الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.المصاف الخامس بين بركيارق ومحمد. كان السلطان محمد لما سار عن كنجة وبلاد اران استخلف بها الأمير غزغلي وأقام بها في طائفة من عسكره مقيما خطبة السلطان محمد في جميع أعماله إلى زنجان من آخر أذربيجان فلما انحصر محمد بأصبهان سار غزغلي لانجاده ومعه منصور بن نظام الملك ومحمد ابن أخيه مؤيد الملك فانتهوا إلى الري وملكوها آخر خمس وتسعين ولقوا السلطان محمدا بهمدان عندما خرج من أصبهان ومعه نيال بن أبي شكين وأخوه علي وأقاموا معه بهمدان ثم جاء الخبر بمسير بركيارق إليهم فتوجه السلطان محمد قاصدا شروان وانتهى إلى أذربيجان فبعث إليه مودود بن إسماعيل بن ياقوتي الذي كان بركيارق قتل أباه إسماعيل وكانت أخت مودود هذا تحت محمد وكان له طائفة من أعمال أذربيجان فاستدعى محمدا ليظاهره على بركيارق فسار إليه وانتهى إلى سقمان وتوفي مودود في ربيع سنة ست وتسعين واجتمع عساكره على السلطان محمد وفيهم سقمان القبطي ومحمد بن باغي بركيارق وقاتلهم على خراسان وسار أياز من عسكر بركيارق وجاء من خلف السلطان محمد فانهزم محمد وأصحابه ولحق بارقيش من أعمال خلاط ولقيه الأمير علي صاحب ارزن الرومي فمضى إلى أصبهان وصاحبها منوجهر أخو فظون الروادي ثم سار إلى هرمز وأما محمد بن مؤيد الملك بن نظام الملك فنجا من الوقعة إلى ديار بكر ثم إلى جزيرة ابن عمر ثم إلى بغداد وكان أيام أبيه مقيما ببغداد في جوار المدرسة النظامية فشكى إلى أبيه وخاطب كوهراس بالقبض عليه فاستجار بدار الخلافة ولحق سنة اثنتين وتسعين بمجد الملك الياسلاني وأبوه بكنجة عند السلطان محمد فلما خطب السلطان محمد لنفسه واستوزر أباه مؤيد الملك لحق محمد هذا بأبيه ثم قتل أبوه وبقي في جملة السلطان محمد..استيلاء ملك بن بهرام على مدينة غانة. كان ملك بن بهرام بن ارتق ابن أخي أبي الغازي بن ارتق مالكا مدينة سروج فملكها الفرنج من يده فسار عنها إلى غانة وغلب عليها بني العيش بن عيسى بن خلاط كانت لهم فقصدوا صدقة بن مزيد مستنجدين به فأنجدهم وجاء معهم فرحل ملك بن بهرام والتركمان عنها ودخلها بنو العيش وأخذ صدقة رهائنهم وعاد إلى الحلة فرجع ملك إليها في ألفي رجل من التركمان وحار بها قليلا ثم عبر المخاضة وملكها واستباح أهلها ومضى إلى هيت ورجع عنها..الصلح بين السلطان بركيارق ومحمد. ثم استقر الأمر أخيرا بالسلطان بركيارق في الري وكان له الجبال وطبرستان وخوزستان وفارس وديار بكر والجزيرة والحرمين ولمحمد اذربيجان وبلاد اران وارمينية واصبهان والعراق جميعا غير تكريت والبطائح بعضها وبعضها والبصرة لهما جميعا وخراسان لسنجر من جرجان إلى ما وراء النهر يخطب فيها لأخيه محمد وله من بعده والعساكر كلهم يتحكمون عليهم بسبب الفتنة بينها وقد تطاول الفساد وعم الضرر واختلفت قواعد الملك فأرسل بركيارق إلى أخيه محمد في الصلح مع فقيهين من أماثل الناس ورغباه في ذلك وأعاد معهما رسلا آخرين وتقرر الأمر بينهما أن يستقر محمد على ما بيده سلطانا ولا يعارضه بركيارق في الطول ولا يذكر اسمه في أعمال محمد وأن المكاتبة تكون بين الوزيرين والعساكر بالخيار في خدمة من شاؤا منهما ويكون للسلطان محمد من النهر المعروف باسترد إلى باب الابواب وديار بكر والجزيرة والموصل والشام والعراق بلاد صدقة بن مزيد وبقية الممالك الاسلامية لبركيارق وتحالفا على ذلك وانتظم الامر وأرسل السلطان محمد إلى أصحابه باصبهان بالخروج عنها لاخيه بركيارق واستدعاهم إليه فأبوا وجنحوا إلى خدمة بركيارق وساروا إليه بحريم السلطان محمد الذي كانوا معهم فأكرمهم بركيارق ودلهم إلى صاحبهم وحضر أبو الغازي بالديوان ببغداد وسار المستظهر في الخطبة لبركيارق فخطب له سنة سبع وتسعين وكذلك بواسط وكان أبو الغازي قبل ذلك في طاعة محمد فأرسل صدقة إلى المستظهر يعذله في شأنه ويخبره بالمسيرة لاخراجه من بغداد ثم سار صدقة ونزل عند الفجاج وخرج أبو الغازي إلى عقربا وبعث لصدقة بأنه إنما عدل عن طاعة محمد للصلح الوقع بينه وبين أخيه وأنهما تراضيا على أن بغداد لبركيارق واناشحنة بها واقطاعي حلوان فلا يمكنني التحول طاعة بركيارق فقبل منه ورجع إلى الحلة وبعث المستظهر في ذي القعدة سنة سبع وتسعين بالخلع للسلطان بركيارق والامير أياز والوزير الخطير واستخلفهم جميعا وعاد إلى بغداد والله سبحانه ولى التوفيق.
|