الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.الإعراب: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسمُ الْمُجْرمُونَ ما لَبثُوا غَيْرَ ساعَةٍ} الظرف متعلق بيقسم وجملة تقوم الساعة في محل جر باضافة الظرف إليها ويقسم المجرمون فعل وفاعل وما نافية ولبثوا فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها واقعة في جواب القسم وغير ساعة ظرف متعلق بلبثوا.{كَذلكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ} كذلك نعت لمصدر محذوف أي يصرفون عن الحق وهو الصدق كما صرفوا عن الحق وهو البعث وكان واسمها.وجملة يؤفكون خبرها ويؤفكون فعل مضارع مبني للمجهول.{وَقالَ الَّذينَ أُوتُوا الْعلْمَ وَالْإيمانَ لَقَدْ لَبثْتُمْ في كتاب اللَّه إلى يَوْم الْبَعْث} الواو عاطفة وقال الذين فعل وفاعل وجملة أوتوا صلة والعلم مفعول به ثان لأوتوا والايمان عطف على العلم وجملة لقد لبثتم مقول القول واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق ولبثتم فعل وفاعل وفي كتاب اللّه حال أي محسوبة في علم اللّه وقدره والى يوم البعث متعلقان بلبثتم.{فَهذا يَوْمُ الْبَعْث وَلكنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} الفاء الفصيحة لأنها أفصحت عن شرط مقدر كأنه قال إن كنتم منكرين للبعث فهذا يوم البعث أي فقد تبين بطلان قولكم. ولكنكم الواو حالية ولكن واسمها وجملة كنتم خبرها وجملة لا تعلمون خبر كنتم.{فَيَوْمَئذٍ لا يَنْفَعُ الَّذينَ ظَلَمُوا مَعْذرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} الفاء تفصيل لما قبلها مما يفهم من أن تقليل مدة اللبث فهي الفصيحة أيضا ويومئذ ظرف أضيف إلى مثله وهو متعلق بينفع والتنوين عوض عن جملة محذوفة أي يوم إذ قامت الساعة وحلف المشركين كاذبين ورد عليهم الذين أوتوا العلم والايمان من الملائكة وغيرهم ولا نافية وينفع فعل مضارع والذين ظلموا مفعوله المقدم ومعذرتهم فاعل ينفع وقرئ ينفع بالياء والتاء لأن معذرتهم مؤنث غير حقيقي أو بمعنى العذر والواو حرف عطف ولا نافية وهم مبتدأ وجملة يستعتبون خبر ويستعتبون فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل.{وَلَقَدْ ضَرَبْنا للنَّاس في هذَا الْقُرْآن منْ كُلّ مَثَلٍ} الواو استئنافية واللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق وللناس متعلقان بضربنا وفي هذا القرآن متعلقان بمحذوف حال ومن كل مثل صفة لمفعول به محذوف أي موعظة أو قصة من كل مثل أو تكون من للتبعيض ويكون الجار والمجرور في موضع نصب على أنه مفعول ضربنا أي وصفنا لهم كل صفة كأنها مثل في غرابتها وطرافتها.{وَلَئنْ جئْتَهُمْ بآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذينَ كَفَرُوا إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُبْطلُونَ} الواو عاطفة واللام موطئة للقسم وإن شرطية وجئتهم فعل وفاعل ومفعول به في موضع فعل الشرط وبآية متعلقان بجئتهم وليقولن اللام واقعة في جواب القسم ويقولن فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقلية فاللام مفتوحة باتفاق القراء والفاعل هو الاسم الموصول من باب اقامة الظاهر مقام المضمر وقد تقدم ذكره كثيرا وجملة كفروا صلة وإن نافية وأنتم مبتدأ وإلا أداة حصر ومبطلون خبر أنتم والجملة مقول القول.{كَذلكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوب الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ} الكاف نعت لمصدر محذوف أي مثل ذلك الطبع يطبع اللّه على قلوب الجهلة الذين لا يعلمون وجملة لا يعلمون صلة الذين.{فَاصْبرْ إنَّ وَعْدَ اللَّه حَقٌّ وَلا يَسْتَخفَّنَّكَ الَّذينَ لا يُوقنُونَ} الفاء الفصيحة أي إذا علمت أن حالهم بهذه المثابة فاصبر، واصبر فعل أمر والفاعل مستتر تقديره أنت وجملة إن وعد اللّه حق تعليل للأمر بالصبر ولا الواو عاطفة ولا ناهية ويستخفنك فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وهو في محل جزم بلا الناهية والكاف مفعول به مقدم والذين فاعل يستخفنك المؤخر وجملة لا يوقنون صلة..البلاغة: في قوله: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة} جناس تام وقد تقدم البحث في هذا الفن ونريد الآن أن نستوفي أبحاثه فهو ضروب كثيرة منها الماثلة وهي أن تكون اللفظة واحدة باختلاف المعنى نحو قول زياد الأعجم وقيل الصلتان العبدي يرثي المغيرة ابن المهلب:فالمغيرة الاولى: رجل، والمغيرة الثانية: الفرس وهي ثانية الخيل التي تغير، وقال أبو نواس في ابن الربيع: وقال أبو تمام: فالعهد الأول المسقى: هو الوقت، والعهد الثاني هو الحفاظ من قولهم فلان ماله عهد، والعهد الثالث الوصية من قولهم عهد فلان إلى فلان وعهدت إليه أي وصّاني ووصيّته، والعهد الرابع المطر وجمعه عهاد، واستثقل قوم هذا التجنيس وحق لهم.هذا وقد ولع أبو تمام بالتجنيس كثيرا فأجاد في بعضه وأسف في بعضه الآخر وقد أوردنا فيما سبق من هذا الكتاب نماذج من حسناته وسيئاته ويبدو التكلف ظاهرا فيه.أما ابن الرومي فليس من هواة الصناعة اللفظية ولم يكن يشغل باللفظ كثيرا وانما كان يجانس لمعنى يراه هو ولا يجانس لتزويق فارغ ولهو سخيف، ومن مليح ما جاء له: فالسود الأول: الليالي، والسود الآخر: شعرات الرأس واللحية والبيض الأول الشيبات والبيض الآخر النساء.وقوله: أو مثل هذا البيت: أو مثل هذا البيت: وهكذا كان في كل تجنيسه الذي لا تعسف فيه وليس هو بالكثير البارز في ديوانه الكبير فإذا جنس في غير ذلك فهو عابث متعمد للعبث وليس بملفق محسّنات ولا بطالب تزويق كما قال: ومن علماء البيان من جعل له اسما سماه به وهو الترديد أي أن اللفظة الواحدة رددت فيه، وهو أن يأتي الشاعر بلفظة متعلقة بمعنى ثم يرددها بعينها متعلقة بمعنى آخر في البيت نفسه أو في قسم منه، قال أبو تمام: الترديد في خفت ولو جعلت الكثب ترديدا لجاز.وقال أبو الطيب المتنبي وأحسن ما شاء: والترديد في أول البيت، والعلماء بالشعر مجمعون على تقديم أبي حية النميريّ في قوله: وما أجمل قول أبي نواس: وكذلك قول أبي تمام: ردد مطيّها ومطايا الشوق.ونعود للآية الكريمة فنذكر أن ابن أبي الحديد قد نازع في كتابه المسمى بالفلك الدائر على المثل السائر في هذا وقال: إن المعنى واحد في الآية، فان يوم القيامة وان طال فهو عند اللّه تعالى كالساعة الواحدة عند أحدنا، وحينئذ فإطلاق الساعة عليه مجاز كقولنا رأيت أسدا وزيد أسد، وأردنا بالأول حيوانا وبالثاني الرجل الشجاع.ولم نر أحدا نازع فيما ذكرناه غير ابن أبي الحديد، فتدبر. اهـ.
|