الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.استيلاء رضوان بن تتش على حلب. كان تتش لما انفصل من حلب استخلف عليها أبا القاسم الحسن بن علي الخوارزمي وأمكنه من القلعة ثم أوصى أصحابه قبل المصاف بطاعة ابنه رضوان وكتب إليه بالمسير إلى بغداد ونزول دار السلطنة فسار لذلك وسار معه أبو الغازي بن ارتق وكان أبوه تتش تركه عنده وسار معه ومعه محمد بن صالح بن مرداس وغيرهما وبلغه مقتل أبيه عند هيت فعاد إلى حلب ومعه الأميران الصغيران أبو طالب وبهرام وأمه وزوجها جناح الدولة الحسن بن افتكين لحق بهم من المعركة فلما انتهوا إلى حلب امتنع أبو القاسم بالقلعة ومعه جماعة من المغاربة وهم أكثر جندها فاستمالهم جناح الدولة فثاروا بالقلعة من الليل ونادوا بشعار الملك رضوان واحتاطوا على أبي القاسم فبعث إليه رضوان بالامان وخطب له على منابر حلب وأعمالها أقام بتدبير دولته جناح الدولة وأحسن السيرة وخالف عليهم الأمير باغيسيان بن محمد بن ابه التركماني صاحب انطاكية ثم أطاع وأشار على رضوان بقصد ديار بكر وسار معه لذلك وجاءهم أمراء الاطراف الذين كان تتش رأسهم فيها وقصدوا سروح فسبقهم إليها سلمان بن ارتق وملكها فساروا إلى الرها وبها الفارقليط من الروم كان يضمن البلاد من بوزان فتحصن بالقلعة ودافعهم ثم غلبوه عليها وملكها رضوان وطلبها منه باغيسيان وخشي جناح الدولة على نفسه فلحق بحلب ورجع رضوان والأمراء على أثره فسار باغيسيان فأقطعها له ثم سار إلى حران وأميرها قراجا فدس إليهم بعض أهلها بالطاعة واتهم قراجا بذلك ابن المعني من أعيانها كان تتش يعتمد عليه في حفظ البلد فقتله وقتل بني أخيه ثم فسد ما بين جناح الدولة وباغيسيان وخشي جناح الدولة على نفسه فلحق بحلب ورجع رضوان والأمراء على أثره فسار باغيسيان إلى بلده انطاكية وسار معه أبو القاسم الخوارزمي ودخل رضوان إلى حلب دار ملكه وكان من أهل دولته يوسف ابن ارتق الخوارزمي الذي بعثه تتش إلى بغداد شحنة وكان من الفتيان بحلب وكان قنوعا وكان يعادي يوسف بن اتق فجاء إلى جناح الدولة القائم بأمر رضوان ورمى يوسف بن ارتق عنده بأنه يكاتب باغيسيان ويداخله في الثورة واستأذنه في قتله فأذن له وأمده بجماعة من الجند وكبس يوسف في داره فقتله ونهب فيها واستطال على الدولة وطمع في الاستبداد على رضوان ودس لجناح الدولة أن رضوان أمره بقتله فهرب إلى حمص وكانت اقطاعا له واستبد على رضوان ثم تنكر له سنة تسع وثماني وأمر بالقبض عليه فاختفى ونهبت دوره وأمواله ودوابه ثم قبض عليه فامتحن وقتل هو وأولاده..استيلاء دقاق بن تتش على دمشق. كان تتش قد بعث ابنه دقاقا إلى أخيه السلطان ملك شاه ببغداد فأقام هنالك إلى أن توفي ملك شاه فسار معه ابنه محمود وأمه خاتون الجلالية إلى أصبهان ثم ذهب عنهم سرا إلى بركيارق ثم لحق بأبيه وحضر معه الواقعة التي قتل فيها ولما قتل تتش أبوه سار به مولاه تكين إلى حلب فأقام عند أخيه رضوان وكان بقلعة من قلاعها ساوتكين الخادم من موالي تتش ولاه عليها قبل موته فبعث إلى دقاق يستدعيه للملك فسار إليه وبعث رضوان في طلبه فلم يدركه ووصل دمشق وكتب إليه باغيسيان صاحب انطاكية يشير عليه بالاستبداد بدمشق على أخيه رضوان ووصل معتمد الدولة طغتكين مع جماعة من خواص تتش وكان قد حضر المعركة وأسر فخلص الآن من الاسار وجاء إلى دمشق وجاء إلى دمشق فلقيه دقاق ومال إليه وحكمه في أمره وداخله في مثل ساوكتين الخادم فقتلوه ووفد عليهم باغيسيان من انطاكية ومعه أبو القاسم الخوارزمي فأكرمهما واستوزر الخوارزمي وحكمه في دولته..الفتنة بين دقاق وأخيه رضوان. ثم سار رضوان إلى دمشق سنة تسعين وأربعمائة قاصدا انتزاعها من يد دقاق فامتنعت عليه فعاد إلى مالس وقصد الورس فامتنعت عليه فعاد إلى حلب وفارقه باغيسيان صاحب انطاكية إلى أخيه دقاق وحض على المسير إلى أخيه بحلب فسار لذلك واستنجد رضوان سكمان من سروج في أمم من التركمان ثم كان اللقاء بقنسرين فانهزمت عساكر دقاق ونهب سوادهم وعاد رضوان إلى حلب ثم سعى بينهما في الصلح على أن يخطب لرضوان بدمشق وانطاكية قبل دقاق فانعقد ذلك بينهما ثم لحق جناح الدولة بحمص عندما عظمت فيه سعاية المجن كما ذكرناه وكان باغيسيان منافرا له فلما فصل من حلب جاء باغيسيان إلى رضوان وصالحه ثم بعث إلى رضوان المستعلي خليفة العلويين بمصر يعده بالامداد على أخيه على أن يخطب له على منابره وزين له بعض أصحابه صحة مذهبهم فخطب له في جميع أعماله سوى انطاكية والمعرة وقلعة حلب ثم وفد عليه بعد شهرين من هذه الخطبة سكمان بن ارتق صاحب سروج وباغيسيان صاحب انطاكية فلم يقم بها غير ثلاث حتى وصل الفرنج فحاصروها وغلبوه على انطاكية وقتلوه كما مر في خبره.
|