الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.ولاية عتبة بن غزوان على البصرة. كان عمر عندما بعث المثنى إلى الحيرة بعث قطبة بن قتادة السدوسي إلى البصرة فكان يغير بتلك الناحية ثم استمد عمر فبعث إليه شريح بن عامر بن سعد ابن بكر فأقبل إلى البصرة ومضى إلى الأهواز ولقيه مسلحة الأعاجم فقتلوه فبعث عمر عتبة بن غزوان واليا على تلك الناحية وكتب إلى العلاء بن الحضرمي أن يمده بعرفجة بن هرثمة وأمره أن يقيم بالتخوم بين أرض العرب وأرض العجم فانتهى إلى حيال الجسر وبلغ صاحب الفرات خبرهم فأقبل في أربعة آلاف وعتبة في خمسمائة والتقوا فقتلوا الأعاجم أجمعين وأسروا صاحب الفرات ثم نزل البصرة في ربيع سنة أربع عشرة وقيل إن البصرة بصرت سنة ست عشرة بعد جلولاء وتكريت أرسل سعد إليها عتبة فأقام بها شهرا وخرج إليه أهل الأبلة وكانت مرفأ للسفن من الصين فهزمهم عتبة وأحجرهم في المدينة ورجع إلى عسكره ورعب الفرس فخرجوا عن الأبلة وحملوا ما خف وأدخلوا المدينة وعبروا النهر ودخلها المسلمون فغنموا ما فيها واقتسموه ثم اختط البصرة بالمسجد فبناه بالقصب وجمع لهم أهل دست ميان فلقيهم عتبة فهزمهم وأخذ مرزبانها أسيرا وأخذ قتادة منطقته فبعث بها إلى عمر وسأل عنهم فقيل له: انثالت عليهم الدنيا فهم يهيلون الذهب والفضة فرغب الناس في البصرة وأتوها ثم سار عتبة إلى عمر بعد أن بعث مجاشع بن مسعود في جيش إلى الفرات واستخلف المغيرة بن شعبة على الصلاة إلى قدوم مجاشع وجاء ألف بيكان من عظماء الفرس إلى المسلمين ولقيهم المغيرة بن شعبة بالمرغاب وبينما هم في القتال إذ لحق بهم النساء وقد اتخذن خمرهن رايات فانهزم الأعاجم وكتبوا بالفتح إلى عمر فرد عتبة إلى عمله فمات في طريقه وقيل إن إمارة عتبة كانت سنة خمس عشرة وقيل ست عشرة فوليها ستة أشهر واستعمل عمر بعده المغيرة بن شعبة سنتين فلما رمى بما رمى به عزله واستعمل أبا موسى وقيل استعمل بعد عتبة أبا سبرة وبعده المغيرة..وقعة مرج الروم وفتوح مدائن الشام بعدها. لما انهزم الروم بفحل سار أبو عبيدة وخالد إلى حمص واجتمعوا بذي الكلاع في طريقهم وبعث هرقل توذر البطريق للقائهم فنزلوا جميعا بمرج الروم وكان توذر بإزاء خالد وشمس بطريق آخر بإزاء أبي عبيدة وأمسوا متباريين ثم أصبح فلم يجدوا توذر وسار إلى دمشق واتبعه خالد واستقبله يزيد من دمشق فقاتله وجاء خالد من خلفه فلم يفلت منهم إلا القليل وغنموا ما معهم وقاتل شمس أبو عبيدة بعد خالد فانهزم الروم وقتلوا واتبعهم أبو عبيدة إلى حمص ومعه خالد فبلغ ذلك هرقل فبعث بطريق حمص إليها وسار هو في الرهاء فحاصر أبو عبيدة حمص حتى طلبوا الأمان فصالحهم وكان هرقل يعدهم في حصارهم المدد وأمر أهل الجزيرة بإمدادهم فساروا لذلك وبعث سعد بن أبي وقاص العساكر من العراق فحاصروا هبت وقرقيسيا فرجع أهل الجزيرة إلى بلادهم ويئس أهل حمص من المدد فصالحوا على صلح أهل دمشق وأنزل أبو عبيدة فيها السمط بن الأسود في بني معاوية من كندة الأشعث بن ميناس في السكون والمقداد في بلي وغيرهم وولى عليهم أبو عبيدة عبادة بن الصامت وصار إلى حماة فصالحوه على الجزية عن رؤسهم والخراج عن أرضهم ثم سار نحو شيزر فصالحوا كذلك ثم إلى المعرة كذلك ويقال