الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.مسير جهان دانكي إلى فارس. ثم أمر السلطان سنة خمس وثلاثين الأمير إسماعيل جعان دانكي فسار إليها ومنعها مجاهد الدين بهروز من الوصول واستعد لذلك بخسف المعابر وتغريقها فقصد الحلة فمنعها أيضا فقصد واسط فقاتله طرنطاي وانهزم ودخل واسط ونهبها ونهب النعمانية وما إليها واتبعهم طرنطاي إلى البطيحة ثم فارقه عسكره إلى طرنطاي فلحق بتستر وكتب إسماعيل إلى السلطان فعفا عنه..هزيمة السلطان سنجر إمام الخطا واستيلاؤهم على ما وراء النهر. وتلخيص هذا الخبر من كتاب ابن الأثير أن أتسز بن محمد ملك خوارزم واستقر بها فبعث إلى الخطا وهم أعظم الترك فيما وراء النهر وأغراهم بمملكة السلطان سنجر واستحثهم لها فساروا في ثلثمائة ألف فارس وسار سنجر في جميع عساكره وعبر إليهم النهر ولقيهم سنة ست وثلاثين واقتتلوا أشد قتال ثم انهزم سنجر وعساكره وقتل منهم مائة ألف فيهم أربعة آلاف امرأة وأسرت زوجة السلطان سنجر ولحق سنجر بترمذ وسار منها إلى بلخ وقصد أتسز مدينة مرو فدخلها مراغما للسلطان وفتك فيها وقبض على جماعة من الفقهاء والأعيان وبعث السلطان سنجر إلى السلطان مسعود يأذن له في البصرة وفي الري ليدعوه إن احتاج إليه فجاء عباس صاحب الري بذلك إلى بغداد وسار السلطان مسعود إلى الري امتثالا لأمر عمه سنجر قال ابن الأثير وقيل إن بلاد تركستان وهي كاشغر وبلاد سامسون وجبى وطراز وغيرها مما وراء النهر كانت بيد الخانية وهم مسلمون من نسل مراسيان ملك الترك المعروف خبره مع ملوك الكينية وأسلم جدهم الأول سبق قراخان لأنه رأى في منامه أن رجلا نزل من السماء وقال له بالتركية ما معناه أسلم تسلم في الدنيا والآخرة وأسلم في منامه ثم أسلم في يقظته ولما مات ملك مكانه موسى بن سبق ولم يزل الملك في عقبه إلى أرسلان خان بن سليمان بن داود ابن يقرخان بن إبراهيم طغاج خان بن ايلك نصر بن أرسلان بن علي بن موسى بن سبق فخرج عليه قردخان وانتزع الملك منه ثم نصر سنجر قردخان وخرج بعد ذلك خوارزم ونصره السلطان سنجر منهم وأعاده إلى ملكه وكان في جنده نوع من الأتراك يقال لهم القارغلية والأتراك الغزية الذين نهبوا خراسان على ما نذكره بعد وهم صنفان صنف يقال لهم حق وأميرهم طوطي بزداديك وصنف يقال لهم برق وأميرهم برغوث بن عبد الحميد.وكان لأرسلان نصر خان شريف يصحبه من أهل سمرقند وهو الأشرف بن محمد بن أبي شجاع العلوي فحمل ابن أرسلان نصر خان وطلبوا انتزاع الملك منه فاستصرخ السلطان سنجر فعبر إليه في عساكره سنة أربع وعشرين وخمسمائة وانتهى إلى سمرقند فهرب القارغلية أمامه وعاد إلى سمرقند فقبض على أرسلان خان وحبسه ببلخ فمات بها وولى على سمرقند مكانه قلج طمقاج أبا المعالي الحسن بن علي بن عبد المؤمن ويعرف بحسن تكر من أعيان بيت الخانية إلا أن أرسلان خان أطرحه فولاه سنجر ولم تطل أيامه فولى بعده محمود بن أرسلان خان وأبوه هو الذي ملك سمرقند من يده وهو ابن أخت سنجر وكان في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة قد خرج كوهر خان من الصين إلى حدود كاشغر في جموع عظيمة وكوهر الأعظم بلسانهم وخان السلطان فمنعاه أعظم ملك ولقيه صاحب كاشغر أحمد بن الحسن الخان فهزمه وقد كان خرج قبله من الصين أتراك الخطا وكانوا في خدمة الخانية أصحاب تركسان وكان أرسلان خان محمد بن سليمان ينزلهم على الدروب بينه وبين الصين مسالح ولهم على ذلك جرايات وإقطاعات وسخط عليهم بعض السنين وعاقبهم بما عظم عليهم فطلبوا فسيحا من البلاد يأمنون فيه من أرسلان خان لكثرة ما كان يغزوهم ووصفت لهم بلاد سامسون فساروا إليها ولما خرج كونان من الصين ساروا إليه واجتمعوا عليه ثم ساروا جميعا إلى بلاد ما وراء النهر ولقيهم الخان محمود بن ارسلان خان محمد في حدود بلاده في رمضان سنة إحدى وثلاثين فهزموه وعاد إلى سمرقند وعظم الخطب على أهلها وأهل بخارى واستمد محمود السلطان سنجر وذكرنا ما لقي السلطان من العنت واجتمع عنده ملوك خراسان وملك سجستان من بني خلف وملك غزنة من الغوريين وملك مازندران وعبر النهر للقاء الترك في أكثر من مائة ألف وذلك لآخر خمس وثلاثين وخمسمائة وشكا إليه محمود خان من القارغلية فقصدهم واستجاروا بكوهر خان ملك الصين فكتب إلى سنجر بالشفاعة فيهم فلم يشفعه وكتب إليه يدعوه للاستلام ويتهدده بكثرة العساكر فأهان الرسول وزحف للقاء سنجر والتقى الجمعان بموضع يسمى قطران خامس قطران صفر سنة ست وثلاثين وأبلى القارغلية من الترك وصاحب سجستان من المسلمين ثم انهزم المسلمون فقتل كثير منهم وأسر صاحب سجستان والأمير قماج وزوجة السلطان سنجر فأطلقهم كوهرخان ومضى السلطان سنجر منهزما وملك الترك الكفار والخطا بلاد ما وراء النهر إلى أن مات كوهرخان ملكهم سنة سبع وثلاثين ووليت بعده ابنته ثم ماتت قريبا وملكت أمها من بعدها وهو زوجة كوهرخان وابنه محمد وصار ما وراء النهر بيد الخطا إلى أن غلبهم عليه عماد الدين محمد خوارزم شاه سنة اثنتين عشرة وستمائة.
|