الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.وفاة عماد الدولة بن بويه وولاية عضد الدولة ابن أخيه على بلاد فارس مكانه. ثم توفي عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه بمدينة شيراز كرسي مملكة فارس في منتصف سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة بعد أن كان طلب من أخيه ركن الدولة أن ينفذ إليه ابنه عضد الدولة فتأخر ليوليه عهده إذ لم يكن له ولد ذكر فأنفذه إليه ركن الدولة في جماعة من أصحابه لسنة بقيت من حياته وركب عماد الدولة للقائه ودخل به إلى داره في يوم مشهود وأجلسه على السرير وأمر الناس أن يحيوه بتحية الملك وكان في قواد عماد الدولة جماعة أكابر لا يستكينون لعماد الدولة فضلا عن عضد الدولة مكانه بفارس واختلف عليه أصحابه فجاء إليه ركن الدولة أبوه من الري بعد أن استخلف عليها علي بن كتامة وكتب معز الدولة إلى وزيره الصيمري بأن يترك محاربة ابن شاهين ويسير إلى شيراز مددا لعضد الدولة وأقام ركن الدولة في شيراز تسعة أشهر وبعث إلى أخيه معز الدولة بهدية من الأموال والسلاح وكان عماد الدولة هو أمير الأمراء وإنما كان معز الدولة نائبا عنه في كفالة الأموال وولاية أعمال العراق فلما مات عماد الدولة وانقلبت إمرة الأمراء إلى ركن الدولة وبقي معز الدولة نائبا عنه كما كان عن عماد الدولة لأنه كان أصغر منهما..وفاة الصيمري ووزارة المهلبي. كان أبو جعفر أحمد الصيمري وزير معز الدولة قد عاد من فارس إلى أعمال الجامدة وأقام يحاصر عمران بن شاهين إلى أن هلك منتصف تسع وثلاثين وثلثمائة وكان يستخلف بحضرة معز الدولة في وزارته أبا محمد الحسن بن محمد المهلبي فباشره معز الدولة وعرف كفايته واضطلاعه فاستوزره مكان الصيمري فحسن أثره في جمع الأموال وكشف الظلامات وتقريب أهل العلم والأدب والإحسان إليهم..مسير عساكر ابن سامان إلى الري ورجوعها. لما سار ركن الدولة إلى بلاد فارس بعث الأمير نوح بن سامان إلى منصور بن قراتكين صاحب جيوشه بخراسان أن يسير إلى الري فسار إليها سنة تسع وثلاثين وثلثمائة وكان بها علي بن كتامة خليفة ركن الدولة ففارقها إلى أصفهان وملك منصور الري وبث العساكر في البلاد فملكوا الجيل إلى قرميس واستولوا على همذان وبعث ركن الدولة من فارس إلى أخيه معز الدولة بإنفاذ العساكر إلى مدافعتهم فبعث سبكتكين الحاجب في جيش كثيف من الديلم وغيرهم فكبسهم وأسر مقدمهم فأعادوا إلى همذان ثم سار إليهم ففارقوها وملكها وورد عليه ركن الدولة بهمذان فعدل منصور بن قراتكين إلى أصفهان فملكها وسار إليها ركن الدولة وسبكتكبن في مقدمته وشغب عليه بعض الأتراك فأوقع بهم وترددوا في تلك الناحية وكتب معز الدولة إلى ابن أبي الشوك الكردي يتبعهم فقتل منهم وأسر ونجا بعض إلى الموصل وترك ركن الدولة قريبا من أصفهان وجرت بينه وبين منصور حروب وضاقت الميرة على الفريقين إلا أن الديلم كانوا أصبر على الجوع وشظف العيش من أهل خراسان لقرب عهدهم بالبداوة ومع ذلك فهم ركن الدولة بالفرار لولا وزيره ابن العميد كان يثبته ويريه أنه لا يغني عنه وأن الاستماتة أولى به فصبر وشغب على منصور بن قراتكين جنده وانفضوا جميعا إلى الري وتركوا مخلفهم بأصفهان فاحتوى عليه ركن الدولة وذلك فاتح سنة أربعين وثلثمائة ومات منصور بن قراتكين بالري في ربيع الأول من السنة ورجعت العساكر إلى نيسابور..استيلاء ركن الدولة ثانيا على طبرستان وجرجان. قد كنا قدمنا استيلاء ركن الدولة على طبرستان وجرجان سنة ست وثلاثين وثلثمائة وأنه استخلف على جرجان الحسن بن الفيرزان وسار وشمكير إلى خراسان مستنجدا بابن سامان فسار معه صاحب جيوش خراسان منصور بن قراتكين وحاصر جرجان فصالحه الحسن بن الفيرزان بغير رضا من وشمكير لانحرافه عنه وعن الأمير نوح ورجع إلى نيسابور وأقام وشمكير بجرجان والحسن بزوزن ثم سار ركن الدولة سنة أربعين وثلثمائة من الري إلى طبرستان وجرجان ففارقها وشمكير إلى نيسابور واستولى ركن الدولة عليها واستخلف بجرجان الحسن بن الفيرزان وعلي بن كتامة وعاد إلى الري فقصدهما وشمكير وانهزما منه واسترد البلاد من ركن الدولة وكتب الأمير نوح يستنجده على ركن الدولة فأمر أبا علي بن محتاج بالمسير معه في جيوش خراسان فسار في ربيع سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة وامتنع ركن الدولة ببعض معاقله وحاربه أبو علي بن محتاج في جيوش خراسان حتى ضجرت عساكره وأظلهم فصل الشتاء فراسل ركن الدولة في الصلح على أن يعطيهم ركن الدولة مائتي ألف دينار في كل سنة وعاد إلى خراسان وكتب وشمكير إلى الأمير نوح بأن ابن محتاج لم ينصح في أمر ركن الدولة وأنه ممالئ فسخطه من أجل ذلك وعزله عن خراسان ولما عاد ابن محتاج عن ركن الدولة سار هو إلى وشمكير فانهزم وشمكير إلى أسفرا ين واستولى ركن الدولة على طبرستان.
|