَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى, أَوْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَلاَ يَصُومُهُ وَلاَ يَقْضِيهِ, وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَقْضِهِ وَصَامَهُ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلاً نَذَرَ أَنْ يَصُومَ رَمَضَانَ صَامَ رَمَضَانَ بِالْفَرِيضَةِ وَلَمْ يَصُمْهُ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يَقْضِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْفِطْرِ, أَوْ الْأَضْحَى أَوْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ, وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَقَدِمَ فُلاَنٌ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ, وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ صَامَهُمَا وَقَضَى كُلَّ اثْنَيْنِ فِيهِمَا وَلاَ يُشْبِهُ هَذَا شَهْرَ رَمَضَانَ; لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَمَا, أَوْجَبَ عَلَيْهِ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَشَهْرُ رَمَضَانَ شَيْءٌ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لاَ شَيْءٌ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ, وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا, وَكَانَ النَّاذِرُ امْرَأَةً فَكَالرَّجُلِ وَتَقْضِي كُلَّ مَا مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ حَيْضَتِهَا, وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كُلَّمَا حِضْت, أَوْ أَيَّامَ حَيْضَتِي فَلَيْسَ عَلَيْهَا صَوْمٌ وَلاَ قَضَاءٌ لِأَنَّهَا لاَ تَكُونُ صَائِمَةً وَهِيَ حَائِضٌ, وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ صَوْمًا, أَوْ صَلاَةً وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا, فَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الصَّلاَةِ رَكْعَتَانِ وَمِنْ الصَّوْمِ يَوْمٌ; لِأَنَّ هَذَا أَقَلُّ مَا يَكُونُ مِنْ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ إلَّا الْوِتْرَ. (قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ يَجْزِيهِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ, وَذَلِكَ أَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ تَنَفَّلَ بِرَكْعَةٍ: {وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ عَشْرِ رَكَعَاتٍ} وَأَنَّ عُثْمَانَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ (قَالَ الرَّبِيعُ) فَلَمَّا كَانَتْ رَكْعَةُ صَلاَةٍ وَنَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلاَةً وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَصَلَّى رَكْعَةً كَانَتْ رَكْعَةَ صَلاَةٍ بِمَا ذَكَرْنَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ, فَأَيَّ رَقَبَةٍ أَعْتَقَ أَجْزَأَهُ. فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى سُكْنَى دَارٍ لاَ يَسْكُنُهَا (سُئِلَ الشَّافِعِيُّ) رحمه الله تعالى فَقِيلَ لَهُ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا سَاكِنٌ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ مِنْ سَاعَةِ حَلَفَ وَلاَ نَرَى عَلَيْهِ حِنْثًا فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فِي تَعْجِيلِ الْخُرُوجِ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنَّهُ حَانِثٌ إذَا أَقَامَ يَوْمًا وَلَيْلَةً, أَوْ يَقُولُ: نَوَيْت أَنْ لاَ أَعْجَلَ حَتَّى أَجِدَ مَنْزِلاً فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَسْكُنَ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا سَاكِنٌ أَخَذَ فِي الْخُرُوجِ مَكَانَهُ فَإِنْ تَخَلَّفَ سَاعَةً وَهُوَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا حَنِثَ وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِبَدَنِهِ مُتَحَوِّلاً وَلاَ يَضُرُّهُ أَنْ يَتَرَدَّدَ عَلَى حَمْلِ مَتَاعِهِ مِنْهَا وَإِخْرَاجِ أَهْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسَكَنٍ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لاَ يُسَاكِنَ الرَّجُلَ وَهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ لَهَا مَقَاصِيرُ كُلُّ بَيْتٍ يَدْخُلُهُ سَاكِنُهُ أَوْ كَانَتْ لَهَا مَقَاصِيرُ يَسْكُنُ كُلَّ مَقْصُورَةٍ مِنْهَا سَاكِنُهَا, وَكَانَ الْحَالِفُ مَعَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي بَيْتٍ مِنْهَا, أَوْ فِي مَقْصُورَةٍ مِنْ مَقَاصِيرِهَا أَوْ فِي حُجْرَةِ الْمَقْصُورَةِ دُونَ الْبَيْتِ وَصَاحِبُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْتِ أَنَّهُ يَخْرُجُ مَكَانَهُ حِينَ حَلَفَ أَنَّهُ لاَ يُسَاكِنُهُ فِي الْبَيْتِ إلَى أَيِّ بُيُوتِ الدَّارِ شَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاكِنَهُ فِي الْمَقْصُورَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا الْيَمِينُ, وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ وَلَيْسَ لَهُ مَقْصُورَةٌ, أَوْ لَهُ مَقْصُورَةٌ, أَوْ كَانَ فِي مَقْصُورَةٍ دُونَ الْبَيْتِ, وَالْآخَرُ فِي الْبَيْتِ دُونَ الْمَقْصُورَةِ أَنَّهُ إنْ أَقَامَ فِي الْبَيْتِ, أَوْ فِي الْمَقْصُورَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَانَ حَانِثًا وَإِنْ أَقَامَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمُسَاكَنَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حِنْثٌ إذَا خَرَجَ إلَى أَيِّ بُيُوتِ الدَّارِ وَمَقَاصِيرِهَا شَاءَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يُسَاكِنَ الرَّجُلَ وَهُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ فَهِيَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَكَانَهُ, أَوْ يَخْرُجُ الرَّجُلُ مَكَانَهُ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا سَاعَةً بَعْدَمَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهُ حَنِثَ, وَإِنْ كَانَا فِي بَيْتَيْنِ فَجُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ, أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحُجْرَتَيْنِ بَابٌ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُسَاكَنَةٌ وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ, وَالْمُسَاكَنَةُ أَنْ يَكُونَا فِي بَيْتٍ, أَوْ بَيْتَيْنِ حُجْرَتُهُمَا وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ, فَأَمَّا إذَا افْتَرَقَ الْبَيْتَانِ, وَالْحُجْرَتَانِ فَلَيْسَتْ مُسَاكَنَةً. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِنَّمَا جَوَابُنَا فِي هَذِهِ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا إذَا حَلَفَ لاَ نِيَّةَ لَهُ إنَّمَا خَرَجَتْ الْيَمِينُ مِنْهُ بِلاَ نِيَّةٍ, فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِنِيَّةٍ فَالْيَمِينُ عَلَى مَا نَوَى قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ إذَا نَقَلَ أَهْلَهُ وَعِيَالَهُ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فَإِنَّا نَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِجَمِيعِ مَتَاعِهِ وَأَنْ لاَ يُخَلِّفَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ, وَإِنْ خَلَّفَ شَيْئًا مِنْهُ, أَوْ خَلَّفَهُ كُلَّهُ فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ فَإِنْ خَلَّفَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ فَهُوَ حَانِثٌ; لِأَنَّهُ سَاكِنٌ بَعْدُ, وَالْمُسَاكَنَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا هِيَ الْمُسَاكَنَةُ مِنْهُ وَمِنْ عِيَالِهِ لِمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يُسَاكِنَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَالنُّقْلَةُ, وَالْمُسَاكَنَةُ عَلَى الْبَدَنِ دُونَ الْأَهْلِ, وَالْمَالِ, وَالْوَلَدِ, وَالْمَتَاعِ فَإِذَا حَلَفَ رَجُلٌ لَيَنْتَقِلَنَّ فَانْتَقَلَ بِبَدَنِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَمَالَهُ فَقَدْ بَرَّ, وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحُجَّةُ؟ قِيلَ أَرَأَيْت إذَا سَافَرَ بِبَدَنِهِ أَيَقْصُرُ الصَّلاَةَ وَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ السَّفَرِ, أَوْ رَأَيْت إذَا انْقَطَعَ إلَى مَكَّةَ بِبَدَنِهِ أَيَكُونُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِينَ إنْ تَمَتَّعُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ دَمٌ؟ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ قِيلَ فَإِنَّمَا النُّقْلَةُ, وَالْحُكْمُ عَلَى الْبَدَنِ لاَ عَلَى مَالٍ وَلاَ عَلَى وَلَدٍ وَلاَ عَلَى مَتَاعٍ قَالَ: فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لاَبِسُهُ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّا نَرَاهُ حَانِثًا لِأَنَّهُ قَدْ لَبِسَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ, وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِيهِ إنْ حَلَفَ لاَ يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ عَلَيْهَا فَإِنْ نَزَلَ مَكَانَهُ وَإِلَّا كَانَ حَانِثًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى إذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَهُوَ لاَبِسُهُ فَمِثْلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ مِنْ سَاعَتِهِ إذَا أَمْكَنَهُ نَزْعُهُ حَنِثَ, وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَرْكَبَ دَابَّةً وَهُوَ رَاكِبُهَا فَإِنْ نَزَلَ مَكَانَهُ وَإِلَّا حَنِثَ وَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ قِيلَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَسْكُنَ بَيْتًا وَلاَ نِيَّةَ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَضَارَةِ فَسَكَنَ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لِيَمِينِهِ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ الَّذِي لَهُ حَلَفَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ بِقَوْمٍ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ فَعَمَّهُمْ تُرَابُهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي سُكْنَاهُ فِي بَيْتِ شَعْرٍ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حِينَ حَلَفَ, وَإِنْ كَانَ إنَّمَا وَجْهُ يَمِينِهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إنَّ الشَّمْسَ مُحْتَجِبَةٌ وَإِنَّ السُّكْنَى فِي السُّطُوحِ, وَالْخُرُوجَ مِنْ الْبُيُوتِ مَصَحَّةٌ وَيَسْرَةٌ فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَسْكُنَ بَيْتًا فَإِنَّا نَرَاهُ حَانِثًا إنْ سَكَنَ بَيْتَ شَعْرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِنْ حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَسْكُنَ بَيْتًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ, أَوْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَلاَ نِيَّةَ لَهُ, فَأَيَّ بَيْتِ شَعْرٍ, أَوْ أَدَمٍ, أَوْ خَيْمَةٍ, أَوْ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْتٍ, أَوْ حِجَارَةٍ, أَوْ مَدَرٍ سَكَنَ حَنِثَ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَسْكُنَ دَارَ فُلاَنٍ فَسَكَنَ دَارًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ يَحْنَثُ, وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا لَهُ فَسَكَنَ مِنْهَا بَيْتًا حَنِثَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَسْكُنَ دَارًا لِفُلاَنٍ وَلَمْ يَنْوِ دَارًا بِعَيْنِهَا فَسَكَنَ دَارًا لَهُ فِيهَا شِرْكٌ أَكْثَرُهَا كَانَ لَهُ, أَوْ أَقَلُّهَا لَمْ يَحْنَثْ وَلاَ يَحْنَثُ حَتَّى تَكُونَ الدَّارُ كُلُّهَا لَهُ خَاصَّةً قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ فُلاَنٌ فَاشْتَرَى فُلاَنٌ وَآخَرُ مَعَهُ طَعَامًا وَلاَ نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلاَ أَقُولُ بِقَوْلِكُمْ إنَّكُمْ تَقُولُونَ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ فُلاَنٌ, فَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ فُلاَنٌ وَآخَرُ مَعَهُ إنَّكُمْ تُحْنِثُونَهُ إنْ أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ وَزَعَمْنَا وَزَعَمْتُمْ أَنَّهُمَا إنْ اقْتَسَمَاهُ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِمَّا صَارَ لِلَّذِي لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حِنْثٌ, وَالْقَوْلُ فِيهَا عَلَى مَا أَجَبْتُك فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ مَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَسْكُنَ دَارَ فُلاَنٍ فَبَاعَهَا فُلاَنٌ إنَّهُ إنْ كَانَ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الدَّارِ; لِأَنَّهَا دَارُهُ لاَ يَحْنَثُ إنْ سَكَنَهَا وَهِيَ لِغَيْرِهِ, وَإِنْ كَانَ إنَّمَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الدَّارِ وَجَعَلَ تَسْمِيَتَهُ صَاحِبَهَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِهَا مِثْلَ قَوْلِهِ هَذِهِ الدَّارُ الْمُزَوَّقَةُ فَذَهَبَ تَزْوِيقُهَا, فَأَرَاهُ حَانِثًا إنْ سَكَنَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَسْكُنَ دَارَ فُلاَنٍ هَذِهِ بِعَيْنِهَا وَبَاعَهَا فُلاَنٌ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى الدَّارِ حَنِثَ بِأَيِّ وَجْهٍ سَكَنَهَا, وَإِنْ مَلَكَهَا هُوَ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ مَا كَانَتْ لِفُلاَنٍ لَمْ يَحْنَثْ إذَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حَنِثَ إذَا قَالَ دَارُ فُلاَنٍ هَذِهِ.
(قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ) رحمه الله تعالى فَإِنَّا نَقُولُ لَوْ أَنَّ رَجُلاً حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَهُدِمَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا, أَوْ خَرِبَةً يَذْهَبُ النَّاسُ فِيهَا ذَاهِبِينَ وَجَائِينَ إنَّهُ إنْ كَانَ فِي يَمِينِهِ سَبَبٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِيَّتِهِ وَمَا أَرَادَ فِي يَمِينِهِ حُمِلَ عَلَى مَا اسْتَدَلَّ بِهِ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ سَبَبٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِيَّتِهِ فَإِنَّا لاَ نَرَى عَلَيْهِ حِنْثًا فِي دُخُولِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَانْهَدَمَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا, ثُمَّ دَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارٍ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَدْخُلُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ فَحُوِّلَ بَابُهَا فَدَخَلَ مِنْ بَابِهَا هَذَا الْمُحْدَثِ إنَّهُ حَانِثٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَدْخُلَ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ وَلاَ نِيَّةَ لَهُ فَحُوِّلَ بَابُهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَدَخَلَ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ, وَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فَنَوَى مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَوْ نَوَى أَنْ لاَ يَدْخُلَ الدَّارَ حَنِثَ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ قَمِيصٌ فَقَطَعَهُ قَبَاءً, أَوْ سَرَاوِيلَ, أَوْ جُبَّةً إنَّا نَرَاهُ حَانِثًا إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى أَنَّهُ لاَ حِنْثَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَلْبَسَ ثَوْبًا وَهُوَ رِدَاءٌ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا, أَوْ اتَّزَرَ بِهِ, أَوْ ارْتَدَى بِهِ, أَوْ قَطَعَهُ قَلاَنِسَ, أَوْ تَبَابِينَ, أَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ سَرَاوِيلَ فَاتَّزَرَ بِهَا, أَوْ قَمِيصًا فَارْتَدَى بِهِ فَهَذَا كُلُّهُ لُبْسٌ وَهُوَ يَحْنَثُ فِي هَذَا كُلِّهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا عَلَى نِيَّتِهِ إنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ الْقَمِيصَ كَمَا تُلْبَسُ الْقُمُصُ فَارْتَدَى بِهِ لَمْ يَحْنَثْ, وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ الرِّدَاءَ كَمَا تُلْبَسُ الْأَرْدِيَةُ فَلَبِسَهُ قَمِيصًا لَمْ يَحْنَثْ, وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَلْبَسَ ثَوْبَ امْرَأَتِهِ, وَقَدْ كَانَتْ مَنَّتْ بِالثَّوْبِ عَلَيْهِ, أَوْ ثَوْبَ رَجُلٍ مَنَّ عَلَيْهِ, فَأَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ أَنْ لاَ أَنْظُرَ إلَى سَبَبِ يَمِينِهِ أَبَدًا وَإِنَّمَا أَنْظُرُ إلَى مَخْرَجِ الْيَمِينِ, ثُمَّ أُحْنِثُ صَاحِبَهَا, أَوْ أُبِرُّهُ عَلَى مَخْرَجِهَا, وَذَلِكَ أَنَّ الْأَسْبَابَ مُتَقَدِّمَةٌ, وَالْأَيْمَانَ مُحْدَثَةٌ بَعْدَهَا فَقَدْ يَحْدُثُ عَلَى مِثَالِهَا وَعَلَى خِلاَفِ مِثَالِهَا فَلَمَّا كَانَ هَكَذَا لَمْ أُحْنِثْهُ عَلَى سَبَبِ يَمِينِهِ وَأُحْنِثُهُ عَلَى مَخْرَجِ يَمِينِهِ. أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ نَحَلْتُك دَارِي, أَوْ قَدْ وَهَبْتُك مَالِي فَحَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ أَمَا يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَضْرِبْهُ وَلَيْسَ حَلِفُهُ لَيَضْرِبَنَّهُ يُشْبِهُ سَبَبَ مَا قَالَ لَهُ فَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ لِثَوْبِ امْرَأَتِهِ فَوَهَبَتْهُ لَهُ, أَوْ بَاعَتْهُ فَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا, أَوْ انْتَفَعَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلاَ يَحْنَثُ أَبَدًا إلَّا بِلُبْسِهِ
