الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الفتنة بين أبي علي وأبي جعفر. لما غاب أبو جعفر الحاج عن بغداد قام بها العيارون واشتد فسادهم وكثر القتل والنهب فبعث بهاء الدولة أبا علي بن جعفر المعروف بأستاذ هرمز لحفظ العراق فانهزم أبو جعفر بنواحي الكوفة مغضبا ثم جمعوا الجموع من الديلم والأتراك والعرب فانهزم أبو جعفر وأمن أبو علي جانبه فسار إلى خوزستان وبلغ السوس.فأتاه الخبر بأن أبا جعفر عاد إلى الكوفة فكر راجعا وعاد الحرب بينهم وبينما هم على ذلك أرسل بهاء الدولة إلى أبي علي يستدعيه سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة لحرب ابن واصل بالبصرة فسار إليه وكانت الحرب بينه وبين ابن واصل كما يأتي في أخبار ملوك البطيحة ورجع إلى بغداد ونزل أبو جعفر على فلح حامى طر يق خراسان وأقام هنالك وكان فلح مباينا لعميد الجيوش أبي علي وتوفي سلخ سنة سبع وتسعين وثلاثمائة فولي أبو علي مكانه أبا الفضل بن عنان وكان بهاء الدولة في محاربة ابن واصل بالبصرة فأتاهم الخبر بظهور بهاء الدولة عليه فأوهن ذلك منهم وافترقوا ولحق ابن مزيد ببلده وسار أبو جعفر وابن عيسى إلى حلوان وأرسل أبو جعفر في إصلاح حاله عند بهاء الدولة فأجابه إلى ذلك وحضر عنده بتستر فأعرض عنه خوفا أن يستوحش أبو علي وحقد بهاء الدولة لبدر بن حسنويه فسار إليه وبعث إليه بدرا في المصالحة فقبله وانصرف وتوفي أبو جعفر الحجاج بن هرمز بالأهواز سنة إحدى وأربعمائة..الفتنة بين مجد الدولة صاحب الري وبين أمه واستيلاء ابن خالها علاء الدين بن كاكويه كل أصفهان. قد تقدم لنا ولاية مجد الدولة أبي طالب رستم بن فخر الدولة على همذان وقرميس إلى حدود العراق وتدبير الدولتين لأمه وهي متحكمة عليهما فلما وزر لمجد الدولة الخطير أبو علي بن علي بن القاسم استمال الأمراء عنها وخوف مجد الدولة عنها فاسترابت وخرجت من الري إلى القلعة فوضع عليها من يحفظها فأعملت الحيلة حتى لحقت ببدر بن حسنويه مستنجدة به وجاءها ابنها شمس الدولة في عساكر همذان وسار معهما بدر وذلك سنة سبع وتسعين وثلاثمائة فحاصروا أصفهان وملكوها عنوة وعاد إليها الأمر فاعتقلت مجد الدولة ونصبت شمس الدولة للملك ورجع بدر إلى بلده ثم بعد سنة استرابت بشمس الدولة فأعادت مجد الدولة إلى ملكه وسار شمس الدولة إلى همذان وانتقض بدر بن حسنويه لذلك وكان في شغل بفتنة ولده هلال واستمد شمس الدولة فأمده بعسكر وحاصر قم فاستصعبت عليه وكان علاء الدين أبو حفص بن كاكويه ابن خال هذه المرأة وكاكويه هو الخال بالفارسية فلذلك قيل له ابن كاكوي وكانت قد استعملته على أصفهان فلما فارق أمرها فسد حاله فسار هو إلى بهاء الدولة بالعراق وأقام عنده فلما عادت إلى حالها هرب أبو حفص إليها من العراق فأعادته إلى أصفهان ورسخ فيها ملكه وملك بنيه كما يأتي في أخبارهم..وفاة عميد العراق وولاية فخر الملك. كان أبو جعفر أستاذ هرمز فن حجاب عضد الدولة وخواصه وصير ابنه أبا علي في خدمة ابنه صمصام الدولة فلما قتل صمصام الدولة رجع إلى بهاء الدولة وبلغه ما وقع ببغداد في مغيبه من الهرج وظهور العيارين فبعث بهاء الدولة مكانه على العراق فخر الملك أبا غالب وأصعد إلى بغداد فلقيه الكتاب والقواد والأعيان في ذي الحجة من السنة وبعث العساكر من بغداد لقتال أبي الشوك حتى استقام وكانت الفتنة قد وقعت بين بدر بن حسنويه وابنه هلال واستنجد بدر ببهاء الدولة فأنجده من يده وأخذ ما فيها من الأموال وفتح دير العاقول وجاء سلطان وعلوان ورجب بنو ثمال الخفاجي في أعيان قومهم وضمنوا حماية سقي الفرات من بني عقيل وساروا معه إلى بغداد فبعثهم مع ذي السعادتين الحسن بن منصور للأنبار فعاثوا في نواحيها وحبس ذو السعادتين نفرا منهم ثم أطلقهم فهموا بقبضه وشعر بهم فحاول عليهم حتى قبض على سلطان منهم وحبسهم ببغداد ثم شفع فيهم أبو الحسن بن مزيد فأطلقهم فاعترضوا الحجاج سنة اثنتين وأربعمائة ونهبوهم فبعث فخر الملك إلى أبي الحسن بن مزيد بالانتقام منهم فلحقهم بالبصرة فأوقع بهم وأثخن فيهم واسترد من أموال الحاج ما وجد وبعث به وبالأسرى إلى فخر الملك ثم اعترضوا الحجاج مرة أخرى ونهبوا سواد الكوفة فأوقع بهم أبو الحسن بن مزيد مثل ذلك وبعث بأسراهم إلى بغداد.
|