الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.حرب الإفرنج مع رضوان بن تتش صاحب حلب. ثم سار شكري صاحب إنطاكية من الإفرنج سنة ثمان وتسعين إلى حصن أريام من حصون رضوان صاحب حلب فضاقت حالهم واستنجدوا برضوان فسار إليهم وخرج الإفرنج للقائه ثم طلب الصلح من رضوان فمنعه أصبهبد صباوو من أمراء السلجوقية كان نزع إليه بعد قتل صاحبه أياز ولقيهم الإفرنج فانهزموا أولا ثم استماتوا وكروا على المسلمين فهزموهم وأفحشوا في قتلهم وقتل الرجالة الذين دخلوا عسكرهم في الحملة الأولى ونجا رضوان وأصحابه إلى حلب ولحق صباوو بطغركين أتابك دمشق ورجع الإفرنج إلى حصار الحصن فهرب أهله إلى حلب وملكه الإفرنج والله تعالى ولي التوفيق..حرب الإفرنج مع عساكر مصر. كان الأفضل صاحب مصر قد بعث بعد سنة ثمان وتسعين ابنه شرف المعالي في العساكر إلى الرملة فملكها وقهر الإفرنج ثم اختلف العسكر في إدعاء الظفر وكادوا يقتتلون وأغار عليهم الإفرنج فعاد شرف المعالي إلى مصر فبعث الأفضل ابنه الآخر سناء الملك حسينا مكانه في العساكر وخرج معه جمال الدين صاحب عسقلان واستمدوا طغركين أتابك دمشق فجهز إليهم أصبهبذ صباوو من أمراء السلجوقية وقصدهم بقدوين صاحب القدس وعكا فاقتتلوا وكثرت بينهم القتلى واستشهد جمال الملك نائب عسقلان وتحاجزوا وعاد كل إلى بلده وكان مع الإفرنج جماعة من المسلمين منهم بكباش بن تتش ذهب مغاضبا عن دمشق لما عدل عنه طغركين الأتابك بالملك إلى ابن أخيه دقاق وأقام عند الإفرنج والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق بمنه..حرب الإفرنج مع طغركين: كان قمص من قمامصة الإفرنج من دمشق وكان كثيرا ما يغير عليها ويحارب عساكرها فسار إليه طغركين في العساكر وجاء بقدوين ملك القدس لإنجاده على المسلمين فرده ذلك القمص ثقة بكفائه فرجع إلى عكا وسار طغركين إلى الإفرنج فقاتلهم وحجزهم في حصنهم ثم خرب الحصن وألقى حجارته في الوادي وأسر الحامية الذين به وقتل من سواهم من أهله وعاد إلى دمشق ظافرا ثم سار بعد أسبوع إلى وبه ابن أخت صنجيل فملكه وقتل حاميته..استيلاء الإفرنج على حصن أفامية: كان خلف بن ملاعب الكلابي متغلبا على حمص وملكها منه تتش كما مر وانتقلت الأحوال إلى مصر ثم إن رضوان صاحب حلب انتقض عليه واليه بحصن أفامية وكان من الرافضة فبعث بطاعته إلى صاحب مصر واستدعى منهم واليا فبعثوا خلف بن ملاعب لإيثاره الجهاد وأخذوا رهنه فعبى في أفامية واستبد بها واجتمع عليه المفسدون ثم ملك الإفرنج من أعمال حلب وأهله رافضة ولحق قاضيها بابن ملاعب في أفامية ثم أعمل التدبير عليه وبعث إلى ظاهر الصائغ من أصحاب رضوان وأعيان الرافضة ودعاتهم وداخله في الفتك بابن ملاعب وتسليم الحصن إلى رضوان وشعر بذلك إبنا ابن ملاعب وحذرا أباهما من تدبير القاضي عليه وجاء القاضي فحلف له على كذبه وصدقه وعاد القاضي إلى مداخله أبي طاهر ورضوان في ذلك التدبير وبعثوا جماعة من أهل سرمين بخيول وسلاح يقصدون الخدمة عند ابن ملاعب فأنزلهم بربض أفامية حتى تم التدبير وأصعدهم القاضي وأصحابه ليلا إلى القلعة فملكوها وقتلوا ابن ملاعب وهرب ابناه فلحق أحدهما بأبي الحسن بن منقذ صاحب شيرز وقتل الآخر وجاء أبو طاهر الصائغ إلى القاضي يعتقد أن الحصن له فلم يمكنه القاضي وأقام عنده وكان بعض بني خلف بن ملاعب عند طغركين بدمشق مغاضبا لأبيه فولاه حصنا من حصونه فأظهر الفساد والعيث فطلبه طغركين فهرب إلى الإفرنج واستحثهم لملك أفامية فحاصروه حتى جهد أهله الجوع وقتلوا القاضي المتغلب فيه والصائغ وذلك سنة تسع وتسعين وخمسمائة..خبر الإفرنج في حصار طرابلس. كان صنجيل من ملوك الإفرنج ملازما لحصار طرابلس وملك جبلة من يد ابن أبي صليحة وبنى على طرابلس حصنا وأقام عليها ثم هلك وحمل إلى القدس ودفن وأمر ملك الروم أهل اللاذقية أن يحملوه الميرة إلى الإفرنج المحاصرين طرابلس فحملوها في السفن وظفر أصحاب ابن عمار ببعضها فقتلوا وأسروا واستمر الحصن خمس سنين فعدمت الأقوات واستنفد أهل الثروة مكسوبهم في الإنفاق وضاقت أحوالهم وجاءتهم سنة خمسمائة ميرة في البحر من جزيرة قبرص وإنطاكية وجزائر البنادقة فحفظت أرماقهم ثم بلغ ابن عمار انتظام الأمر للسلطان محمد بن ملك شاه بعد أخيه بركيارق فارتحل إليه صريخا واستخلف على طرابلس ابن عمه ذا المناقب في طرابلس وخيم ابن عمار على دمشق وأكرمه طغركين ثم سار إلى بغداد فأكرمه السلطان محمد وأمر بتبليغه والإحتفال لقدومه ووعده بالإنجاد ولما رحل عن بغداد أحضره عنده بالنهروان وأمر الأمير حسين بن أتابك قطلغتكين بالمسير معه وأن يستصحب العساكر التي بعثها مودود إلى الموصل لقتال جاولي سكاوو وأمره بإصلاح جاولي والمسير مع ابن عمار حسبما مر في أخبارهم ثم وقعت الحرب بين السلطان محمد وبين صدقة بن مزيد واصطلحوا وودعه ابن عمار بعد أن خلع وسار معه الأمير حسين فلم يصل إلى قصده من عساكر الموصل مودود والإنتقاض فعاد فخر الدين بن عمار إلى دمشق في محرم سنة اثنتين وخمسمائة وسار منها إلى فملكها وبعث أهل طرابلس إلى الأفضل أمير الجيوش بمصر يستمدونه ويسألون الوالي عليهم فبعث إليهم شرف الدولة بن أبي الطيب بالمدد والأقوات والسلاح وعدة الحصار واستولى على ذخائر ابن عمار وقبض على جماعة من أهله وحمل الجميع في البحر إلى مصر.
|