(قَالَ) فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ دَارَ فُلاَنٍ فَرَقَى عَلَى ظَهْرِ بَيْتِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ; لِأَنَّهُ دَخَلَهَا مِنْ ظَهْرِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَدْخُلَ دَارَ فُلاَنٍ فَرَقَى فَوْقَهَا فَلَمْ يَدْخُلْهَا وَإِنَّمَا دُخُولُهُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مِنْهَا أَوْ عَرْصَتَهَا (قَالَ) فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ بَيْتَ فُلاَنٍ فَدَخَلَ بَيْتَ فُلاَنٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا فُلاَنٌ سَاكِنٌ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ بِكِرَاءٍ إنَّهُ يَحْنَثُ; لِأَنَّهُ بَيْتُهُ مَا دَامَ سَاكِنًا فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَدْخُلَ بَيْتَ فُلاَنٍ وَفُلاَنٌ فِي بَيْتٍ بِكِرَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْتَ فُلاَنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَسْكَنَ فُلاَنٍ, وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ مَسْكَنَ فُلاَنٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَسْكَنًا بِكِرَاءٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى مَسْكَنًا لَهُ يَمْلِكُهُ
(قَالَ) فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ دَارَ فُلاَنٍ فَاحْتَمَلَهُ إنْسَانٌ, فَأَدْخَلَهُ قَهْرًا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ غَلَبَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَتَرَاخَ فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حِينَ قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ خَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ, فَأَمَّا إنْ أَقَامَ, وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ خَرَجَ فَإِنَّ هَذَا حَانِثٌ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) رحمه الله تعالى: قَالَ إذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ دَارَ فُلاَنٍ فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهُ تَرَاخَى, أَوْ لَمْ يَتَرَاخَ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَنْ لاَ يَدْخُلَ دَارَ فُلاَنٍ فَقَالَ إنَّمَا حَلَفْت أَنْ لاَ أَدْخُلَهَا وَنَوَيْت شَهْرًا إنَّا نَرَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ لاَ يُصَدَّقُ بِنِيَّتِهِ, وَإِنْ دَخَلَهَا حَنِثَ, وَإِنْ كَانَ لاَ بَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لاَ يَدْخُلَ دَارَ فُلاَنٍ فَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا أَوْ يَوْمًا فَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ, فَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَمَتَى دَخَلَهَا فَهِيَ طَالِقٌ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَدْخُلُ عَلَى فُلاَنٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ فُلاَنٌ ذَلِكَ بَيْتًا إنَّا نَرَاهُ حَانِثًا إنْ أَقَامَ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ, وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ يُرَادُ بِالْيَمِينِ فِي مِثْلِ هَذَا الدُّخُولُ وَلَكِنْ يُرَادُ بِهِ الْمُجَالَسَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ يَوْمَ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَانَ هُوَ فِي الْبَيْتِ أَوَّلاً, ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ, وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا نِيَّتُهُ يَوْمَ حَلَفَ فَإِنَّا لاَ نَرَى عَلَيْهِ حِنْثًا إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الدَّاخِلُ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى رَجُلٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بَيْتَهُ, فَأَقَامَ مَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى فُلاَنٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَى جَارٍ لَهُ بَيْتَهُ فَإِذَا فُلاَنٌ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي بَيْتِ جَارِهِ إنَّهُ يَحْنَثُ; لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْتُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ إنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَسْجِدًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى الْمَسْجِدَ فِي يَمِينِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى رَجُلٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَى رَجُلٍ غَيْرِهِ بَيْتًا فَوَجَدَ ذَلِكَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ لَمْ يَحْنَثْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ إنَّهُ يَحْنَثُ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتًا كَمَا حَلَفَ, وَإِنْ كَانَ قَدْ قَصَدَ بِالدُّخُولِ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي الْبَيْتِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ حَنِثَ فِي قَوْلِ مَنْ يُحْنِثُ عَلَى غَيْرِ النِّيَّةِ وَلاَ يَرْفَعُ الْخَطَأَ, فَأَمَّا إذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَيْهِ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمَسْجِدَ لَمْ يَحْنَثْ بِحَالٍ. مَنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرَيْنِ أَنْ يَفْعَلَهُمَا أَوْ لاَ يَفْعَلَهُمَا فَفَعَلَ أَحَدَهُمَا (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَكْسُوَ امْرَأَتَهُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ فَكَسَاهَا أَحَدَهُمَا أَنَّهُ حَانِثٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى فِي يَمِينِهِ أَنْ لاَ يَكْسُوَهَا إيَّاهُمَا جَمِيعًا لِحَاجَتِهِ إلَى أَحَدِهِمَا, أَوْ لِأَنَّهَا لاَ حَاجَةَ لَهَا فِيهِمَا جَمِيعًا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ فَعَلْت فَتَكُونَ لَهُ نِيَّتُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَكْسُوَ امْرَأَتَهُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ, أَوْ هَذِهِ الْأَثْوَابَ الثَّلاَثَةَ فَكَسَاهَا أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ, أَوْ أَحَدَ الثَّلاَثَةِ, أَوْ كَسَاهَا مِنْ الثَّلاَثَةِ اثْنَيْنِ وَتَرَكَ وَاحِدًا لَمْ يَحْنَثْ, وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ هَذَيْنِ الْقُرْصَيْنِ, فَأَكَلَهُمَا إلَّا قَلِيلاً لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ حَلَفَ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْوِي أَنْ لاَ يَكْسُوَهَا مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ شَيْئًا, أَوْ لاَ يَأْكُلَ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ شَيْئًا فَيَحْنَثَ, وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَشْرَبُ مَاءَ هَذِهِ الْإِدَاوَةِ وَلاَ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ وَلاَ مَاءَ هَذَا الْبَحْرِ كُلَّهُ فَكُلُّ هَذَا سَوَاءٌ وَلاَ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَشْرَبَ مَاءَ الْإِدَاوَةِ كُلَّهُ وَلاَ سَبِيلَ إلَى أَنْ يَشْرَبَ مَاءَ النَّهْرِ كُلَّهُ وَلاَ مَاءَ الْبَحْرِ كُلَّهُ وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ مَاءِ هَذِهِ الْإِدَاوَةِ وَلاَ مِنْ مَاءِ هَذَا النَّهْرِ وَلاَ مِنْ مَاءِ هَذَا الْبَحْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ شَيْئًا حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فَيَحْنَثَ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ, وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَكَلْت خُبْزًا وَزَيْتًا, فَأَكَلَ خُبْزًا وَلَحْمًا لَمْ يَحْنَثْ, وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ أَكَلَهُ مَعَ الْخُبْزِ سِوَى الزَّيْتِ وَكُلُّ شَيْءٍ أَكَلَ بِهِ الزَّيْتَ سِوَى الْخُبْزِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَانِثٍ, وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لاَ آكُلُ زَيْتًا وَلَحْمًا فَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَكَلَ مَعَ اللَّحْمِ سِوَى الزَّيْتِ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ لِمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ, أَوْ امْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ, أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَدْخُلْ الْأُخْرَى إنَّهُ حَانِثٌ وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِيهِمَا فَأَنْتِ طَالِقٌ, أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ فَإِنَّا لاَ نُخْرِجُهُ مِنْ يَمِينِهِ إلَّا بِدُخُولِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ أَوْ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا بِأَنْ تَدْخُلَهُمَا مَعًا, وَكَذَلِكَ كُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ عَلَيْهَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ أَنْتُمَا حُرَّانِ إنْ شِئْتُمَا فَإِنْ شَاءَا جَمِيعًا الْحُرِّيَّةَ فَهُمَا حُرَّانِ وَإِنْ شَاءَا جَمِيعًا الرِّقَّ فَهُمَا رَقِيقَانِ, وَإِنْ شَاءَ أَحَدُهُمَا الْحُرِّيَّةَ وَشَاءَ الْآخَرُ الرِّقَّ فَاَلَّذِي شَاءَ الْحُرِّيَّةَ مِنْهُمَا حُرٌّ وَلاَ حُرِّيَّةَ بِمَشِيئَةِ هَذَا لِلَّذِي لَمْ يَشَأْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدَيْنِ لَهُ أَنْتُمَا حُرَّانِ إنْ شِئْتُمَا لَمْ يُعْتَقَا إلَّا بِأَنْ يَشَاءَا مَعًا وَلَمْ يُعْتَقَا بِأَنْ يَشَاءَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ, وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَنْتُمَا حُرَّانِ إنْ شَاءَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ لَمْ يُعْتَقَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَلَمْ يُعْتَقَا بِأَنْ يَشَاءَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ, وَلَوْ كَانَ قَالَ لَهُمَا أَيُّكُمَا شَاءَ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ, فَأَيُّهُمَا شَاءَ فَهُوَ حُرٌّ شَاءَ الْآخَرُ, أَوْ لَمْ يَشَأْ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ وَاَللَّهِ لَئِنْ قَضَيْتنِي حَقِّي فِي يَوْمِ كَذَا, وَكَذَا لاََفْعَلَنَّ بِك كَذَا, وَكَذَا فَقَضَاهُ بَعْضَ حَقِّهِ إنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ حَتَّى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ كُلَّهُ; لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الِاسْتِقْصَاءَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَحَلَفَ لَئِنْ قَضَيْتنِي حَقِّي فِي يَوْمِ كَذَا, وَكَذَا لاََهَبَنَّ لَك عَبْدًا مِنْ يَوْمِك فَقَضَاهُ حَقَّهُ كُلَّهُ إلَّا دِرْهَمًا, أَوْ فَلْسًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كُلِّهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلاَ يَحْنَثُ إلَّا بِأَنْ يَقْضِيَهُ حَقَّهُ كُلَّهُ قَبْلَ أَنْ يَمُرَّ الْيَوْمُ الَّذِي قَضَاهُ فِيهِ آخِرَ حَقِّهِ وَلاَ يَهَبُ لَهُ عَبْدًا.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ فَإِنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يُفَارِقَ غَرِيمًا لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَفَرَّ مِنْهُ, أَوْ أَفْلَسَ إنَّهُ حَانِثٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يُفَارِقَ غَرِيمَهُ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ فَفَرَّ مِنْهُ غَرِيمُهُ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ هُوَ, وَلَوْ كَانَ قَالَ لاَ أَفْتَرِقُ أَنَا وَهُوَ حَنِثَ فِي قَوْلِ مَنْ لاَ يَطْرَحُ الْخَطَأَ وَالْغَلَبَةَ عَنْ النَّاسِ, وَلاَ يَحْنَثُ فِي قَوْلِ مَنْ طَرَحَ الْخَطَأَ وَالْغَلَبَةَ عَنْ النَّاسِ, فَأَمَّا إنْ حَلَفَ لاَ يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ حَقَّهُ فَأَفْلَسَ فَيَحْنَثُ فِي قَوْلِ مَنْ لاَ يَطْرَحُ الْغَلَبَةَ عَنْ النَّاسِ, وَالْخَطَأَ وَلاَ يَحْنَثُ فِي قَوْلِ مَنْ طَرَحَ الْخَطَأَ, وَالْغَلَبَةَ عَنْهُمْ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ لِغَرِيمٍ لَهُ أَنْ لاَ يُفَارِقَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حَقَّهُ فَأَحَالَهُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ آخَرَ إنَّهُ إنْ كَانَ فَارَقَهُ بَعْدَ الْحَمَالَةِ فَإِنَّهُ حَانِثٌ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لاَ يُفَارِقَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ فَفَارَقَهُ وَلَمْ يَسْتَوْفِ لِمَا أَحَالَهُ, ثُمَّ اسْتَوْفَاهُ بَعْدُ (قَالَ الرَّبِيعُ) الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ حَتَّى فَرَّ مِنْهُ فَهُوَ مُكْرَهٌ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يُفَارِقَ الرَّجُلَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حَقَّهُ, فَأَحَالَهُ بَعْدُ عَلَى رَجُلٍ غَيْرِهِ, فَأَبْرَأَهُ, ثُمَّ فَارَقَهُ حَنِثَ, وَإِنْ كَانَ حَلَفَ أَنْ لاَ يُفَارِقَهُ وَلَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ, وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ أَوَّلاً بِالْحَمَالَةِ فَقَدْ بَرِئَ بِالْحَوَالَةِ (قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ أَنْ لاَ يُفَارِقَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ فَاسْتَوْفَاهُ فَلَمَّا افْتَرَقَا أَصَابَ بَعْضَهَا نُحَاسًا, أَوْ رَصَاصًا, أَوْ نَقْصًا بَيِّنًا نُقْصَانُهُ إنَّهُ حَانِثٌ لِأَنَّهُ فَارَقَهُ وَلَمْ يَسْتَوْفِ وَإِنَّهُ إنْ أَخَذَ بِحَقِّهِ عَرَضًا فَإِنْ كَانَ يَسْوَى مَا أَخَذَهُ بِهِ وَهُوَ قِيمَتُهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ بَاعَهُ وَلَمْ يَحْنَثْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يُفَارِقَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حَقَّهُ, فَأَخَذَ مِنْهُ حَقَّهُ فِيمَا يَرَى, ثُمَّ وَجَدَ دَنَانِيرَهُ زُجَاجًا, أَوْ نُحَاسًا حَنِثَ فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَطْرَحْ عَنْ النَّاسِ الْخَطَأَ فِي الْأَيْمَانِ وَلاَ يَحْنَثُ فِي قَوْلِ مَنْ يَطْرَحْ عَنْ النَّاسِ مَا لَمْ يَعْمِدُوا عَلَيْهِ فِي الْأَيْمَانِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَعْمِدْ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا وَفَاءَ حَقِّهِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ إنَّهُ يُطْرَحُ عَنْ النَّاسِ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَرَوَاهُ عَطَاءٌ فَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يُفَارِقَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ, فَأَخَذَ بِحَقِّهِ عَرَضًا فَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ الَّذِي أَخَذَ قِيمَةَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ لَمْ يَحْنَثْ, وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ حَنِثَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَرِيمِهِ وَاَللَّهِ لاَ أُفَارِقُك حَتَّى آخُذَ حَقِّي فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ حَتَّى لاَ يَبْقَى عَلَيْك مِنْ حَقِّي شَيْءٌ, فَأَخَذَ مِنْهُ عَرَضًا يَسْوَى, أَوْ لاَ يَسْوَى بَرِئَ وَلَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ شَيْئًا وَرَضِيَهُ مِنْ حَقِّهِ وَبَرِئَ الْغَرِيمُ مِنْ حَقِّهِ, وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مَا أَرْضَى بِهِ مِنْ جَمِيعِ حَقِّي, وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ وَاَللَّهِ لاََقْضِيَنَّكَ حَقَّك فَوَهَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ لِلْحَالِفِ, أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ, أَوْ دَفَعَ بِهِ إلَيْهِ سِلْعَةً لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ حِينَ حَلَفَ أَنْ لاَ يَبْقَى عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ حَقِّك; لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا رَضِيَهُ فَقَدْ اسْتَوْفَى فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلاَ يَبْرَأُ أَبَدًا إلَّا بِأَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مَا كَانَ, إنْ كَانَتْ دَنَانِيرَ فَدَنَانِيرُ, أَوْ دَرَاهِمَ فَدَرَاهِمُ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهُ, وَلَوْ أَخَذَ فِيهِ أَضْعَافَ ثَمَنِهِ لَمْ يَبْرَأْ; لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ حَقِّهِ, وَحَدُّ الْفِرَاقِ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَقَامِهِمَا الَّذِي كَانَا فِيهِ وَمَجْلِسِهِمَا.
(قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ) رحمه الله تعالى فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ أَبَدًا فَتَكَفَّلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إنَّهُ إنْ اسْتَثْنَى فِي حَمَالَتِهِ أَنْ لاَ مَالَ عَلَيْهِ فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ, وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْمَالُ وَهُوَ حَانِثٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ أَبَدًا فَتَكَفَّلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّ النَّفْسَ غَيْرُ الْمَالِ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَتَكَفَّلَ لِرَجُلٍ بِكَفَالَةٍ أَبَدًا فَتَكَفَّلَ لِوَكِيلٍ لَهُ بِكَفَالَةٍ عَنْ رَجُلٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَكِيلُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ وُكَلاَئِهِ وَحَشَمِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ سَبَبِهِ فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ, وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِنَّهُ حَانِثٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَتَكَفَّلَ لِرَجُلٍ بِكَفَالَةٍ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ فِيهَا سَبِيلٌ لِنَفْسِهِ فَإِنْ نَوَى هَذَا فَكَفَلَ لِوَكِيلٍ لَهُ فِي مَالٍ لِلْمَحْلُوفِ حَنِثَ, وَإِنْ كَانَ كَفَلَ فِي غَيْرِ مَالِ الْمَحْلُوفِ لَمْ يَحْنَثْ, وَكَذَلِكَ إنْ كَفَلَ لِوَالِدِهِ, أَوْ زَوْجَتِهِ, أَوْ ابْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ.
(قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ) رحمه الله تعالى فَإِنَّا نَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ وَاَللَّهِ لاََقْضِيَنَّكَ حَقَّك غَدًا فَقَضَاهُ الْيَوْمَ إنَّهُ لاَ حِنْثَ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِيَمِينِهِ الْغَدَ إنَّمَا أَرَادَ وَجْهَ الْقَضَاءِ, فَإِذَا خَرَجَ الْغَدُ عَنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فَقَدْ بَرَّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ وَاَللَّهِ لاََقْضِيَنَّكَ حَقَّك غَدًا فَعَجَّلَ لَهُ حَقَّهُ الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حَنِثَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ قَضَاءَ غَدٍ غَيْرُ قَضَائِهِ الْيَوْمَ كَمَا يَقُولُ: وَاَللَّهِ لاَُكَلِّمَنَّكَ غَدًا فَكَلَّمَهُ الْيَوْمَ لَمْ يَبَرَّ, وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ حِينَ عَقَدَ الْيَمِينَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ غَدٌ حَتَّى أَقْضِيَك حَقَّك فَقَضَاهُ الْيَوْمَ بَرَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاَكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ, فَأَكَلَ بَعْضَهُ الْيَوْمَ وَبَعْضَهُ غَدًا إنَّهُ حَانِثٌ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ كُلَّهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَالْبِسَاطُ مُحَالٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ السَّبَبُ بِسَاطُ الْيَمِينِ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لاَ يَلْبَسَ مِنْ غَزْلِ امْرَأَتِهِ فَبَاعَتْ الْغَزْلَ وَاشْتَرَتْ طَعَامًا, فَأَكَلَهُ فَهُوَ عِنْدَهُمْ حَانِثٌ; لِأَنَّ بِسَاطَ الْيَمِينِ عِنْدَهُمْ أَنْ لاَ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْ غَزْلِهَا فَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ فَقَدْ انْتَفَعَ بِهِ وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُحَالٌ (قَالَ الرَّبِيعُ) قَدْ خَرَقَ الشَّافِعِيُّ الْبِسَاطَ وَحَرَقَهُ بِالنَّارِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) رحمه الله تعالى إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ فَقَالَ وَاَللَّهِ لاَكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا أَوْ لاََلْبَسَنَّ هَذِهِ الثِّيَابَ غَدًا, أَوْ لاََرْكَبَنَّ هَذِهِ الدَّوَابَّ غَدًا فَمَاتَتْ الدَّوَابُّ وَسُرِقَ الطَّعَامُ وَالثِّيَابُ قَبْلَ الْغَدِ, فَمَنْ ذَهَبَ إلَى طَرْحِ الْإِكْرَاهِ عَنْ النَّاسِ طَرَحَ هَذَا قِيَاسًا عَلَى الْإِكْرَاهِ فَإِنْ قِيلَ فَمَا يُشْبِهُهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ؟ قِيلَ لَمَّا وَضَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ النَّاسِ أَعْظَمَ مَا قَالَ أَحَدٌ الْكُفْرَ بِهِ أَنَّهُمْ إذَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ فَجَعَلَ قَوْلَهُمْ الْكُفْرَ مَغْفُورًا لَهُمْ مَرْفُوعًا عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا, وَالْآخِرَةِ, وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ} الآيَةَ, وَكَانَ الْمَعْنَى الَّذِي عَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُكْرَهِ كَمَا لَمْ يَقُلْ فِي الْحُكْمِ وَعَقَلْنَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ هُوَ أَنْ يُغْلَبَ بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُ فَإِذَا تَلِفَ مَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ فِيهِ شَيْئًا فَقَدْ غُلِبَ بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُ وَهَذَا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ وَمَنْ أَلْزَمَ الْمُكْرَهَ يَمِينَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهَا عَنْهُ كَانَ حَانِثًا فِي هَذَا كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَمَاتَ مِنْ الْغَدِ بِعِلْمِهِ, أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَكَذَلِكَ الْأَيْمَانُ بِالطَّلاَقِ, وَالْعَتَاقِ, وَالْأَيْمَانُ كُلُّهَا مِثْلُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: أَصْلُ مَا أَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّ يَمِينَ الْمُكْرَهِ غَيْرُ ثَابِتَةٍ عَلَيْهِ لِمَا احْتَجَجْت بِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَإِذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ رَجُلاً حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ إنَّهُ لاَ حِنْثَ عَلَيْهِ وَلاَ يَمِينَ عَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحِنْثَ لَمْ يَكُنْ حَتَّى مَاتَ الْمَحْلُوفُ لَيَقْضِيَنَّهُ, وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلاَنٌ فَمَاتَ الَّذِي جَعَلَ الْمَشِيئَةَ إلَيْهِ, قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلاَنًا مَالَهُ رَأْسَ الشَّهْرِ, أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ, أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ الشَّهْرُ, أَوْ إلَى اسْتِهْلاَلِ الْهِلاَلِ إنَّ لَهُ لَيْلَةَ يَهُلُّ الْهِلاَلُ وَيَوْمَهَا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ, وَكَذَلِكَ الَّذِي يَقُولُ: إلَى رَمَضَانَ لَهُ لَيْلَةُ الْهِلاَلِ وَيَوْمُهُ, وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إلَى رَمَضَانَ, أَوْ إلَى هِلاَلِ شَهْرِ كَذَا, وَكَذَا فَلَهُ حَتَّى يَهُلَّ هِلاَلُ ذَلِكَ الشَّهْرِ فَإِنْ قَالَ لَهُ إلَى أَنْ يَهُلَّ الْهِلاَلُ فَلَهُ لَيْلَةُ الْهِلاَلِ وَيَوْمُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ, أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ, أَوْ إلَى اسْتِهْلاَلِ الْهِلاَلِ, أَوْ عِنْدَ اسْتِهْلاَلِ الْهِلاَلِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهُ حِينَ يَهُلُّ الْهِلاَلُ فَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ لَيْلَةَ يَهُلُّ الْهِلاَلُ فَخَرَجَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَهُلُّ فِيهَا الْهِلاَلُ حَنِثَ كَمَا يَحْنَثُ لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَغَابَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حَنِثَ وَلَيْسَ حُكْمُ اللَّيْلَةِ حُكْمَ الْيَوْمِ وَلاَ حُكْمُ الْيَوْمِ حُكْمَ اللَّيْلَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاََقْضِيَنَّكَ حَقَّك إلَى رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ حَتَّى يَهُلَّ هِلاَلُ رَمَضَانَ حَنِثَ, وَذَلِكَ أَنَّهُ حَدَّ بِالْهِلاَلِ كَمَا تَقُولُ فِي ذِكْرِ حَقِّ فُلاَنٍ عَلَى فُلاَنٍ كَذَا, وَكَذَا إلَى هِلاَلِ كَذَا, وَكَذَا فَإِذَا هَلَّ الْهِلاَلُ فَقَدْ حَلَّ الْحَقُّ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاََقْضِيَنَّكَ حَقَّك إلَى حِينٍ, أَوْ إلَى زَمَانٍ, أَوْ إلَى دَهْرٍ إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سَوَاءٌ وَإِنَّ ذَلِكَ سَنَةً سَنَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاََقْضِيَنَّكَ حَقَّك إلَى حِينٍ فَلَيْسَ فِي الْحِينِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ يَبَرُّ بِهِ وَلاَ يَحْنَثُ, وَذَلِكَ أَنَّ الْحِينَ يَكُونُ مُدَّةَ الدُّنْيَا كُلِّهَا وَمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا إلَى الْقِيَامَةِ الْفُتْيَا لِمَنْ قَالَ هَذَا أَنْ يُقَالَ لَهُ إنَّمَا حَلَفْت عَلَى مَا لاَ تَعْلَمْ وَلاَ نَعْلَمْ فَنُصَيِّرُك إلَى عِلْمِنَا, وَالْوَرَعُ لَك أَنْ تَقْضِيَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ يَوْمٍ; لِأَنَّ الْحِينَ يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ حَلَفْت وَلاَ تَحْنَثُ أَبَدًا; لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحِينِ غَايَةٌ, وَكَذَلِكَ الزَّمَانُ, وَكَذَلِكَ الدَّهْرُ, وَكَذَا كُلُّ كَلِمَةٍ مُنْفَرِدَةٍ لَيْسَ لَهَا ظَاهِرٌ يَدُلُّ عَلَيْهَا, وَكَذَلِكَ الْأَحْقَابُ.
(قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ) رحمه الله تعالى فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَشْتَرِي عَبْدًا, فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَى لَهُ عَبْدًا إنَّهُ حَانِثٌ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُشْتَرِي إذَا أَمَرَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ نِيَّةٌ, أَوْ يَكُونَ يَمِينُهُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ عَرَفَ وَجْهَهَا أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَهُ هُوَ لِأَنَّهُ قَدْ غُبِنَ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي اشْتِرَائِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِحَانِثٍ, وَإِذَا كَانَ إنَّمَا كَرِهَ شِرَاءَ الْعَبْدِ أَصْلاً, فَأَرَاهُ حَانِثًا وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَهُ, وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَبِيعَ سِلْعَةً, فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَبَاعَهَا إنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ عَبْدًا, فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَى لَهُ عَبْدًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لاَ يَشْتَرِيَهُ وَلاَ يَشْتَرِيَ لَهُ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلِيَ عُقْدَةَ شِرَائِهِ وَاَلَّذِي وَلِيَ عُقْدَةَ شِرَائِهِ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ أَلاَ تَرَى أَنَّ الَّذِي وَلِيَ عَقْدَ شِرَائِهِ لَوْ زَادَ فِي ثَمَنِهِ عَلَى مَا يُبَاعُ بِهِ مِثْلُهُ مَا لاَ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ, أَوْ بَرِئَ مِنْ عَيْبٍ لَزِمَهُ الْبَيْعُ, وَكَانَ لِلْآمِرِ أَنْ لاَ يَأْخُذَ لِشِرَاءِ غَيْرِهِ غَيْرَ شِرَائِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَجَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَ إلَيْهَا طَلاَقَهَا, وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا إلَى غَيْرِهَا فَطَلَّقَهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ, فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَمْ يَبَرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى لَيَضْرِبَنَّ بِأَمْرِهِ وَهَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَضْرِبَهُ, فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لاَ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِضَرْبِهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) لِلشَّافِعِيِّ فِي مِثْلِ هَذَا قَوْلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِذَا حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلِي الْأَشْيَاءَ بِيَدِهِ فَلاَ يَبَرُّ حَتَّى يَضْرِبَهُ بِيَدِهِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْوَالِي, أَوْ مِمَّنْ لاَ يَلِي الْأَشْيَاءَ بِيَدِهِ فَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْمُرُ; فَإِذَا أَمَرَ فَضُرِبَ فَقَدْ بَرَّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لاَ يَبِيعُ لِرَجُلٍ شَيْئًا فَدَفَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سِلْعَةً إلَى رَجُلٍ فَدَفَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ إلَى الْحَالِفِ فَبَاعَهَا لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا لِلَّذِي حَلَفَ أَنْ لاَ يَبِيعَهَا لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لاَ يَبِيعَ سِلْعَةً يَمْلِكُهَا فُلاَنٌ فَيَحْنَثَ فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَبِيعَ لَهُ رَجُلٌ سِلْعَةً فَدَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ لِيَبِيعَهَا فَدَفَعَ ذَلِكَ الْغَيْرُ إلَى الَّذِي حَلَفَ أَنْ لاَ يَبِيعَ لَهُ السِّلْعَةَ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ بَيْعَ الثَّالِثِ غَيْرُ جَائِزٍ; لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ رَجُلاً يَبِيعُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْبَيْعِ غَيْرَهُ, وَلَوْ كَانَ حِينَ وَكَّلَهُ أَجَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ رَآهُ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَبَاعَهَا فَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ لاَ يَبِيعَ لِي بِأَمْرِي لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ لاَ يَبِيعَهَا بِحَالٍ حَنِثَ; لِأَنَّهُ قَدْ بَاعَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي, ثُمَّ قَالَ لَهَا قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُ الْإِذْنَ, أَوْ بَعْدَ مَا سَأَلَتْهُ إيَّاهُ قَدْ أَذِنْت لَك فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ, وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا, فَأَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ, فَأَحَبُّ إلَيَّ فِي الْوَرَعِ أَنْ لَوْ حَنَّثَ نَفْسَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا عَاصِيَةٌ عِنْدَ نَفْسِهَا حِينَ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ لَمْ تُحَنِّثْهُ وَهِيَ عَاصِيَةٌ وَلاَ تَجْعَلْهُ بَارًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا بِعِلْمِهَا بِإِذْنِهِ؟ قِيلَ أَرَأَيْت رَجُلاً غَصَبَ رَجُلاً حَقًّا, أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَحَلَّلَهُ الرَّجُلُ, وَالْغَاصِبُ الْمُحَلَّلُ لاَ يَعْلَمُ أَمَا يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ أَرَأَيْت أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَحَلَّلَهُ الرَّجُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَمَا يَبْرَأُ؟ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ خَرَجْت إلَى مَوْضِعٍ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ, ثُمَّ قَالَ لَهَا اُخْرُجِي حَيْثُ شِئْت فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ سَوَاءٌ قَالَ لَهَا فِي يَمِينِهِ إنْ خَرَجْت إلَى مَوْضِعٍ إلَّا بِإِذْنِي, أَوْ لَمْ يَقُلْ لَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَهُوَ سَوَاءٌ وَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ خَرَجْت وَلَمْ يَقُلْ إلَى مَوْضِعٍ فَإِنَّمَا هُوَ إلَى مَوْضِعٍ, وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: مِثْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَقُولُ لاَ حِنْثَ عَلَيْهِ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْذَنَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ تَخْرُجَ إلَّا فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ, فَأَذِنَ لَهَا فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ, ثُمَّ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ غَيْرُ الْعِيَادَةِ وَهِيَ عِنْدَ الْمَرِيضِ فَذَهَبَتْ فِيهَا فَإِنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهَا إلَى عِيَادَةِ مَرِيضٍ فَخَرَجَتْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ إلَى غَيْرِ الْمَرِيضِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلاَ حِنْثَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى مِثْلُ ذَلِكَ أَقُولُ إنَّهُ لاَ حِنْثَ عَلَيْهِ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْذَنَ لِامْرَأَتِهِ بِالْخُرُوجِ إلَّا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ فَخَرَجَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا إلَى حَمَّامٍ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي, أَوْ إنْ خَرَجْت إلَى مَكَان, أَوْ إلَى مَوْضِعٍ إلَّا بِإِذْنِي فَالْيَمِينُ عَلَى مَرَّةٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا مَرَّةً فَخَرَجَتْ, ثُمَّ عَادَتْ فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ قَدْ بَرَّ مَرَّةً فَلاَ يَحْنَثُ ثَانِيَةً, وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت إلَّا أَنْ آذَنَ لَك, فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ, ثُمَّ عَادَتْ فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي, أَوْ طَالِقٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي كَانَ هَذَا عَلَى كُلِّ خَرْجَةٍ, فَأَيَّ خَرْجَةٍ خَرَجَتْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ حَانِثٌ, وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى خَرَجْت كَانَ هَذَا عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَدْخُلَ دَارَ فُلاَنٍ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فَمَاتَ الَّذِي حَلَفَ عَلَى إذْنِهِ فَدَخَلَهَا حَنِثَ, وَلَوْ لَمْ يَمُتْ, وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا, فَأَذِنَ لَهُ, ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ فَدَخَلَ بَعْدَ رُجُوعِهِ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ مَرَّةً
(قَالَ) فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ غُلاَمِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ إنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهِ; لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَضْرِبَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: يَبِيعُهُ إنْ شَاءَ وَلاَ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهِ; لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: مَنْ حَنِثَ بِعِتْقٍ وَلَهُ مُكَاتَبُونَ وَأُمَّهَاتُ أَوْلاَدٍ وَمُدَبَّرُونَ وَأَشْقَاصٌ مِنْ عَبِيدٍ يَحْنَثُ فِيهِمْ كُلِّهِمْ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ فَلاَ يَحْنَثُ فِيهِ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهُ فِي مَمَالِيكِهِ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْحُكْمِ أَنَّ مُكَاتَبَهُ خَارِجٌ عَنْ مِلْكِهِ بِمَعْنًى دَاخِلٍ فِيهِ بِمَعْنَى فَهُوَ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْذِ مَالِهِ وَاسْتِخْدَامِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِ الْمُكَاتَبِ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِيهِ وَلَيْسَ هَكَذَا أُمُّ وَلَدِهِ وَلاَ مُدَبَّرُوهُ كُلُّ أُولَئِكَ دَاخِلٌ فِي مِلْكِهِ لَهُ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَلَهُ أَخْذُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمْ وَتَكُونُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ فَإِنَّمَا يَعْنِي عَبْدًا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا بِكُلِّ حَالٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهِ وَأَخْذِ مَالِهِ وَمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِعِتْقِ غُلاَمِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ غَدًا فَبَاعَهُ الْيَوْمَ فَلَمَّا مَضَى غَدٌ اشْتَرَاهُ فَلاَ يَحْنَثُ; لِأَنَّ الْحِنْثَ إذَا وَقَعَ مَرَّةً لَمْ يَعُدْ ثَانِيَةً وَهَذَا قَدْ وَقَعَ حِنْثُهُ مَرَّةً فَهُوَ لاَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلاَ يَعُودُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَأْكُلَ الرُّءُوسَ وَأَكَلَ رُءُوسَ الْحِيتَانِ, أَوْ رُءُوسَ الْجَرَادِ, أَوْ رُءُوسَ الطَّيْرِ, أَوْ رُءُوسَ شَيْءٍ يُخَالِفُ رُءُوسَ الْبَقَرِ, أَوْ الْغَنَمِ, أَوْ الْإِبِلِ لَمْ يَحْنَثْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الَّذِي يَعْرِفُ النَّاسُ إذَا خُوطِبُوا بِأَكْلِ الرُّءُوسِ أَنَّهَا الرُّءُوسُ الَّتِي تُعْمَلُ مُتَمَيِّزَةً مِنْ الْأَجْسَادِ يَكُونُ لَهَا سُوقٌ كَمَا يَكُونُ لِلَّحْمِ سُوقٌ فَإِنْ كَانَتْ بِلاَدٌ لَهَا صَيْدٌ وَيَكْثُرُ كَمَا يَكْثُرُ لَحْمُ الْأَنْعَامِ وَيُمَيَّزُ لَحْمُهَا مِنْ رُءُوسِهَا فَتُعْمَلُ كَمَا تُعْمَلُ رُءُوسُ الْأَنْعَامِ فَيَكُونُ لَهَا سُوقٌ عَلَى حِدَةٍ وَلِلَحْمِهَا سُوقٌ عَلَى حِدَةٍ فَحَلَفَ حَنِثَ بِهَا وَهَكَذَا إنْ كَانَ ذَلِكَ يُصْنَعُ بِالْحِيتَانِ, وَالْجَوَابُ فِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ فَإِذَا كَانَ لَهُ نِيَّةٌ حَنِثَ وَبَرَّ عَلَى نِيَّتِهِ, وَالْوَرَعُ أَنْ يَحْنَثَ بِأَيِّ رَأْسٍ مَا كَانَ, وَالْبَيْضُ كَمَا وَصَفْت هُوَ بَيْضُ الدَّجَاجِ, وَالْإِوَزِّ وَالنَّعَامِ, فَأَمَّا بَيْضُ الْحِيتَانِ فَلاَ يَحْنَثُ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ; لِأَنَّ الْبَيْضَ الَّذِي يُعْرَفُ هُوَ الَّذِي يُزَايِلُ بَائِضَهُ فَيَكُونُ مَأْكُولاً وَبَائِضُهُ حَيًّا, فَأَمَّا بَيْضُ الْحِيتَانِ فَلاَ يَكُونُ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذًا إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَأْكُلَ لَحْمًا حَنِثَ بِلَحْمِ الْإِبِلِ, وَالْبَقَرِ, وَالْغَنَمِ, وَالْوُحُوشِ وَالطَّيْرِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ لَحْمٌ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ دُونَ اللَّحْمِ وَلاَ يَحْنَثُ فِي الْحُكْمِ بِلَحْمِ الْحِيتَانِ; لِأَنَّ اسْمَهُ غَيْرُ اسْمِهِ فَالْأَغْلَبُ عَلَيْهِ الْحُوتُ, وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ فِي اللَّحْمِ وَيَحْنَثُ فِي الْوَرَعِ بِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا نَذَرَ حَلَفَ أَنْ لاَ يَشْرَبَ سَوِيقًا, فَأَكَلَهُ, أَوْ لاَ يَأْكُلَ خُبْزًا فَمَاثَهُ فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ الَّذِي حَلَفَ أَنْ لاَ يَفْعَلَهُ وَاللَّبَنُ مِثْلُهُ, وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَهُ فَشَرِبَهُ, أَوْ لاَ يَشْرَبَهُ, فَأَكَلَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ سَمْنًا, فَأَكَلَ السَّمْنَ بِالْخُبْزِ, أَوْ بِالْعَصِيدَةِ, أَوْ بِالسَّوِيقِ حَنِثَ; لِأَنَّ السَّمْنَ هَكَذَا لاَ يُؤْكَلُ إنَّمَا يُؤْكَلُ بِغَيْرِهِ وَلاَ يَكُونُ مَأْكُولاً إلَّا بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَامِدًا فَيَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَأْكُلَهُ جَامِدًا مُنْفَرِدًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ هَذِهِ التَّمْرَةِ فَوَقَعَتْ فِي التَّمْرِ, فَأَكَلَ التَّمْرَ كُلَّهُ حَنِثَ; لِأَنَّهُ قَدْ أَكَلَهَا, وَإِنْ بَقِيَ مِنْ التَّمْرِ كُلِّهِ وَاحِدَةٌ, أَوْ هَلَكَتْ مِنْ التَّمْرِ كُلِّهِ وَاحِدَةٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهَا فِيمَا أَكَلَ وَهَذَا فِي الْحُكْمِ, وَالْوَرَعُ أَنْ لاَ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا حَنَّثَ نَفْسَهُ إنْ أَكَلَهُ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ هَذَا الدَّقِيقَ وَلاَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ, فَأَكَلَهُ حِنْطَةً, أَوْ دَقِيقًا حَنِثَ, وَإِذَا خَبَزَ الدَّقِيقَ, أَوْ عَصَدَهُ, فَأَكَلَهُ, أَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ, أَوْ خَبَزَهَا أَوْ قَلاَهَا فَجَعَلَهَا سَوِيقًا لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْكُلْ دَقِيقًا وَلاَ حِنْطَةً إنَّمَا أَكَلَ شَيْئًا قَدْ حَالَ عَنْهُمَا بِصَنْعَةٍ حَتَّى لاَ يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ لَحْمًا, فَأَكَلَ شَحْمًا, أَوْ لاَ يَأْكُلَ شَحْمًا, فَأَكَلَ لَحْمًا لَمْ يَحْنَثْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ صَاحِبِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ رُطَبًا, فَأَكَلَ تَمْرًا, أَوْ لاَ يَأْكُلَ بُسْرًا, فَأَكَلَ رُطَبًا, أَوْ لاَ يَأْكُلَ بَلَحًا, فَأَكَلَ بُسْرًا, أَوْ لاَ يَأْكُلَ طَلْعًا, فَأَكَلَ بَلَحًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا غَيْرُ صَاحِبِهِ, وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ وَاحِدًا وَهَكَذَا إنْ قَالَ لاَ آكُلُ زُبْدًا, فَأَكَلَ لَبَنًا, أَوْ قَالَ لاَ آكُلُ خَلًّا, فَأَكَلَ مَرَقًا فِيهِ خَلٌّ فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَلَّ مُسْتَهْلَكٌ فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَشْرَبَ شَيْئًا فَذَاقَهُ وَدَخَلَ بَطْنَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالذَّوْقِ; لِأَنَّ الذَّوْقَ غَيْرُ الشُّرْبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ فُلاَنًا فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ وَهُوَ فِيهِمْ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهُ فِيمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ قَالَ الرَّبِيعُ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ فِيمَا أَعْلَمُ إنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَعْزِلَهُ بِقَلْبِهِ فِي أَنْ لاَ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ خَاصَّةً قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا مَرَّ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَامِدٌ لِلسَّلاَمِ عَلَيْهِ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ فَفِيهَا قَوْلاَنِ, فَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ فَلاَ يُحَنِّثُهُ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ وَضَعَ عَنْ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَفِي قَوْلِ غَيْرِهِ يَحْنَثُ فَإِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ رَجُلاً, فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولاً, أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا فَالْوَرَعُ أَنْ يَحْنَثَ وَلاَ يَبِينُ لِي أَنْ يَحْنَثَ; لِأَنَّ الرَّسُولَ وَالْكِتَابَ غَيْرُ الْكَلاَمِ, وَإِنْ كَانَ يَكُونُ كَلاَمًا فِي حَالٍ وَمَنْ حَنَّثَهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا, أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ, أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} الآيَةَ. وَقَالَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْمُنَافِقِينَ: {قُلْ لاَ تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} وَإِنَّمَا نَبَّأَهُمْ بِأَخْبَارِهِمْ بِالْوَحْيِ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُخْبِرُهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيِ اللَّهِ وَمَنْ قَالَ لاَ يَحْنَثُ قَالَ إنَّ كَلاَمَ الْآدَمِيِّينَ لاَ يُشْبِهُ كَلاَمَ اللَّهِ تَعَالَى كَلاَمُ الْآدَمِيِّينَ بِالْمُوَاجَهَةِ, أَلاَ تَرَى لَوْ هَجَرَ رَجُلٌ رَجُلاً كَانَتْ الْهِجْرَةُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَكَتَبَ إلَيْهِ, أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى كَلاَمِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ هَذَا مِنْ هِجْرَتِهِ الَّتِي يَأْثَمُ بِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لِقَاضٍ أَنْ لاَ يَرَى كَذَا, وَكَذَا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ فَمَاتَ ذَلِكَ الْقَاضِي فَرَأَى ذَلِكَ الشَّيْءَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ أَحَدٌ يَرْفَعُهُ إلَيْهِ, وَلَوْ رَآهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ, وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا بَعْدَهُ وُلِّيَ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَبَرَّ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي أَحْلَفَهُ لِيَرْفَعَهُ إلَيْهِ, وَكَذَلِكَ إذَا عُزِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي خَلَفَ بَعْدَهُ; لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ, وَلَوْ عُزِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ لَيَرْفَعَنَّهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَاضِيًا فَرَأَى ذَلِكَ الشَّيْءَ وَهُوَ غَيْرُ قَاضٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ, وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ خَشِيت أَنْ يَحْنَثَ إنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ, وَإِنْ رَآهُ فَعَجَّلَ لِيَرْفَعَهُ سَاعَةَ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فَمَاتَ لَمْ يَحْنَثْ وَلاَ يَحْنَثُ إلَّا بِأَنْ يُمْكِنَهُ رَفْعُهُ فَيُفَرِّطَ حَتَّى يَمُوتَ, وَإِنْ عَلِمَاهُ جَمِيعًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ, وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَجْلِسًا وَاحِدًا, وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ مَا لَهُ مَالٌ وَلَهُ عَرَضٌ, أَوْ دَيْنٌ, أَوْ هُمَا حَنِثَ لِأَنَّ هَذَا مَالٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى شَيْئًا فَلاَ يَحْنَثُ إلَّا عَلَى نِيَّتِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بِهَا فَإِنْ كَانَ يُحِيطُ الْعِلْمَ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ بِهَا مَاسَّتْهُ كُلُّهَا فَقَدْ بَرَّ, وَإِنْ كَانَ يُحِيطُ الْعِلْمَ أَنَّهَا لاَ تُمَاسُّهُ كُلُّهَا لَمْ يَبَرَّ, وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ مُغَيَّبًا قَدْ تُمَاسُّهُ وَلاَ تُمَاسُّهُ فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً لَمْ يَحْنَثْ فِي الْحُكْمِ وَيَحْنَثْ فِي الْوَرَعِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا الْحُجَّةُ فِي هَذَا؟ قِيلَ مَعْقُولٌ أَنَّهُ إذَا مَاسَّتْهُ أَنَّهُ ضَارِبُهُ بِهَا مَجْمُوعَةً, أَوْ غَيْرَ مَجْمُوعَةٍ, وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ} وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً نِضْوًا فِي الزِّنَا بأثكال النَّخْلِ وَهَذَا شَيْءٌ مَجْمُوعٌ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ بِهَا مَاسَّتْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةً وَلَمْ يَقُلْ ضَرْبًا شَدِيدًا, فَأَيَّ ضَرْبٍ ضَرَبَهُ إيَّاهُ خَفِيفًا أَوْ شَدِيدًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ ضَارِبُهُ فِي هَذَا كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَئِنْ فَعَلَ عَبْدُهُ كَذَا لَيَضْرِبَنَّهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْعَبْدُ وَضَرَبَهُ السَّيِّدُ, ثُمَّ عَادَ فَفَعَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلاَ يَكُونُ الْحِنْثُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لاَ يَهَبُ رَجُلاً هِبَةً فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ فَهِيَ هِبَةٌ وَهُوَ حَانِثٌ, وَكَذَلِكَ لَوْ نَحَلَهُ فَالنَّحْلُ هِبَةٌ, وَكَذَلِكَ إنْ أَعْمَرَهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ, فَأَمَّا إنْ أَسْكَنَهُ فَلاَ يَحْنَثُ إنَّمَا السُّكْنَى عَارِيَّةٌ لَمْ يُمَلِّكْهُ إيَّاهَا وَلَهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا, وَكَذَلِكَ إنْ حَبَسَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ مَا حَبَسَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَرْكَبَ دَابَّةَ فُلاَنٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ حَنِثَ, وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْعَبْدِ فَرَكِبَ دَابَّةَ الْعَبْدِ لَمْ يَحْنَثْ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْعَبْدِ, أَلاَ تَرَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْمُهَا مُضَافٌ إلَيْهِ كَمَا يُضَافُ اسْمُهَا إلَى سَائِسِهَا, وَإِنْ كَانَ حُرًّا, أَوْ يُضَافُ الْغِلْمَانُ إلَى الْمُعَلِّمِ وَهُمْ أَحْرَارٌ فَيُقَالُ غِلْمَانُ فُلاَنٍ وَتُضَافُ الدَّارُ إلَى الْقَيِّمِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) قُلْت أَنَا وَيُضَافُ اللِّجَامُ إلَى الدَّابَّةِ وَالسَّرْجُ إلَى الدَّابَّةِ فَيُقَالُ لِجَامُ الْحِمَارِ وَسَرْجُ الْحِمَارِ وَلَيْسَ يَمْلِكُ الدَّابَّةُ اللِّجَامَ وَلاَ السَّرْجَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَإِذَا حَلَفَ الْعَبْدُ بِاَللَّهِ فَحَنِثَ, أَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَحَجَّ, فَأَصَابَ شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهِ فِيهِ فِدْيَةٌ,, أَوْ تَظَاهَرَ, أَوْ آلَى فَحَنِثَ فَلاَ يَجْزِيهِ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ, وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مَالِكًا لِلْمَالِ وَأَنَّ لِمَالِكِهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ يَدَيْهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحُرِّ يُوهَبُ لَهُ الشَّيْءُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ; لِأَنَّ الْحُرَّ يَمْلِكُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَعَلَيْهِ الصِّيَامُ فِي هَذَا كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ هَذَا شَيْءٌ مِنْهُ بِإِذْنِ مَوْلاَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ, وَإِنْ كَانَ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاَهُ فَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ يَضُرُّ بِعَمَلِ الْمَوْلَى كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ فَإِنْ صَامَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ فِيهَا أَجْزَأَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى يَحْنَثُ النَّاسُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ أَيْمَانِهِمْ, وَكَذَلِكَ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَهَرَ, وَكَذَلِكَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ اللَّهِ وَأَحْكَامُ رَسُولِهِ فِي الدُّنْيَا, فَأَمَّا السَّرَائِرُ فَلاَ يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ فَهُوَ يُدِينُ بِهَا وَيَجْزِي وَلاَ يَعْلَمُهَا دُونَهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ, أَلاَ تَرَى أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُمْ مُشْرِكِينَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ جَهَنَّمَ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ} وَحَكَمَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَحْكَامِ الْإِسْلاَمِ بِمَا أَظْهَرُوا مِنْهُ فَلَمْ يَسْفِكْ لَهُمْ دَمًا وَلَمْ يَأْخُذْ لَهُمْ مَالاً وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يُنَاكِحُوا الْمُسْلِمِينَ وَيَنْكِحُوهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِفُهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ وَيَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَيَبْلُغُهُ عَنْهُمْ فَيُظْهِرُونَ التَّوْبَةَ, وَالْوَحْيُ يَأْتِيهِ بِأَنَّهُمْ كَاذِبُونَ بِالتَّوْبَةِ, وَمِثْلَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ النَّاسِ: {أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ}, وَكَذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُدُودِ, فَأَقَامَ عَلَى رَجُلٍ حَدًّا, ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: {أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ, فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ} وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {تَوَلَّى اللَّهُ مِنْكُمْ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} وَحُفِظَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ, فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ, فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ}: {وَلاَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَجْلاَنِيِّ وَامْرَأَتِهِ وَقَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِلَّذِي يَتَّهِمُهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَلاَ أَرَاهُ إلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ}, وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ أَمْرَهُ لَبَيِّنٌ لَوْلاَ مَا حَكَمَ اللَّهُ} قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى, وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى خِلاَفِ الظَّاهِرِ مَا كَانَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إلَّا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَأْتِيهِ بِهِ الْوَحْيُ وَبِمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِمَّا لَمْ يَجْعَلْ فِي غَيْرِهِ مِنْ التَّوْفِيقِ فَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَوَلَّ أَنْ يَقْضِيَ إلَّا عَلَى الظَّاهِرِ, وَالْبَاطِنُ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَعْرِفُ مِنْ الدَّلاَئِلِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ إيَّاهُ مَا لاَ يَعْرِفُ غَيْرُهُ فَغَيْرُهُ أَوْلَى أَنْ لاَ يَحْكُمَ إلَّا عَلَى الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا جَوَابُنَا فِي هَذِهِ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لاَ نِيَّةَ لَهُ, فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِنِيَّةٍ فَالْيَمِينُ عَلَى مَا نَوَى قِيلَ لِلرَّبِيعِ كُلُّ مَا كَانَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَإِنَّا نَقُولُ فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ نَعَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} الآيَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: فَفِي هَذِهِ الآيَةِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ وَهُوَ فِي مِثْلِ مَعْنَى الآيَةِ قَبْلَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ دَلاَلَةً لاَ حَتْمًا وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا} كَالدَّلِيلِ عَلَى الْإِرْخَاصِ فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا} أَيْ إنْ لَمْ تُشْهِدُوا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ, وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يَكُونَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ الْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ مَالَهُ, وَالْإِشْهَادِ بِهِ عَلَيْهِ يَبْرَأُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ إنْ جَحَدَهُ الْيَتِيمُ وَلاَ يَبْرَأُ بِغَيْرِهِ,, أَوْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عَلَى الدَّلاَلَةِ, وَقَدْ يَبْرَأُ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ إذَا صَدَّقَهُ الْيَتِيمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ الْمَعْنَيَيْنِ مَعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ تَسْمِيَةُ شُهُودٍ وَتَسْمِيَةُ الشُّهُودِ فِي غَيْرِهِمَا وَتِلْكَ التَّسْمِيَةُ تَدُلُّ عَلَى مَا يَجُوزُ فِيهِمَا وَفِي غَيْرِهِمَا وَتَدُلُّ مَعَهُمَا السُّنَّةُ, ثُمَّ مَا لاَ أَعْلَمُ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِيهِ. وَفِي ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الشَّهَادَاتِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ لِلشَّهَادَاتِ حُكْمًا وَحُكْمُهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يُقْطَعَ بِهَا بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ بِدَلاَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى, ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إجْمَاعٍ سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا} الآيَةَ. فَسَمَّى اللَّهُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْفَاحِشَةِ, وَالْفَاحِشَةُ هَا هُنَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - الزِّنَا وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَةُ شُهُودٍ وَلاَ تَتِمُّ الشَّهَادَةُ فِي الزِّنَا إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ لاَ امْرَأَةَ فِيهِمْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الشُّهَدَاءِ الرِّجَالُ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ فِي الزِّنَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَعَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي الظَّاهِرِ مِنْ أَنَّهُمْ رِجَالٌ مُحْصَنُونَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ الْفَاحِشَةُ تَحْتَمِلُ الزِّنَا وَغَيْرَهُ فَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الزِّنَا دُونَ غَيْرِهِ؟ قِيلَ كِتَابُ اللَّهِ, ثُمَّ سُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَا لاَ أَعْلَمُ عَالِمًا خَالَفَ فِيهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ يُمْسَكْنَ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً, ثُمَّ نَزَلَتْ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ} وَدَلَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا الْحَدَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الزُّنَاةِ دُونَ غَيْرِهِمْ لَمْ أَعْلَمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى أَنْ لاَ يُقْطَعَ الْحُكْمُ فِي الزِّنَا بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قِيلَ لَهُ: الْآيَتَانِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقَذَفَةِ: {لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذَا لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ} يَقُولُ: لَوْلاَ جَاءُوا عَلَى مَنْ قَذَفُوا بِالزِّنَا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ بِمَا قَالُوا وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّنْزِيلِ السُّنَّةُ, ثُمَّ الْأَثَرُ, ثُمَّ الْإِجْمَاعُ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ; قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رحمه الله تعالى: {أَنَّ سَعْدًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلاً أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ} (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله تعالى عنه سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهَا فَقَالَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ وَشَهِدَ ثَلاَثَةٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ عُمَرَ بِالزِّنَا وَلَمْ يَثْبُتْ الرَّابِعُ فَحُدَّ الثَّلاَثَةُ وَلَمْ أَعْلَمْ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي أَنْ لاَ يُقَامَ الْحَدُّ فِي الزِّنَا بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ.
|