الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.مقتل المظفر حاجي بن الناصر وبيعة أخيه حسن الناصر ودولته الأولى. قد كنا قدمنا أن السلطان بعث جبقا إلى الشام حتى مهده ومما أثر الخلاف منه ورجع إلى السلطان سنة ثمان وأربعين وقد استوسق أمره فوجد الأمراء مستوحشين من السلطان ومنكرين عليه اللعب بالحمام فتنصح له بذلك يريد إقلاعه عنه فسخط ذلك منه وأمر بالحمام فذبحت كلها وقال لجبقا أنه أذبح خياركم كما ذبحت هذه فاستوحش جبقا وغدا على الأمراء والنائب بيقاروس وثاروا بالسلطان وخرجوا إلى قبة النصر وركب المظفر في مواليه والأمراء الذين معه قد داخلوا الآخرين في الثورة ورأيهم واحد في خلعه فبعث إليهم الأمير شيخوا يتلطف لهم فأبوا إلا خلعه فجاءهم بالخبر ثم رجع إليهم وزحف معهم ولحق بهم الأمراء الذين مع المظفر عندما تورط في اللقاء وحمل عليه بيقاروس فأسلمه أصحابه وأمسكه باليد فذبحه في تربة أمه خارج القلعة ودفن هناك ودخلوا القلعة في رمضان من السنة وأقاموا عامة يومهم يتشاورون فيمن يولونه حتى هم أكثر الموالي يالثورة والركوب إلى قبة النصر فحينئذ بايعوا حسن بن الملك الناصر ولقبوه الناصر بلقب أبيه فوكل بأخيه حسين ومواليه لنفسه ونقل المال بالحوش فوضعه بالخزانة وقام بالدولة ستة من المراء وهم شيخوا وطاز والجبقا وأحمد شادي الشرنخاناه وأرغون الإسماعيلي والمستبد عليهم جميعا بيقاروس ويعرف بالقاسمي فقتل الحجازي وأقسنقر القائمين بدولة المظفر بمحبسهما بالقلعة وولي بيقاروس نائبا بمصر فكان أرقطاي وأرغون شاه نائبا بحلب مكان تدمر البدري ثم نقله إلى دمشق منذ مقتل اليحياوي وولى مكانه بحلب أياس الناصر ثم تقبض بيقاروس على رفيقه أحمد شادي الشرنخاناه وغربه إلى صفد وأبعد الجبقا من رفقته وبعثه نائبا على طرابلس وبعث أرغون الإسماعيلي منهم نائبا على حلب وفي هذه السنة وقعت الفتنة بينه وبين مهنا بن عيسى ولقيه فهزمه ووفد أحمد أخوه على السلطان فولاه إمارة العرب وهدأت الفتنة بينهم ثم هلك سنة تسع وأربعين بعدها وولى أخوه فياض كما مر في أخبارهم والله تعالى أعلم..مقتل أرغون شاه نائب دمشق. كان خبر الواقعة الغريبة أن الجبقا بعثوه نائبا على طرابلس وسار صحبة أياس الحاجب نائبا على حلب سنة خمسين وانتهوا إلى دمشق ونمي إلى الجبقا عن أرغون شاه أنه تعرض لبعض حرمة بصنيع جمع فيه نسوان أهل الدولة بدمشق فكتب إليه ليلا وطرقه في بيته فلما خرج إليه قبض عليه وذبحه في ربيع وصنع مرسوما سلطانيا دافع به الناس والأمراء واستصفى أمواله ولحق بطرابلس وجاء الأمر وجاء الأمر من مصر باتباعه وإنكار المرسوم الذي أظهروه فزحفت العساكر من دمشق وقبضوا على الجبقا وأياس الحاجب بطربلس وجاؤا بهما إلى مصر فقتلا وولي الشمس الناصري نيابة دمشق مع أرغون شاه وصلب أرغون الكافلي وذلك في جمادى سنة خمسين واصل أرغون شاه من بلاد الصين جلب إلى السلطان أبي سعيد ملك التتر ببغداد فأعطاه للأمير خواجا نائب جوبان وأهداه خواجا للملك الناصر فحظي عنده وقدمه رأس نوبة وزوجه بنت عبد الواحد ثم ولاه الكامل استاذ دار ثم عظمت مرتبته أيام المظفر وجعل نائبا في صفد ثم حلب ولما حبس طنبغا اليحياوي على دمشق بسعاية الجبقا كما مر ولى أرغون شاه بدمشق والله سبحانه وتعالى أعلم..نكبة بيقاروس. ثم إن السلطان حسن شرع في الاستبداد وقبض على منجك اليوسفي استاذ داره وعلى السلحدار واعتقلهما من غير مشورة بيقاروس وأصحابه وكان لمنجك اختصاص ببيقاروس وأخوه معه فارتاب واستأذن السلطان في الحج هو وطاز فأذن لهما ودس إلى طاز بالقبض على بيقاروس وسارا لشأنهما فلما نزلا بالينبع قبض طاز على بيقاروس فخرج ورغب إليه في أن يتركه يحج مقيدا فتركه فلما قضى نسكه ورجعوا حبسه طاز بالكرك بأمر السلطان وأفرج عنه بعد ذلك وولي نيابة حلب وانتقض بها كما نذكر بعد أن شاء الله تعالى وبلغ خبرا اعتقاله إلى أحمد شادي الشرنخاناه بصفد فانتقض وجهز السلطان إليه العساكر فقبض عليه وجيء به إلى مصر فأعتقل بالإسكندرية وقام بالدولة مغلطاي من أمرائها والله تعالى أعلم.
|