الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.خبر هوازن وسليم وبني عامر. كان بنو عامر ينتظرون أمر طليحة وما تصنع أسد وغطفان حتى أحيط بهم وكان قرة ابن هبيرة في كعب وعلقمة بن علاثة في كلاب وكان علقمة قد ارتد بعد فتح الطائف ولما قبض النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى قومه وبلغ أبا بكر خبره فبعث إليه سرية مع القعقاع ابن عمر ومن بني تميم فأغار عليهم فأفلت وجاء بأهله وولده وقومه فأسلموا وكان قرة بن هبيرة قد لقي عمرو بن العاص منصرفه من عمان بعد الوفاة وأضافه وقال له: اتركوا الزكاة فإن العرب لا تدين لكم بالأتاوة فغضب لها عمرو وأسمعه وأبلغها أبا بكر فلما أوقع خالد ببني أسد وغطفان وكانت هوازن وسليم وعامر ينتظرون أمرهم فجاؤا إلى خالد وأسلموا وقبل منهم الإسلام إلا من عدا على أحد من المسلمين أيام الردة فإنه تتبعهم فأحرق وقمط ورضخ بالحجارة ورمى من رؤوس الجبال ولما فرغ من أمر بني عامر أوثق عينية بن حصن وقرة بن هبيرة وبعث بهما إلى أبي بكر فتجاوز لهما وحقن دماءهما.ثم اجتمعت قبائل غطفان إلى سلمى بنت مالك بن حذيفة من بدر بن ظفر في الحوأب فنزلوا إليها وتذامروا وكانت سلمى هذه قد سبيت قبل وأعتقتها عائشة وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوما وقد دخل عليها وهي في نسوة ببيت عائشة فقال: «إن إحداكن تستنبح كلاب الحوأب» وفعلت ذلك واجتمع إليها الفلال من غطفان وهوازن وسليم وطيء وأسد وبلغ ذلك خالدا وهو يتبع الثأر ويأخذ الصدقات فسار إليهم وقاتلهم وسلمى واقفة على جملها حتى عقر وقتلت وقتل حول هودجها مائة رجل فانهزموا وبعث خالد بالفتح على أثره بعد بعشرين ليلة.وأما بنو سليم فكان الفجاءة بن عبد يا ليل قدم على أبي بكر يستعينه مدعيا إسلامه ويضمن له قتال أهل الردة فأعطاه وأمره وخرج إلى الجون وارتد وبعث نجية بن أبي المثنى من بني الشريد وأمره بشن الغارة على المسلمين في سليم وهوازن فبعث أبو بكر إلى طريفة بن حاجز قائده على جرهم وأعانه بعبد الله بن قيس الحاسبي فنهضا إليه ولقياه فقتل نجية وهرب الفجاءة فلحقه طريفة فأسره وجاء به إلى أبي بكر فأوقد له في مصلى المدينة حطبا ثم رمى به في النار مقموطا وفاءت بنو سليم كلهم وفاء معهم أبو شجرة بن عبد العزى أبو الخنساء وكان فيمن ارتد..خبر بني تميم وسجاح. قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعماله في بني تميم الزبرقان بن بدر على الرباب وعوف والأبناء وقيس بن عاصم على المقاعس والبطون وصفوان بن صفوان وسبرة بن عمرو على بني عمرو ووكيع بن مالك على بني مالك ومالك بني نويرة على حنظلة فجاء صفوان إلى أبي بكر حين بلغته الوفاة بصدقات بني عمرو وجاء الزربرقان بصدقات أصحابه وخالفه قيس بن عاصم في المقاعس والبطون لأنه كان ينتظره وبقي من أسلم منهم متشاغلا بمن تربص أو ارتاب وبينما هم على ذلك فجئتهم سجاح بنت الحارث بن سويد من بني عقفان أحد بطون تغلب وكانت تنبأت الوفاة واتبعها الهذيل بن عمران في بني تغلب وعقبة بن هلال في النمر والسليل بن قيس في شيبان وزياد بن بلال وكان الهذيل نصرانيا فترك دينه إلى دينها وأقبلت من الجزيرة في هذه الجموع قاصدة المدينة لتغزو أبا بكر والمسلمين وانتهت إلى الجرف فدهم بني تميم أمر عظيم لما كانوا عليه من اختلاف الكلمة فوادعها مالك بن نويرة وثناها عن الغزو وحرضها على بني تميم ففروا أمامها ورجع إليها وكيع بن مالك واجتمعت الرباب وضبة فهزموا أصحاب سجاح وفيها أسروا منهم ثم اصطحوا.وسارت سجاح فيمن معها تريد المدينة فبلغت النباج فاعترضهم بنو الهجيم فيمن تأشب إليهم من بني عمرو وأغاروا عليهم فأسر الهذيل وعقبة ثم تحاجزوا على أن تطلق أسراهم ويرجعوا ولا يجتازوا عليهم ورجع عن سجاح مالك بن نويرة ووكيع بن مالك إلى قومهم ويئست سجاح وأصحابها من الجواز عليهم ونهدت إلى بني حنيفة وسار معها من تميم الزبرقان بن بدر وعطارد بن حاجب وعمرو بن الأهتم وغيلان بن حريث وشبث بن ربعي ونظراؤهم وصانعها مسيلمة بما كان فيه من مزاحمة ثمامة بن أثال له في اليمامة وزحف شرحبيل بن حسنة والمسلمون إليه فأهدى لها واستأمنها وكانت نصرانية أخذت الدين من نصارى تغلب فقال لها مسيلمة: نصف الأرض لنا ونصف الأرض لقريش لكنهم لم يعدلوا فقد جعلت نصفهم لك ويقال إنها جاءت إليه واستأمنته وخرج إليها من الحصن إلى قبة ضربت لها بعد أن جمرها فدخل إليها وتحرك الحرس حوالي القبة فسجع لها وسجعت له من أسجاع الفرية فشهدت له بالنبوة وخطبها لنفسه فتزوجته وأقامت عنده ثلاثا ورجعت إلى قومها فعذلوها في التزويج على غير صداق فرجعت إليه فقال لها: ناد في أصحابك إني وضعت عنهم صلاة الفجر والعتمة مما فرض عليهم محمد وصالحته على أن يحمل لها النصف من غلات اليمامة فأخذته وسألت أن يسلفها النصف للعام القابل ودفعت هذيل وعقبة لقضبه فهم على ذلك وإذا بخالد بن الوليد وعساكره قد أقبلوا فانفضت جموعهم وافترقوا ولحقت سجاح بالجزيرة فلم تزل في بني تغلب حتى نقل معاوية عام الجماعة بني عقفان عشيرتها إلى الكوفة وأسلمت حينئذ سجاح وحسن إسلامها ولما افترق وفد الزبرقان والأقرع على أبي بكر وقالا: إجعل لنا خراج البحرين ونحن نضمن لك أمرها ففعل وكتب لهم بذلك وكان طلحة بن عبيد الله يتردد بينهم في ذلك فجاء إلى عمر ليشهد في الكتاب فمزقه ومحاه وغضب طلحة وقال لأبي بكر رضي الله عنه: أنت الأمير أم عمر رضي الله عنه؟ فقال: عمر غير أن الطاعة لي وشهد الأقرع والزبرقان مع خالد اليمامة والمشاهد كلها ثم مضى الأقرع مع شرحبيل إلى دومة.
|