الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.نكبة سرخاب واستيلاء نيال على أعمالهم كلها. ثم إن سرخاب لما قبض سعدي ابن أخيه أبي الشوك غاضبه ابنه أبو العسكر واعتزله وكان سرخاب قد أساء السيرة في الأكراد فاجتمعوا وقبضوا عليه وحملوه إلى نيال فاقتلع عينه وطالبه بإطلاق سعدي بن أبي الشوك فأطلقه أبو العسكر ابنه واستحلفه على السعي في خلاص أبيه سرخاب فانطلق سعدي واجتمع عليه كثير من الأكراد وسار إلى نيال فاستوحش منه وسار إلى الدسكرة وكاتب أبا كاليجار بالطاعة ثم سار إبراهيم نيال إلى قلعة كلجان وامتنعت عليهم ثم حاصروا قلعة دوربلونة فتقدمت طائفة إلى البندنجين فنهبوها وسار إبراهيم فيها بالنهب والقتل والعقوبة في المصادرة حتى يموتوا وتقدمت طائفة إلى الفتح فهرب وترك حله فعرجوا عليها واتبعوه فقاتلهم وظفر بهم وبعث مستنجدا فلم ينجدوه فعبر وأمر بنزول حله إلى جانب الغز وكان سعدي بن أبي الشوك نازلا على فرسخين من باجس فكبسه الغز فهرب وترك حله وغنمها الغز ونهبوا تلك الأعمال والدسكرة والهارونية وقصر سابور وتقسم أهلها بين القتل والغرق والهلاك بالبرد ووصل سعدي إلى دبال ولحق منها بأبي الأغرد بيس بن مزيد فأقام عنده وحاصر نيال قلعة السيروان وضيق عليها وضربت سراياه في البلاد وانتهت إلى قرب تكريت ثم استأمن أهل قلعة السيروان إلى نيال فملكها وأخذ منها ذخيرة سعدي وولى عليها من أصحابه ثم مات صاحب قلعة السيروان وبعث وزيره إلى شهرزور فملكها وهرب مهلهل وأبعد في الهرب وحاصر عسكر نيال قلعة هوازشاه.ثم راسل مهلهل أهل شهرزور بالتوثب بالغز الذين عندهم فقتلوهم ورجع قائد نيال ففتك فيهم ثم سار الغز المقيمون بالبندنجين إلى نهر سليلى وقاتلوا أبا دلف القاسم بن محمد الجاواني فهزمهم وظفر بهم وغنم ما معهم وسار في ذي الحجة جمع من الغز إلى بلد علي بن القاسم فعاثوا فيها فأخذ عليهم المضيق فأوقع بهم واسترد ما غنموه ولم يزل أحمد بن ظاهر قائد نيال محاصرا قلعة تيرازشاه في شهرزور إلى أن دخلت سنة أربعين وأربعمائه ووقع الموتان في عسكره واستمد نيال فلم يمده فرحل عنها إلى مايدشير وبلغ ذلك مهلهلا فبعث أحد أولاده إلى شهرزور فملكها وأجفل الغز من السيروان وسارت عساكر بغداد إلى حلوان وحاصروا قلعتها ولم يظفروا فنهبوا مخلف الغز وخربوا الأعمال وسار مهلهل إلى بغداد فأنزل أهله وأمواله بها وأنزل حله على ستة فراسخ منها فسار عسكر من بغداد إلى البندنجين وقاتلوا الغز الذين بها فهزمهم الغز وقتلوهم جميعا..بقية أخبار مهلهل وابن أبي الشوك وانقراض أمرهم. ثم سار مهلهل أخو أبي الشوك إلى السلطان طغرلبك سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة فأحسن إليه وأقره على أقطاعه السيروان ودقوقا وشهرزور والصامغان وسعى في أخيه سرخاب وكان محبوسا عنده فأطلقه وسوغه قلعة الماهكي وكانت له فسار إليها وأقطع سعدي بن أبي الشوك الرادندبين ثم بعثه سنة ست وأربعين في عسكر من الغز إلى نواحي العراق فنزل بمايدشت وسار منها إلى أبي دلف الجاواني فهرب بين يديه وأدركه فنهب أمواله وفلت بنفسه وكان خالد ابن عمه مع الوزير ومطر ابني علي بن معن العقيلي فوفد أولادهم على سعدي يشكون مهلهلا فوعدهم النصر ورجعهم من عنده فاعترضهم أصحاب مهلهل فأسرهم بنو عقيل ففداهم مهلهل وأوقع بهم على تل عكبرا ونههبهم فساروا إلى سعدي وهو بسامرا وأتبع عمه مهلهلا وظفر به وأسره وأسر مالكا ابنه ورد غنائم بني عقيل ورجع إلى حلوان.واضطربت بغداد واجتمعت عساكر الملك الرحيم ومعهم أبو الأغر دبيس بن مزيد يسعى عند سعدي في أبيه وكان ابن سعدي عنه السلطان طغرلبك رهينة فرده على أبيه عوضا عن مهلهل وأمره بإطلاق مهلهل فامتعض لذلك سعدي وعصى على طغرلبك وسار إلى حلوان فامتنعت عليه وأقام يتردد بين رشقباد والبردان وأظهر مخالفة طغرلبك ورجع إلى طاعة الملك الرحيم فبعث طغرلبك العساكر مع بدران بن مهلهل إلى شهرزور ووجد إبراهيم بن إسحاق من قواده فأوقعوا به ومضى إلى قلعة رشقباد.وسار بدر بن مهلهل إلى شهرزور ورجع إبراهيم بن إسحاق إلى حلوان فأقام بها ثم نهض سنة ست وأربعين إلى الدسكرة فنهبها واستباحها وسار إلى رشقباد وهي قعلة سعدي وفيها ذخيرته وفي القلعة البردان فامتنعت عليه فخرب أعماله ووهن الديلم في كل ناحية وبعث طغرلبك أبا علي بن أبي كاليجار صاحب البصرة في عسكر من الغز إلى الأهواز فملكها ونهبها الغز ولقي الناس منهم عيثا بالنهب والمصادرة وأحاطت دعوة طغرلبك ببغداد من كل ناحية وانقرض الأكراد من أعمالهم واندرجوا في جملة السلطان طغرلبك و: {وتلك الأيام نداولها بين الناس} والله يؤتي ملكه من يشاء والله يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لا راد لأمره.بسم الله الرحمن الرحيم
|