معرة النعمان وهو النعمان بن بشير الأنصاري ثم سار إلى اللاذقية ففتحها عنوة ثم سليمة أيضا ثم أرسل أبو عبيدة خالد بن الوليد إلى قنسرين فاعترضه ميناس عظيم الروم بعد هرقل فهزمهم خالد وأثخن فيهم ونازل قنسرين حتى افتتحها عنوة وخربها وأدرب إلى هرقل من ناحينه وأدرب عياض بن غنم لذلك وأدرب عمر بن مالك من الكوفة إلى قرقيسيا وأدرب عبد الله بن المعتمر من الموصل فارتحل هرقل إلى القسطنطينية من أمدها وأخذ أهل الحصون بين الإسكندرية وطرسوس وشعبها أن ينتفع المسلمون بعمارتها ولما بلغ عمر صنيع خالد قال: أمر خالد نفسه يرحم الله أبا بكر هو كان أعلم مني بالرجال وقد كان عزل خالدا والمثنى بن حارثة خشية أن يداخلهما كبر من تعظيم فوكلوا إليه ثم رجع عن رأيه في المثنى عند قيامه بعد أبي عبيد وفي خالد بعد قنسرين فرجع خالد إلى إمارته ولما فرغ أبو عبيدة من قنسرين سار إلى حلب وبلغه أن أهل قنسرين غدروا فبعث إليهم السمط الكندي فحاصرهم وفتح وغنم ووصل أبو عبيدة إلى خناصر حلب وهو موضع قريب منها يجمع أصنافا من العرب فصالحوا على الجزية ثم أسلموا بعد ذلك ثم أتى حلب وكان على مقدمته عياض بن غنم الفهري فحاصرهم حتى صالحوه على الأمان وأجاز ذلك أبو عبيدة وقيل صولحوا على مقاسمة الدور والكنائس وقيل إنتقلوا إلى إنطاكية حتى صالحوا ورجعوا إلى حلب.ثم سار أبو عبيدة من حلب إلى أنطاكية وبها جمع كبير من فل قنسرين وغيرهم ولقوه قريبا منها فهزمهم وأحجرهم وحاصرهم حتى صالحوه على الجلاء أو الجزية ورحل عنهم ثم نقضوا فبعث أبو عبيدة إليهم عياض بن غنم وحبيب بن مسلمة ففتحاها على الصلح الأول وكانت عظيمة الذكر فكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يرتب فيها حامية مرابطة ولا يؤخر عنهم العطاء ثم بلغ أبا عبيدة أن جمعا بالروم بين معرة مصرين وحلب فسار إليهم فهزمهم وقتل بطارقتهم وأمعن بل وأثخن فيهم وفتح معرة مصرين على صلح حلب وجالت خيوله فبلغت سرمين وتيري وغلبوا على جميع أرض قنسرين وأنطاكية ثم فتح حلب ثانية.وسار يريد قورس وعلى مقدمته عياض فصالحوه على صلح أنطاكية وبث خيله ففتح تل نزار وما يليه ثم فتح منبج على يد سلمان بن ربيعة الباهلي ثم بعث عياضا إلى دلوك وعينتاب فصالهم على مثل منبج واشترط عليهم أن يكونوا عونا للمسلمين وولى أبو عبيدة على كل ما فتح من الكور عاملا وضم إليه جماعة وشحن الثغور المخوفة بالحامية واستولى المسلمون على الشام من هذه الناحية إلى الفرات وعاد أبو عبيدة إلى فلسطين.وبعث أبو عبيدة جيشا مع ميسرة بن مسروق العبسي فسلكوا درب تفليس إلى بلاد الروم فلقي جمعا للروم ومعهم عرب من غسان وتنوخ وإياد يريدون اللحاق بهرقل فأوقع بهم وأثحن فيهم ولحق به على أنطاكية مالك بن الأشتر النخعي مددا فرجعوا جميعا إلى أبي عبيدة وبعث أبو عبيدة جيشا آخر إلى مرعش مع خالد بن الوليد ففتحها على إجلاء أهلها بالأمان وخربها وبعث جيشا آخر مع حبيب بن مسلمة إلى حصن الحرث كذلك وفي خلال ذلك فتحت قيسارية وبعث إليها يزيد بن أبي سفيان أخاه معاوية بأمر عمر فسار إليها وحاصرهم بعد أن هزمهم وبلغت قتلاهم في الهزائم ثمانين ألفا وفتحها آخرا وكان علقمة بن مجزز على غزة وفيها القبفار من بطارقة الروم.
|