الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.سطوة الناصر بأخيه القاضي ابن محمد. كان محمد بن عبد الجبار ابن الأمير محمد وعبد الجبار هو عم أبي الناصر قد سعى عنده في أخيه القاضي ابن محمد وأنه يريد الخلاف والبيعة لنفسه وسعى القاضي في محمد بن عبد الجبار وأنه يروم الانتقاض واستطلع على الجلي من أمرهما وتحقق نقضهما فقتلهما سنة ثمان وثلثمائة..سطوة الناصر ببني إسحاق المروانيين. وهوإسحاق بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن الوليد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مروان دخل جدهم أول الدولة ولن يزالو في إكرام وعز واستقرت الرياسة في إسحاق وسكن إشبيلية أيام الفتنة عند ابن حجاج ثم هلك ابن حجاج وولي ابن مسلمة فاتهمه وقبض عليه وعلى ولده وصهره يحيى بن حكم بن هشام بن خالد بن أبان بن خالد بن عبد الله بن عبد الملك بن الحرث بن مروان فقتل الولد والصهر وكان عنده سفير لابن حفصون فشفع في الشيخ إسحاق وولده أحمد ثم ملك الناصر إشبيلية من يد ابن مسلمة فرحل إسحاق إلى قرطبة واستوزره الناصر واستوزر بنيه أحمد وابنه ومحمد وعبد الله ففتحوا الفتوحات وكفوا المهمات وعلت مقاديرهم في الدولة وتوفي أبوهم إسحاق فورثوا مكانه في كل رفيعة ثم هلك كبيرهم عبد الله وكان مقدمهم عند الناصر واستوزره ثم اتهمه الناصر بالخلاف وكثرت فيهم السعايات وصاروا في مجال الظنون فسطا بهم الناصر وغربهم في النواحي فانزوى أمية منهم في تسترين سنة خمس وعشربن وثلاثمائة وخلع الطاعة وقصده الناصر في العساكر فدخل دار الحرب وأجاره رزمير ملك الجلالقة ثم تغير له فجاء إلى الناصر من غير عهد وعفا عنه وبقي في غمار الناس إلى أن هلك وأما أحمد فعزل عن سرقسطة لما نكب أبوه وبقي خاملا مغضيا ثم تكاثرت السعاية فيه فقتل وأما أحمد فبقي في جملة الناصر حتى إذا تحرك إلى سرقسطة نمي عنه ففر ولقي في مفره جماعة من أهل سرقسطة فقتلوه..أخبار الناصر مع الثوار. كان أول فتحه أبيح له أسجه بعث إليها بدرا مولاه وحاجبه فافتتحها من يد ابن حفصون سنة ثلثمائة وغزا في أثرها بنفسه فافتتح أكثرمن ثلاثين حصنا من يد ابن حفصون منها البيرة ودوخ سائر أقطاره وضيق مخنقه بالحصار واستنزل سعيد بن مزيل من حصن المنتلون وحصن سمنان وفي سنة إحدى وثلثمائة ملك إشبيلية من يد أحمد بن مسلمة كما ذكرناه ثم سار سنة اثنتين وثلثمائة في العساكر فنازل حصون ابن حفصون وانتهى إلى الجزيرة الخضراء وضبط البحر ونظر في أساطيله واستكثر منها ومنع ابن حفصون من البحر وسأله في الصلح على لسان يحيى بن إسحاق المرواني فعقد له ثم أغزى إسحاق بن محمد القرشي إلى الثوار بمرسية وبلنسية فأثخن في نواحيها وفتح أريولة وأغزى بدرا مولاه إلى مدينة ليلة فاستنزل منها عثمان بن نصر الثائر بها وساقه مقيدا إلى قرطبة ثم أغزى إسحاق بن محمد سنة خمس وثلثمائة مدينة قرمونة فملكها من يد حبيب بن سواره كان ثائرا بها وفتح حصن ستمرية سنة ست وحصن طرش سنة تسع وأطاعه أحمد بن أضحى الهمداني الثائر بحصن الجامة ورهن ابنه على الطاعة وغزا ابن حفصون سنة أربع عشرة فردته العساكر المجمرة لحصاره ورجع وبعث إليه حفص يستأمنه فأمنه وجاء إلى قرطبة وملك الناصر يشتر كما مر ثم انتقض سنة خمس وعشرين أمية بن إسحاق في تسترين وقد مر ذكر أوليته ومحمد بن هشام التجيبي في سرقسطة ومطرف بن مندف التجيبي في قلعة أيوب فغزاهم الناصر بنفسه وبدأ بقلعة أيوب فحاصرها وقتل مطرف في أول جولة عليها وقتل معه يونس بن عبد العزيز ولجأ أخوه إلى القصبة حتى استأمن وعفا عنه وقتل من كان معهم من النصرانية أهل ألبة وافتتح ثلاثين من حصونهم وبلغه انتقاض طوطة ملكة البشكنس فغزاها في ينبلونة ودوخ أرضها واستباحها ورجع ثم غزا سنة سبع وعشرين وثلثمائة غزوة الخندق إلى جليقة فانهزم وأصيبت فيها المسلمون وأسر محمد بن هاشم التجيبي وحاول الناصر إطلاقه فأطلق بعد سنتين وثلاثة أشهر وقعد الناصر بعدها عن الغزو بنفسه وصار يردد البعوث والصوائف وثار سنة ثلاث وأربعين بجهات ماردة ثائر وتوجهت إليه العساكر فجاؤا به وبأصحابه ومثل بهم وقتلوا..أخبار طليطلة ورجوعها إلى الطاعة. قال ابن حيان اختطها دير نيقيوش الجبار وكان قواد رومة ينزلونها دارملك ثم ثار بها برباط من نجدانية فملكها واختلف قواد رومة على حصاره ثم وثب به بعض أصحابه فقتله وملكها ثم قتل ورجعت إلى قواد رومة ثم انتقض أهلها وولوا أميرا منهم اسمه أنيش ثم قتل ورجعت إلى قواد رومة وقام أولهم شنتيلة وأطاعه أهل الأندلس وامتنع على ملوك رومة ثم غزاهم وحاصر رومة وفتح كثيرا من بلادها ورجع إلى طليطلة وثار عليه البشكنس فظهر عليهم وأوقع بهم ولحقوا بالجبال وهلك شنتيلة بعد تسع وملك مكانه على الغوط بسيلة ست سنين ولم يغن فيها ثم ولي منهم حندس وغزا أفريقية وولي بعده قتبان وبنى الكنائس وبلغه خبر المبعث فقال له بليان وكان من أكابر الغوط وأعاظمهم: وجدت في كتاب مطريوس العالم عن دانيال النبي أنهم يملكون الأندلس ثم هلك فتبادر وملك ابنه ست عشرة سنة وكان سيء السيرة وولي بعده لزريق ثم لم تزل طليطلة دار فتنة وعصبية ومنعة أتعبت عبد الرحمن الداخل سبع سنين وانتقضت على هشام والحكم وعلى عبد الرحمن الأوسط إلى أن جاء الناصر فأدخلهم في الطاعة كرها لما أكمل فتح ماردة وبطليوس وتسترين سار إليهم في العساكر وحاصرهم وجاء الطاغية يظاهرهم فدافعه الناصر وجثم عليها فخرج أميرهم ثعلبة بن محمد بن عبد الوارث إلى الناصر فاستقال واستأمن فأمنه وعفا عنه ودخلها الناصر وجال في أقطارها ورجع عنها فلم يزالوا مستقيمين على الطاعة بعد.
|