الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.ولاية عيسى النوشزي على مصر وثورة الخليجي. ولما اعتزم محمد بن سليمان على الرجوع إلى بغداد وكان المكتفي قد ولاه على مصر فولى المكتفي عيسى بن محمد النوشزي وقدم في منتصف سنة اثنتين وتسعين ومائتين ثم ثار بنواحي مصر إبراهيم الخليجي وكان من قواد بني طولون وتخلف عن محمد ابن سليمان وكتب إلى المكتفي عيسى النوشزي بالخبر وكثرت جموع الخليجي وزحف إلى مصر فخرج النوشزي هاربا إلى الإسكندرية وملك الخليجي مصر وبعث المكتفي العساكر مع فاتك مولى أبيه المعتضد وبدر الحمامي وعلى مقدمتهم أحمد بن كيغلغ في جماعة من القواد ولقيهم الخليجي على العريش في صفر سنة ثلاث وتسعين ومائتين فهزمهم ثم تراجعوا وزحفوا إليه وكانت بينهم حروب فني فيها أكثر أصحاب الخليجي وانهزم الباقون فظفر عسكر بغداد ونجا الخليجي إلى الفسطاط واختفى به ودخل قواد المكتفي المدينة وأخذوا الخليجي وحبسوه وكان المكتفي عندما بلغته هزيمة ابن كيغلغ وسار ابن كيغلغ في ربيع وبرز المكتفي من ورائهم يسير إلى مصر فجاءه كتاب فاتك بالخبر وبحبس الخليجي فكتب المكتفي بحمله ومن معه إلى بغداد وبرز من تكريت فبعث فاتك بهم وحبسوا ببغداد ورجع عيسى النوشزي إلى مصر في منتصف ثلاث وتسعين ومائتين فلم يزل واليا عليها إلى أن توفي في شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين لخمس سنين من ولايته وشهرين وقام بأمره ابنه محمد وولى المقتدر على مصر أبا منصور تكين الخزري فقدمها آخر شوال من سنة سبع وتسعين ومائتين وقام واليا عليها واستفحلت دولة العلويين بالمغرب وجهز عبيد الله المهدي العساكر مع ابنه أبي القاسم سنة إحدى وثلاثمائة فملك برقة في ذي الحجة آخرها ثم سار إلى مصر وملك الإسكندربة والفيوم وبلغ الخبر إلى المقتدر فقلد ابنه أبا العباس مصر والمغرب وعمره يومئذ أربع سنين وهو الذي ولى الخلافة بعد ذلك ولقت الراضي ولما قلده مصر استخلف له عليها مؤنسا الخادم وبعثه في العساكر إلى بصر وحاربهم فهزمهم ورجعوا إلى المغرب فأعاد عبيد الله العساكر سنة اثنتين مع قائده حامسة الكتامي وجاء في الأسطول فملك الإسكندرية وسار منها إلى مصر وجاءه مؤنس الخادم في العساكر فقاتله وهزمه ثم كانت بينهم وقعات وانهزم أصحاب المهدي آخرا في منتصف اثنتين وثلاثمائة وقتل منهم نحوا من سبعة آلاف ورجعوا إلى المغرب فقتل المهدي حامسة وعاد مؤنس إلى بغداد..ولاية ذكاء الأعور. لم يزل تكين الخزري واليا على مصر استخلافا إلى أن صرف آخر اثنتين وثلاثمائة فولى المقتدر مكانه أبا الحسن ذكاء الأعور وقدم منتصف صفر من سنة ثلاث فلم يزل واليا عليها إلى أن توفي سنة سبع وثلاثمائة لأربع سنين من ولايته..ولاية تكين الخزري ثانية. لما صرف المقتدر ذكاء ولى مكانه أبا منصور تكين الخزري ولاية ثانية فقدم في شعبان سنة سبع وثلاثمائة وكان عبيد الله المهدي قد جهز العساكر مع ابنه أبي القاسم ووصل إلى الإسكندرية في ربيع من سنة سبع وثلاثمائة وملكها ثم سار إلى مصر وملك الجزيرة والأشمونين من الصعيد وما إليه وكتب أهل مكة بطاعته وبعث المقتدر من بغداد مؤنسا الخادم في العساكر فواقع أبا القاسم عدة وقعات وجاء الأسطول من أفريقية إلى الإسكندرية في ثمانين مركبا مددا لأبي القاسم وعليه سلمان بن الخادم ويعقوب الكتامي فسار إليهم في أسطول طرسوس في خمسة وعشرين مركبا وفيها النفط والمدد وعليها أبو اليمن فالتقت العساكر في الأساطيل في مرسى رشيد فظفر أسطول طرسوس بأسطول أفريقية وأسر كثير منهم وقتل بعضهم وأطلق البعض وأسر سليمان الخادم فهلك في محبسه بمصر وأسر يعقوب الكتامي وحمل إلى بغداد فهرب منها إلى أفريقية واتصل الحرب بين أبي القاسم ومؤنس وكان الظفر لمؤنس ووقع الغلاء والوباء في عسكر أبي القاسم ففني كثير منهم بالموت ووقع الموتان في الخيل فعاد العسكر إلى المغرب واتبعهم عساكر مصر حتى أبعدوا فرجعوا عنهم ووصل أبو القاسم إلى القروان منتصف السنة ورجع مؤنس إلى بغداد وقدم تكين إلى مصر كما مر ولم يزل واليا عليها إلى أن صرف في ربيع من سنة تسع وثلاثمائة.
|