الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.أخبار الصوائف وحصار قسطنطينية. كانت الصوائف من الشام منذ وفاة معاوية وحدوث الفتن واشتدت الفتن أيام عبد الملك اجتمعت الروم واستجاشوا على أهل الشام فصالح عبد الملك صاحب قسطنطينية على أن يؤدي إليه كل يوم جمعة ألف دينار خشية منه على المسلمين ونظرا لهم وذلك سنة سبعين لعشر سنين من وفاة معاوية ثم لما قتل مصعب وسكنت الفتنة بعث الجيوش سنة إحدى وسبعين في الصائفة فدخل فافتتح قيسارية ثم ولى على الجزيرة وأرمينية أخاه محمد بن مروان سنة ثلاث وسبعين فدخل في الصائفة إلى بلاد الروم فهزمهم ودخل عثمان بن الوليد من ناحية أرمينية في أربعة آلاف ولقيه الروم في ستين ألفا فهزمهم وأثخن فيهم بالقتل والأسر ثم غزا محمد بن مروان سنة أربع وسبعين فبلغ أنبولية وغزا في السنة بعدها في الصائفة من طريق مرعش فدوخ بلادهم وخرج الروم في السنة بعدها إلى العتيق فغزاهم من ناحية مرعش ثانية ثم غزاهم سنة ست وسبعين من ناحية ملطية ودخل في الصائف سنة سبع وسبعين الوليد ابن عبد الملك فأثخن فيهم ورجع وجاء الروم سنة تسع وسبعين فأصابوا من أهل أنطاكية وظفروا بهم فبعث عبد الملك سنة إحدى وثمانين ابنه عبيد الله بالعسكر ففتح قاليقلا ثم غزا محمد بن مروان سنة اثنتين وثمانين أرمينية وهزمهم فسألوه الصلح فصالحهم وولى عليهم أبا شيخ بن عبد الله فغدروه وقتلوه فغزاهم سنة خمسين وثمانين وصاف فيها وشتى ثم غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم ودوخها ورجع وعاد إليها سنة سبع وثمانين فيهم بناحية المصيصة وفتح حصونا كثيرة منها حصن بولق والحأزم وبولس وقمقيم وقتل من المستقربة ألف مقاتل وسبى أهاليهم ثم غزا بلاد الروم سنة تسع وثمانين مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد فافتتح مسلمة حصن سورية وافتتح العباس أردولية ولقي جمعا من الروم فهزمهم وقيل إن مسلمة قصد عمورية فلقي بها جمعا من الروم فهزمهم وافتتح هرقلة وقمولية وغزا العباس الصائفة من ناحية البلدبدون وغزا مسلمة بن عبد الملك الترك سنة تسع وثمانين من ناحية أذربيجان ففتح حصونا ومدائن هناك ثم غزا سنة تسعين ففتح الحصون الخمس التي بسورية وغزا العباس حتى بلغ أردن وسورية وفي سنة إحدى وتسعين غزا عبد العزيز بن الوليد في الصائفة مع مسلمة بن عبد الملك وكان الوليد قد ولى مسلمة على الجزيرة وأرمينية وعزل عمه محمد بن مروان عنها فغزا الترك من ناحية أذربجيان حتى الباب وفتح مدائن وحصونا ثم غزا سنة اثنتين وتسعين بعدها ففتح ثلاثة حصون وجلا أهل سرسنة إلى بلاد الروم ثم غزا العباس بن الوليد سنة ثلاث بعدها بلاد الروم ففتح سبيطلة وغزا مروان بن الوليد فبلغ حنجرة وغزا مسلمة ففتح ماشية وحصن الحديد وغزالة من ناحية ملطية وغزا العباس بن الوليد سنة أربع وتسعين ففتح إنطاكية وغزا عبد العزيز بن الوليد ففتح غزالة وبلغ الوليد بن هشام المعيطي مروج الحمام ويزيد بن أبي كبشة أرض سورية وفي سنة خمس وتسعين غزا العباس الروم ففتح هرقلة وفي سنة سبع وتسعين غزا مسلمة أرض الرضاخية وفتح الحصن الذي فتحه الرصاع وغزا عمر بن هبيرة أرض الروم في البحر فشتى بها وبعث سليمان بن عبد الملك الجيوش إلى القسطنطينية وبعث ابنه داود على الصائفة ففتح حصن المراة وفي سنة ثمان وتسعين مات ملك الروم فجاء القون إلى سليمان فأخبره وضمن له فتح الروم وسار سليمان إلى وابق وبعث الجيوش مع أخيه مسلمة ولما دنا من القسطنطينية أمر أهل المعسكر أن يحمل كل واحد مدين من الطعام ويلقوه في معسكرهم فصار أمثال الجبال واتخذ البيوت من الخشب وأمر الناس بالزراعة وصاف وشتى وهم يأكلون من زراعتهم وطعامهم الذي استاقوه مدخرا ثم جهد أهل القسطنطينية الحصار وسألوا الصلح على الجزية دينارا على الرأس فلم يقبل مسلمة وبعث الروم إلى ألقون إن صرفت عنا المسلمين ملكناك فقال لمسلمة: لو أحرقت هذا الزرع علم الروم أنك قصدتهم بالقتال فنأخذهم باليد وهم الآن يظنون مع بقاء الزرع أنك تطاولهم فأحرق الزرع فقوي الروم وغدر ألقون وأصبح محاربا وأصاب الناس الجوع فأكلوا الدواب والجلود وأصول الشجر والورق وسليمان مقيم بوابق وحال الشتاء بينهم وبينه فلم يقدر أن يمدهم حتى مات وأغارت برجان على مسلمة وهو في قلة فهزمهم وفتح مدينتهم وغزا في هذه السنة الوليد بن هشام فأثخن في بلاد الروم وغزا داود بن سليمان سنة ثمان وتسعين ففتح حصن المراة مما يلي ملطية وفي سنة تسع وتسعين بعث عمر بن عبد العزيز مسلمة وهو بأرض الروم وأمده بالنفول بالمسلمين وبعث إليه بالخيل والدواب وحث الناس على معونتهم ثم أمر عمر بن عبد العزيز أهل طريدة بالجلاء عنها إلى ملطية وخربها وكان عبد الله بن عبد الملك قد أسكنها المسلمين وفرض على أهل الجزيرة مسلحة تكون عندهم إلى فصل الشتاء وكانت متوغلة في أرض الروم فخربها عمر وولى على ملطية جعونة بن الحرث من بني عامر بن صعصعة وأغزى عمر سنة مائة من الهجرة بالصائفة الوليد بن هشام المعطي وعمر ابن قيس الكندي.
|