الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.ظهور الشيعى بكتامة. وفي أيامه ظهر أبو عبد الله الشيعي بكتامة يدعو للرضا من آل محمد ويبطن الدعوة لعبيد الله المهدى من أبناء إسماعيل الإمام واتبعه كتامة وهو من الأسباب التي دعته للتوبة والإقلاع والخروج إلى صقلية وبعث إليه موسى بن عياش صاحب صلة بالخبر وبعث إبراهيم رسوله إلى الشيعي بأنكجان يهدده ويحذره فلم يقبل وأجابه بما يكره فلما قربت أمور أبي عبد الله وجاء كتاب المعتضد لإبراهيم كما قدمناه أظهر التوبة ومضى إلى صقلية وكانت بعده بأفريقية حروب أبي عبد الله الشيعي مع قبائل كتامة حتى استولى عليهم واتبعوه وكان إبراهيم قد أسر لابنه أبي العباس في شأن الشيعي ونهاه عن محاربته وأن يلحق به إلى صقلية إن ظهر عليه..ابنه أبو العباس عبد الله بن إبراهيم أخي محمد أبي الغرانيق. ولما هلك إبراهيم سنة تسع وثمانين كما قدمناه قدم حافده زيادة الله بالجيوش على أبيه أبي العباس عبد الله فقام بأمر أفريقية وعظم غناؤه وكتب إلى العمال كتابا يقرأ على الناس بالوعد الجميل والعدل والرفق والجهاد واعتقل ابنه زيادة الله هذا لما بلغه عنه من اعتكافه على اللذات واللهو وأنه يروم التوثب عليه وولى على صقلية مكانه محمد بن السرقوسي وكان أبو العباس حسن السيرة عادلا بصيرا بالحروب وكانت أيامه صالحة وكان نزوله بتونس ولما توفي استولى أبو عبد الله الشيعي على كتامة ودخلوا في أمره كافة وزحف إلى ميلة فافتتحها وقتل موسى بن عياش وكان فتح بن يحيى أمير مسالة من كتامة حارب أبا عبد الله طويلا ثم غلبه واستولى على قومه فنزع فتح إلى أبي العباس وحرضه على قتال يكزاخول وإنما كان يكر على جفنة إذا نظر وزحف إليه من تونس سنة تسع وثمانين ومائتين ودخل سطيف ثم بلزمه وقتل من دخل في دعوتهم ولقيه أبو عبد الله الشيعي فانهزم وهرب من تاوزرت إن أنكجان وهدم أبو خول قصر الشيعي ثم قاتلهم يوما إلى الليل فانهزم عسكر أبي خول ولحق بتونس ورجع بكتامة إلى مواضعهم ولما دخل أبو خول بأبيه جدد له العسكر وأعاده ثانية وانتظمت إليه القبائل وسار حتى نزل سطيف ثم ارتحل منها إلى لقائهم وزحف إليه أبو عبد الله فهزمه ورجع إلى سطيف ثم ارتحل منها إلى لقائهم وفي أثناء ذلك صانع زيادة الله بعض الخدم على قتل أبيه أبي العباس فقتل نائما في شعبان سنة تسعين ومائتين وأطلق زيادة الله من اعتقاله..ابنه أبو مضر زيادة الله. ولما أطلق زيادة الله من الاعتقال اجتمع أهل الدولة وبايعوا له فقتل الخصيان الذين قتلوا أباه وأقبل على اللذات واللهو ومعاشرة المضحكين والصفاعين وأهمل أمور الملك واستقل وكتب إلى أخيه أبي خول على لسان أبيه يستقدمه وقدم فقتله وقتل عمومته وإخوته وقوي أمر الشيعي وانتقل زيادة الله إلى رقادة ليلا لئلا يخالفه الشيعي إليها وفتح الشيعي مدينة سطيف فسرح زيادة الله العساكر لحربه وعقد عليها لإبراهيم بن حبيش من صنائعه فخرج في أربعين ألفا وأقام بقسطيلة ستة أشهر فاجتمعت إليه مائة ألف وزحف إلى كتامة وتلقوه بأجانة فاخترمت عساكره وولت الهزيمة عليه وانتهى إلى باغاية ثم انتقل إلى القيروان وافتتح أبو عبد الله مدينة طبنة وقتل فتح بن يحيى المسالتي وكان بها ثم فتح بلزمة وهدم سورها ثم وصل عروبة بن يوسف من أمراء كتامة إلى باغاية وأوقع بالعساكر التي كانت بها مجمرة لحربهم بنظر هرون بن الطبني وأرسل أبو عبد الله الشيعي إلى تيحيسن فحاصرها ثم افتتحها صلحا وكثر الأرجاف بالقيروان ففتح زيادة الله ديوان العطاء واستلحق واستركب وأجمع الخروج فخرج إلى الأربس سنة خمس وتسعين فلما انتهى إليها تخوف غائلة الشيعي وأشار عليه أهل بيته بالرجوع فرجع إلى رقادة وقدم على العساكر إبراهيم بن أبي الأغلب من وجوه أهل بيته ثم زحف أبو عبد الله إلى باغاية ففتحها صلحا وهرب عاملها ثم سرب أبو عبد الله الجيوش فبلغت مجانة وأوقعوا بقبائل نفزة واستولوا على تيفاش وزحف ابن أبي الأغلب إلى تيفاش فمنعه أهلها وهزموا طلائعه فافتتحها وقتل من كان بها ثم خرج أبو عبد الله الشيعي في عساكر كتامة إلى باغاية ثم إلى سكاية ثم إلى سبيبة ثم إلى حمودة فاستولى على جميعها وأمن أهلها ورحل ابن أبي الأغلب من الأربس ثم سار أبو عبد الله إلى قسطيلة وقفصة فأمنهم ودخلوا في دعوته وانصرف إلى باغاية ثم إلى أنكجان وزحف ابن أبي الأغلب إلى باغاية فقاتلها وامتنعت عليه ورجع إلى الأربس ثم زحف أبو عبد الله إلى الأربس سنة ست وتسعين في جمادى ومر بشق بناربة وأمن أهلها إلى قمودة.
|